(بيروت) – على سلطات البحرين الإفراج فورا عن ناشطة حقوق الإنسان زينب الخواجة. أوقفت الشرطة الخواجة في 14 مارس/آذار 2016 كي تقضي 5 عقوبات بالسجن لما مجموعه 3 سنوات وشهر. 4 من هذه العقوبات تنتهك حقها في حرية التعبير، والخامسة نتيجة لمحاكمة جائرة.

 

قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط: “حبس زينب الخواجة سيجلب الخزي للبحرين، ويجب ألا تلقى الحكومة دعما ضمنيا في تصرفاتها هذه من قبل حلفائها. على الحكومة الدنماركية والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الدعوة صراحةً للإفراج عنها فورا”.

الخواجة – وهي مواطنة دنماركية أيضا – مُحتجزة في “سجن مدينة عيسى للنساء”. طفلها عبد الهادي البالغ من العمر 16 شهرا معها هناك.

تواجه الخواجة عقوبات مجموعها عامين و4 شهور على صلة بإهانة الملك أو موظفين عموم. قالت هيومن رايتس ووتش إن التهم الأربع، جراء تمزيقها صورا للملك أو انتقاد الشرطة، تخرق بوضوح حقها في حرية التعبير.

وثائق القضية الخامسة التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش تُظهر أن القاضي رئيس المحكمة التي أدانت الخواجة لكونها “تواجدت في منطقة محظورة” و”أهانت ضباط شرطة”، رفض السماح لمحاميّ الدفاع بعرض أدلة تبرئة محتملة، هي تسجيلات فيديو للواقعة. في 2 فبراير/شباط أيدت محكمة استئناف الحُكم.

جاء الحُكم نتيجة لمحاولتها زيارة والدها في أغسطس/آب 2014، وهو الناشط الحقوقي البارز عبدالهادي الخواجة، الذي يقضي عقوبة بالسجن المؤبد إبان إدانة مجحفة بوضوح، بتهمة “الإرهاب”. كان وقت الزيارة مضربا عن الطعام ويتناول السوائل فقط، وقال في بيان لأسرته إنه مضرب “احتجاجا على استمرار الاحتجاز التعسفي والاعتقال” في البحرين.

قدم محاموها مقطع فيديو للواقعة أثناء محاكمتها وقالوا إن زينب كانت خارج قسم الزوار “بسجن جو”، وهي منطقة مفتوحة للجمهور، وليست منطقة محظورة، كما ورد في التهم. رفضت المحكمة قبول الفيديو كدليل بتعلة أنه “ُصوّر دون إذن قضائي مسبق”.

المادة 135 من “قانون العقوبات البحريني” تنص على السجن لمدة تصل لعام لأي شخص “دخل… محلا أو مصنعا يباشر فيه عمل لمصلحة الدفاع عن الوطن ويكون الجمهور ممنوعا من دخوله”. قال محام بحريني شاورته هيومن رايتس ووتش حول الواقعة إن إدانة الخواجة على أساس المادة 135 على عمل كهذا هي إدانة غير مفهومة أو متوقعة، وهو ما يشير لكونها تعسفية.

كما يبدو أن مقطع الفيديو يشير لأن الخواجة كانت تخاطب رجال الشرطة بصفتهم أعوانا للدولة:

طالما أنتم ترتدون هذا الزي الرسمي فأنتم تمثلون الحكومة التي لطالما قمعتنا، من الميلاد إلى الممات. لذا لا تكلموني الآن. أنتم عذبتم أبي، وعذبتم عمي، وعذبتم زوجي وعذبتم زوج شقيقتي، لم تتركوا أحدا. 

في 3 ديسمبر/كانون الأول 2015 أيدت محكمة استئناف حُكمين بالحبس لمدة شهرين لكل منهما بتهمة “تدمير ممتلكات عامة” على صلة باتهامات أخرى. مزقت الخواجة صور للملك حمد بن عيسى آل خليفة في 4 و6 مايو/أيار 2012، بينما كانت محتجزة من طرف وزارة الداخلية في اتهامات تتصل بالتجمهر غير القانوني والاعتداء المزعوم على رجل شرطة. في جلسة المحكمة نفسها في ديسمبر/كانون الأول 2015 حكمت عليها المحكمة بالسجن عاما بتهمة “إهانة موظفين عموم” عندما انتقدت رجال الشرطة الذين – على حد قولها – كانوا يسيئون معاملة سجينة لما كانت محتجزة في 2012.

