متهمان بريئان يقرّان باطلا تحت التعذيب بالشروع في قتل مدير تحرير صحيفة، في حين ينفي هو الجرم عنهما!

تواطؤ النيابة العامة والأجهزة الأمنية لإدانة أبرياء



حسن علي مهدي رمضان محمد (يمين)، جعفر أحمد ناصر جمعة (يسار)

1 يناير 2011

يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن دهشته واستغرابه لصمت المسئولين في الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني وكذلك النيابة العامة -التابعة لوزارة العدل، وعزوفهم عن تفسير الكيفية التي تم فيها انتزاع الاعترافات التفصيلية الخاصة بالمتهمَين في قضية الاعتداء والشروع في قتل رئيس تحرير صحيفة الوطن (مهند أبوزيتون)، المتهمان هما: جعفر أحمد ناصر جمعة (27 عاماً)، و حسن علي مهدي رمضان محمد (21 عاماً). وكذلك الكيفية التي دفعت المتهمين إلى تمثيل الجريمة وهما منها براء، خاصة بعد أن حسمت القضية شهادة الضحية أبوزيتون الذي فاجأ بها الجميع في المحكمة، وهي أن المتهمين الذين أدليا أمام المحكمة باعترافات تفصيلية عن عملية التخطيط والاعتداء عليه ليسا نفس الشخصين اللذين اعتديا عليه، بل نفى تعرضه لمحاولة القتل أصلا، معللا الاعتداء عليه بأنه لم يكن بقصد القتل، الأمر الذي دفع المحكمة إلى إطلاق سراح المتهمين بضمان محل إقامتهما بعد قضاء أربعة أشهر في السجن تحت التعذيب الجسدي والنفسي.

تواطؤ النيابة العامة والأجهزة الأمنية لإدانة أبرياء



حسن علي مهدي رمضان محمد (يمين)، جعفر أحمد ناصر جمعة (يسار)

1 يناير 2011

يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن دهشته واستغرابه لصمت المسئولين في الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني وكذلك النيابة العامة -التابعة لوزارة العدل، وعزوفهم عن تفسير الكيفية التي تم فيها انتزاع الاعترافات التفصيلية الخاصة بالمتهمَين في قضية الاعتداء والشروع في قتل رئيس تحرير صحيفة الوطن (مهند أبوزيتون)، المتهمان هما: جعفر أحمد ناصر جمعة (27 عاماً)، و حسن علي مهدي رمضان محمد (21 عاماً). وكذلك الكيفية التي دفعت المتهمين إلى تمثيل الجريمة وهما منها براء، خاصة بعد أن حسمت القضية شهادة الضحية أبوزيتون الذي فاجأ بها الجميع في المحكمة، وهي أن المتهمين الذين أدليا أمام المحكمة باعترافات تفصيلية عن عملية التخطيط والاعتداء عليه ليسا نفس الشخصين اللذين اعتديا عليه، بل نفى تعرضه لمحاولة القتل أصلا، معللا الاعتداء عليه بأنه لم يكن بقصد القتل، الأمر الذي دفع المحكمة إلى إطلاق سراح المتهمين بضمان محل إقامتهما بعد قضاء أربعة أشهر في السجن تحت التعذيب الجسدي والنفسي.

عملية الاعتداء والاعترافات المنزوعة تحت التعذيب
وكانت قد أعلنت الصحف المحلية[1] في يوم الخميس 26 أغسطس 2010م أن مدير تحرير صحيفة الوطن مهند أبوزيتون قد تعرض لاعتداء من قبل شخصين ملثمين في الثالثة فجراً وأدى إلى جرحه وحرق جزء من سيارته. وفي يوم الاثنين 30 أغسطس 2010 نشرت الصحف المحلية تصريحا لرئيس الأمن العام قال فيه بأن الأجهزة الأمنية تمكنت من إلقاء القبض على الشخصين المتهمين بالاعتداء على مدير تحرير صحيفة الوطن مهند أبوزيتون[2] . وأشار إلى أن الأجهزة الأمنية باشرت وبشكل مكثف عمليات البحث والتحري والتي أدت إلى تحديد هويتهما والقبض عليهما، ، حيث أقرا بما نسب إليهما، على الرغم من عدم تطابق مواصفاتهما مع أدلى به المجني عليه من مواصفات المعتدين عليه عند تقديمه البلاغ.



