في اكبر فضيحة لانتهاك سير العدالة في البحرين وملاحقة الناشطين
• انتهاك الحق في اصل البراءة بنشر “اعترافات” لمعتقلين محرومين من الزيارة والاستشارة القانونية قبل عرضهم للمحاكمة
• النيابة تمنع المحامين من نشر أية معلومات ثم تتواطأ مع الأمن في نشر “اعترافات” بالفيديو في التلفزيون الحكومي
• احد المعتقلين كان في يوم اعتقاله يحضر لاحتفال مرور عام واحد على قتل أخيه الناشط على يد قوات الأمن الخاصة
• ضمن “الاعترافات الخطيرة” التي بثها التلفزيون: اتهام عبدالهادي الخواجة، الرئيس السابق لمركز البحرين لحقوق الإنسان بأنه نصح العاطلين عام 2006 بتنظيم اعتصامات!!
• وصم الأماكن الدينية لأبناء الطائفة الشيعية بأنها أوكار للتحريض على العنف والتخريب واتهام رموز دينية وسياسية بأنها المحرضة على تلك الأحداث.
في اكبر فضيحة لانتهاك سير العدالة في البحرين وملاحقة الناشطين
• انتهاك الحق في اصل البراءة بنشر “اعترافات” لمعتقلين محرومين من الزيارة والاستشارة القانونية قبل عرضهم للمحاكمة
• النيابة تمنع المحامين من نشر أية معلومات ثم تتواطأ مع الأمن في نشر “اعترافات” بالفيديو في التلفزيون الحكومي
• احد المعتقلين كان في يوم اعتقاله يحضر لاحتفال مرور عام واحد على قتل أخيه الناشط على يد قوات الأمن الخاصة
• ضمن “الاعترافات الخطيرة” التي بثها التلفزيون: اتهام عبدالهادي الخواجة، الرئيس السابق لمركز البحرين لحقوق الإنسان بأنه نصح العاطلين عام 2006 بتنظيم اعتصامات!!
• وصم الأماكن الدينية لأبناء الطائفة الشيعية بأنها أوكار للتحريض على العنف والتخريب واتهام رموز دينية وسياسية بأنها المحرضة على تلك الأحداث.
يعبر مركز حقوق الإنسان عن قلقه البالغ لسلامة 14 من المواطنين البحرينيين الذين تم اعتقالهم منذ 15 ديسمبر الجاري، حيث تم احتجازهم بشكل انفرادي منعزل ولم يسمح لهم حتى الآن بالاستشارة القانونية أو بلقاء أهاليهم مما يجعلهم عرضة للتعذيب وسوء المعاملة بغرض إجبارهم على الإدلاء باعترافات ربما تكون مخالفة للحقيقة، وهو ما ورد في قضايا معظم المعتقلين الذين أطلق سراحهم أو قدموا للمحاكمة منذ تصاعد التوتر الأمني في ديسمبر 2007.
وتأتي حملة الاعتقالات الأخيرة ضمن سلسلة متتالية من موجات الاعتقال تضمنت العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين باللجان المطلبية المختلفة في المناطق الشيعية التي تزايدت فيها أعمال التظاهر والاحتجاج ضد البطالة وتدني الأجور وسياسة التمييز الطائفي وفي منع أبناء الشيعة من العمل في بعض مؤسسات الدولة وتهميشهم في جميع أوجه الحياة السياسية والاقتصادية، إلى جانب القمع المنظم الذي تمارسه المؤسسة الحاكمة ضد الاحتجاجات السلمية والذي تقوم به قوات المن الخاصة المشكلة من جنسيات أجنبية.
وقد أقدمت السلطات البحرينية على انتهاك بالغ لحق المتهم في البراءة حتى تثبت إدانته، وتدخلت بشكل فاضح في سير القضاء، وعمدت إلى إدانة المتهمين أمام الرأي العام المحلي والدولي قبل تقديمهم للمحاكمة. فبعد أن حذرت النيابة العامة المحامين وطلبت منهم الامتناع عن الإدلاء بأية معلومات عن سير التحقيق في قضية المواطنين الذين تم اعتقالهم خلال ديسمبر الجاري، فوجئ المواطنون في البحرين أمس الاثنين 28 ديسمبر، بشريط فيديو مسجل بثته قناة التلفزيون الحكومية تحت عنوان: “صفقة خاسرة مع الإرهاب: إحباط مخطط إرهابي في مملكة البحرين”.
