يتداخل المشهدين السياسي والعمالي في البحرين، فلطالما كانت المظالم السياسية الدافع وراء الإضرابات والإجراءات العمالية، والعكس صحيح، حيث لعبت القوى العاملة المنظمة دوراً كبيراً في الانتفاضات الشعبية كما حدث في عام ١٩٦٥، وعام ١٩٧٢، ثم في وقت لاحق. وكانت مشاركة الحركة العمالية في التحركات الشعبية المطالبة بالديمقراطية في ٢٠١١ بمثابة مسار طبيعي لعقود من النضال من أجل تحسين الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للقوى العاملة في البحرين، والتي استجابت لها الحكومة بالقوة والقمع.
دعت النقابات العمالية، بشكل رئيسي الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين الذي يمثل أكثر من ٧٠ نقابة عمالية في البحرين، و جمعية المعلمين البحرينية إلى تنظيم عدد من الإضرابات خلال انتفاضة ٢٠١١ إحتجاجاً على الاستخدام المفرط للقوة من قبل الحكومة ضد المتظاهرين السلميين من جهة، داعية إلى تحسين ظروف العمال الاجتماعية و الاقتصادية من ناحية أخرى. وردّت الحكومة على ذلك عبر شنّ حملة من المضايقة والاضطهاد ضد النقابيين. وقد أدت المشاركة في هذه الإضرابات ومظاهرات الدعم إلى سجن قادة النقابات، وإقالة المئات من العمال من القطاعين العام والخاص ومحاكمتهم، وكان أغلبيتهم من النقابيين، والى حلّ جمعية المعلمين البحرينية في إبريل/نيسان ٢٠١١.
زعمت الحكومة أن هذه الإضرابات غير قانونية لأنها “لا علاقة لها بقضايا العمل”. إلا أن لجنة التحقيق البحرينية المستقلة (BICI) أكّدت في تقريرها أنها كانت “ضمن حدود القانون المسموح به”، وأوصت بأن تضمن الحكومة ان لا يكون فصل الموظفين بسبب “ممارستهم لحقهم في حرية التعبير والرأي وتكوين الجمعيات والتجمع”. وفي أعقاب انتفاضة عام ٢٠١١، تم فصل ٢٦ في المئة من قادة النقابات العمالية من وظائفهم، حيث قدم الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين (GFBTU) أسماءهم إلى لجنة تقصي الحقائق (BICI).
وفي ١٢ حزيران/يونيه ٢٠١١، أصدرت اللجنة المشتركة للشركات الكبرى في البحرين رسالة إلى الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين (GFBTU) تطلب فيها من مجلسه التنفيذي “الاستقالة فوراً أو التعرض الى مقاضاة جنائية ومدنية”. وتضم هذه اللجنة شركات مملوكة كلياً أو جزئيا للحكومة البحرينية. وقد أدان المدير العام لمنظمة العمل الدولية (ILO) الدعوة العامة واعتبر أن “تهديد الملاحقة الجنائية والمدنية من قبل مؤسسات مملوكة كلياً أو جزئيا للحكومة هو عمل ترهيب يبعد البحرين عن مسار إحترام حقوق النقابات العمالية”.
لم تقتصر الانتهاكات على عمليات الفصل والترهيب فحسب، بل شملت أيضا توجيه تهم جنائية إلى قادة النقابات. ففي سبتمبر/أيلول ٢٠١١، حكمت محكمة عسكرية على مهدي أبو ديب، رئيس جمعية المعلمين البحرينية (BTA)، بالسجن عشر سنوات بتهمة “إستخدام منصبه في الجمعية للدعوة إلى إضراب المعلمين، ووقف العملية التعليمية، والتحريض على كراهية النظام ومحاولة قلب نظام الحكم بالقوة، وحيازة منشورات، ونشر قصص ومعلومات ملفقة”. وصدر حكم بالسجن ثلاث سنوات على جليلة السلمان، نائب رئيس جمعية المعلمين. وفي تشرين الأول/أكتوبر ٢٠١٢، خفضت محكمة استئناف مدنية مدة الحكم الصادر بها إلى خمس سنوات وستة أشهر على التوالي. وتعرض كلاهما للتعذيب وإساءة المعاملة في الحجز. كما احتجزت رولا الصفار، رئيسة جمعية التمريض البحرينية، لمدة خمسة أشهر في عام ٢٠١١، حيث تعرضت للتعذيب وسوء المعاملة وأفرج عنها في ٢١ آب/أغسطس ٢٠١١. وقد أدانت محكمة عسكرية الصفار وحكمت عليها بالسجن ١٥ عاما بتهمة “التحريض على الإطاحة بالحكومة البحرينية ونشر معلومات كاذبة والمشاركة في تجمع عام غير قانوني”. وقضت محكمة مدنية بإلغاء إدانتها في حزيران/يونيو ٢٠١٢. كما بدأت الحكومة محاكمات ضد قادة في طيران الخليج، ودي إتش إل، وجارمكو، وبابكو، بين آخرين، “بنية واضحة لتقويض الاتحاد العمالي”.
