يعبر مركز البحرين لحقوق الانسان عن قلقه من تصاعد حملة السلطات البحرينية في استهداف حرية التعبير على الإنترنت وملاحقة النشطاء السياسيين والحقوقيين والإعلاميين إثر آرائهم المنشورة على وسائل التواصل الإجتماعي، وتشكيل دعاوى قضائية ضدهم في محاوله لترهيبهم تارة وتارة أخرى للنيل منهم وتغييبهم خلف قضبان السجون، خصوصاً بعد تصريحات جديدة من ملك البلاد ورئيس وزراءه لملاحقة الناشطين على وسائل التواصل الإجتماعي.
ففي يوم 27 أغسطس 2014 قامت النيابة العامة باستجواب الناشط الحقوقي نادر عبد الامام بعد تقدم ثلاثة أشخاص بحسب بيان النيابة العامة بإتهامه بـ “الإساءة للصحابي خالد بن الوليد عبر حسابه الشخصي في موقع “تويتر“. على خلفية تغريدة نُشرت على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي ” تويتر ” تعليقاً على حادثة تاريخية حدثت قبل 1400 سنة وجاءت في المراجع التاريخية، ووجهت له تهمة “إهانة علنية لشخص موضع تمجيد لدى أهل ملته” وتم إصدار أمر باحتجازه لمدة سبعة أيام على ذمة التحقيق[1] تم إعادة تمديدها بعد ذلك حتى 28 سبتمبر 2014. ومن الملاحظ أن أحد المشتكين قد قام بإعادة نشر التغريدة التي اعتبرها “مسيئة” وتم بعد ذلك إعادة نشرها أكثر من 680 مرة، وهو أكثر من عدد مرات اعادة نشر التغريدة الأصلية بواسطة عبدالإمام.
نادر عبد الامام هو أحد الشخصيات الوطنية المعروفة بالدفاع عن حقوق الانسان وحضور الفعاليات السلمية المنادية بالديمقراطية وكان قد تقدم مع مجموعة من الناشطين في فبراير 2014 بطلب لا يزال ينتظر موافقة وزارة التنمية الإجتماعية على إشهار جمعية لحقوق الانسان تحت اسم “إنصاف“ وهي جمعية معنية بمناهضة التمييز الواقع ضد المواطنين والمقيمين بمختلف فئاتهم ومذاهبهم [2]. ينشط عبد الامام بكتاباته في برنامج التواصل الاجتماعي تويتر وله عدد متابعين يبلغ 97 ألف متابع. ولم يكن هذا هو الاستهداف الاول للناشط نادر عبد الامام فقد تم التحقيق معه عدد من المرات سابقاً وتم استهدافه بطلقة مباشرة في وجهه في مسيرة سلمية في العاصمة المنامة بتاريخ 12-يناير-2012.
وفي 31 اغسطس 2014 قامت النيابة العامة بإستجواب الناشط السياسي والقيادي في ائتلاف شباب الفاتح يعقوب سليس، حول تغريدة نُشرت على صفحته على موقع التواصل الإجتماعي تويتر في 7 يونيو 2014 جاء فيها ما اعتبره اشكالية تشوب عملية الانتخابات النيابية من خلال السماح للعسكريين بالتصويت وبأن أصوات العسكريين تكون موجهة. وجهت النيابة العامة له تهمة أنه “أهان بإحدى طرق العلانية الجيش” وأمرت بحبسه على ذمة التحقيق إلا أن قاضي المحكمة الصغرى الجنائية الأولى أمر بإخلاء سبيل يعقوب سليس بضمان محل إقامته، وقرر القاضي إرجاء محاكمة سليس إلى الجلسة التي ستُعقد بتاريخ 13 أكتوبر٢٠١٤.[3] وكان يعقوب سليس قد تعرض للتحقيق عدة مرات مسبقاً على إثر تغريداته على موقع تويتر بحسب التقارير.[4]
وفي 9 سبتمبر 2014 قامت التحقيقات الجنائية “قسم الجرائم الإلكترونية” بإستدعاء الناشطة النسائية والمدافعة عن حقوق المرأة غادة جمشير للتحقيق. وقالت الناشطة في تغريدات نشرتها لاحقاً أن التحقيق معها كان على خلفية كتابتها في موقع التواصل الاجتماعي ” تويتر ” (https://twitter.com/Ghada_Jamsheer ) حول الفساد في مستشفى حمد الجامعي في جزيرة المحرق وذكرت أنها ستواجه 10 قضايا، تم تقديم إحداها بواسطة قائد المستشفى اللواء طبيب سلمان عطية الله آل خليفة وهو أحد أفراد العائلة الحاكمة، وسيتم إحالتها إلى النيابة العامة . وكانت الناشطة قد ذكرت أن المستشفى يدار من قبل أفراد عائلة يتقاسمون المناصب العليا فيه. يُذكر أن مدونتها الإلكترونية http://bahrain-eve.blogspot.com هي أحد المواقع المحجوبة في البحرين منذ سنوات.
