يدين مركز البحرين لحقوق الإنسان ومنظمة بحرين انترفيث (Bahrain Interfaith) تجاهل الحكومة البحرينية للإساءات المتزايدة تجاه عاملات المنازل في المملكة. ندعو حكومة البحرين وحكومات الدول الموفدة للعاملات لضمان حماية حقوق الحرية الدينية.
يرصد هذا التقرير جميع أشكال الإساءة والاستغلال التي تتعرض لها عاملات المنازل في البحرين من قبل أرباب العمل، فيما يتعلق بحقهم في ممارسة العبادة الخاصة بهم.
يبلغ عدد العمال المهاجرين حوالي 460 ألفا غالبيتهم من قارة آسيا، والذين يشكلون 77% من مجموع القوى العاملة الخاصة في البحرين. نظرا لأوجه القصور في الإطار القانوني والتنظيمي لمملكة البحرين، وعدم تطبيق وإنفاذ القوانين الموجودة، يتعرض العمال المهاجرون، وخصوصا عاملات المنازل، لانتهاكات خطيرة منها عدم دفع أجورهم، مصادرة جواز سفرهم، إقامة غير آمنة وغير صحية، تحمل عدد ساعات عمل إضافية، إلى جانب تعرضهم للإيذاء النفسي والجسدي. كما يتعرضون للحرمان من حقهم في ممارسة العبادة، وغياب الحريات الدينية.
أعرب العديد من منظمات حقوق الإنسان عن قلقهم بشأن المعاملة التي تتعرض لها عاملات المنازل في البحرين، مؤكدين أن مدبرات المنازل والعاملات يتعرضن لمعاملة تمييزية قاسية وغير إنسانية ومهينة. يقدر عدد عاملات المنازل في البحرين، بحسب تقارير صدرت مؤخرا حول العمالة في دول الخليج، بأكثر من 80 ألفا. وقد أثار المعدل المتزايد للإساءات مخاوف جدية في ظل غياب تدابير إدارية وتشريعية صارمة وراسخة، تنظم العلاقة بين هؤلاء العاملات وأرباب العمل.
كما أفادت تقارير أن غالبية هؤلاء العاملات يتم التعامل معهم عمليا كملكيات خاصة، فيما يشبه نظاما جديدا للعبودية في العصر الحديث، حيث تتعرض العاملات للحرمان من حقوقهم الإنسانية الأساسية. العديد منهن لا يتمكن ولا يسمح لهن بالتواصل مع الأصدقاء والعائلة، بل وحتى مع المقيمين في نفس المنزل الذي يخدمن فيه. على الرغم من أنهن غير محتجزات أو معتقلات جسديا أو قانونيا، إلا أنهن يضطررن للعيش بمعزل عن العالم الخارجي. فكثير منهن لا يغادرن المنزل بل لا يسمح لهن بالاقتراب من باب المنزل.
هذا فضلا عن غياب إطار قانوني ملائم يحفظ الحقوق الدينية لعاملات المنازل بما فيها حق العبادة وممارسة الشعائر الدينية بما يتفق مع مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
يفيد عدد من التقارير أن عاملات المنازل لم يتعرضن للحرمان من حق العبادة فحسب، بل إنهن لا يتمكن من إظهار ديانتهم أو رموزهم الدينية بأي شكل من الأشكال. إذ لا يسمح لمعظم العاملات بارتداء أو وضع الرموز الدينية كالصليب، بل تعرضت بعضهن لعقاب قاس بحسب القضايا التي تم الإبلاغ عنها، على الرغم من عدم وجود قوانين تمنع الموظفين من ارتداء أو حمل الرموز الدينية. قام مركز البحرين لحقوق الإنسان بالتعاون مع منظمة بحرين انترفيث بتوثيق عدد من الحالات التي تعرضت فيها عاملات المنازل للحرمان من حقهم في الحرية الدينية.
على الرغم من مخاوف الانتقام التي قد يتعرضن لها، روت عاملات المنازل قصصا عن منعهن من ممارسة شعائرهم الدينية. (تم حجب الأسماء الكاملة لحمايتهن من التعرض لمزيد من الإساءات).
تقول روينا (فلبينية الجنسية): “نحن ثلاث خادمات في نفس المنزل، ولا يسمح لاثنتين منا بارتداء الصليب، لأنه حرام. نحن نتفهم ذلك، لكن الكفيل لا يسمح لنا أيضا بالذهاب للكنيسة. وجدني مرة أصلي فعاقبني ….. لكن (عاملة أخرى) مسلمة لا يسمح لها بالذهاب إلى المسجد كذلك.”
