البحرين: وفاة المعتقل جعفر الدرازي بعد تعرضه للتعذيب والإهمال الصحي أثناء إحتجازه

Jafar_durazi

مركز البحرين لحقوق الإنسان يطالب بفتح تحقيق مستقل و فوري في حادثة وفاة الشاب جعفر الدرازي أثناء إحتجازه ، بعد أن وصلت معلومات للمركز تفيد بتعرضه للتعذيب و بالظروف السيئة التي يواجهها المحتجزون من سوء الوضع والمعاملة داخل السجن.  كما يطالب المركز بفتح تحقيق يتعلق بشكل عام بحوادث الوفيات في مراكز الحجز مع وصول عددها إلى أربع وفيات منذ ديسمبر 2013.

في 26 فبراير 2014 أعلن مدير إدارة الإصلاح والتأهيل عن وفاة الموقوف جعفر محمد جعفر الدرازي (23 عاما) أثناء علاجه في مستشفى السلمانية الطبي. و جاء في التصريح أن جعفر وهو مريض بفقر الدم المنجلي (السكلر) قد “أدخل إلى المستشفى بتاريخ 19 فبراير 2014، وفي حوالي الساعة 3:15 من صباح اليوم فارق الحياة”.[1]

وذكرت النيابة العامة في بيان أن “تقرير المستشفى أفاد بأن الوفاة طبيعية ونتيجة جلطة بالرئة، وانتدبت الطبيب الشرعي لتوقيع الكشف الطبي الشرعي على جثة المتوفى وقد انتهى الطبيب في تقريره إلى عدم وجود أية اثار إصابية بالجثة، أو اثار عنف جنائي.”[2]

كان جعفر قد تم اعتقاله في أواخر ديسمبر 2013 في عرض البحر أثناء محاولة مغادرة البحرين كما أعلنت وزارة الداخلية.[3] وقد كان مطلوباً للسلطات إلا أنه ليس من الواضح التهم الموجهة له. أفاد الدرازي لعائلته أثناء زيارة له أنه قد تعرض للتعذيب الشديد في إدارة التحقيقات الجنائية بعد إعتقاله. وقال أنه قد تعرض للضرب بالأيدي وبالخرطوم البلاستيكي، وتعرض للركل بالأرجل والصعق الكهربائي وتم إجباره على الوقوف لساعات، وتجريده من ملابسه، وتهديده بالإعتداء الجنسي، وتم وضعه في غرفه شديدة البرودة في فصل الشتاء وسكب الماء البارد عليه. وفي فترة توقيفه في سجن الحوض الجاف لم يتم السماح لعائلته بإدخال الملابس الشتوية له رغم برودة الجو وخطورة المضاعفات الصحية عليه كمريض بالسكلر. وقالت عائلته أنها لم تعرف شيئاً عن مكانه أو حالته بعد اعتقاله لمدة سبعة أيام قبل نقله للحوض الجاف. وأضافت أن نوبات مرض السلكر قد بدأت عنده بعد ذلك، وأن جسمه كان هزيلا عندما نقل إلى مجمع السلمانية الطبي.

وذكر والد الدرازي أن أعراض مرض السكلر التي تصيب ولده لم تكن تصل إلى هذه الدرجة من الخطورة وقد تصيبه النوبة مرة واحدة في السنة ينقل على أثرها للمستشفى ويعالج من خلال وضع المغذي الوريدي فقط. أما منذ اعتقاله فقد نقل للمستشفى ثلاث مرات لعلاج نوبات السكلر، كان آخرها بقاءه أسبوعاً في المستشفى حتى وفاته. [4] وقد بقي الدرازي في الطواريء في الخمسة أيام الأولى ولم يُسمح لعائلته بزيارته، وبعد نقله إلى جناح الرعاية زارته عائلته حيث اشتكى لهم من سوء معاملة الطاقم الطبي بما في ذلك عدم تبديل المغذي الوريدي عند نفاذه رغم طلبه. واتهمت عائلة الدرازي السلطات بالتسبب بوفاة ابنها عن طريق التعذيب، كما قدمت شكوى رسمية لدى مركز شرطة الخميس وكذلك لدى الأمانة العامة للتظلمات بهذا الخصوص.[5]

بحسب البيانات الرسمية، وفاة المعتقل جعفر الدرازي أثناء احتجازه هي الثالثة من نوعها منذ ديسمبر 2013، حيث أعلن عن وفاة موقوف في 26 ديسمبر نتيجة “وعكة صحية”[6]، ثم في 8 فبراير 2014 وفاة موقوف آخر يعاني من “مرض في القلب”[7] وتلى ذلك إعلان وفاة جعفر الدرازي في 26 فبراير 2014، وأخيراً تم إعلان وفاة رابعة في 28 فبراير 2014 لمعتقل جنائي ” يعاني من مرض الكبد الوبائي”[8].

