يتابع كل من مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان بقلق شديد تصعيد السلطات البحرينية في استهدافها للمدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المعارضة البحرينية. فقد أقدمت السلطات البحرينية مؤخرا وبدون سابق إنذار على إنهاء خدمات الناشط الحقوقي محمد عبد الله السنكيس من عمله في الوزارة والذي خدم فيه أكثر من 22 عاما.
ومحمد السنكيس (الأربعينيات من عمره) هو مؤسس ورئيس لجنة مناهضة الغلاء التي تأسست في العام 2006م. وكان له دور متميز في إدارة هذه اللجنة وتسليط الضوء على الموضوع. كما كان عضواً فاعلا في لجان الدفاع عن النشطاء والمعتقلين السياسيين وسجناء الرأي، وبرز في العمل الاجتماعي أيضاَ حيث ترأس مركز مقابة الاجتماعي لمدة زمنية، وشاركت لجنته في أنشطة مشتركة مع لجنة العاطلين ولجنة مناهضة استقطاع 1% حتى قبيل اعتقاله الأخير في 21 ديسمبر 2007م ضمن حملة استهدفت نشطاء اللجان المطلبية الشعبية ومدافعين عن حقوق الإنسان.
وقد نشط محمد السنكيس في فترة التسعينيات على مستوى العمل الاجتماعي والمطلبي حيث أعتقل حينها أكثر من مرة، بسبب نشاطه في جمع التوقيعات على العريضة الشعبية للعام 1994م المطالبة بعودة الحياة الديمقراطية وتفعيل دستور 1973م. كما تم احتجازه كرهينة من قبل السلطات الأمنية في مقابل تسليم أخيه الأصغر- عادل السنكيس- نفسه حيث كان الأخير مطلوباً من قبل السلطات. وقد أثر ذلك على معظم اسرة السنكيس الذين تعرضوا للاعتقال والاقتحامات الليلية المتكررة من قبل القوات الأمنية لبيوتهم ، وكان من ضمنهم- إضافة لمحمد نفسه- والدته الحاجة فاطمة عاشور وكان عمرها حينئذ في السبعينات، التي اعتقلت ليوم واحد، وأخته ملكة السنكيس- البالغة من العمر حينئذ 27 عاماً- وهي تعمل مدرسة في وزارة التربية والتعليم وقد اعتقلت لفترة تجاوزت الشهرين منع أهلها من الاتصال بها أو رؤيتها طوال تلك المدة. وكانت منظمة العفو الدولية قد أشارت لما تعرضت له هذه الأسرة من معاناة.
وقد تكرر تعرض محمد السنكيس للضرب المبرح من قبل القوات الأمنية في أكثر من فعالية احتجاجية كان أبرزها عند مشاركته في اعتصام سلمي أمام مبنى التحقيقات الجنائية مطالبا بالإفراج عن سجناء الرأي ومعتقلي ما عرف بحادثة المطار في 25 ديسمبر 2005م، مما تسبب في إحداث شرخ في رجله وتضرر فقرات ظهره الأمر الذي لازال يعاني منه. ولم تكتف القوات الأمنية بذلك بل رفعت دعوة قضائية ضده متهمة إياه بالتعدي على موظف عام وليجد نفسه أمام محاكمة في تلك القضية استمرت وحتى شهر مايو الماضي حيث تم تعليقها في أبريل 2009م ضمن القضايا الأمنية المعلقة- وهو مسمى تطلقه السلطات على القضايا التي تشمل معتقلي الاحتجاجات والأنشطة المطلبية.
وقد اعتقل السنكيس في ما عرف بقضية ديسمبر 2007م بسبب الاحتجاجات التي جاءت على أثر وفاة الناشط علي جاسم في مسيرة 17 ديسمبر 2007- المعروف محلياً بعيد الشهداء والضحايا- للمطالبة بمحكمة المعذبين وجبر ضرر وإنصاف ضحايا الفترة السابقة. وقد اعتادت اللجنة الوطنية للشهداء وضحايا التعذيب الدعوة لإحياء ذلك اليوم منذ تأسيسها في 2003م.
