كان يوم الأربعاء الماضي، 30 يونيو / حزيران، يوم الأمم المتحدة الدولي للعمل البرلماني. في هذا اليوم، ندرك أهمية البرلمانات كأحد أحجار الزاوية للديمقراطيات الوظيفية، فمن خلال البرلمانات المنتخبة والشفافة والموثوقة يمكن للديمقراطيات أن تزدهر ويمكن للحكومات أن تكسب ثقة مواطنيها. في هذا اليوم، يدعو مركز البحرين لحقوق الإنسان حكومة البحرين إلى منح المزيد من السلطة للمسؤولين المنتخبين في البرلمان، بدلاً من استخدامها كأداة علاقات عامة ليس لها قوة وظيفية في القرارات السياسية التي تحدث على أرض الواقع.
التاريخ السياسي للبحرين معقد نوعًا ما ومتشابك بشكل لا ينفصم مع إرث الحكم الاستعماري والقوى الأجنبية المتنافسة. ومع ذلك، كان هناك سببًا عندما تم طرح فكرة البرلمان، بعد أكثر من 200 عام من الحكم القبلي من قبل العائلة المالكة آل خليفة. في عام 1973، بعد استقلالها عن بريطانيا، أجريت انتخابات لمجلس برلماني وطني. يتألف المجلس من 40 عضوًا، تم انتخاب كل منهم شعبيًا. وتجدر الإشارة، مع ذلك، إلى أنه في ذلك الوقت، مُنعت النساء من التصويت و / أو المشاركة في الحكومة. كان تشكيل المجلس متنوعًا للغاية في توجهاته السياسية والدينية، حيث تكوّن من اليساريين، والمحافظين، وشخصيات المقاومة، والموالين لآل خليفة. شخصيات المقاومة مثل عبد الأمير الجمري وعيسى قاسم (الذين أسقطت الحكومة جنسيته في السنوات السابقة مع مئات آخرين)، أصبحوا يجلسون على طاولة واحدة مع الموالين وحتى أعضاء من عائلة آل خليفة. في عام 1974، اعترضت أغلبية ساحقة من أعضاء مجلس النواب على إقرار قانون أمن الدولة، الذي أضاف شروطًا تفضي إلى انتهاكات حقوق الإنسان والاعتقالات التعسفية والقمع من جانب الحكومة. علاوة على ذلك، دعا أعضاء البرلمان إلى إنهاء الحكم الملكي من قبل آل خليفة وطرد القاعدة البحرية الأمريكية (التي كان ينظر إليها إلى حد ما على أنها محاولة استعمارية جديدة من جانب الولايات المتحدة). كان البرلمان قصير الأجل للغاية وتم حله من جانب واحد في أغسطس من عام 1975. على مدى السنوات الخمس والعشرين التالية، تم استخدام هذا القانون لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان وسحق أي معارضة مع الإفلات من العقاب. كانت هناك انتفاضات عديدة خلال تلك السنوات، قوبلت جميعها بالعنف من قبل الحكومة وقواتها الأمنية.
وبعد وفاة الأمير عيسى بن حمد آل خليفة في عام 1999، تولى نجله حمد السلطة. ألغى قانون أمن الدولة ومحكمة أمن الدولة، وأصدر عفو عن السجناء السياسيين، وأصدر “ميثاق العمل الوطني” الذي تم التصويت عليه، حيث حظي بتأييد 98.4٪ وإقبال كبير على التصويت. صاغ الملك الحالي هذا الميثاق على أنه وضع حد للعنف والقمع ودعوة للمصالحة والحكم الدستوري. ثم أعيد البرلمان المكوّن من مجلسين في عام 2002، ويتألف من مجلس النواب (المنتخب شعبيًا) ومجلس الشورى (المُعيّن من قبل الملك). لكن البرلمان نفسه كان له توزيع غير عادل للسلطة، حيث ينص الدستور على أنه بينما يجوز للنوّاب اقتراح مسودات القوانين، فإن مجلس الشورى وحده هو من يمكنه طرح هذه المسودات للتصويت. علاوة على ذلك، في أي نزاع تشريعي، يكون للملك الكلمة الفصل. وقد أدّى ذلك إلى مقاطعة مجموعات معارضة متعددة للانتخابات، حيث كان يُنظر إلى مجلس النواب على أنه مجرد حيلة علاقات عامة ليس لها سلطة قانونية فعلية. أدّت سنوات من الأمل الكاذب وخيبة الأمل إلى احتجاجات جماهيرية تطالب بالديمقراطية في عام 2011. وقد تدهور وضع حقوق الإنسان في البلاد، مع ورود تقارير لا حصر لها عن التعذيب وحتى إعدامات متعددة للسجناء السياسيين. ولقد سلّطت الانتخابات الأخيرة في تشرين الثاني (نوفمبر) 2018 الضوء على حجم الواجهة التي يتمتع بها البرلمان البحريني. كان هناك حظر على أي شخص يرشح نفسه من أحزاب المعارضة الرئيسية، مثل وعد والوفاق. وأيضًا، أي شخص قاطع الانتخابات سابقًا أو حُكم عليه بالسجن ستة أشهر على الأقل (وهو أمر شائع إلى حد ما) تم منعه من المشاركة. باختصار، إن تاريخ التجربة الديمقراطية في البحرين غارق في محاولات تقويضها ويبدو أنه لم يقصد له أبدًا أن يتحقق من قبل العائلة المالكة.
آخذاً هذا الواقع بعين الاعتبار، يدعو مركز البحرين لحقوق الإنسان حكومة البحرين إلى:
- توفير السلطة التشريعية الفعلية لفرع البرلمان المنتخب شعبياً؛
- توفير المزيد من الشفافية فيما يتعلق بالتشريعات والعملية السياسية؛
- السماح للأحزاب السياسية بالمشاركة بحرية في الساحة السياسية والعملية الانتخابية؛
- السماح لأعضاء أحزاب المعارضة بممارسة دورهم المهم في المجتمع.