الرسالة المفتوحة الثانية لرئيس اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق

الأستاذ محمود شريف بسيوني
رئيس اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق

18 أغسطس/آب 2011

سيدي العزيز،
شكرا على رسالتكم المؤرخة 9 أغسطس/آب 2011 والتي حددتم خلالها موقف اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق.

في الوقت الذي يسعدنا نحن في مركز البحرين لحقوق الإنسان بأن الحكومة أبدت “رغبة غير عادية… للاستماع إلى ما نطرحه [وزير الداخلية] وتتصرف بناء عليه”، تبقى المسألة الأساسية التي أثارتها مراسلتنا السابقة معكم هو بيانكم بأن هذا الاستعداد من جانب الوزير “يقودني إلى الاعتقاد بأنه من جانبه لم تكن هناك سياسة لاستخدام القوة المفرطة أو التعذيب”. وهذا ما سعينا للتوصل إلى توضيح بشأنه إذ أننا لم نفهم كيف توصلتم إلى هذا الاستنتاج في تلك المرحلة المبكرة، ورسالتكم لم تتطرق بوضوح لهذه النقطة، بل تفضلتم بأنه “من السابق لأوانه التوصل إلى أية نتائج”، وهذا ما نتفق معكم عليه تماماً.

الأستاذ محمود شريف بسيوني
رئيس اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق

18 أغسطس/آب 2011

سيدي العزيز،
شكرا على رسالتكم المؤرخة 9 أغسطس/آب 2011 والتي حددتم خلالها موقف اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق.

في الوقت الذي يسعدنا نحن في مركز البحرين لحقوق الإنسان بأن الحكومة أبدت “رغبة غير عادية… للاستماع إلى ما نطرحه [وزير الداخلية] وتتصرف بناء عليه”، تبقى المسألة الأساسية التي أثارتها مراسلتنا السابقة معكم هو بيانكم بأن هذا الاستعداد من جانب الوزير “يقودني إلى الاعتقاد بأنه من جانبه لم تكن هناك سياسة لاستخدام القوة المفرطة أو التعذيب”. وهذا ما سعينا للتوصل إلى توضيح بشأنه إذ أننا لم نفهم كيف توصلتم إلى هذا الاستنتاج في تلك المرحلة المبكرة، ورسالتكم لم تتطرق بوضوح لهذه النقطة، بل تفضلتم بأنه “من السابق لأوانه التوصل إلى أية نتائج”، وهذا ما نتفق معكم عليه تماماً.

وفي حين إننا نتفهم الفرق بين المسؤولية الجنائية الفردية ومسؤولية الأعلى رتبة، نود أن نؤكد بأن هناك كم هائل من الأدلة التي تؤكد، وفي أبسط الأحوال، بأن الحكومة والمؤسسة الحاكمة كانتا على علم بها وأنهما تغاضتا عن تصرفات قوات الأمن.



اليسار: خليفة بن أحمد آل خليفة القائد العام لقوة دفاع البحرين – اليمين: ناصر بن حمد آل خليفة ابن الملك

وأبرز الأمثلة على ذلك هو نبرة خطاب القائد العام لقوة دفاع البحرين المشير الركن خليفة بن أحمد آل خليفة، وكذلك ممارسات وتصريحات ناصر آل خليفة (نجل العاهل الحاكم). إذ قام خليفة بن أحمد بتهديد المحتجين عبر تصريحات أدلى بها لوكالة أبناء البحرين في شهر مايو قائلا: “أقول لأولئك الذين لم تصلهم الرسالة بعد إذا عدتم سنعود أقوى هذه المرة”. وفي الملأ العام على شاشة التلفزة الرسمية هدد ناصر آل خليفة بالانتقام من جميع المشاركين في الاحتجاجات بغض النظر عن موقعهم الاجتماعي أو مهنتهم، حتى أنهى كلامه بالقول: “نحن في جزيرة، ولا يوجد مفر للذين شاركوا في الاحتجاجات”. ثم وفي غضون بضع ساعات من هذا التصريح، بدأ الاستهداف الممنهج ضد الرياضيين المشاركين في الاحتجاجات. ولذلك كان ناصر شخصيا متورطا في تعذيب إثنين من زعماء المعارضة على الأقل هما عبدالله عيسى المحروس ومحمد حبيب المقداد اللذين قدما إفاداتهما وأُرسِلت إلى اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق.

كما تقدم غيرهم من الشهود للإدلاء بأنهم تعرضوا للضرب من قبل مختلف أفراد عائلة آل خليفة، كفاطمة البقالي التي تعرضت للتعذيب في المعتقل بمركز الرفاع الغربي يوم 9 مايو من قبل المدير العام لشرطة المحافطة الجنوبية خليفة بن أحمد آل خليفة وذلك بسبب خطاب كانت قد ألقته في ميدان اللؤلؤة. كما ادعت أيضا آيات القرمزي التي أُلقي القبض عليها لالقائها قصيدة مناهضة للحكومة في ميدان اللؤلؤة، وكذلك الدكتورة فاطمة حاجي، تعرضهما للتعذيب أثناء الاحتجاز على يد نورة آل خليفة.

وما هذه الشهادات المقلقة إلا غيض من فيض. وفي ظل هذه الظروف آمل أن تتمكن من أن تتفهم أن تعليقاتك لرويترز –حتى لو أتت خارج السياق- بأنه “لم تكن هناك سياسة للاستخدام المفرط للقوة أو التعذيب”، فقد ألحقت هذه التصريحات ضررا كبيرا وخلقت جوا من القلق والغضب لدى ضحايا هذه السياسة.

وقد أكدت ممارسات النخبة الحاكمة في البحرين على الدوام رسالة واحدة مفادها أن لا تهاون مع المعارضة بأي شكل من الأشكال في البحرين. وكان الاستهداف المادي والاقتصادي للأفراد أمرا ممنهجا. وانتهج التلفزيون الحكومي أجندة هي أقرب إلى حملة صيد الساحرات المكارثية، حيث تم ذكر أسماء المشاركين في الاحتجاجات الأخيرة وإهانتهم علنا. بل ظهرت في عدد من المواقع الحكومية تشجيعات للناس على تسمية هؤلاء بـ “خونة” النظام. وقد تفاقم هذا الضغط الذي تتبناه الحكومة بعدما أقدمت مؤسسات الدولة على الطرد الجماعي للموظفين الذين “تلوثوا” بالمعارضة عبر اتحاداتهم.

وفي هذا السياق يصبح من الصعب الاعتقاد بأن من هم في السلطة لم يكونوا على علم بالمظالم المرتكبة من خلال أجهزة الدولة. وسنكون سعداء لتقديم مجموعة من الأدلة لإثبات ما ندعيه في هذه الرسالة، كما إننا نتطلع إلى العمل مع اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق وذلك من أجل تحقيق أهدافها المعلنة وتسليط الضوء على الوضع في البحرين.

وتفضلوا بقبول فائق الاحترام..

نبيل رجب،
رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان