بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، يعرب مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ إزاء التعذيب المنهجي المستمر في البحرين مع الحصانة الكاملة للمخالفين. خلال العام الماضي، وثق المركز العشرات من حالات التعذيب، داخل مراكز الاعتقال الرسمية وخارجها، من لحظة الاعتقال وأحيانا حتى بعد النطق بالحكم. التعذيب في البحرين عادة ما يحدث في الظلام، اثناء الاختفاء القسري، ونظرا لسياسة الإفلات من العقاب، يقوم الضباط بتصوير ضحاياهم بالفيديو بعد ذلك. ليس فقط انه لم يتم محاسبة المسؤولين عن التعذيب، على العكس من ذلك، تم تشجيع بعضهم.
في أبريل 2013، حكومة البحرين ألغت رسميا زيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، السيد خوان منديز، التي كان موعد انعقادها من 8 إلى 15 مايو 2013. وفي بيان رسمي، قال السيد منديز:
“هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تأجيل زيارتي، وفي مهلة قصيرة جدا. وهي تعتبر بالأحرى إلغاء حيث لم يتم اقتراح مواعيد بديلة او خارطة طريق مستقبلية للمناقشة”.
“ثقافة الإفلات من العقاب، السبب الرئيسي وراء استمرار التعذيب الممنهج في البحرين، تمتد إلى مدى أبعد بكثير من الحركة المؤيدة للديمقراطية في عام 2011، وأفضل مثال على ذلك هو المرسوم 56 الذي أصدره حمد بن عيسى آل خليفة في عام 2002 الذي منح من خلاله العفو الكامل للمسؤولين عن جرائم التعذيب في التسعينات. عدم المحاسبة محليا ودوليا يشجع استمرار هذه الانتهاكات؛ الإفلات من العقاب يجب أن ينتهي فورا؛ بدءا من كبار المسؤولين في حكومة البحرين”– مريم الخواجة، القائم بأعمال رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان
من الجدير بالذكر أن الحالات المقدمة هي ليست سوى عينة من العديد من الحالات التي تلقاها المركز. ونظرا لثقافة الإفلات من العقاب، العديد من الضحايا يمتنعون عن الحديث عن محنتهم خوفا من العقوبات المترتبة.
وبالإضافة إلى ذلك، يغطي هذا التقرير حالات التعذيب المستمرة. والجدير بالتنويه أنه لم يتلق ضحايا التعذيب فرصة إعادة التأهيل، وأولئك الذين لازالو في المعتقل، لا يحصلون على الرعاية الطبية الكافية.
التعذيب أثناء وقت الإعتقال
في 24 مايو 2013، تم اعتقال رضا عبد الله عيسى الغسرة (25 سنة) بوحشية بعد ان احاطت سيارات مدنية بدراجته النارية. نشر نشطاء و مغردون (مستخدمين تويتر) على حساباتهم في تويتر تسجيلاً صوتياً لشخص ما يصرخ من الألم، و الإدعاء ان التسجيل الصوتي هو للمعتقل رضا الغسرة أثناء قيام قوات النظام بضربه وتعذيبه في الشارع (استمع: http://www.youtube.com/watch?
تم اعتقال فيصل منصور عيد ناصر (28 سنة) يوم 9 مارس 2013. وورد أنه تعرض للضرب من قبل ما يقارب 15 ضابط أمن، واللكم والركل، بينما كان يتم نقله من منزله إلى مركز الاستجواب. وتعرض للاعتداء اللفظي باستخدام لغة بذيئة، وتم تهديده بالاغتصاب، وكذلك التهديد باغتصاب والدته وأخواته. حصل هذا في حين استجوابه للكشف عن مكان اختباء عدد من الأفراد المطلوبين.
التعذيب أثناء الاحتجاز لنزع الاعترافات
خلال الفترة التي قضاها في إدارة التحقيقات الجنائية، عصبت عيني فيصل منصور لكامل الفترة وتم اجباره على الوقوف لفترات طويلة من الزمن لم يسمح له خلالها بالجلوس على الإطلاق. إضافة إلى ذلك، حرم من النوم لحوالي أربع ليال.