المحامي العام الأول عبد الرحمن السيد

وفي يوم الثلاثاء 31 أغسطس 2010 صرح المحامي العام الأول عبد الرحمن السيد ” قامت النيابة العامة باستجواب المتهمين حيث اعترفا تفصيليا بارتكابهما الواقعة واتفاقهما على التعدي على المجني عليه وحرق سيارته. وأشار السيد إلى أنه نفاذا لما عقدا العزم عليه قاما بتجهيز زجاجة بها مادة بترولية سريعة الاشتعال وأداة حادة للاعتداء عليه وتوجها إلى مقر عمله بجريدة الوطن وما أن ظفرا به حتى قام أحدهما بالتعدي عليه ضربا بالأداة الحادة التي بحوزته واستغل الثاني انشغال المجني عليه في محاولة الدفاع عن نفسه وقام بسكب المادة البترولية داخل السيارة وإشعال النار بها. مضيفا بأن النيابة العامة اصطحبتهما لمكان الحادث لإجراء معاينة تصويرية قاما خلالها بتمثيل كيفية ارتكابهما للحادث والذي جاء متوافقا مع اعترافاتهما، هذا وقد أسفرت التحقيقات عن ضبط الأدوات المستخدمة في ارتكاب الجريمة، وأمرت النيابة العامة بحبس المتهمَين ستين يوما احتياطيا على ذمة التحقيق باعتبارها من الجرائم الإرهابية تمهيدا لإحالتهما للمحكمة المختصة فور انتهاء التحقيقات”[3] . علما أن الفلم الذي تم تصويره لتمثيل الجريمة المزعومة جاءت تفاصيله متناقضة مع نتائج التحقيق من حيث من الذي قام بالضرب بالة حادة ومن الذي حاول إحراق السيارة.

وكعادتها في مثل هذا النوع من القضايا، فإن الشهود عادة ما يكونوا من رجال الأمن أو المخابرات، وكان (الشهود) الذين تضمنهم ملف الدعوة وشهدوا عملية تمثيل الجريمة المزعومة كل من: رئيس النيابة مهنا الشايجي، والنقيب أحمد خليفة الذوادي، والمقدم الشيخ خليفة الخليفة عضو الأسرة الحاكمة، ورئيس مركز شرطة محافظة الوسطى، وكذلك المصور نائب عريف حسين جاسم. واعتمدت النيابة العامة في استدلالاتها على المتهمين بشكل رئيسي على ما سمي “بالمصادر السرية” التي جاء بها الملازم أحمد محمود الدلهان. وقد تم تقديم المتهمين لاحقا بناء على قانون الإرهاب[4] المدان من قبل الكثير من المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة[5].



من اليسار: الملازم أحمد الدلهان، والنقيب أحمد خليفة الذوادي

حملة أمنية وإعلامية وإدانة مسبقة مع نشر صور وأسماء الأبرياء كمجرمين
تبع هذا الاعتداء حملة أمنية وإعلامية منظمة -بدت في ظاهرها معدة سلفا قبل الحادث- صورت البلاد وكأنها فريسة للإرهاب، وذلك بغرض تبرير تلك الاعتقالات التي طالت المئات من الناس والأطفال مند أغسطس الماضي. وشارك التلفزيون والإذاعة المحلية وكذلك وكالة أنباء البحرين في عملية الفزعة الإعلامية والإدانة المسبقة للمتهمين. فقد تم عرض صور المتهمين وأسمائهما يوم الاثنين 30 أغسطس 2010. وفي تصريح لوزير الداخلية الشيخ راشد بن عبدالله آلخليفة (من الأسرة الحاكمة) أدان فيه “محاولة الاغتيال الآثمة” التي تعرض لها أبوزيتون، وقال إن “محاولة الاغتيال عمل إرهاب”، كما أدان الحادث رئيس هيئة شؤون الإعلام الشيخ فواز بن محمد ألخليفة (من الأسرة الحاكمة) أيضا بعد الاجتماع بأبي زيتون .