وقد علّق عضو هيئة الدفاع عن المتهمين المحامي محمد أحمد على موضوع البث بالقول: «إن سلوك الدولة المتمثل في إذاعة ونشر اعترافات المتهمين على شاشة التلفزيون، هو سلوك لا تقوم به دولة تحترم النظام القضائي وتحترم دستورها والمبادئ الواردة فيه، كما أنها توحي بأن الدولة لا تحترم ولا تقيم أي وزن للقوانين التي تسنها بنفسها، ودليلي على ما أقول نص المادة 245 من قانون العقوبات
وقد تضمن شريط الفيديو مقدمة عاطفية وبخلفية موسيقية مؤثرة تصف المعتقلين بالمجرمين والإرهابيين والآثمين، وتمجد في قوات الأمن “المتفانين و”ذوي المقدرة الفائقة” والذين كشفوا “المخطط الإرهابي الخطير”. بعد ذلك تم بث تصوير مركب بالفيديو يظهر عدد من الذين تم اعتقالهم منذ 16 ديسمبر الجاري وهم يدينون انفسهم بالمشاركة في “مخطط إرهابي”. ويوجهون الاتهام بالتحريض لشخصيات سياسية معارضة، ويوصمون المؤسسات الدينية لأبناء الطائفة الشيعية بأنها أماكن للتحريض على العنف والإرهاب. وكان تسجيل الاعترافات مصحوبا بموسيقى تصويرية تشبه تلك التي يتم استخدامها في أفلام الرعب. وفيما تم التحدث عن تفجيرات وأعمال إرهابية بالغة الخطورة، اقتصر ماتم عرضه من الأدوات التي كانت ستستخدم في ذلك المخطط على كمية من المسامير وعدد من الكرات الحديدة الصغيرة وثلاث علب معدنية قيل بأنها كانت ستستخدم في صناعة المتفجرات.
وأثناء بث الاعترافات الصوتية كان التلفزيون يبث صورا حية لإحداث شغب ومصادمات ليس لها علاقة مباشرة بالمتهمين أنفسهم. حيث كانت بعض تلك المشاهد من مقتبسة من احداث الشغب بشارع المعارض عام 2001 والتي قام بها مجموعة من الهوليكنز من حرق وتكسير في ليلة رأس السنة، كذلك تم بث لقطات لأحداث الاحتجاجات الشعبية أمام السفارة الأمريكية في سنة 2002 والتي جاءت بعد مقتل الطفل محمد الدرة على يد القوات الاسرائلية، كما تم بث الكثير من الأعمال الاحتجاجية وأحداث الشغب المستمرة والمتصاعدة في السنوات الأخيرة، والمرتبطة بسياسة الحكومة في الظلم والتمييز الطائفي ضد الشيعة والقمع المستمر لأبناء القرى والحرمان من العمل والسكن.
وكان من بين المعتقلين، الذين تم عرضهم على شاشة التلفزيون العضو السابق في “لجنة العاطلين ومتدني الأجر” حسن علي فتيل “الساري”، والذي ظهر على شاشة التلفزيون وهو في حالة هزال وشرود غير طبيعية ليقدم ما يسمى بالاعتراف ضد نفسه، وليذكر بشكل ليس له علاقة بسياق “الاعتراف” الذي أدلى به بأن عبدالهادي الخواجة، الرئيس السابق لمركز البحرين لحقوق الإنسان، كان قد نصح العاطلين عام 2006 على القيام باعتصامات، دون أن يظهر في شريط الفيديو ما يبرر إقحام اسم الخواجة في ما سمي بأنه اعترافات مرتبطة بإعمال عنف كانت ستقع في ديسمبر 2008.
وتعد تلك الاعترافات انتهاك صارخا للمعايير الدولية للمحاكمات العادلة والقوانين المحلية أيضا وخصوصا المادة (245) من قانون العقوبات البحريني والتي تنص على أنه “يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة أو بالغرامة التي لا تتجاوز 100 دينار من نشر بإحدى طرق العلانية أمورا من شأنها التأثير فيمن يناط بهم الفصل في أي دعوى مطروحة أمام جهة من جهات القضاء أو المكلفين بالتحقيق أو بأعمال الخبرة أو التأثير في الشهود الذين قد يطلبون لأداء الشهادة في تلك الدعوى أو ذلك التحقيق أو أمورا من شأنها منع الشخص من الإفضاء بمعلومة لذوي الاختصاص أو التأثير في الرأي العام لمصلحة طرف في الدعوى أو في التحقيق أو ضده. فإذا كان النشر بقصد إحداث التأثير المذكور أو كانت الأمور المنشورة كاذبة عد ذلك ظرفاً مشدداَ”.
