مناشدة للتدخل العاجل (2): بتستر واضح من النيابة العامة:رموز سياسية وحقوقية ودينية تتعرض للتعذيب والإذلال في معتقلات الأمن الوطني

• تجاوز عدد المعتقلين في الاحتجاجات المطلبية 200 معتقل معظمهم من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان

• بات من الضروري على المؤسسة الحاكمة الشروع في حل جذري للملفات الحقوقية بدلا من اللجوء للحلول الأمنية

1 سبتمبر 2010

استمراراً لتصاعد الانتهاكات وتدهور الوضع الأمني في البحرين، وردت المزيد من المعلومات بشأن التعذيب النفسي والجسدي للمعتقلين في الحملة الأمنية وخصوصا الشخصيات السياسية والحقوقية والدينية. ذلك في وقت أصبحت البلاد وكأنها ثكنة عسكرية يعيش فيها المواطنون في حالة طوارئ غير معلنة وحملة إعلامية منظمة وواسعة ومتصاعدة يتم فيها إدانة المعتقلين والمشاركين في أعمال الاحتجاج والتمهيد لمزيد من الاعتقالات، فيما يتم منع المتهمين أو محاميهم والمتضامنين معهم من حرية التعبير مع تعميم بعدم نشر أخبارهم.

فقد وردت معلومات مؤكدة لمركز البحرين لحقوق الإنسان بشأن تعرض كل من الشيخ محمد حبيب المقداد والشيخ سعيد النوري والسيد عبد الغني الخنجر للتعذيب الجسدي والنفسي الشديدين.

• تجاوز عدد المعتقلين في الاحتجاجات المطلبية 200 معتقل معظمهم من الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان

• بات من الضروري على المؤسسة الحاكمة الشروع في حل جذري للملفات الحقوقية بدلا من اللجوء للحلول الأمنية

1 سبتمبر 2010

استمراراً لتصاعد الانتهاكات وتدهور الوضع الأمني في البحرين، وردت المزيد من المعلومات بشأن التعذيب النفسي والجسدي للمعتقلين في الحملة الأمنية وخصوصا الشخصيات السياسية والحقوقية والدينية. ذلك في وقت أصبحت البلاد وكأنها ثكنة عسكرية يعيش فيها المواطنون في حالة طوارئ غير معلنة وحملة إعلامية منظمة وواسعة ومتصاعدة يتم فيها إدانة المعتقلين والمشاركين في أعمال الاحتجاج والتمهيد لمزيد من الاعتقالات، فيما يتم منع المتهمين أو محاميهم والمتضامنين معهم من حرية التعبير مع تعميم بعدم نشر أخبارهم.

فقد وردت معلومات مؤكدة لمركز البحرين لحقوق الإنسان بشأن تعرض كل من الشيخ محمد حبيب المقداد والشيخ سعيد النوري والسيد عبد الغني الخنجر للتعذيب الجسدي والنفسي الشديدين. فقد تم تقييدهم وتعصيب أعينهم طوال فترة وجودهم في زنازين انفرادية ومنع عنهم الطعام والشراب لفترات طويلة، وتم تعليق الشيخ المقداد من يديه وكانت أثار التورم واضحة على جسمه وكذلك بعض الكدمات والخدوش المنتشرة في منطقة البطن والظهر والرجلين جراء الضرب. وشكا الشيخ المقداد من فقدانه السمع في أذنه اليمنى نتيجة الضرب على إذنيه. وكانت آثار التعذيب واضحة على رجلي الشيخ سعيد النوري الذي تم تعليقه من رجليه بطريقة (الفلقة) والضرب المتواصل عليهما حتى تورمتا فأصبح عاجزا عن المشي. وتم جلب الأطباء لعبد الغني الخنجر بسبب ارتفاع ضغط دمه وتدهور وضعه الصحي بصورة كادت أن تودي بحياته نتيجة إجباره على الوقوف مع الضرب المتواصل ليومين متتاليين وحرمانه من النوم لمدة خمسة أيام باستخدام الضوضاء وإسماعه أصوات المعتقلين الآخرين وهم يعذَبون.