رئيس هيئة شؤون الإعلام الشيخ فواز بن محمد آلخليفة يلتقي (أبوزيتون) بعد الحادث

الملك يتلقى برقيات التهنئة على القبض على أبرياء
وقد استخدم اسم الملك وزج به ضمن رواد الإدانة المسبقة للمتهمين – فقد نشرت وكالة أنباء البحرين لاحقا “إن جلالة الملك تلقى برقيات تهنئة من المسؤولين والمواطنين والمقيمين بمناسبة القبض على اثنين من مرتكبي الحادث الإرهابي مشيدين بتقديرهم وشكرهم البالغ للجهود الكبيرة التي قامت بها الأجهزة الأمنية وبأدائها المتميز في القبض على مرتكبي الحادث الإرهابي بالسرعة القصوى”. وسارعت جمعية الصحفيين البحرينية (حكومية) إلى إرسال برقية تهنئة لملك البلاد بمناسبة القبض على مرتكبي الحادث الذي سمته بالعمل الإرهابي. كما أشاد محافظ الوسطى مبارك الفاضل بجهود رجال الأمن السريعة التي أدت إلى القبض على منفذي الاعتداء. وكعادتها في كل حملة أمنية فقد نشطت السلطة في الاستقواء بالخارج وذلك من خلال الزيارات المكوكية التي يقوم بها القادة الأمنيين والسياسيين لكسب الدعم والتأييد الدولي للسلطة في حملتها الأمنية.

شهادة أبي زيتون المفاجأة، برأت ساحة الذَين اعترفا على نفسيهما تحت التعذيب بمحاولة القتل
وفي يوم الاثنين 13 ديسمبر 2010 وبعد أكثر من ثلاثة شهور فاجأت الصحف البحرينية الرأي العام بخبر الإفراج عن المتهمين في قضية الاعتداء على أبي زيتون بعد أن أكد هو أمام المحكمة أن المتهمَين الماثلين أمام المحكمة والذَين أدليا باعترافات تفصيلية عن عملية التخطيط والاعتداء عليه ليسا نفس الشخصين اللذين اعتديا عليه، بل أنهما ليسا بنفس مواصفات المتهمين الحقيقيين، ونفى أساسا تعرضه لمحاولة القتل المزعومة، قائلا بأن المتهمَين اللذين اعتديا عليه لم يقصدا قتله وإنما إيذاءه، وهي الشهادة الحاسمة التي أدت للإفراج عن المتهمين بضمان محل إقامتهما.

وبعد إطلاق سراحهما، أطلع المتهمان جعفر جمعة وحسن رمضان مركز البحرين لحقوق الإنسان لحقوق الإنسان على الأسباب الحقيقية وراء إقرارهما بجريمة لم يرتكبوها أصلا وانما جاء الإقرار نتيجة تعرضهما للضرب والتعذيب الجسدي والنفسي أثناء التحقيق، والتهديد بهتك أعراضهما أو أخذ بعض أفراد أسرهما إلى السجن كرهائن. وكان مما جاء في إفادتهما للمركز هو أسماء بعض من مارسوا ضدهما التعذيب وإساءة المعاملة، ومنهم: الملازم تركي الماجد، وشخص أخر من أصول يمنية يطلق عليه معمر.



الملازم تركي محمد الماجد (يسار)، ومعمر (يمين)

ويعتقد مركز البحرين لحقوق الإنسان ومن خلال ما رصده من اعتقالات في الأشهر الأخيرة، بأن هناك قوائم معينة مستهدفة من تلك الاعتقالات لدى الجهات الأمنية، تتضمن أسماء نشطاء معروفين بأنشطتهم الشعبية في القرى والمناطق الشيعية، وان غالبية الاعتقالات التي جرت في الأشهر الأخيرة بمختلف التهم والذرائع إنما كانت في الحقيقة تستهدف مَن هم في تلك القوائم، ومن بينهم هذين المتهمين لكونهما معروفين بالأنشطة الشعبية في مناطقهما.