تهمة العام الإضافي تنبع من واقعة أخرى، حيث مزقت صورا للملك أثناء جلسة محاكمة بتاريخ 14 أكتوبر/تشرين الأول 2014. أسفرت تلك المحاكمة عن اُكم بالسجن 3 أعوام بتهمة “إهانة الملك”، وهو الحُكم الذي خفضته محكمة استئناف إلى السجن لمدة عام واحد في 21 أكتوبر/تشرين الأول 2015.

في أبريل/نيسان 2014 صدق الملك حمد على القانون 1/2014 بتعديل المادة 214 من قانون العقوبات التي أصبحت تنص على السجن 7 أعوام كحد أقصى وغرامة أقصاها 10 آلاف دينار بحريني (26500 دولار) في حال إهانة الملك أو علم البحرين أو الشعار الوطني.

قالت مريم الخواجة، شقيقة زينب، لـ هيومن رايتس ووتش إن منذ أكتوبر/تشرين الأول 2014 رفضت شقيقتها حضور جلسات المحاكمة وطلبت من محاميها ألا يمثلها في المحكمة لأنها لا ترى أن المحاكم في البحرين تتسق مع المعايير الدولية للمحاكمة العادلة. وثقت هيومن رايتس ووتش محاكمات جائرة عديدة في البحرين ووصفت المحاكم البحرينية بأنها “تلعب دورا رئيسا في الاحتفاظ بنظام سياسي قمعي للغاية في البحرين”.

في 14 مارس/آذار طالب ناطق باسم الخارجية الأمريكية حكومة البحرين بأن “تتحرى سلامة الإجراءات القانونية في جميع المحاكمات وأن تلتزم بما عليها من التزامات بشفافية إجراءات التقاضي” رغم أن الخواجة كانت قد أدينت بالفعل في جميع التهم المُعتقلة على ذمتها الآن. في 16 مارس/آذار كرر ناطق باسم الخارجية الأمريكية الدعوة بضمان “سلامة الإجراءات القانونية”. في 15 مارس/آذار قال ناطق باسم حكومة الدنمارك إن الحكومة “تعرب عن قلقها” إزاء اعتقال الخواجة وطالب بالإفراج عن جميع المحتجزين تعسفا في البحرين، وبينهم والدها عبدالهادي الخواجة.

قالت هيومن رايتس ووتش إن زينب وعبدالهادي الخواجة مواطنين دنماركيين، ما يعني أن اعتقالهما المجحف مسألة تهم الدنمارك وحكومات الاتحاد الأوروبي الأخرى.

“لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان” المعنية بمراجعة امتثال الدول “للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، خلصت فيما يخص المادة 19 من العهد، المعنية بحرية التعبير، إلى “أن مجرد اعتبار أن أشكال التعبير مهينة للشخصية العامة لا يكفي لتبرير فرض عقوبات حتى وإن كانت الشخصيات العامة مستفيدة هي أيضاً من أحكام العهد. وإضافة إلى ذلك، فإن جميع الشخصيات العامة، بمن فيها التي تمارس أعلى السلطات السياسية مثل رؤساء الدول والحكومات، تخضع بشكل مشروع للنقد والمعارضة السياسية”.

رفض المحكمة النظر في أدلة التبرئة المحتملة انتهاك للحق في المحاكمة العادلة، المكفولة بموجب المادة 14 من العهد، وقد صدقت عليه البحرين.

قال ستورك: “زعمت الولايات المتحدة أن هذه مسألة سلامة إجراءات قانونية، لكنها في الواقع مسألة إدانات ظالمة تسببت في سجن 3 أجيال من عائلة الخواجة في البحرين. إذا لم يكن بإمكان الاتحاد الأوروبي أن يدافع حتى عن مواطنيه المحبوسين جراء معارضتهم السلمية وعملهم الحقوقي، فما دلالة هذا إذن بالنسبة لالتزامات الاتحاد الأوروبي الخاصة بحقوق الإنسان؟” 

 

لقراءة المقال من المصدر اضغط هنا:

https://www.hrw.org/ar/news/2016/03/23/287958