وفي أكثر من مناسبة، تدخلت الحكومة بشكل غير قانوني في الشؤون الداخلية لنقابات العمال والرابطات المهنية. على سبيل المثال، في أبريل/نيسان ٢٠١١، استبدلت السلطات بمجلس إدارة جمعية الأطباء البحرينية مجلساً مؤيداً للحكومة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، ألغت وزارة التنمية الاجتماعية نتائج انتخابات جمعية المحامين البحرينية بعد انتخاب الجمعية لمجلس الإدارة أشخاصاً ينظر إليهم كمنتقدين للحكومة.
وفي ١٥ حزيران/يونيه ٢٠١١، تقدم عدد من مندوبي العمال بشكوى بموجب المادة ٢٦ من دستور منظمة العمل الدولية ضد حكومة البحرين بشأن عدم احترامها لاتفاقية التمييز (في مجال الاستخدام والمهنة) لعام ١٩٥٨ ( الاتفاقية رقم ١١١)، التي صدقت عليها في عام ٢٠٠٠. وأكدت الشكوى أن فصل العمال في أعقاب انتفاضة عام ٢٠١١ (حوالي ٤،٦٠٠) استند إلى آراء العمال السياسية ومعتقداتهم وانتماءاتهم النقابية. وفي مارس/آذار ٢٠١٢، وقعت حكومة البحرين، والاتحاد العام لنقابات عمال البحرين (GFBTU)، وغرفة تجارة وصناعة البحرين (BCCI) إتفاقاً ثلاثياً بشأن القضايا المطروحة في إطار الشكوى، واتفاق ثلاثي تكميلي في مارس/آذار ٢٠١٤.
وقد ساعدت اللجنة الثلاثية التي تمّ تشكيلها لتسوية عمليات الفصل في إعادة أو تعويض غالبية العمال المسرّحين. ومع ذلك، في أيلول/سبتمبر ٢٠١٨، كانت لا تزال ٥٥ قضية قيد النظر، وأكّد الاتحاد الدولي لنقابات العمال والاتحاد العام لنقابات العمال وجود مخالفات في تنفيذ الاتفاق الثلاثي. وقد أعيد بعض العمال إلى مناصب أدنى من تلك التي كانوا يشغلونها قبل الفصل، وتم فصل بعضهم تعسفاً بعد فترة وجيزة من إعادة تعيينهم. وقد قبل آخرون التقاعد المبكر تحت ضغط أو لم يحصلوا على تعويض مناسب عن فقدان دخلهم خلال فترة الفصل، إضافةً إلى انتهاكات أخرى للاتفاق الثلاثي. وأفاد أيضا كل من الاتحاد الدولي لنقابات العمال والاتحاد العام لنقابات العمال أنه بعد توقيع الاتفاق الثلاثي لعام ٢٠١٤، وقعت ١٧ حالة فصل جديدة للأسباب نفسها التي أدت إلى الفصل من العمل في عام ٢٠١١، أي الآراء السياسية والمعتقدات والانتماء للنقابات.
كانت الحملة القمعية التي تم شنّها على النقابيين بعد مشاركتهم ودعمهم لانتفاضة عام ٢٠١١ نابعة من ما اعتبرته الحكومة انخراط في “أنشطة سياسية”، والتي حظرت بموجب المادة ٢٠ من قانون النقابات العمالية لعام ٢٠٠٢. بيد أن منظمة العمل الدولية أقامت صلة واضحة بين حقوق النقابات والحريات المدنية. وقد أوضحت لجنة الحرية النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية أن “الحقوق الممنوحة للعمال ومنظمات أرباب العمل يجب أن تستند إلى احترام الحريات المدنية التي تم إعلانها على وجه الخصوص في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وفي العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وأن غياب هذه الحريات المدنية يزيل كل المعاني من مفهوم الحقوق النقابية”. وأشارت أيضا إلى أهمية مناخ الحرية والأمن بالنسبة للنقابات العمالية في ممارسة أنشطتها، وفي حالة عدم تمتعها بهذه الحقوق، “فيمكن للنقابات العمالية ومنظمات أصحاب العمل المطالبة بهذه الحريات وبالحق في ممارستها، وأن هذه المطالب تعتبر ضمن نطاق الأنشطة النقابية المشروعة”.
