يصادف اليوم، 30 أغسطس، يوم الأمم المتحدة الدولي لضحايا الاختفاء القسري، و هذه الحالات ليست نادرة الحدوث في البحرين، وهناك تقارير لا حصر لها عن نشطاء وأحبائهم تم احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي من قبل القوات الحكومية لفترات زمنية محدودة أو طويلة. تكتيك الاختفاء القسري هو أداة تستخدمها الحكومة لبث الرعب في مواطنيها وزيادة قمع السكان الذين يعيشون بالفعل في خوف ويفرضون رقابة ذاتية على أنفسهم من التعبير عن عدم الرضا عن النظام.
من أحدث الأمثلة على حالات الاختفاء القسري المنظمة بشكل منهجي حادثة سجن جو في أبريل 2021، فبعد تفشي فيروس COVID-19 في الموقع شديد الاكتظاظ، إلى جانب الإهمال الطبي من قبل السلطات للنزلاء، بدأت التوترات تتصاعد، وبلغ الإحباط ذروته بعد وفاة السجين السياسي عباس مال الله نتيجة تدهور صحته.
أثناء اعتقاله في عام 2011، أصيب برصاصة في ساقيه وضُرب، وكان قد سُجن طيلة السنوات العشر الماضية، وتعرّض خلالها لأقسى أشكال التعذيب الجسدي والنفسي، وكما عانى من قرحة في المعدة ومشاكل في القلب والقولون. لقد أهمله نظام السجون ولم يعالج مشاكل صحية كان من الممكن علاجها بسهولة في ظل الظروف العادية. في يوم وفاته، استيقظ عباس معتقدًا أنه يعاني من حرقة بسيطة وأغمي عليه بعد ذلك بوقت قصير، وكان رد الحراس هو الإهمال والتجاهل، مما يجعل مثل هذه الحالات تبدو وكأنها سبب للامبالاة وليس التعاطف من جانب السلطات. نُقل عباس إلى مستشفى السلمانية، حيث أعلنت وفاته في اليوم التالي. الأحداث الدقيقة لقضية عباس وسوء المعاملة التي تعرّض لها مذكورة بالتفصيل في المقال التالي لمركز البحرين لحقوق الإنسان. تعرّض عباس للتعذيب والإهمال حتى اللحظات الأخيرة من حياته وهي اللحظات التي يجب على أكثر الأفراد قسوة احترامها والتعاطف معها.
قوبلت وفاته باللامبالاة من جانب السلطات البحرينية، التي يبدو أنها برّأت نفسها من أي مسؤولية فيما يتعلق بإساءة معاملته ووفاته، مدّعية أنه توفي “لأسباب طبيعية”. ومع ذلك، لم يقابل السجناء موته بالصمت، بل بالتضامن. ففي 5 أبريل 2021 ، نظّم السجناء اعتصامًا احتجاجًا على سوء المعاملة التي واجهها عباس وعدد لا يحصى من الآخرين، والاكتظاظ الذي كان وراء تفشي COVID-19 الذي كان يحدث في ذلك الوقت. لم يكن رد الحكومة على ذلك توفير الرعاية الصحية الكافية أو معدات الوقاية الشخصية للسجناء، ولكن بالقنابل الصوتية والضرب. وبحسب ما ورد أخذ الحراس 33 سجينًا واحتجزوهم بمعزل عن العالم الخارجي، حيث لم يتمكنوا من الاتصال بأي شخص، وهو انتهاك للقانون الوطني والدولي. وبسبب انعدام الشفافية ، من الصعب للغاية معرفة تفاصيل هذه الاختفاءات القسرية، وسوء المعاملة التي يتعرض لها السجناء. وتفيد التقارير أن ما لا يقل عن 60 نزيلاً قد اختفوا قسراً لأكثر من أسبوعين.
وقالت نضال السلمان، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان في هذا الصدد: “اتخذت الحكومة خطوات لمنح العفو والعقوبات البديلة عن المسجونين من أجل تقليل احتمالية تفشي فيروس كورونا، لكن الغالبية العظمى من هؤلاء الأفراد ليسوا سجناء سياسيين”.
يدعو مركز البحرين لحقوق الإنسان حكومة البحرين إلى:
- وضع حد لحالات الاختفاء القسري للمعارضين السياسيين
- منح العفو للسجناء السياسيين للتخفيف من انتشار COVID-19 في السجون
- وضع حد لممارسة التعذيب والانتهاكات المتفشية في السجون.