وكان ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة قد أصدر توجيهات في زيارة له لقوة دفاع البحرين في 3 سبتمبر 2014 لمواجهة ما وصفه بـ “استخدامات سيئة” لوسائل التواصل الإجتماعي بإستخدام القانون، مشيراً إلى أن “هناك من يحاول استغلال شبكات التواصل الاجتماعي في نشر الأفكار السلبية، وإثارة الاستياء في المجتمع باسم حرية التعبير أو حقوق الإنسان”.[5] وسبق ذلك قيام رئيس الوزراء وعم الملك خليفة بن سلمان آل خليفة بإصدار أوامر في جلسة مجلس الوزراء في 26 أغسطس 2014 بـ “مساءلة مثيري الكراهية والتحريض في وسائل الاتصال الاجتماعي واتخاذ الإجراءات لمنعها ومحاسبة المحرضين على الإرهاب والفتنة سواء بالتصريح أو النشر ، حتى لا يعتقد خطأ أياً كان أنه فوق المساءلة أو المحاسبة.”[6]
يُذكر أن أكثر من 16 مستخدماً لوسائل التواصل الإجتماعي قد قضوا فترات في السجن في العام 2014 نتيجة مواد نشروها على وسائل التواصل الإجتماعي وبالخصوص تويتر وإنستغرام، ولا يزال عبدعلي خير يقضي حكماً بالسجن عشر سنوات نتيجة إعادة إرسال رسالة الكترونية على برنامج المحادثة الإلكتروني واتس آب، كما يقضي المصور حسين حبيل والمدون جاسم النعيمي أحكاماً بالسجن خمس سنوات بتهمة إساءة استخدام مواقع التواصل الإجتماعي.
يعتقد مركز البحرين لحقوق الانسان بأن تصاعد الحملة ضد النشطاء في مواقع التواصل الإجتماعي يأتي في سياق محاولة التعتيم الكامل على الإضطرابات السياسية المستمرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، ومواجهة الإستحقاقات الشعبية بالقمع كحلّ وحيد. ويعتقد المركز أن السلطات البحرينية تختلق التهم وتتخذ منها وسيلة لتغييب الأصوات المنادية بالاصلاح والديمقراطية في البلاد بغطاء تنفيذ القانون. إن ملاحقة الكتاب في مواقع التواصل الاجتماعي أو بسبب خطابات عامة، أو كتابات في المواقع الإلكترونية أو غيرها من أشكال التعبير السلمي وتحويلها إلى قضايا جنائية هو إنتهاك مباشر لتعهدات البحرين بإحترام حرية التعبير السلمي التي أقرها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وكذلك العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، في المادة 19: “لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها.“
بناء على ما سبق، يدعو مركز البحرين لحقوق الإنسان الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع الحلفاء والمؤسسات الدولية الأخرى ذات الصلة للضغط على حكومة البحرين من أجل:
- الافراج الفوري عن الناشط نادر عبد الامام وجميع معتقلي الرأي في البحرين.
- إسقاط جميع التهم الموجهة للنشطاء على إثر ممارستهم لحقهم في التعبير السلمي عن الرأي بحسب ما جاء في العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والتوقف عن ملاحقة المغردين نتيجة آرائهم.
- الإلغاء الفوري لجميع القوانين المقيدة للحريات التي تتعدى على حقوق الإنسان الأساسية التي يكفلها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
- إصلاح النظام القضائي بحيث يلتزم بالمعايير الدولية في الإجراءات القانونية الواجبة والمحاكمات العادلة.