كما تم محاولة توجيه الاتهام لبعض من رموز المعارضة في أنهم قاموا بتحريض هؤلاء الشباب وحثهم على ما قاموا به، ومن بين تلك الأسماء الأستاذ حسن مشيمع رئيس حركة حق المعارضة وابنه على مشيمع اللاجئ السياسي في بريطانيا والدكتور عبد الجليل السنكيس رئيس وحدة حقوق الإنسان بنفس الحركة والسيد عبد الرؤوف الشايب الرئيس السابق للجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب والشيخ محمد حبيب المقداد وهو خطيب معروف بآرائه الصريحة المعارضة لسياسات الحكومة وخصوصا فيما يتصل بالاعتقالات وقمع الحريات. ويخشى مركز البحرين لحقوق الإنسان بأن فبركة هذه الاعترافات وزج أسماء مدافعين عن حقوق الانسان أو رموز معارضين للحكومة ربما يكون تهيئة لاعتقالهم. كما يخشى المركز بأن تصوير دورا العبادة لأبناء الشيعة وكأنها أوكارا للتحريض ربما يكون مقدمة لضرب أي تحرك للمعارضة في أيام عاشورا القادمة.
المعتقلين الآخرين الذي تم عرض “اعترافاتهم” المسجلة بالفيديو، محمد سلمان يوسف ( 29 سنة) من قرية الدية ، أحمد يوسف السميع (26 سنة ) من قرية السنابس ، فتحي مكي جاسم ، محمد جميل طاهر (22سنة ) من قرية السنابس، على جميل طاهر ( 28 سنة ) من قرية السنابس ،حسن علي فتيل (27 سنة ) من قرية سار ،محمد خليل إبراهيم ( 28 سنة ) من قرية جبلة حبشي ،محمد عبد الله عبد الحسين ( 32 سنة ) من قرية جدحفص ،محمد جعفر عيسى، ياسين علي مشيمع (21 ) من قرية الديه. وهم في الغالب من الشباب الذين سبق ان تم اعتقالهم وهم اطفال صغار ضمن إجراءات امن الدولة في احداث التي جرت في منتصف التسعينيات وقد جاء في “الاعترافات” بانهم شاركوا في المسيرات والاعتصامات والأعمال الاحتجاجية التي تخللها العنف مثل حرق الإطارات وقذف الأحجار على رجال الامن. وقال بعضهم بانهم قد شاركوا في احد المزارع في سوريا في التدرب على استخدام العنف لمدة ثلاثة ايام وانهم مرتبطون بزميل لهم هو حاليا لاجئ سياسي في المملكة المتحدة. وكانت حكومة البحرين تحاول منذ مدة إقناع السلطات البريطانية بعدم توفير الملجأ للناشطين والمعارضين البحرينيين بحجة انهم متورطون في التحريض على العنف. وربما يكون بث برنامج “الاعترافات” يخدم ذلك الغرض.
ومن بين المعتقلين الذين وردت أسمائهم في ذات القضية ولكن لم يتم عرضهم على شاشة التلفزيون، حسن جاسم محمد، الذي اعتقل يوم 18 ديسمبر 2008 وهو ذات اليوم الذي كان ينسق فيه لإقامة احتفال بمناسبة الذكرى السنوية لوفاة شقيقه الناشط علي جاسم محمد الذي توفي في 17 ديسمبر 2007 على يد قوات الأمن الخاصة أثناء مشاركته في مسيرة للمطالبة بالحقيقة والإنصاف لضحايا التعذيب. والجدير بالذكر انه بالرغم الاضطرابات التي نشأة نتيجة وفاة علي جاسم ورغم جميع الوعود التي أعلنت عنها الحكومة، فلم يتم حتى الآن إجراء أي تحقيق في ظروف وفاة الشاب والتداعيات التي تلت ذلك ومنها اعتقال العشرات من المواطنين بعضهم لا زال معرضا لأحكام مشددة بالسجن بعد محاكمات تفتقد معايير المحاكمة العادلة.