ولم يسمح لأي من المعتقلين حتى الآن الانفراد بمحاميهم بل حتى في جلسات التحقيق بالنيابة العامة أمر المحامون بالجلوس صامتين خلف المتهمين لكي لا يكون هناك أي نوع من الاتصال بالعين بين المتهم ومحاميه. ولا زال جميع المعتقلين يقبعون مقيدين ومعصوبي الأعين في زنازين انفرادية بمعزل عن العالم الخارجي مما يتيح المجال لمزيد من التعذيب. ومن خلال الوضع النفسي الذي بدا عليه المعتقلون فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان لا يستبعد تعرض المعتقلين بما فيهم القيادات والرموز للتحرشات وربما الاعتداءات الجنسية. وعلى الرغم من رصد مركز البحرين لحقوق الإنسان للكثير من حالات التعذيب ضد نشطاء الاحتجاجات الشعبية واللجان الأهلية في السنين الماضية وكذلك على الرغم من شدة الانتهاكات إبان فترة التسعينات إلا إنها ربما تكون المرة الأولى التي يسجل فيها المركز حالات تعذيب ضد رموز وقيادات سياسية وحقوقية ودينية بهذا الطريقة. وتنص المادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على إنه “لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة”. وقد أمرت النيابة بتوقيف جميع من تم جلبهم للتحقيق من المتهمين لمدة شهرين على ذمة التحقيق إلى جانب الخمسة عشر يوما التي قضوها، مما يعني إبقائهم في عهدة جهاز الأمني ليواجهوا نفس التعذيب والانتهاكات لفترة الشهرين القادمين.


وتعيش البلاد حالة طوارئ غير معلنة وأصبحت بعض المناطق شبيهة بالثكنة العسكرية، وتحاصر جميع القرى الشيعية بالقوات الخاصة المشكلة من أجانب، كما يتم تفتيش الداخلين والخارجين في بعض هذه القرى. واستمرت الاعتقالات والاختطافات دون توقف وبشكل متسارع، وتجاوز عدد المعتقلين والمطلوبين جراء الاحتجاجات المطلبية والذي وثقت حالاتهم من قبل المركز المائتين شخص حتى الآن، وربما هناك المزيد من المعتقلين الذين لم ترصد حالاتهم حتى الآن وذلك بسبب تلاحق الأحداث واتساع رقعة الانتهاكات.

إعلانات الكراهية وعملية التحريض والإدانة التي تقوم بها المؤسسة الحاكمة

إلى جانب هذه الحملة الأمنية على نشطاء المعارضة والمدافعين عن حقوق الإنسان وبعض الرموز الدينية تشن أجهزة السلطة حملة شعبية سياسية وإعلامية مصطنعة ومنظمة من أجل تشويه صورة المعتقلين وإدانتهم المسبقة في المجتمع وتشكيل رأي عام ضدهم والضغط على جميع القوى المجتمعية أن تأخذ نفس الموقف الرسمي من هذه الاعتقالات. تشترك في هذه الحملة كل من إذاعة وتلفزيون البحرين الحكوميين والصحف القريبة من السلطة وبعض الصحفيين الذين تم جلبهم ومنحهم الجنسية البحرينية للقيام بهذا الدور. وتنتشر كذلك إعلانات إدانة كبيرة (5*5 متر) في جميع شوارع البحرين تحث على إدانة المتهمين أو كل من يشارك في الإعمال الاحتجاجية. وفي حين أن الإعلانات في الظاهر موقعّة بأسماء بعض الأسر البحرينية أو حديثة التجنيس، إلا أن تشابه كل هذه الإعلانات في التصميم والمحتوى يدل على أن من قام بهذه الإعلانات هي جهة واحدة. وبدأت هذه الحملة الإعلامية بعد ظهور نتائج استفتاء رأي[1] كانت هيئة الإذاعة والتلفزيون البريطانية BBC قد أجرته على الموقع الالكتروني التابع لها والذي أسفر عن دعم وتأييد 72% من المشاركين في الاستفتاء لما تصدره منظمات حقوق الانسان من إدانات للبحرين .


إعلانات الكراهية وعملية التحريض والإدانة التي تقوم بها المؤسسة الحاكمة


وفي موازاة ذلك يعقد وزير العدل -وهو عضو في الأسرة الحاكمة- اجتماعات متواصلة مع رموز سياسية ودينية واجتماعية وكذلك مع رؤساء جمعيات سياسية وغيرها من أجل الضغط عليهم لإصدار بيانات ومواقف تأييد علنية للإجراءات الأمنية التي تقوم بها السلطة وخصوصا فيما يتعلق بالمعتقلين.

