البحرين: عامل اسيوي يفقد حياته بسبب المصادمات الامنية
تنامي الشعور بكراهية الاجانب نتيجة استخدامهم في قمع الأعمال الاحتجاجية
السلطة تتسبب في المصادمات الأمنية ثم تستخدم ذلك لتشويه سمعة الناشطين وتبرير المزيد من القمع
البحرين: عامل اسيوي يفقد حياته بسبب المصادمات الامنية
تنامي الشعور بكراهية الاجانب نتيجة استخدامهم في قمع الأعمال الاحتجاجية
السلطة تتسبب في المصادمات الأمنية ثم تستخدم ذلك لتشويه سمعة الناشطين وتبرير المزيد من القمع
يعبر مركز البحرين لحقوق الانسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان عن اسفهما الشديد ازاء ما نشر في الصحافة المحلية صباح اليوم الأحد 22 مارس، بشأن وفاة شيخ محمد رياض، باكستاني الجنسية (58 عاماً)، صباح السبت 21 مارس 2009 بمستشفى السلمانية، نتيجة حروق قالت وزارة الداخلية بأنه اصيب بها نتيجة تعرض سيارة كان يقودها لهجوم بزجاجة حارقة (مولوتوف) على شارع قرية المعامير مساء يوم (السبت) 7 مارس الجاري.
وكانت الجهات الامنية قد أعلنت بأنه قد تم القبض على 5 متهمين في حادثة السيارة المذكورة، وانه يجرى البحث عن آخرين. ولكن المحامين احتجوا على الاجراءات التي تم وفقها حجز هؤلاء والتحقيق معهم في غياب محاميهم . ومن النادر –كما هو الحال في هذه القضية -ان يتم القاء القبض على المتهمين وهم متلبسين، وانما يتم في الايام التالية للحادث القيام بحملة اعتقالات بناء على قوائم مسبقة لدى جهاز الامن الوطني، واحتجازهم بشكل منعزل والتحقيق معهم لفترات تصل الى اسبوعين اوثلاثة ثم تقديمهم لمحاكم لا تضع اي اعتبار للخلل في الاجراءات القانونية وفي ادعاءات التعذيب، وتبني احكامها فقط على الاعترافات التي عادة ما تؤخذ تحت التعذيب وينكرها المتهمون في المحكمة وعلى شهادات رجال أمن تتضارب اقوالهم ويخفقون في التعرف على المتهمين، كما لا تأخذ المحكمة بتاتا بأقوال شهود النفي. ويتزامن ذلك عادة بحملة تقوم بها الصحافة المرتبطة بالحكومة أو على وكالات الإنباء العالمية، يتم فيها التوظيف السياسي للحادث لتشويه صورة المعارضين والمدافعين عن حقوق الانسان، والادانة المسبقة للمتهمين قبل محاكمتهم، وتثبيط وتجريم اية مطالبات بضمان المعايير اللازمة لحقوق المعتقلين المتعلقة بعدم التعرض للاعتقال التعسفي والتعذيب والحق في المحاكمة العادلة.
ويأتي الاعتداء الذي اودى بحياة شيخ محمد رياض ضمن سلسلة من حوادث العنف والمصادمات بين قوات الامن الخاصة- ومجموعات متزايدة من الشباب صغار السن الذين ينشطون على مداخل القرى الشيعية في اماكن مختلفة من البحرين حيث يقومون باحراق اطارات السيارات وحاويات القمامة ويقوم البعض منهم برشق قوات الامن الخاصة بالحجارة او احيانا بالزجاجات الحارقة. ويأتي ذلك ضمن الاحتقان في الأوضاع السياسية والامنية في البحرين والتراجع المتزايد في الحقوق والحريات وتصاعد التمييز الطائفي الممنهج من قبل الدولة ضد أبناء الطائفة الشيعية.
ويعتقد مركز البحرين لحقوق الانسان بان شيخ محمد رياض ربما لم يكن مستهدفا بذاته وانما هو ضحية للصدامات الامنية ولتزايد الشك والكراهية ضد الاجانب – وخصوصا من الجنسية الباكستانية – الذين يتم استخدامهم بشكل واسع ضمن جهاز الأمن الوطني وقوات الامن الخاصة اللذان يقومان بدور متزايد في محاصرة وقمع القرى والمناطق الشيعية – التي تشهد اعمالا احتجاجية- فتتعرض نتيجة لذلك بشكل مكثف واعتباطي لسيل هائل من الغازات المسيلة للدموع والرصاص المطاطي وملاحقة الافراد بشكل عشوائي في داخل القرى والاعتداء عليهم بالضرب. وقد ادت تلك الممارسات وخصوصا في السنوات الاربع الاخيرة لوفاة احد الناشطين وهو علي جاسم محمد، واصابة العشرات من الاشخاص بجروح بعضها خطيرة، وانتشار حالات الاختناق بين الأهالي وخصوصا من المسنين والاطفال. وقد أصدر مركز البحرين لحقوق الإنسان الشهر الماضي تقريرا موثقا يبين بأن 64% من العاملين بجهاز الامن الوطني هم من غير البحريين معظمهم من الآسيويين. وقد انتشرت وبشكل واسع صور وافلام فيديو تكشف تزايد استخدام الاجانب – وخصوصا من الجنسية الباكستانية – ليس فقط كافراد يرتدون الزي العسكري في قوات الامن الخاصة وانما كاستخبارات وميليشيات مدنية تنشط في مناطق الاحتجاجات.