ومن بين المعتقلين والذي لا يعلم مصيره حتى الآن، عبد الرضا حسن الصفار( 36 سنة) قرية الماحوز والذي عرف بنشاطه في تنظيم الفعاليات والاعتصامات السلمية المتعلقة بلجان أهالي المعتقلين، وكذلك عرف دوره البارز في جمع التوقيعات في العرائض الشعبية التي كانت تطالب بالاصلاح الدستوري والسياسي.
وحتى وقت قريب دأبت أجهزة الأمن في البحرين على اختلاق الحوادث الأمنية الوهمية أو المبالغة فيما يحدث من أعمال احتجاج أو “شغب” على خلفية الظروف والاحتقان الأمني والسياسي الذي تمر به البلاد نتيجة الملفات السياسية العالقة الأخرى. وقد قامت حكومة البحرين في السابق ولعدة مرات في تصوير بعض الأعمال الاحتجاجية وكأنها مخططات إرهابية وبثت أفلام الفيديو الممنتجة لتدعم اتهاماتها وأخر تلك الأفلام ما عرضته امام لجنة مناهضة التعذيب التابعة إلى الأمم المتحدة في سنة 2005 ، وكان مركز البحرين لحقوق الإنسان قد حصل على نسخة منه تم بثها لاحقا في ندوة عامة. وتحدثت حكومة البحرين أيضا عن خلايا ارهابية ومعسكرات للإرهاب، إلا إنها أخفقت في تقديم أي دلائل تدعم تلك المزاعم والادعاءات. وفي العام 2006م، كانت قد ادعت بأنها اكتشفت مخطط إرهابي ومعسكر تدريبي لتدريب الإرهابيين في قرية بني جمرة، و تبين فيما بعد بأنها رواية كاذبة، بل أصبحت هذه القضية محل تندر وتعليقات ساخرة عند الصحافة والشارع البحريني.
إن مركز البحرين لحقوق الإنسان يطالب السلطات في البحرين، ويحث جميع الجهات المعنية بمطالبة السلطات البحرينية:
1. بضمان سلامة المعتقلين النفسية والبدنية، وضمان حقوقهم التي كفلتها لهم المواثيق الدولية ومنها حقهم في عدم التعرض للتعذيب وسوء المعاملة، وحقهم في الاستشارة القانونية وفي الاتصال بالعالم الخارجي ومقابلة الأهل، وحقهم في أن يتم معاملتهم بصفتهم أبرياء حتى تثبت إدانتهم بإعمال جنائية ضمن إجراءات صحيحة ومحاكمة عادلة وفقا للمواثيق الدولية التي التزمت بها حكومة البحرين
2. بإطلاق سراح المعتقلين فورا إن لم تتوفر إثباتات حقيقة على قيامهم بإعمال جرميه بالمعايير الدولية، أو إن كانت التهم لا تستدعي تقييد حرياتهم او حبسهم،
3. أن تعلن النيابة العامة عن موقفها من البرنامج الذي تم عرضه في تلفزيون البحرين والذي ينتهك حقوق المتهمين بشكل صارخ، وان كان قد تم أعداده وعرضه بعلم منها، وإجراء تحقيق حيادي وعاجل لكشف المسئولين عن ذلك وتقديمهم للمحاكمة
4. وضع حد لمعالجة الاحتجاجات المتعلقة بالمطالب الشعبية عبر القمع واستخدام الأجهزة الأمنية والقضائية، والتوقف عن ملاحقة الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان وتشويه سمعتهم عبر وسائل الإعلام.
5. التوقف عن تضليل الرأي العام وتصدير المشاكل الداخلية وتصوير أحداث الاحتجاجات المطلبية بأنها ذات بعد خارجي وعوضا عن ذلك الشروع في عملية إصلاح حقيقي تعزز الحريات وحقوق الانسان.
6. وقف سياسة التمييز الممنهج ضد الشيعة ومناطقهم وقراهم وابنأئهم ووقف سياسة تهميشهم وعزلهم والتعرض لمعتقداتهم ورموزهم برعاية من المؤسسة الحاكمة.
مركز البحرين لحقوق الإنسان
29 ديسمبر 2008