بالإضافة لذلك، تفيد التقارير أن عددا من عاملات المنازل، من الطائفة الهندوسية تحديدا، وقعن ضحايا لسوء المعاملة بدنيا وعقليا.
تقول روبا (هندية الجنسية): “لا يسمح لي كفيلي بالذهاب للمعبد، إذ قال لي بأني وثنية وأعبد الحجر. لا يمكنني العيش في هذا الوضع مرة أخرى”.
هذا إلى جانب حرمانهم المتكرر من الحصول على إجازة، حتى في المناسبات الدينية الخاصة مثل: العيد، عيد الميلاد، عيد الديوالي وغيرها.
ذكرت لنا جولي (تحمل الجنسية الفلبينية) أنها طلبت من كفيلها أن “يخصم من راتبها إن أراد ذلك” مقابل أن يسمح لها “بالذهاب للكنيسة” في عيد الميلاد على الأقل إلا أن جوابه كان: “أنت كافرة. لن أساعدك على ارتكاب الخطأ. حتى لو ذهبت لوزارة العمل أو إلى سفارة بلدك لن يستطيع أحد أن يفعل أي شيء لك.”
أفادت جويا (عاملة إندونيسية) للمركز أن كفيلها لم يسمح لها ولا لمرة واحدة لحضور الصلاة أو الخطبة في المسجد، ولا حتى خلال العيد. تقول: “وحتى في البيت، لا يتم منحي وقتا لأداء صلواتي اليومية. وفي الليل عندما يذهب الجميع للنوم، أقوم بأداء صلاتي في وقت متأخر.”
يقول الشيخ ميثم السلمان، رئيس منظمة بحرين انترفيث: “إن حرمان عشرات الآلاف من الخادمات وعاملات المنازل في البحرين من الذهاب للكنائس والمعابد والمساجد والمراكز الدينية ينبغي أن يدان بصوت عالٍ من قبل منظمات حقوق الإنسان في البحرين وخارج البحرين”، ويضيف قائلا “فشلت حكومة البحرين فشلا ذريعا في حماية الحرية الدينية لعاملات المنازل من الانتهاك على يد الجهات الحكومية وغير الحكومية.”
لطالما ادعت البحرين بأنها ملتزمة بتحسين القوانين والممارسات الخاصة بالعمالة المهاجرة؛ إلا أن تنفيذها للقوانين لا يتفق مع معايير قانون العمل الدولي والتزامات حكومة البحرين فيما يتعلق بحقوق الإنسان العالمية.”
رغم أن الحكومة لا تنكر الحق في الحرية الدينية بشكل مباشر، لكنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن فرض التدابير التشريعية والإدارية اللازمة لحماية حق الحرية الدينية للعمالة المنزلية.
قال ناشط محلي في مجال حقوق العمال: “هؤلاء المهاجرون الآسيويون، ولعدم تمكنهم من الحصول عل عمل مناسب في بلدهم، يأتون للعمل في البحرين من أجل تأمين معيشتهم ومعيشة أسرهم. صحيح أنهم تركوا بلدانهم لكنهم لم يتركوا دينهم ومعتقداتهم. على حكومة البحرين أن تضمن حمايتهم وتكفل حقهم في العبادة.”
البحرين عضو في منظمة العمل الدولية، ودولة طرف في المعاهدات ذات العلاقة التي تكفل حرية الدين أو المعتقد. وهي كذلك إحدى الدول الموقعة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية منذ العام 2006، الذي ينص في المادة 18 على أن “لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة. كما لا يجوز تعريض أحد لإكراه من شأنه أن يخل بحريته في أن يدين بدين ما، أو بحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره. كما ينص العهد على حق الفرد في حرية التنقل، إذ تعترف المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما ” لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية.”
لذلك، فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان ومنظمة بحرين انترفيث يدعوان حكومة البحرين إلى:
– حماية حرية العبادة لجميع الناس في مملكة البحرين؛
– إنفاذ توقيع العقود بين كافة العمالة المنزلية وبين أرباب العمل، يتم فيها بوضوح تحديد عدد ساعات العمل وحقهم في الحصول على إجازة أسبوعية، وإجازة سنوية مدفوعة؛ وكذلك
– اعتماد تدابير تصحيحية فورية لضمان عدم حرمان عمال المنازل، ذوي الدخل المنخفض، من التمتع بحقوقهم الأساسية.