وكانت السلطات قد اعلنت عن اعتقال 19 شخص – معظمهم من الناشطين والمدافعين عن حقوق الانسان – وتقديمهم للمحاكمة بتهمة التسبب في 9 ابريل 2008 بمقتل ماجد اصغر وهو رجل امن باكستاني من القوات الخاصة اثناء قيامه ليلا برفقة زملاء له بمهة أمنية وهو بملابس مدنية وفي سيارة مدنية بالقرب من قرية كرزكان الشيعية، التي كانت تشهد احتجاجات نهار ذلك اليوم. كما أعلنت وزارة الداخلية مؤخرا عن قيام حوالي 40 شخص بإحراق سيارة مدنية بالقرب من قرية الدراز حيث نجا اثنان من عناصر الامن الذين كانوا بداخلها. كما اعلنت السلطات البحرينية عن تعرض بعض الأسيويون من العمالة المهاجرة لاعتداءات بالقرب من قرية بني جمرة أدت إلى إصابتهم. كما رصدت الصحافة أكثر من حادث تعرض فيه مدنيون من اصول اسيوية الى الضرب بسبب الشك بأنهم من عناصر الأمن الوطني.
ويشكك بعض المعارضين في حقيقة بعض حوادث الحرق والعنف. فقد تبين في شهادة الطبيب الشرعي في المحكمة المتعلقة بقضية رجل الامن الباكستاني ماجد اصغر بأن وفاته لم تكن نتيجة الحرق كما جاء في تم نشره عن طريق الإعلام الأمني أو تحقيقات وزارة الداخلية والنيابة العامة، وانما نتيجة الاصطدام بالأرض أو بجسم صلب . كذلك فقد نشرت الصحف المحلية يوم الاثنين 16 مارس 2009 تصريح لمسؤول أمني عن تعرض سيارة مواطن للحريق جراء قيام عدد من الأشخاص بقذف زجاجة حارقة عليها في قرية الدراز، وعرض مع الخبر المنشور صورة للسيارة المحترقة. ولكن في نفس اليوم نشرت العديد من المنتديات الالكترونية صورا لنفس السيارة، تظهر مجموعة من رجال القوات الخاصة التابعين لجهاز الأمن الوطني واقفين بجوار السيارة المذكورة، يراقبون شعلة حريق صغيرة بالقرب من السيارة دون أن يحرك احدهم ساكنه لإطفاءها، ثم يظهر أحدهم وكأنه يسكب مادة تؤدي إلى تصاعد اشتعال الحريق وانتشاره بصورة اكبر.
وتستخدم السلطات البحرينية تلك الحوادث في تبرير حملات الاعتقال والتعذيب والمحاكمة لاعداد كبيرة من المعارضيين السياسيين ونشطاء حقوق الانسان، وتستخدم الصور المتعلقة ببعض حوادث الحرق ضمن حملة اعلامية منظمة داخل وخارج البحرين في سبيل تصوير ما يحدث في البحرين على انه اعمال ارهابية منظمة، واتهام منظمات حقوق الانسان المستقلة والناشطين المعارضين بانهم يقفون وراء تلك الاحداث او يحرضون عليها، وذلك لتبرير منعهم من النشاط وملاحقتهم امنيا وقضائيا.
ويشدد مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب حقوق الإنسان على ان ما تعرض له شيخ محمد رياض هو انتهاك صارخ لحقه في الحياة، الذي هو من اهم حقوق الانسان، كما يؤكدان على انه ليس هناك ما يمكن ان يبرر تعريض حياة الأبرياء وسلامتهم للخطر. ويشعر كلا من المركز والجمعية بالحزن والانزعاج الشديد جراء تصاعد تنامي الشعور بالكراهية وحالة العداء تجاه الأجانب، خصوصا الأسيويون منهم. ويهدد هذا الشعور المتنامي الوئام الاجتماعي والسلم الأهلي، خصوصا أن الأجانب يشكلون نصف السكان تقريبا، وساهم الكثيرون منهم في بناء البلاد. ويحمل كل من مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان السلطات البحرينية المسئولية عن تنامي هذا الشعور السلبي تجاه الأجانب، كما يطالب بالتوعية العامة بهذا الصدد.
ويطالب كل من مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان:
1. بالتحقيق النزيه والمستقل في الاعتداء الذي تعرض له شيخ محمد رياض، وتقديم المتورطين في ذلك الى محاكمة عادلة
2. ضمان حق من يتم اعتقالهم بتهم تتعلق بالحادث في محاكمة عادلة وذلك بضمان المعايير الدولية في اجراءات الاعتقال والتوقيف والتحقيق، وضمان منع التعذيب وسوء المعاملة، وضمان نزاهة واستقلال القضاء، وضمان حق اي متهم في ان يعتبر بريئا حتى تثبت ادانته في محاكمة عادلة
3. التحقيق النزيه والمستقل في الشكاوى بشأن ما يجري من انتهاكات وتجاوزات من قبل قوات الامن الخاصة في المناطق التي تشهد احتجاجات بشكل مستمر، ومحاسبة المتورطين، وتقديمهم للقضاء النزيهه العادل
4. وقف سياسة الاستعانة بالأجانب في أجهزة الدولة الأمنية وخصوصا التي تقوم بالتعامل الامني مع المواطنين، والتوقف عن المخاطرة بسلامتهم وسلامة الآخرين باستخدامهم في مناطق الاحتجاجات بملابس وسيارات مدنية
5. التوقف عن سياسة توظيف الحوادث الامنية في تشويه سمعة المدافعين عن حقوق الانسان واعاقة عملهم وملاحقتهم
6. معالجة اسباب الاحتقان السياسي والامني عبر وقف سياسة التمييز الطائفي الممنهجة، وضمان الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية لجميع المواطنين.