وقد تحدث محمد السنكيس للمركز عن تعرضه للتعذيب الجسدي والنفسي أثناء اعتقاله والتحقيق معه في ديسمبر 2007م والتي شملت الفلقة والضرب على المناطق الحساسة في الجسم، والحبس ألإنفرادي والحرمان من النوم، والتحرش الجنسي، والتعرية أثناء التحقيق والوقوف لساعات طويلة خارج مبنى التحقيق. وبعد أكثر من عاما من الاحتجاز، صدر بحقه حكما بالسجن لمدة 5 سنوات، ضمن محاكمة مجموعة من نشطاء اللجان الشعبية ، ليفرج عنه بعفو ملكي بتاريخ 12 أبريل 2009 ضمن عفو عام شمل أغلب المعتقلين والمتهمين في قضايا الاحتجاجات والأنشطة الحقوقية والسياسية. وبعد خروجه من السجن عاد إلى عمله بتاريخ 19 أبريل 2009 حيث كان يعمل فني مختبر بوزارة الأشغال ليواصل مهنته حتى تاريخ حصوله على قرار الفصل بتاريخ 20 يوليو 2009م أي بعد أكثر من ثلاثة شهور من تاريخ الإفراج عنه وعودته إلى العمل. إلا إن ما يثير الشكوك هو التاريخ المدون في قرار الفصل حيث يرجع إلى30 مارس -2009 أي قبل أربعة شهور من عودته إلى العمل- ويعتقد مركز البحرين لحقوق الإنسان بأن لذلك علاقة بمحاولة حرمانه من الاستفادة من قرار العفو الذي لاحت ملامحه أثناء تلك الفترة في ظل تزايد الاحتجاجات الشعبية وصدور التقارير الدولية عن الوضع الحقوقي المتدني في البحرين.
ويعتقد مركز البحرين لحقوق الإنسان أن الأسباب وراء فصل محمد السنكيس من العمل هو نشاطه المطلبي في اللجان المختلفة، ولإيصال رسائل لبقية المدافعين عن حقوق الإنسان، من أجل تخويفهم ومن ثم ثنيهم عن مواصلة نشاطهم الحقوقي المتمثل في كشف الانتهاكات والدفاع عن قيم حقوق الإنسان. وقد تكررت وتنوعت أساليب اعتداءات السلطات الأمنية البحرينية في السنوات الأخيرة على المدافعين عن حقوق الإنسان وتم استهدافهم بشتى الطرق، شمل بعضهم تشويه السمعة والزج باسمه في قضايا أخلاقية والبعض تم تلفيق تهم جنائية ضدهم وحبسهم بتهم تتعلق بقضايا العنف والإرهاب، كما تم اختطاف البعض الآخر وضربهم قبل تركهم في الطريق في حالة سيئة. البعض تم التحرش به أو الاعتداء عليه جنسياً. والفصل عن العمل واستهداف النشطاء في أرزاقهم هو الأسلوب القديم الذي أعادت السلطات العمل به من جديد بعد أن تم وقفه في فترة ما عرف بالانفتاح السياسي منذ العام 2000م.
وقد صرح نبيل رجب- رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان قائلا” إن قطع أرزاق النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان واستهدافهم في لقمة عيشهم أمرا لا تقوم به دولة تحترم إنسانية شعبها، وإن تزايد الهجمة ضدهم أصبح مصدر قلق لجميع المؤسسات الإقليمية والدولية”.
ويطالب كل من مركز البحرين لحقوق الإنسان وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان
1- إرجاع السنكيس إلى عمله فورا ووقف مضايقته في مصدر دخله الوحيد.
2- التوقف عن استهداف نشطاء حقوق الإنسان أو الاعتداء عليهم
3- الشروع بحوار جدي من القوى الفاعلة بالمجتمع بدل المضي في عملية القمع المستمرة