الخطوط الحمراء قوانين خفية مسلطة على الصحفيين
ديسمبر 2009
الخطوط الحمراء قوانين خفية مسلطة على الصحفيين
ديسمبر 2009
يعبر مركز البحرين لحقوق الانسان عن قلقه لاستمرار حالة التضييق على حرية الرأي والتعبير في البحرين واتساع رقعة المواضيع والأفراد والهيئات والمؤسسات الذين ينضوون تحت ذلك القانون غير المكتوب والمسمى (بقانون الخطوط الحمراء) أي المؤسسات والأشخاص الذين يجب عدم مسهم أو انتقادهم في الصحافة . وبناء على ذلك صدرت توجيهات جديدة عممتها إدارة صحيفة البلاد على الكتاب والصحفيين العاملين بالصحيفة على هواتفهم النقالة في ضرورة التقيد بعدم التعرض بالانتقاد لمجلس التنمية الاقتصادية وشركة ممتلكات والشركات التابعة لها، وبالتالي عدم انتقاد أي من المشاريع التي يشرف عليها الملك أو وولي العهد واعتبار ذلك من الخطوط الحمراء التي يجب عدم تجاوزها.
يأتي ذلك بعد مرور أكثر من شهر على توقيف الصحفي المعروف علي صالح عن الكتابة في صحيفة البلاد بأمر من الديوان الملكي بسبب نشره سلسلة من المقالات التي ينتقد فيها ما يسمى بالمشروع الإصلاحي لملك البلاد. وفور توقيف على صالح صدر تعميم من الصحيفة لكافة الصحفيين العاملين تطلب منهم كتابة مقالات تمتدح ملك البلاد وولي العهد يهدف أرضاء المسئولين في الديوان الملكي، وامتصاص غضبهم من تلك الانتقادات الموجهة إلى مشروع الملك الإصلاحي واتهامه بالتراجع وهو ما يعتبر في البحرين من الخطوط الحمراء التي لا يتجاوزها عادة الصحفيين.
وما يثير القلق هو تزايد أعداد المواضيع والأشخاص الذين يخضعون لأوامر المنع المباشر أو غير المباشر من الجهات الرسمية وهو ما يعتبر تجاوزا لحرية التعبير. وقد أدى تكرار أوامر المنع هذه، بالإضافة إلى أقفال المواقع الالكترونية، وتقييد حرية الصحافة بالتضييق أو بالتبعية وشراء بعض الكتاب والصحفيين ، أدى ذلك كله إلى تراجع موقع البحرين في مؤشرات حرية الرأي والتعبير التي تصدرها المنظمات الدولية، حتى باتت تصنف اليوم بالدولة غير الديمقراطية.
والى جانب الطرق التقليدية المتبعة في التضييق على الصحفيين من خلال جرجرتهم إلى المحاكم أو حذف مواضيعهم من الصحف أو وقفهم عن الكتابة، عادة ما يتم تهديد الصحفيين والصحف أيضا بطرق غير تقليدية من قبل جهات في السلطة، بل من خلال الاتصالات التي تأتي من بعض الأجهزة كالديوان الملكي أو ديوان رئيس الوزراء أو إدارة الإعلام الخارجي التابعة لوزارة الإعلام والقريبة من جهاز الأمن الوطني. أما الصحفيين غير المنضبطين تحت مظلة هذه الأعراف القمعية عادة ما يتم تجاهلهم أو حرمانهم من الدعوات إلى المناسبات المهمة لتغطيتها أو معاقبة صحفهم بالتقليل من الإعلانات المحالة لها من قبل الحكومة أو الأجهزة التابعة لها.
وصحيفة البلاد هي أحدث صحيفة بحرينية يعتقد أن رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة هو مالكها الحقيقي، إنما يرأس مجلس إدارتها وزير سابق ومستشار له وهو عبد النبي الشعلة. وتنقسم غالبية الصحف البحرينية لقطبي الحكم وهم الملك ورئيس الوزراء، أما عن طريق امتلاكهم لتلك الصحف بطرق مباشرة أو غير مباشرة أو هيمنة مؤسساتهم على سياسات وتوجهات تلك الصحف.
وتتعارض أعراف وقوانين الخطوط الحمراء المعمول بها في البحرين مع مبادئ ومعايير حرية الرأي والتعبير وخصوصا تلك التي أصبحت البحرين جزء منها كالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي تنص المادة التاسعة عشرة منه على أن ” لكل إنسان حق في اعتناق أراء دون مضايقة، وان لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
وبناء على كل ما سبق يطالب مركز البحرين لحقوق الانسان بإزالة كل تلك الخطوط الحمراء المعمول بها في البحرين، وعدم استخدامها سبيلا لقمع حرية الرأي والتعبير، والعمل على استقلالية الصحافة وإبعادها عن أركان وتجاذب وهيمنة الحكم ، والتوقف عن إجبار تلك الصحف على التبعية باستخدام أسلوب العصا والجزرة، فاستقلال الصحافة وكافة أجهزة الإعلام وتمتعها بالحرية والشفافية، وتمكنها من الحصول على المعلومات دعائم أساسية للدولة الديمقراطية المحترمة ، وبافتقادها تبقى البحرين بعيدة عن الديمقراطية مهما حاولت السلطة من استخدام بعض الطرق الملتوية لتجميل صورتها في الخارج. كما يطالب المركز إرجاع الكاتب الصحفي علي صالح وعدم جعله كبش فداء في خضم صراع النفوذ والهيمنة الدائر بين قطبي الحكم، ويدعو الزملاء الصحفيين بالتضامن معه والمطالبة بإرجاعه إلى موقعه كاتبا بصحيفة البلاد، ويطالب المركز أيضا من جمعية الصحفيين البحرينية أن تأخذ دورها في رصد ووقف الانتهاكات الحاصلة ضد الكتاب والصحفيين وحرية الرأي والتعبير.
وعوضا عن الإكثار من الخطوط الحمراء واستمرار التضييق على الكتاب والصحفيين كي يتوقفوا عن انتقاد جهات أو أجهزة أو أفراد ما في السلطة، وبدلا من كيل الاتهامات والانتقادات على الحقوقيين ومنظمات حقوق الانسان على تقاريرهم الدورية الراصدة للانتهاكات المرسلة للخارج، على المسئولين في السلطة التنفيذية العمل على إصلاح الخلل والفساد والانتهاكات الكامنة في تلك الأجهزة والإفراد محل الانتقاد ولكي لا تتوفر الذرائع للصحفيين والكتاب لانتقادها أو مواضيع للحقوقيين ومنظمات حقوق الانسان من رصدها ونقلها للمنظمات الدولية أو أجهزة الامم المتحدة المختلفة.