وعلاوة على ذلك، من أجل إجباره على الاعتراف بالتهم الموجهة إليه – على الرغم من نفيه – كان مكبل اليدين من الخلف، ثم تم ركله بالأحذية وضربه بالأيدي وبجسم صلب، يعتقد أنها عصا من البلاستيك، على أجزاء مختلفة من جسمه. وتم الاعتداء اللفظي من خلال استخدام لغة بذيئة ولعن معتقداته الدينية. تعرض أيضا للاعتداء الجنسي من قبل ضابط غير معروف، ورد أن أحد المحققين أنزل بنطال فيصل وتحرش به جنسيا عن طريق سحب أعضائه التناسلية؛ وأخبره أن يعترف بالتهم الموجهة إليه وأن يشهد أن المتهمين الآخرين شاركو معه، وإلا فإنه سوف التعرض للاغتصاب.
ورد ان أحد المحققين قال لفيصل: “انا سأضع اسمك على أية حال في كل قضية، حتى لو كنت لم تشارك في ذلك”. فيصل منصور، وهو معصوب العينين، أجبر على التوقيع على بيان دون معرفة محتواه.
أخبر فيصل مركز البحرين لحقوق الإنسان أنه أثناء احتجازه في سجن الحوض الجاف، اقتيد من زنزانته يوم 25 أبريل 2013 إلى إدارة التحقيقات الجنائية مرة أخرى لاستجوابه في قضية جديدة. أجبر على التوقيع على بيان جاهز لم يسمح له بقراءته تحت التهديد بالاغتصاب والضرب.
تم اعتقال حسين رمضان محمد شعبان (34 سنة) في 23 نيسان 2013. ورد أنه تم تهديده باغتصاب زوجته في وقت اعتقاله إذا رفض التعاون معهم. واحتجز لمدة 6 أيام في إدارة التحقيقات الجنائية حيث ورد أنه أجبر على الوقوف لكامل الفترة دون الجلوس على الإطلاق؛ كان خلالها معصوب العينين. وبالإضافة إلى ذلك، حرم من النوم طوال فترة اعتقاله في إدارة التحقيقات الجنائية، وكان مكبل اليدين من الخلف لفترات طويلة مما سبب له الألم في الكتف والظهر؛ الذي ما زال يعاني منه. وبحسب ما ورد، هدد بالاغتصاب إذا رفض التوقيع على اعترافات وانه قد تعرض للتحرش اللفظي المستمر.
تورط النيابة العامة
في النيابة العامة، أفاد فيصل منصور أن المدعي العام صرخ عليه، مهددا بأنه إذا لم يعترف بالتهم الموجهة اليه، سوف يؤخذ مرة أخرى إلى إدارة التحقيقات الجنائية و سيتعرض لمزيد من الضرب، وورد أنه اضاف: “أنا من سيقوم بضربك بينما انت هنا”.
وذكر حسين رمضان أن المدعي العام الذي استجوبه في النيابة العامة أهانه واستخدم لغة بذيئة عن والدته، وبعد ذلك هدد رمضان أنه إذا غير اقواله ولم يعترف بالتهم التي وجهت إليه، سيتم اعادته إلى إدارة التحقيقات الجنائية حيث سيتلقى المزيد من الضرب.
ومن الجدير بالذكر أن فيصل منصور وحسين رمضان، في حين لم يصدر بحقهما حكم حتى الآن، هما من المعتقلين الذين تم بث صورهم و التهم الموجهة لهم على تلفزيون البحرين قبل صدور حكم المحكمة. اتهم فيصل بحيازة الأسلحة وتخزينها لإستخدامها في مؤامرة قتل، في حين اتهم حسين بـ “المسؤولية الميدانية والدعم المادي لخلية ائتلاف شباب 14 فبراير.”
التعذيب في مراكز التعذيب الغير رسمية
في 21 يونيو 2013 اعتقلت قوات الأمن العديد من الشباب في جدحفص وتم اقتيادهم إلى الموقع القديم لبيوت الشباب في السنابس (والذي تم توثيقه واعتباره مركزا غير رسمي للتعذيب)، حيث ورد أنهم تعرضوا للإهانات والضرب المبرح وأجبروا على إهانة رموز المعارضة السياسية. وتم ركلهم بالأحذية، والضرب بالهراوات والأدوات الحادة. ثم تم الإفراج عنهم.
هذه القضية هي واحدة من العديد من القضايا المستمرة من عمليات الخطف التي يتم أخذ الضحايا إلى مكان معزول، تعريضهم للتعذيب ،ومن ثم اطلاق سراحهم؛ التي يبدو أنها تهدف إلى تخويف الآخرين من المشاركة في الاحتجاجات.
