5 ابريل/نيسان 2016
يُدينُ مركز البحرين لحقوق الإنسان (BCHR) استمرار سياسة الإفلات من العقاب وانعدام المساءلة لمنتهكي حقوق الإنسان في البحرين، كما ظهر في حالات عدة خلال شهر مارس/آذار 2016.
في 27 مارس/آذار 2016، قضت محكمة الإستئناف البحرينية العليا بتخفيض الأحكام الصادرة ضد ضابط وشرطيين من السجن لمدة خمس سنوات إلى سنتين، لقتل المواطن حسن مجيد الشيخ (36 عاماً) الذي تعرض للتعذيب حتى الموت في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2014 بسجن جو في البحرين. وقد تسببت الإصابات التي لحقت به جراء التعذيب الجسدي الشديد على يد ستة من عناصر وزارة الداخلية إلى وفاته. كما تمت تبرئة ثلاثة رجال شرطة آخرين كانوا قد حُكموا بفترات سجن تتراوح ما بين سنة وثلاث سنوات في نفس القضية. ويبقى أن تخفيف الأحكام الصادرة ضد ستة مسؤولين أدينوا بسوء المعاملة والتعذيب والقتل هو دليل على عدم استقلالية النظام القضائي البحريني.
وفي قضية أخرى، في الأول من ابريل/نيسان 2016، حُكم على ضابط بالسجن لمدة ثلاث سنوات لاطلاق النار وقتل المتظاهر فاضل عباس البالغ من العمر 19 عاما، علاوة على اطلاق النار وإصابة صادق العصفور بجروح تسببت في إعاقته لأكثر من عشرين يوما في عام 2014. فصدر حكماً بسجن الضابط لمدة ثلاثة أشهر تغير الآن إلى ثلاث سنوات، وهي عقوبة لا ترقى لمستوى جريمة قتل خارج نطاق القضاء.
في 9 مارس/آذار 2016، تمت تبرئة تسعة رجال شرطة كانوا متهمين بضرب 13 سجيناً ضرباً مبرحاً باستخدام الخراطيم والعصي الخشبية في سجن جو، فتم بعد ذلك تأييد هذا الحكم في محكمة استئناف. السيّد نبيل رجب، المدافع الرائد عن حقوق الإنسان الذي كان في السجن في ذلك الوقت خلال مايو/أيار 2013، كان بنفسه شاهدا على هذه الاعتداءات التي تمت بداخل السجن، فأبلغ عنها على الفور مما تسبب ذلك في تشديد القيود على حركته واتصالاته في السجن. كما وأدلى بشهادته هذه أيضا أمام المحكمة بمعية شاهد آخر. و “إنه من المثير للصدمة أن نرى كيف يمكن للمحاكم أن تقوم بهذه الحماية الصارخة للمنتهكين” – كما عبر بذلك مركز البحرين لحقوق الإنسان.
خلال شهر مارس/آذار 2016 فقط، كان هناك ما لا يقل عن خمس حالات لضباط لم تتم محاسبتهم بنحو عادل على جرائمهم. في 7 مارس/آذار 2016، تم تخفيف عقوبة ضابط متهم بضرب معتقل بشدة من السجن لمدة عامين إلى ثلاثة أشهر فقط. في 21 مارس/آذار 2016، تعرض معتقل متهم بحرق إطارات في الشارع لضرب مبرح تسبب له بعدة إصابات خطيرة، فقضت المحكمة ببرائة الشرطي الذي كان متورطاً في هذه القضية. وفي 17 مارس/آذار 2016، برأت المحكمة شرطياً قام بالضرب المبرح لمعتقل في 30 يونيو/حزيران 2015.