ولم تنتهي انتهاكات حقوق النقابات بقمع انتفاضة عام ٢٠١١، حيث واصلت الحكومة جهودها لقولبة حركة العمل والتأثير عليها من خلال تعديل قانون النقابات العمالية، الذي مهد الطريق لظهور نقابات جديدة أكثر مصالحة مع الحكومة. وكان الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين (GFBTU) هو الاتحاد الوحيد في البحرين حتى يوليو/تموز ٢٠١٢، عندما تم تأسيس إتحاد نقابي جديد، وهو الاتحاد الحر لنقابات العمال (BLUFF)، وقد جذب الآلاف من العمال منذ ذلك الحين. وزعم الاتحاد الحر لنقابات العمال الجديد أن الاتحاد العام لنقابات العمال أصبح “سياسي أكثر مما ينبغي” و”لم بعد مرتبط بالعمل بعد الآن”، واعتبر أن الإضراب الذي دعا إليه الاتحاد العام في مارس/آذار ٢٠١١ غير قانوني. شكّك العديد بشأن إنشاء هذا الاتحاد الجديد، واعتبره الخبراء محاولة “لتقسيم الحركة النقابية”. أثار ظهوره في أعقاب انتفاضة عام ٢٠١١، وتنديده بالاتحاد العام لنقابات العمال (GFBTU) وجعل هدفه الرئيسي إبعاد العمال عن الكفاح الشعبي، تساؤلات حول الغرض من تأسيسه وعلاقته بالحكومة، خاصة أن العديد من النقابات التي تمثل العمال في الشركات الكبرى التي لها علاقات مع الحكومة قد انضمت إلى الاتحاد الجديد (BLUFF).
في فبراير/شباط ٢٠١٨، ذكر الاتحاد العام لنقابات العمال (GFBTU) أن غرفة تجارة وصناعة البحرين (BCCI) رفضت إنشاء نقابة عمالية بدعمها الاتحاد العام ولكنها وافقت على إنشاء إتحاد آخر تم الترويج له من قبل الاتحاد الحر (BLUFF). كان هذا الاتحاد الحر قد قدم نفسه كبديل للاتحاد العام لنقابات عمال البحرين، ولكن علاقته بالحكومة بقيت محل شك. وقد انتقد ممثل الاتحاد الدولي لنقابات العمال (ITUC)، وهو أكبر إتحاد نقابي في العالم ويمثل ٢٠٠ مليون عامل في ١٦٣ دولة، والذي يتمثل في البحرين بالاتحاد العام لنقابات العمال، بشدة هذا الاتحاد واعتبر أنه “إتحاد عمالي مدبر من قبل الحكومة يقوض أنشطة اتحاد عمالي شرعي، حر، وديمقراطي”.
وفي البحرين، يفرض القانون قيوداً كبيرة على حقوق النقابات العمالية، وينص على موافقة مسبقة من الحكومة على إقامة نقابة عمالية. وينظم القانون بشكل صارم إدارة نقابات العمال بموجب المواد من ١٢ إلى ١٦، ويحظر على النقابات استثمار الاموال فى الانشطة المالية أو العقارية أو المشاركة في الانشطة السياسية. إن الحق في الإضراب معترف به بموجب القانون، ولكنه يخضع أيضا لضوابط صارمة. يشترط القانون فترة إشعار مسبق مفرطة قبل تنفيذ الإضراب، والتي لا ينبغي إجراؤها أثناء عرض النزاع على لجنة التوفيق والتحكيم، مما يعني أنه يجوز للسلطات أو أصحاب العمل إحالة النزاع إلى التحكيم لمنع الإضراب أو إنهائه. فضلا عن ذلك فإن القانون يحظر الإضرابات في مجموعة واسعة من المنشآت”الحيوية والمهمة”. و قد حدد قرار رئيس الوزراء رقم (٦٢) في عام ٢٠٠٦، ١٢ نوعاً من المنشآت باعتبارها “حيوية”، في حين حددت لجنة الحرية النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية أربعة أنواع فقط.