مركز البحرين وثق في العديد من تقاريره ظروف سيئة وغير صحية في سجن الموقوفين احتياطياً وكذلك سجن المحكومين[9]، ووثق حالات خطيرة من الإهمال الصحي، كان من بينها وفاة المعتقل يوسف النشمي في اكتوبر 2013 بعد تعرضه للتعذيب والإهمال الطبي بحسب ما ورد[10]، وكذلك وفاة ضحية التعذيب والإهمال الصحي المعتقل محمد مشيمع في أكتوبر 2012 المريض أيضاً بالسكلر[11].  كما يستمر المركز في توثيق المزيد من حالات التعذيب الشديد في إدارة التحقيقات الجنائية خلال الفترات التي يكون فيها الضحايا عرضة للإختفاء القسري[12]. في ظل غياب التحقيق المستقل في مثل هذه الحوادث وغياب الرقابة المستقلة على مراكز الحجز فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يحمل وزارة الداخلية المسؤولية الكاملة عن حوادث الوفاة أو أية إعتلالات في الصحة يتعرض لها السجناء والموقوفين.

وإذ يؤكد مركز البحرين لحقوق الإنسان على أهمية الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحماية الأشخاص الذين يتعرضون للاحتجاز أوالسجن، ولا سيما أن “يعامل جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن معاملة إنسانية وباحترام لكرامة الإنسان الفطرية”، فإنه يحث الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع حلفاء السلطة المقربين والمؤسسات الدولية ذات الصلة للضغط على حكومة البحرين من أجل:

  1. التحقيق الفوري والعاجل المستقل والشفاف في وفاة جعفر الدرازي وكذلك الموقوفين الآخرين الذين تعرضوا للوفاة اثناء فترة احتجازهم.
  2. السماح لمقرر الامم المتحدة المعني بالتعذيب بزيارة البحرين بشكل عاجل وبزيارة السجون.
  3. وضع حد فوري لممارسة التعذيب كوسيلة للحصول على اعترافات، و توفير ضمانات بشأن سلامة و أمن المعتقلين.
  4. مساءلة و محاسبة جميع المتورطين في التعذيب، لا سيما ذوي المناصب العليا الذين أمروا أو أشرفوا على ممارسة التعذيب؛
  5. يجب على البحرين التوقيع على البروتوكول الاختياري لمناهضة التعذيب، والذي ينص على أنه سيكون هناك لجنة دائمة لزيارة السجون والتي يمكن أن تكون زيارات مفاجئة. هذا من شأنه أن يكون خطوة عملية إلى الأمام تثبت جدية نوايا السلطات لتحسين أوضاع السجون.
  6.   تقدم الرعاية الطبية الضرورية للسجناء المرضى والجرحى على النحو المنصوص عليه في المادة (22) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء”: “يجب نقل السجناء المرضى ممن يحتاجون الى عناية خاصة إلى مؤسسات متخصصة أو إلى مستشفيات مدنية. حيث يتم توفير خدمات المستشفى في المؤسسة، من المعدات، المفروشات واللوازم الصيدلية المناسبة لتقديم الرعاية الطبية والعلاج للسجناء المرضى، كما يجب توفير طاقم من الموظفين المدربين”.
  7.   تحسين ظروف العيش اليومية كما جاء في المادة (60) من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء” كما يلي: “إن نظام المؤسسة يجب أن يسعى لتقليل أية فروقات بين حياة السجن والحياة في الحرية و التي تميل إلى التقليل من مسؤولية السجناء أو من احترامهم المرتبط بكرامتهم كبشر. المادة (10) تنص على أن: “جميع الأماكن المخصصة لإقامة السجناء وخاصة حجرات النوم، يجب أن تفي بجميع المتطلبات الصحية خاصة من ناحية حجم الهواء, والمساحة الدنيا المخصصة لكل سجين، والإضاءة والتدفئة والتهوية. “

وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن توصيات مركز البحرين لحقوق الإنسان في ما يخص وضع السجناء في البحرين لا تعني بأي طريقة تهميش أو إلغاء التوصية الرئيسية وهي الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع السجناء السياسيين.