وخلافا للالتزام المعنوي والأخلاقي الذي أشارت إليه المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي نص على أن “كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئا إلى أن يثبت ارتكابه لها قانونا في محاكمة علنية تكون قد وفرت له فيها جميع الضمانات اللازمة للدفاع عن نفسه” فقد قام تلفزيون البحرين وجميع الصحف القريبة من السلطة بعرض صور[2] لبعض المتهمين بالمشاركة بالإعمال الاحتجاجية قبل تقديمهم إلى النيابة العامة أو صدور أي حكم قضائي ضدهم. يذكر أن هذا التوجه يتعارض مع مبدأ “المتهم بريء حتى أن تثبت إدانته”.

وعلق رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب على تزايد وتيرة ورقعة الانتهاكات قائلا: “بات من الضروري على المؤسسة الحاكمة مراجعة سياساتها المسببة لهذه الأزمات بدلا من اللجوء للحلول الأمنية التي أثبتت التجارب إنها لن تزيد الأزمة إلا تعقيدا وتساهم في تصاعد وتيرة انتهاكات حقوق الإنسان”، وأضاف قائلا: “إن الأزمة القائمة والاحتجاجات المستمرة هي نتيجة طبيعية لسياسة السلطة وإمعانها في تقييد الحريات والفساد وانتهاك حقوق الإنسان واستمرارها في سياسات التمييز الطائفي ضد المواطنين المنتمين للطائفة الشيعية والتي ازدادت منذ وصول ملك البلاد إلى سدة الحكم ويتضمن ذلك سياسة التجنيس السياسي الذي يستهدف تغيير التركيبة السكانية والاعتقالات المستمرة، والتعذيب الممنهج في السجون البحرينية، وتجاهل السلطات لغالبية الملفات العالقة وتهميش دور مجلس النواب التشريعي والرقابي وزرع الإحباط بين الناس من هذه المؤسسة العاجزة والتي بنى عليها المواطنون الكثير من الآمال في حل معظم هذه الملفات المسببة للاحتقان “، وانتهى رجب بالقول: “كما فشل العنف والمواجهات الأمنية في حل أي خلافات سياسية في السابق فأن اللجوء إلى المواجهة الأمنية مرة أخرى سيكون مصيره الفشل وستجد السلطة نفسها مرة أخرى أمام حقيقة عليها مواجهتها وحلها وهي تلك الملفات التي تجاهلتها وباتت أكثر تعقيدا من السابق”.

وبناء على ما سلف يطالب مركز البحرين لحقوق الإنسان من جميع الجهات المعنية بما في ذلك الجمعيات والمنظمات المحلية والدولية بالسعي لدى السلطات البحرينية ومطالبتها بالتالي:

1- الوقف الفوري للتعذيب المنظم من قبل جهاز الأمن الوطني، وحل هذا الجهاز، وتقديم المسئولين عنه للمحاكمة العلنية، وتعويض المتضررين من انتهاكاته
2- السماح للمعتقلين بالاتصال واللقاء بأهاليهم وباللقاءات المنتظمة والمنفردة مع محاميهم لأنها من حقوقهم الأصلية وهي ما تحد من تواصل التعذيب
3- إطلاق سراح جميع المعتقلين وخصوصا النشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان لأنهم قد تم اعتقالهم لأسباب تتعلق بممارستهم لحقوقهم الأساسية في التعبير والتنظيم والتجمع السلمي والتي تضمنها لهم القوانين الدولية
4- وقف العمل فورا بقانون الإرهاب الذي يسمح بالاعتقال التعسفي والتعذيب والمحاكمات غير العادلة، والذي تمت إدانته بشكل صريح من طرف الأمم المتحدة والمنظمات الدولية
5- وقف الحملة الإعلامية التي تحرض على الكراهية وتدفع البلاد للنزاعات الطائفية
6- وقف نشر صور المتهمين في الصحف البحرينية على اعتبار أن المتهم برئ حتى تثبت إدانته
7- البدء بعملية إصلاح سياسي جدي وصادق لحل الملفات الحقوقية العالقة المتعلقة بالحقوق المدنية والسياسية أو الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

——
[1]استفتاء هيئة الاذاعة والتلفزيون البريطانية BBC
[2]صحيفة الأيام