ورغم أن عمال القطاع العام قادرون على الانضمام إلى نقابات القطاع الخاص، فإن القانون يحظر النقابات في القطاع العام، ولا يتمتع موظفو الخدمة المدنية بالحق في المفاوضة الجماعية. ولا يسمح للعمال المنزليين والأشخاص الذين ينظر إليهم على هذا النحو بالانضمام إلى نقابة عمالية أو تأسيسها نظراً لاستبعادهم من قانون العمل، وإن كانوا يشكلون ١٠،٢ في المائة من مجموع القوى العاملة البحرينية. لا بل إن تعديل قانون النقابات العمالية في عام ٢٠١١ فرض المزيد من القيود على النقابات العمالية.
عدل المرسوم بقانون رقم ( ٣٥ ) لسنة ٢٠١١ العديد من أحكام قانون النقابات العمالية لسنة٢٠٠٢. وفي التعديل، لا يُسمح بإنشاء اتحادات إلا للنقابات القطاعية (المهن أو القطاعات المماثلة)، في حين نص القانون في الأصل على إنشاء إتحاد من نقابة أو أكثر دون قيود. ولا يتفق هذا التعديل مع المعايير الدولية المتفق عليها فيما يتعلق بحرية تكوين الجمعيات في العمل المنصوص عليها في اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم النقابي (رقم ٨٧) لعام ١٩٤٨، التي تنص على أن للعمال وأصحاب العمل الحق في إنشاء والانضمام إلى منظمات يختارونها بأنفسهم دون إذن مسبق. إضافةً إلى وضع دساتيرها وأنظمتها، وانتخاب ممثليها في حرية تامة، وتنظيم إدارتها ووجوه نشاطها، وإنشاء الاتحادات والاتحادات الحلافية(الكونفدرالية) والانضمام إليها. فكيف يمكن لاتحاد قطاعي أن يمثل جميع العاملين في البحرين في المحافل الدولية والإقليمية؟
أما التعديل الآخر المثير للجدل فهو تمكين وزير العمل من تسمية الاتحاد النقابي الذي يمثل العمال البحرينيين في المفاوضة الجماعية والمنتديات الدولية. في حين نصت المادة ٨ (النص الأصلي) على أن يكون الاتحاد النقابي البحريني الأكثر تمثيلاً للعمال البحرينيين-من حيث عدد العمال المنتمين إلى النقابات العمالية الأعضاء بالاتحاد- هو الذي يمثل عمال البحرين على المستوى الدولي. لكن منح وزير العمل هذه السلطة من دون قيود من الممكن أن يوظف كأداة لعزل الاتحادات النقابية المعارضة للحكومة. وقد أعرب الاتحاد الدولي لنقابات العمال في تقريره المقدم في الاستعراض الدوري الشامل للأمم المتحدة بشأن البحرين في عام ٢٠١١ عن قلقه إزاء هذا التعديل: “إننا نخشى أن يتم إستخدام هذه المادة للترويج للنقابات المدعومة من الحكومة والتي سوف تعمل على تقديم دفاع عن سياسات الحكومة المعادية للنقابات والديمقراطية أمام المجتمع الدولي”.
وقد عدلت المادة ١٠ من القانون بحيث تسمح بإنشاء نقابات متعددة على مستوى المؤسسات “على ألا يكون تأسيس النقابة على أساس طائفي أو ديني أو عرقي”. وعلى الرغم من أن هذا التعديل يتسق مع اتفاقية الحرية النقابية (رقم ٨٧)، فقد تعرض لانتقادات خاصة في السياق البحريني. وعبّر العديد عن مخاوفهم من أن “تتحول النقابات إلى اصطفافات سياسية وطائفية، الأمر الذي سيضر بالحركة العمالية ويخرج النقابات عن مسارها الصحيح”، وأن التعددية النقابية في مؤسسة “قد يؤدي إلى استغلال ذلك الحق من قبل بعض أصحاب العمل لإنشاء نقابة تخدم مصالحهم“. كما أعرب اتحاد النقابات الدولي ITUC عن تخوفه من “أن الحكومة سوف تبحث عن نقابات ذات أغلبية شيعية كبيرة، وهو أمر متوقع نظراً لأن الغالبية العظمى من أفراد الطبقة العاملة في البحرين من الشيعة، والتذرع بالقانون لإلغاء تسجيل نقابات عمالية بدعوى أنها أنشئت على أسس دينية أو طائفية حتى في حالة عدم وجود أي دليل على وجود مثل هذه النية”.
