جو ستورك: من يشكك بمصداقية تقرير «التعذيب في البحرين» لم يقرأ ما جاء فيه


جو ستورك

الوسط – أماني المسقطي


جو ستورك

الوسط – أماني المسقطي

رفض نائب المدير التنفيذي لمنطقة الشرق الأوسط في منظمة «هيومان رايتس ووتش» جو ستورك، التشكيك بما جاء في التقرير الصادر عن المنظمة بعنوان «التعذيب يُبعث من جديد في البحرين»، معتبراً أن من شكك بمصداقية التقرير، هو إما لم يقرأه أو أنه لا يود الاعتراف بحقيقة التعذيب.

ونصح ستورك المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بعدم بدء عملها من خلال ملف العدالة الانتقالية، ودعا في الوقت نفسه مؤسسات المجتمع المدني إلى استمرار العمل على هذا الملف للضغط على الحكومة باتجاه حلحلته.

وكشف ستورك، في مقابلة أجرتها معه «الوسط» أثناء تواجده في البحرين لترؤس اجتماع فريق المنظمة الخاص بالشرق الأوسط، أن المنظمة بصدد إصدار تقرير عن عاملات المنازل في البحرين، مؤكداً حاجة المملكة لإصدار قانون يحفظ حقوق العاملات الأجانب، مع الالتزام بتنفيذه. وفيما يأتي المقابلة التي أجرتها «الوسط» مع ستورك:

لاشك أنك سمعت عن اللغط الكثير الذي أثير بعد إطلاق منظمتكم تقريرها «التعذيب يُبعث من جديد في البحرين»، فهل توقعتم ردود الفعل هذه، وخصوصاً أن بعض الجمعيات شككت في مصداقية ما جاء في التقرير نتيجة اعتماده على مصدر واحد؟

– في البداية يجب التأكيد أن المعلومات التي وردتنا لم تأتِ من مصدر واحد وإنما عدة مصادر، ومن بينها شهادات عدد من الضحايا والتي كانت متوافقة جدا فيما بينها، وثانياً أننا اعتمدنا إضافة إلى هذه الشهادات، على الوثائق الصادرة عن المحكمة والشهادات الطبية بشأن تعرض الضحايا للتعذيب، ما يعني أن هذه الوثائق صدرت عن جهات رسمية، وجاءت متوافقة مع شهادات الضحايا.

ومن يشكك في مصداقية التقرير، هو إما لم يقرأ ما جاء فيه، أو أنه لا يود الاعتراف بحقيقة التعذيب الذي وقع على الضحايا.

من وجهة نظرك، كيف يمكن للحكومة أن تتعامل مع ملف العدالة الانتقالية، وخصوصاً من خلال المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان؟

– ملف العدالة الانتقالية كبير ومعقد، ولا أعتقد بأنه من الجيد أن تبدأ به المؤسسة عملها، وخصوصاً أن على المؤسسة وفي بداية عملها ترتيب أوراقها وتحديد آلية عملها، وفي الوقت الحالي يجب أن تبدأ العمل من خلال إنشاء قسم لتلقي الشكاوى الفردية، وتحديد آليات لعمله وللتعامل مع القضايا الذي ترد إليه.

وباعتقادي أنه أمام المؤسسة الكثير ليبدأوا به، وخصوصاً أن الكثير من أعضائها ليست لديهم خبرة في مجال العمل الحقوقي، وإن كانوا سيكتسبونها بمرور الأيام من خلال ممارسة عملهم في المؤسسة.

وبرأيي أن على المؤسسة أن تختار موضوعين رئيسيين وتضع أهداف تحقيقهما خلال الأعوام الثلاثة الأولى من عملها، وأن تثبت من خلالهما أنها قادرة على القيام بدورها الذي أنشئت من أجله، ولاشك أنها فرصة جيدة لإثبات استقلالية المؤسسة في عملها عن الحكومة.

ولكن ملف العدالة الانتقالية ليس هو الملف الصحيح الذي يجب على المؤسسة الوطنية البدء به. ولاشك أن مؤسسات المجتمع المدني عملت على هذا الملف بجدية، والواضح أنها قامت ومازالت تقوم بدور كبير للضغط على الحكومة في هذا الملف، وأنصحها بأن تبقيه باستمرار على أجندتها، ولكنه قد يكون أمراً غير واقعي في حال توقعنا أن تحقق المؤسسة شيئاً على صعيد هذا الملف في بداية عملها.

التقيت خلال تواجدك في البحرين حالياً مع عدد من الشخصيات الرسمية، من بينها وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، ووكيل وزارة الخارجية عبدالله عبداللطيف، فما هي أهم الموضوعات التي ناقشتموها؟

– في لقائي مع وزير الخارجية، تحدثنا بشأن تقرير التعذيب الصادر عن المنظمة، وأبلغته خلال اللقاء أن تصريحه الذي نشر على موقعه الإلكتروني بعد صدور التقرير كان جيداً، إذ أكد فيه أن البحرين ملتزمة جدياً بتنفيذ التزاماتها الحقوقية، وأنها ترفض وقوع أي تعذيب، وأنه سيتم التحقيق في شكاوى التعذيب. صحيح أن الوزير لم يؤيد ما جاء في تقريرنا، ولكن موقفه كان جيداً، وأبلغني خلال اللقاء أنه يختلف مع بعض ما جاء في التقرير، إلا أنه أكد أن التقرير كان جادا، وساءه أن بعض الجهات الحكومية التي بعثنا إليها بتساؤلاتنا قبل إطلاق التقرير لم تجب علينا.

