خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2015، اعتقلت السلطات البحرينية أكثر من 400 شخصاً، بمعدل 105 اعتقال في الشهر. قامت أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومركز البحرين لحقوق الإنسان ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية بجمع وتحليل المعلومات حول الموجة الأخيرة من الاعتقالات، ووجدت المنظمات أن مسؤولي الشرطة تصرفوا بشكلٍ مخالف للقانون الدولي. في الغالبية العظمى من الحالات، لم يقدم ضباط الاعتقال مذكرة أو سبب للاحتجاز. وأفاد المعتقلين بأنهم تعرضوا للقوة المفرطة وسوء المعاملة والتعذيب.
يتطلب العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، التي انضمت إليه البحرين في عام 2006، أن تقوم قوات أمن الدولة بمراقبة بعض المبادئ التوجيهية عند القيام بالاعتقالات من أجل ضمان حقوق الأفراد وحمايتها. وتنص المادة 9 من العهد الدولي أنه “لا يجوز إخضاع أحد للقبض أو الاحتجاز التعسفي،” وأنه “يجب أن يبلّغ أي شخص يقبض عليه بأسباب الاعتقال لحظة توقيفه ويتم إبلاغه سريعا بالتهم الموجهة إليه.” ومن بين مئات الاعتقالات التي سجلتها أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومركز البحرين لحقوق الإنسان ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية خلال فترة التوثيق التي دامت 16 أسبوعاً، 76 في المئة من الاعتقالات لم تلبى فيها هذه المعايير. وتشير البيانات إلى أن انتهاكات قوات الأمن للعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية ليست حالات استثنائية.
ملاحظة: يعتمد التحليل التالي على بيانات تم جمعها بشكل مستقل من قبل أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومركز البحرين لحقوق الإنسان ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية. يشير التقرير إلى تصرفات قوات الأمن البحرينية من 31 أغسطس 2015 إلى 31 ديسمبر 2015، ما لم يذكر بطريقة أخرى.
مجموعة البيانات
رصد أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومركز البحرين لحقوق الإنسان ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية على مدار 4 أشهر عدد الاعتقالات التي قامت بها السلطات البحرينية وقمنا بتسجيل قانونية الاعتقال والظروف الخاصة بكل حالة. فوجدنا أن القوات الحكومية قامت باعتقال 421 شخصاً على الأقل بينهم 53 قاصراً. بالإضافة إلى ذلك، وجدنا أن الاعتقالات تم القيام بها بثمانية طرق مختلفة شكلت 95 في المئة من مجموع الاعتقالات وهي على النحو التالي في ترتيب بحسب أعداد الاعتقالات: مداهمات المنازل، والاعتقال من الشوارع ومن الأماكن العامة، والسجون،[1] ونقاط التفتيش ومراكز السفر،[2] والمحاكم، والمستشفيات، ومكاتب المرور، وعن طريق ارسال استدعاء رسمي من المحكمة (انظر إلى الرسم البياني رقم 1).[3] للتوضيح: يتم الإشارة إلى ظروف الاعتقال بحسب فئة الاعتقال.
تشير البيانات إلى أنه نفذت قوات الأمن البحرينية 219 اعتقال من خلال مداهمتها للمنازل فيمثل هذا الرقم أكثر من نصف العدد الإجمالي للاعتقالات الموثقة وأكبر عدد من الاعتقالات لفئة واحدة. وتليها من الفئات الأكثر شيوعا للاعتقالات المنفذة في الأماكن العامة التي شكلت 76 اعتقالاً: نقاط التفتيش ومراكز السفر بـ 53 اعتقالاً (لا سيما عند نقاط التفتيش ومن جسر الملك فهد بين السعودية والبحرين والتي تمثل 39 في المئة من جميع حالات الاعتقال المنفذة في فئة نقاط التفتيش ومراكز السفر)، وأيضاً تم اعتقال 30 شخصاً باستدعائهم من قبل المحكمة.
انتهكت قوات الأمن المادة 19 من العهد الدولي في 76 في المئة من اجمالي 421 اعتقالاً موثّقاً مما أدى إلى الاحتجاز الغير قانوني لـ319 شخصاً على الأقل.
رسم بياني رقم 1: وتيرة وقانونية الاعتقالات في البحرين في الفترة بين 31 أغسطس 2015 – 31 ديسمبر 2015
الاعتقالات غير الشرعية
مداهمات المنازل
لم تشكل الاعتقالات من خلال مداهمات المنازل الغالبية العظمى من الاعتقالات غير القانونية فقط، بل شكلت أيضاً الغالبية من إجمالي الاعتقالات كذلك. وفقاً لبيناتنا، قامت السلطات البحرينية بـ197 من أصل 219 من هذه الاعتقالات بشكل غير قانوني، فإن 90 في المئة من جميع حالات الاعتقال عبر مداهمة المنازل هي غير قانونية. شكلت الاعتقالات الغير شرعية من خلال مداهمات المنازل 52 في المئة من جميع حالات الاعتقال التي قامت بها السلطات خلال فترة التوثيق. بعبارة أخرى، اعتقل واحد من كل شخصين في البحرين خلال الفترة المذكورة بشكل غير قانوني.
وتشير الشهادات المقدمة لأميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومركز البحرين لحقوق الإنسان ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية من قبل الشهود والضحايا إلى أنه تبعت المداهمات نمط معين. غالباً ما تجرى قوات الأمن مداهمات المنازل بشكلٍ فجائي وأثناء الليل. كما يذكر أنه يقوم مسؤولون في الشرطة بالمحاصرة ومن ثم اقتحام المنزل المستهدف دون تقديم الإنذارات. ثم يقومون بتفتيش المنزل وتنفيذ الاعتقال ومصادرة الممتلكات الشخصية في عدد من الحالات. نادراً ما تصرّح قوات الأمن عن أسباب الاعتقال أو تقدم مذكرة تفتيش خلال المداهمات التي وقعت خلال فترة التوثيق.