كما أضيفت فقرة جديدة إلى المادة ١٧ تنص على ما يلي: “ويحظر على من تثبت مسؤوليتهم عن وقوع المخالفات التي دعت إلى حل المنظمة النقابية العمالية أو مجلس إدارتها ترشيح أنفسهم لعضوية مجلس إدارة أية منظمة نقابية عمالية إلا بعد انقضاء خمس سنوات من تاريخ صدور قرار أو حكم قضائي نهائي بالحل“. وفي سياق الحملة التي شُنَّت ضد قيادات النقابات خلال انتفاضة ٢٠١١، يمكن القول إن هذا التعديل يعني ضمناً وجود نية من جانب الحكومة لإلحاق الأذى بقيادات النقابات والحيلولة دون استعادتهم لمراكزهم لأطول فترة ممكنة.
وإلى جانب القيود القانونية، تنتهك الحكومة وأرباب العمل حقوق النقابيين بصورة تعسفية ومتكررة. وقد وردت تقارير عديدة عن حظر سفر للنقابيين لمنعهم من حضور المناسبات والمؤتمرات الدولية. على سبيل المثال، مُنعت جليلة السلمان من مغادرة البلاد، وصودر جواز سفرها في مطار البحرين الدولي في يونيو/حزيران ٢٠١٦، أثناء توجهها إلى أوسلو لحضور حفل جائزة سفينسون. وفي يونيو/حزيران ٢٠١٧، منع أعضاء الاتحاد العام لنقابات العمال من مغادرة البحرين، بينما كانوا متوجهين إلى جنيف لحضور مؤتمر العمل الدولي، وقد فرض حظر على مغادرتهم.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٥، أقيل خليل إبراهيم فردان، رئيس الاتحاد العام لعمال الموانئ في البحرين، من منصبه بسبب عمله النقابي. وكان الاتحاد العام لنقابات العمال يعتقد أن إقالته كانت “تهدف إلى منعه من أداء دوره كقيادي في النقابة”. وفي أكتوبر/تشرين الأول ٢٠١٧، قامت أحد الشركات بإقالة جميع ممثلي النقابات العمالية بعد شكوى قدمت إلى وزير العمل بشأن دفع متأخرات الأجور لمدة سبعة أشهر. وفصلت الشركة النقابيين بشكل تعسفي ورفضت اعتبار وزارة العمل راعيا للاتفاق ودفع متأخرات الأجور المستحقة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني ٢٠١٨، ذكر الاتحاد العام لنقابات العمال أن Garmco و DHL هدّدتا العمال الذين انضموا إلى الاتحاد العام لنقابات عمال البحرين بخطوات انتقامية. كما أن السلطات كثيراً ما تحظر المسيرات التي تنظمها النقابات في الأول من مايو/أيار، وترد ذلك إلى أسباب أمنية غامضة، كما حدث في عامي ٢٠١٥ و٢٠١٧. باختصار، خلال انتفاضة ٢٠١١ وما بعدها، شهدت البحرين انتهاكات خطيرة لحقوق النقابات العمالية، ولم تتوقف. ومنذ عام ٢٠١١، وردت تقارير عديدة عن حالات فصل لنقابيين لأسباب مشكوك فيها، وعن حظر السفر الذي صدر ضد النقابيين، والضغط على العمال للانضمام إلى نقابات معينة، ورفض أرباب العمل التفاوض مع النقابات، بالإضافة إلى تعديلات قانونية مثيرة للجدل ومحاولات اختراق الحركة العمالية، من بين انتهاكات أخرى.
إن الحق في حرية تكوين الجمعيات هو جزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان الأساسية المنصوص عليها في القانون الدولي. ولا يمكن مناقشة الحقوق النقابية بمعزل عن السياق العام لحقوق الإنسان في البحرين. كما تتطلب معالجة انتهاكات حقوق النقابات نهجاً شاملاً إزاء حالة حقوق الإنسان ككل. إن تحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للعمال، وهو جوهر العمل النقابي، لا يمكن أن يتحقق في جو من القمع والخوف من التعبير عن الرأي، والنقد، والدعوة إلى التغيير. ولقد أكدت لجنة الحرية النقابية التابعة لمنظمة العمل الدولية بوضوح على هذا الارتباط من خلال الإشارة إلى أنه “يمكن لحركة نقابية حرة ومستقلة حقاً أن تتطور فقط عندما تُحترم حقوق الإنسان الأساسية”.