هل تتلقون الكثير من شكاوى انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين؟

– في الحقيقة أننا منظمة تعمل مع 90 دولة حول العالم، ولذلك لن أقول إن عدد الشكاوى التي نتلقاها من البحرين كثيرة، لأن عدد مواطنيها قليل مقارنة بدول أخرى في العالم، ولكننا نحصل على شكاوى بشأن التعذيب في البحرين، وفي كل الأحوال نتعامل معها بجدية.

هل تلقيتم أي شكاوى بشأن استخدام «الشوزن» للتعامل مع قضايا العنف في البحرين؟

– لم نتسلم شكوى مباشرة بشأن استخدام «الشوزن»، ولكننا اطلعنا على تقارير صادرة في هذا الشأن، من بينها تقرير صادر عن مركز البحرين لحقوق الإنسان (المنحل).

كيف تعلق على استخدام «الشوزن» بشكل واسع في البحرين؟

– بصراحة لا يمكن أن أبدي وجهة نظر في هذا الشأن، لأننا لم نحقق في الأمر، ولكن في كل الأحوال، فإن استخدام مثل هذه الأسلحة يخلق عدة مشكلات. ودائماً ما نؤكد ضرورة عدم استخدام قوات الأمن لأي نوع من الأسلحة التي تقتل الأشخاص أو تهدد حياتهم جراء تعرضهم لإصابات خطيرة بسببها، إلا في حال استدعى قوات الأمن الحفاظ على حياتهم أو حياة الآخرين.

وحين يفرض الأمر تواجد قوات الأمن في مواقع العنف في الشوارع على سبيل المثال، صحيح أنه من واجبها وقف هذا العنف، ولكن عليها إيجاد السبل التي تحل المشكلة وتوقف الخطر المتولد عن هذا العنف لا التسبب في تفاقم المشكلة.

في تقرير صدر عنكم الشهر الماضي بالتزامن مع يوم العمال العالمي، أشدتم بإلغاء نظام الكفيل في البحرين، إلا أنكم أوصيتم في التقرير نفسه بتضمين عاملات المنازل في القرار، فهل تعتقدون بأن مشكلة البحرين في التعامل مع عاملات المنازل هو في نقص التشريعات أو في تنفيذ القانون؟

– البحرين تحتاج لكليهما، التشريعات والالتزام بتنفيذها. وفي البداية نعتقد بأن عاملات المنازل يجب تضمينهن في قانون العمل، والمشكلة في البحرين وبقية دول الخليج، أن عاملات المنازل تتم معاملتهن بطريقة مختلفة عن بقية العمال الأجانب، ولا يتم تغطيتهن في قانون العمل، وإما يكون هناك قانون خاص بهن أو لا يوجد قانون إطلاقاً يعنى بتنظيم عملهن، كما في البحرين حالياً.

ومن خلال لقاءاتنا مع ممثلي الحكومة علمنا أن عاملات المنازل سيتم تضمينهن في قانون العمل المقبل، ولكننا لم نر القانون بعد، ولذلك لا يمكن التعليق عليه، وبالتالي من غير المعروف ما إذا كان سيسهم في تقليل المشكلات التي تعاني منها عاملات المنازل أم لا.

وفي اجتماع منظمة العمل الدولية الذي يُعقد هذه الأيام بجنيف، وضعت المنظمة على قائمة أجندة مناقشاتها مقترح اتفاقية لحماية عاملات المنازل، والنقاش الذي يدور في الاجتماع، هو فيما إذا كانت هناك حاجة إلى إصدار اتفاقية توقع عليها الدول الأعضاء وتأتي ضمن القانون الدولي أو أن يتم الاكتفاء بإصدار مبادئ توجيهية لعمل عاملات المنازل، من دون فرض أية سلطة ملزمة للدولة.

والبحرين كانت قد أبدت موافقة مبدئية على الاتفاقية، ولكن قبل أيام، كان هناك توافق خليجي ضم البحرين، للدفع باتجاه الاكتفاء بإصدار مبادئ توجيهية بدلاً من الاتفاقية، والواضح أن السبب وراء ذلك هو ارتباط الموضوع بمخاوف سياسية على هذا الصعيد.

ولكن عددا من الدول الأخرى صوتت بالموافقة على الاتفاقية وباعتبارها قانونا دوليا، إلا أن هذه الموافقة تحتاج إلى حد أدنى من عدد الدول للتصديق عليها، ربما يتراوح بين 25 و30 دولة أو أكثر.

هل صحيح أنكم في المنظمة تعدون تقريرا عن واقع العمالة الأجنبية في البحرين؟

– نعم هذا صحيح، ولكن في هذه المرحلة لا يمكن قول الكثير. وإنما كبداية لعملنا وجدنا أن المشكلات التي تواجه العمالة الأجنبية هي في إطار المتوقع. ولاحظنا من خلال عملنا على التقرير أن هناك بعض القوانين البحرينية الجيدة على هذا الصعيد، إلا أن احتجاز صاحب العمل لجواز العامل لديه، على سبيل المثال، هو أمر غير قانوني، وهي ظاهرة منتشرة بصورة كبيرة في البحرين، وربما نجد أن عاملا واحدا فقط من بين 100 عامل أجنبي يملك جوازه، وهذا الأمر يتطلب قانونا جيدا مع الالتزام بتطبيقه.

فعلى صعيد التعذيب مثلاً، هناك قانون جيد للحماية من التعذيب، ولكن حين يقوم أشخاص بالتعذيب ولا يتم التحقيق معهم ومحاكمتهم، فهذا يعني أنه ليس هناك تفعيل للقانون.

متى سيتم إطلاق التقرير؟

– من غير الواضح بعد، ولكن سيتم إطلاقه قبل نهاية هذا العام بالتأكيد.

صحيفة الوسط البحرينية – العدد 2832 – الثلثاء 08 يونيو 2010م