للمزيد من التفاصيل حول قضايا اكثر، اقرأ: http://bahrainrights.hopto.
الضرب في الشوارع؛ تصوير الضحية بالفيديو بعد الإعتداء
العشرات من مقاطع الفيديو تستمر بالظهور على شبكة الإنترنت التي تبين ضرب قوات الأمن للمتظاهرين والمعتقلين في وضح النهار.
إضافة إلى ذلك، ونظرا لاستمرار ثقافة الإفلات من العقاب، شهدت البحرين مؤخرا ضابط رفع فيديو لضحيته؛ الذي استجوبه وهو نصف عاري يدلي “باعترافات”. للمزيد من تفاصيل القضية، اقرأ: http://bahrainrights.hopto.
تعذيب الأطفال
تم الإبلاغ عن العديد من الحالات إلى المركز حول تعرض الأطفال للتعذيب و/أو سوء المعاملة على أيدي قوات الأمن في البحرين داخل وخارج السجون. أحد قضايا التعذيب التي حصلت مؤخرا هي تلك التي شهدها نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان المعتقل. شهد رجب أطفال وشباب يتعرضون للتعذيب من قبل حراس السجن، وطلب زيارة اللجنة الدولية للصليب الأحمر حتى يتمكن من الإدلاء بشهادته. جهاد صادق ومصطفى مقداد، كلاهما 16 سنة، هما اثنان من اصل ثمانية أطفال الذين شهدهم نبيل رجب يتعرضون للتعذيب. بعد تعذيبهم، تم وضعهم في الحبس الانفرادي لمدة أكثر من أسبوع، وخلالها لم تحصل أسرهم على أية أخبار عنهم. للمزيد من التفاصيل، اقرأ تقرير المركز: http://bahrainrights.
تعذيب النساء
اعتقلت ريحانة عبدالله الموسوي (35 عاما) في 20 أبريل 2013 من حلبة البحرين الدولية خلال سباق الفورمولا واحد. تم اتهامها بالإرهاب، وورد أنهم عرضوا لها صور اشخاص وطلبو منها ان تقول أنهم كانوا متورطين في القضية. وعندما رفضت، تعرضت للضرب من قبل خمسة رجال. وبحسب ما ورد، هددت بالاغتصاب بشكل متكرر. وقالت لعائلتها أنها كانت معصوبة العينين لمدة سبع ساعات وان المحققين أجبروها ان تحفظ بيان والذي اضطرت في وقت لاحق لتوقيعه وقوله في مكتب النيابة العامة. أحدى المعتقلات الأخريات ذكرت أن ريحانة بدت ضعيفة جدا وغير قادرة على الوقوف في مركز الإحتجاز عندما وصلت لأول مرة في مركز احتجاز النساء.
ريحانة الموسوي، في حين لم يصدر بحقها حكم حتى الآن، هي واحدة من المعتقلين الذين تم بث صورهم و التهم الموجهة عليهم في تلفزيون البحرين. ووجهت إليها تهمة الإرهاب والتخطيط لوضع قنبلة في حلبة البحرين الدولية خلال سباق الفورمولا 1.
إفلات الجناة من العقاب
حتى الآن، على الرغم من وجود مئات قضايا التعذيب الموثقة، وعلى الرغم من التأكيد المقدم من قبل اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، لم يكن هناك أي محاسبة حقيقية للتعذيب. في مارس 2013، خلصت المحكمة إلى أن لا أحد، من أصل خمسة من رجال الأمن المحكومين، كان مسؤولا عن وفاة المدون زكريا العشيري تحت وطأة التعذيب. توفي العشيري في الحجز بعد ثمانية أيام من اعتقاله في 9 أبريل 2011. تم تسليم جثته إلى عائلته مغطاة بكدمات ناجمة عن التعذيب. اقرأ المزيد: http://bahrainrights.hopto.
من أصل خمس حالات وفاة تحت التعذيب التي وقعت في السجون البحرينية التي تم توثيقها والإبلاغ عنها (اقرأ المزيد: http://bahrainrights.hopto.