وعادةً ما تنقل السلطات الفرد أو الأفراد المعتقلين إلى منشأة تابعة لوزارة الداخلية كمركز للشرطة أو أحد مكاتب إدارة التحقيقات الجنائية. وقد أفاد المعتقلون والشهود بأنهم تعرضوا لعنف جسدي أو لفظي خلال المداهمات وعمليات الاعتقال والنقل.
نقاط التفتيش ومراكز السفر
تتساوى الاعتقالات من نقاط التفتيش ومراكز السفر مع تلك التي تم تنفيذها من الشوارع والأماكن العامة كثاني فئة من طرق الاعتقالات المتبعة الأكثر شيوعاً للاعتقالات غير القانونية، بحيث قامت قوات الأمن بتنفيذ 46 اعتقالاً غير قانونياً على الأقل خلال فترة التوثيق. على وجه التحديد، نفذت السلطات 21 اعتقالاً غير قانونياً من جسر الملك فهد بين البحرين والمملكة العربية السعودية، و 15 اعتقالاً غير قانونياً في مطار البحرين الدولي، و 10 اعتقالات غير قانونية من نقاط التفتيش الأخرى. في المجموع، يمثل الـ 46 اعتقالاً الغير قانوني 87 في المئة من جميع حالات الاعتقال التي نفذت من مراكز السفر و/أو عن طريق نقاط التفتيش خلال هذه الفترة، وكذلك 11 في المئة من إجمالي الاعتقالات.
وقد أفاد الأفراد المعتقلين من نقاط التفتيش ومراكز السفر أنه نادراً ما يبلغهم قوات الأمن عن أسباب اعتقالهمم. كما فشلت تقريباً جميع الاعتقالات التي نفذت على الجسر ومن المطار في تلبية المعايير المنصوص عليها في المادة 9 من العهد الدولي، في حين نفذت 41 في المئة فقط من هذه الاعتقالات وفقاً لأحكام العهد الدولي.
الشوارع والأماكن العامة
كما ذكر مسبقا، الشوارع والأماكن العامة تعادلت مع نقاط التفتيش ومراكز السفر كثاني أعلى عدد من الاعتقالات غير القانونية وعددها يصل إلى 46. وتشير البيانات إلى أن 60 في المئة من جميع حالات الاعتقال التي نفذتها السلطات من الشوارع فشلت في تلبية معايير العهد الدولي.
وأفاد شهود عيان وبعض المعتقلين أن الاعتقالات من الشوارع التي قام بها أفراد الأمن البحريني حصلت إما عشوائياً، أو من قبل دوريات، أو خلال استهداف المناطق التي تشيع فيها المظاهرات. وفي معظم هذه الحالات، تقاعست السلطات عن توفير مذكرة أو أي سبب للاعتقال. وأبلغ عدد من هؤلاء الأفراد أيضاً أن ضباط القبض قاموا بالاستخدام المفرطة للقوة.
انتهاكات إضافية لحقوق الإنسان
الأفراد الذين تم اعتقالهم بصورة غير قانونية أو تعسفية من قبل السلطات هم في خطر متزايد للتعرض للمزيد من انتهاكات حقوق الإنسان والإجراءات القانونية الواجبة خلال محاكمتهم في نظام العدالة الجنائي البحريني. كما ذكر المعتقلين لمنظمة أميركيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومركز البحرين لحقوق الإنسان ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية أنهم تعرّضوا لعنف جسديّ ولفظيّ من قبل أفراد الأمن أثناء وبعد اعتقالهم. كما قاموا بإعطاء تفاصيل لتعرضهم للضرب بالهراوات والعصي الخشبية وكذلك للركل واللكم، حيث تعرّض السلطات أيضاً عدداً من المعتقلين للاختفاء القسري لفترات تتراوح بين عدة ساعات وتصل إلى ثلاثة أسابيع. خلال هذه الفترة، يقوم مسؤولون في السلطات البحرينية باستجواب المتهم دون أي تمثيل قانوني. على هذا النحو، تساهم الاعتقالات غير القانونية والتعسفية بطبيعتها الخارجة عن نطاق القضاء في انتهاكات أوسع نطاقاً من الإجراءات القانونية، والتعدي الواضح على حق المتهم في محاكمة عادلة.
الخاتمة
وفقا لنتائج دراستنا، انتهكت قوات الأمن البحرينية باستمرار توجيهات المبادئ الدولية للاعتقال خلال الفترة ما بين 31 أغسطس و 31 ديسمبر 2015: فنفذت 24 في المائة فقط من الاعتقالات خلال هذه الأسابيع الـ 16 وفقاً للقانون الدولي. وعلى الرغم من أن القوانين البحرينية تضمن ظاهرياً الحق في الحرية والأمان الفردي، تشير البيانات إلى أن السلطات البحرينية تحول دون الالتزام بالقوانين المحلية. هناك انتهاكات إضافية لحقوق الإنسان والإجراءات القانونية ترتبط بالاعتقال التعسفي والتي تساهم في تفاقم سوء استخدام السلطة الروتيني. إن انتهاك قوات الأمن البحرينية للقوانين والتزامات المحلية والدولية، لا يعتبر فقط إضعاف لسيادة القانون وحسب، بل يترك أيضاً مساحة صغيرة للمواطنين الضعفاء في البلاد للجوء إلى العدالة.