وفي الوقت الذي يلاحظ فيه تخفيف عقوبة هؤلاء المسؤولين، تصدر بحق مدافعي حقوق الإنسان والمتظاهرين أحكاماً قاسية لمجرد ممارسة حقهم في حرية التعبير، مثلا للتغريد. وأُلقي القبض على زينب الخواجة مع طفلها البالغ من العمر 15 شهرا في 14 مارس/آذار 2016 بعد أن حكم عليها بالسجن على خلفية تهم تتعلق فقط بنشاطها وممارستها لحرية التعبير. وقد تم الحكم عليها بما مجموعه ثلاث سنوات وشهر واحد في السجن مع غرامة مالية قدرها 3,000 دينار بحريني. أما المغرد الساخر، حسين مهدي، فقد تلقى حكماً بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة “إهانة الملك” بسبب تغريدات له على موقع التواصل الاجتماعي تويتر.
في عام 2012، أنشأت حكومة البحرين “اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق” والتي خلصت في تقريرها إلى أن: “عدم محاسبة المسؤولين في منظومة جهاز الأمن قد أدى إلى ثقافة الإفلات من العقاب، حيث إن لدى المسئولين الأمنيين حوافز قليلة لتجنب إساءة معاملة السجناء أو اتخاذ إجراءات لمنع سوء المعاملة من قبل مسؤولين آخرين. وقد تلقت هذه اللجنة أدلة تشير إلى أنه في بعض الحالات قد تغاظى الموظفون القضائيون وموظفو النيابة العامة ضمناً عن حالة الإفتقار للمساءلة هذه”. وبناءً على هذه النتائج ومن أجل وضع حد لثقافة الإفلات من العقاب، قدمت لجنة تقصي الحقائق العديد من التوصيات، بما في ذلك:
“1247. في ضوء “نمط الإفلات من العقاب” عن التعذيب وسوء المعاملة في الماضي، يجب أن تبدأ المحاكمات الملائمة بهدف ضمان أن العقوبة متفقة مع خطورة الجرم.
1719. اعتماد تدابير تشريعية تستدعي النائب العام التحقيق في مزاعم التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة أو المهينة، وكذلك استخدام خبراء مستقلين في الطب الشرعي”.
لم تنفذ حكومة البحرين تماماً أيا من هذه التوصيات مما أدى ذلك إلى استمرار حالة الإفلات من العقاب من قوات الأمن، كما أخفقت الهيئات التي أسستها للمساءلة في انتهاكات حقوق الإنسان في دورها.
اللافت أن معظم -إن لم نقل كل- القضايا المذكورة أعلاه ضد ضباط الشرطة قد تم التحقيق فيها بواسطة “وحدة التحقيقات الخاصة” (SIU) التي تأسست في 28 فبراير/شباط 2012، وهي وحدة متخصصة في النيابة العامة للتحقيق في جرائم التعذيب والإيذاء وسوء المعاملة التي قد يرتكبها مسؤولون حكوميون. البراءة والأحكام الخفيفة التي تصدرها المحاكم بخفّة في الحالات المذكورة أعلاه تجعل الريبة تخيم على جميع القضايا وكيفية التعاطي معها رسميا، وتشير إلى أن وحدة التحقيقات الخاصة لا تقدم ملفات قوية مع أدلة ومسوغات مطلوبة بهدف ضمان العدالة حيال الانتهاكات .
ويطالب مركزُ البحرين لحقوق الإنسان، البحرين و المجتمع الدولي بـ:
• إنهاء التعذيب الممنهج للمعتقلين والسجناء؛
• وضع حد لإفلات قوات الأمن من العقاب؛
• محاسبة جميع المسؤولين المتورطين في هذه الممارسات الإجرامية.
• تقديم أولئك الذين ينتهكون القانون إلى العدالة، بصرف النظر عن وضعهم أو انتمائهم السياسي أو صِلاتهم.
• ضمان إجراء تحقيقات ومحاكمات مستقلة وغير منحازة.
• جبر الأضرار اللاحقة بجميع ضحايا التعذيب وأسرهم؛
• الامتثال للشرعية وللمعايير الدولية لحقوق الإنسان.
كما ويطالب المركزُ أيضا الحكومةَ البحرينية بوضع حد لإفلات السلطات من العقاب السياسي والقضائي ولحالة عدم خضوعها للمحاسبة.