الاعتداءات.. ومن يقف وراءها ؟


منذ منتصف أغسطس الماضي شنت المؤسسات الأمنية في البحرين -بقيادة جهاز الأمن الوطني- حملة قمعية ممنهجة ومتواصلة حتى هذا اليوم، استهدفت المئات من النشطاء والرموز الدينيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، والأطفال، -في وقت عاشت فيه البلاد منذها حالة طوارئ غير معلنة شملت كافة المناطق والقرى الشيعية. وافتقدت هذه الحملة القمعية للمعايير الإنسانية والأخلاقية حيث زج بالمئات في السجون وتم تعذيب غالبيتهم والتمثيل بهم وتم التحرش بهم جنسيا وخصوصا الأطفال منهم، حتى بلغ هذا التدهور مستوى لم تشهده البلاد من قبل. ونتيجة لهذه الحملة الأمنية أصدرت العديد من المنظمات والمؤسسات الدولية بيانات وتقارير الإدانة والاستنكار لهذه السياسة القمعية التي انتهجتها السلطات البحرينية في قمع معارضيها، في الوقت الذي حاولت فيه السلطة تبرير حملتها الأمنية التي حاولت تصويرها وكأنها تأتي في سياق الحرب على الإرهاب، وهو ما لا تعاني منه البحرين في حقيقة الأمر.
إن ما يثير الشكوك حول خلفية هذا الاعتداء، هو إنه جاء في الوقت الذي كانت الأجهزة الأمنية تبحث عن ذرائع لتبرير هذه الحملة الأمنية، بل أن سياق وتنظيم الحملة الإعلامية التي تلت هذا الحادث يقوي الشكوك في أن الحادث إنما هو من تدبير أحد الأجهزة الأمنية، وذلك بهدف دفع البلاد نحو المزيد من الاستقطاب والتنازع الطائفي، خصوصا في فترة ما قبل الانتخابات النيابية الماضية مباشرة.

ويؤكد مركز البحرين لحقوق الإنسان، إن مزاعم ومنهجية التعذيب في سجون البحرين باتت حقيقة لا تقبل الشك وان هناك الكثير من قبيل هذه الاعترافات التي تم انتزاعها قسرا. والآن وبعد الشهادة التي أدلى بها الضحية وبرأ فيها المتهمَين من جريمة محاولة القتل، فانه بات من الضروري على الأجهزة الأمنية والنيابة العامة أن تفتح تحقيقا عاجلا وشفافا لمعرفة الأسباب التي أدت بأبرياء إلى الاعتراف بجرم لم يقترفوه في المقام الأول.

ويكرر مركز البحرين لحقوق الإنسان مرة أخرى أن هناك مزاعم ذات صدقية عالية بأن الكثير من الاعترافات في العشرات من القضايا السياسية والأمنية إنما تم انتزاعها زورا تحت وطأة التعذيب وإساءة المعاملة. وعليه فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يطالب بـ:

1. التوقف الفوري عن ممارسة التعذيب النفسي والجسدي ضد المعتقلين
2. التحقيق بشكل محايد وعلني ونزيه في جميع دعاوى التعذيب ، وتقديم مرتكبيه ومحرضيه للعدالة.
3. عرض جميع المعتقلين بشكل فوري على لجان طبية مستقلة للكشف عن وقائع وآثار التعذيب، واستبعاد الطبيب الشرعي -التابع للنيابة العامة.
4. إطلاق سراح جميع المعتقلين بمن فيهم النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، وذلك لكون أن اعتقالهم تم لأسباب تتعلق بممارستهم لحقوقهم الأساسية في التعبير والتنظيم والتجمع السلمي والتي تضمنها لهم القوانين الدولية.
5. الوقف الفوري للعمل بقانون الإرهاب.
6. وقف الحملة الإعلامية المحرضة على الكراهية والدافعة بالبلاد نحو النزاعات الطائفية.
7. التوقف عن التشهير ونشر أسماء وصور المعتقلين في الصحف، وذلك عملا بمبدأ المتهم برئ حتى تثبت إدانته.


[1]وزير الداخلية يدين «محاولة اغتيال» مدير تحرير الوطن
[2]الداخلية تقبض على اثنين بتهمة الاعتداء على أبي زيتون
[3]النيابة العامة: المتهمين بالاعتداء على أبي زيتون اعترفا
[4]Bahrain terror bill is not in line with international human rights law – UN expert
[5]AMNESTY INTERNATIONAL