في 24 يونيو 2013 أيدت محكمة الاستئناف البحرينية حكم البراءة بحق ضابطة الشرطة النسائية من تهمة تعذيب مراسلة فرانس 24، الصحفية نزيهة سعيد، في مايو 2011. لأنها قامت بتغطية احداث المظاهرات البحرينية المؤيدة للديمقراطية التي حدثت في دوار اللؤلؤة عام 2011 والتي تضمنت القتل خارج إطار القانون، تم استدعاء سعيد في مركز للشرطة البحرينية للاستجواب في مايو 2011. هناك، كانت معصوبة العينين وتعرضت للركل واللكم، والصفع. تم سحب شعرها، وأفادت ان تم سحبها بأنابيب بلاستيكية، وتم اجبارها بوضع حذاء داخل فمها وتم تغميس رأسها في المرحاض. تم سكب سائل لاذع غير معروف يعتقد انه البول على وجهها، واضافت انها تعرضت للإهانة وسوء المعاملة والإيذاء الذهني مرارا ،وطلب منها التوقيع على اعترافات باطلة. أيدت ثلاثة تقارير طبية مستقلة، اثنتان منها من قبل أطباء الحكومة البحرينية، اقوال سعيد للتعذيب الذي تعرضت له أثناء احتجازها.
في قضية الدكتورة فاطمة حاجي، (34 سنة)، أخصائية الأمراض الباطنية والروماتيزم التي كانت ضحية للتعذيب أثناء فترة 21 يوما من الاحتجاز بعد القبض في 17 أبريل 2011، لم تكن حتى قادرة على مقاضاة المعتدي عليها. وقد رفعت قضية ضد نورة آل خليفة، التي شاركت في اعتقال الدكتورة حاجي وتعذيبها، لكن تم اسقاط التهم بعد الجلسة الأولى. تعرضت فاطمة إلى أنواع مختلفة من التعذيب: الصفع على الوجه، الضرب المبرح، الضرب بخرطوم المطاط على القدمين، الصعق بالكهرباء في الرأس، الحرمان من النوم، الوقوف لساعات طويلة من دون طعام أو ماء، المنع من استخدام المرحاض، التعليق من المعصمين، والتهديد بالإعدام والاغتصاب، والتهديد بقتل طفلها. (يمكن الاطلاع على الشهادة كاملة هنا: http://www.doctorsinchains.
بدلا عن المحاسبة؛ ترقية!
في يناير 2013، امر الملك حمد بن عيسى آل خليفة بترقية بسام المعراج، المتورط في انتهاكات متعلقة بالتعذيب بشكل متكرر، إلى منصب المدير العام لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني في المديرية العامة، من خلال مرسوم ملكي صدر في 28 يناير 2013.
تم توثيق مزاعم تعذيب ذات مصداقية ضد بسام المعراج لعدة سنوات من قبل المنظمات المحلية والدولية لحقوق الإنسان. ففي عام 2010، نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش نتائج التحقيق في التعذيب التي أجريت في البحرين، وخلصت إلى أن هناك ادعاءات كثيرة متعلقة بالتعذيب المنهجي في السجون البحرينية من قبل بسام المعراج. اقرأ المزيد هنا :http://bahrainrights.hopto.
اثنين من ابناء الملك، خالد وناصر بن حمد، كلاهما موجهة عليهم اتهامات بشأن التعذيب، ليس فقط يتمتعون بالحصانة داخل حدود البحرين، بل السفر بحرية إلى مناطق مختلفة من أوروبا من دون أي مساءلة. تمت ترقيته ناصر بن حمد ليصبح رئيس الحرس الملكي بعد عدة أشهر من تقديم ادعاءات التعذيب ضده.
يطالب مركز البحرين لحقوق الإنسان بالتالي:
1. التوقف الفوري عن استخدام التعذيب كسياسة لانتزاع الاعترافات ولإشاعة الخوف بين الناس.
2. التحقيق الفوري المستقل، بنزاهة وشفافية، في مزاعم التعذيب المقدمة ضد العشرات من ضباط الأمن المتورطين في قضايا تعذيب وغيرها من انتهاكات حقوق الإنسان.
3. محاسبة كل من تثبت إدانتهم بارتكاب، بالإشراف، بالأمر، و أو كان على دراية على جرائم التعذيب المرتكبة في محاكمة وفقا للمعايير الدولية.
4. التعويض وجبر الضرر لضحايا التعذيب، و تأسيس مركز لإعادة تأهيل ضحايا التعذيب.
5. وضع حد لثقافة الإفلات من العقاب التي تحكم قوات الشرطة، وإجراء إصلاحات شاملة لضمان الشفافية والمحاسبة القانونية.
6. التوقيع والتصديق على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب من أجل تعزيز المساءلة القانونية لمرتكبي التعذيب.