منظمة امريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين (أمريكيون)، و مركز البحرين لحقوق الإنسان (مركز البحرين)، و معهد البحرين للحقوق والديمقراطية (معهد البحرين) قلقون بشدّة من التعديل الذي أُدخل في 4 ديسمبر/كانون الثاني 2014 على قانون مكافحة الإرهاب البحريني 58/2006 بذريعة “حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية”.
ولقد كان قانون مكافحة الإرهاب في البحرين مسألة مثيرة للقلق بالنسبة للمؤسسات والمهنيين في مجال حقوق الإنسان، بمن فيهم خبراء الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، منذ بدء العمل به في عام 2006، وذلك بسبب انعدام الدقة المتبعة في تعريف الإرهاب وتضمين مواد تقوض حقوق الإنسان والحريات الأساسية. في السنوات الأخيرة، استخدمت الحكومة هذا القانون -الذي سبق وأن تم تعديله في شهر أغسطس 2013 أيضا- في حملتها ضد الناشطين المؤيدين للديمقراطية، وذلك من خلال منح السلطات صلاحيات إضافية لملاحقة المعارضة وإصدار أحكام سجن طويلة الأمد. في عام 2013 فقط، اتهمت الحكومة 328 شخصا بموجب قانون الإرهاب في 38 قضية منفصلة، أي بمعدّل قضية إرهاب واحدة كل عشرة أيام. وقد أساءت الحكومة استخدام هذا القانون حتى لملاحقة أطفال لا تتعدّى أعمارهم الخامسة عشرة سنة.
التعديل الجديد للقانون يخصص مكتبا منفصلا للنيابة خاصا بالجرائم المتعلقة بالإرهاب، بإجراءات عملية جنائية جديدة تماما للأشخاص المتهمين بالإرهاب. ويسمح القانون لمكتب النيابة الجديد باحتجاز المشتبه بالارهاب من دون محاكمة لمدة تصل إلى ستة أشهر، وذلك في مخالفة لالتزامات مملكة البحرين بالحق في المحاكمة العادلة والسريعة. وفقا للمادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي انضمت إليها البحرين في عام 2006، “أي موقوف أو معتقَل في تهمة جنائية يُقدَّم سريعا إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا بممارسة السلطة القضائية ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يُفرج عنه”. وعلى الرغم من التزاماتها الدولية، فإنه وعلى النقيض من ذلك سبق لحكومة البحرين أن احتجزت بشكل روتيني الأشخاص المتهمين بارتكاب جرائم تتعلق بالإرهاب لفترات طويلة من الزمن دون محاكمتهم. هذا القانون الجديد يبرر للسلطات البحرينية الاعتقال السابق للمحاكمة لفترات طويلة باسم القانون الوطني، حتى وإن كانوا في انتهاك لما يرادفه دولياً.
كما يسمح القانون الجديد للحكومة بحبس الفرد لمدة تصل إلى 28 يوما دون توجيه اتهام أو إجراء تحقيق. بعد انقضاء الفترة الأولية من الاحتجاز ما قبل المحاكمة، تكون لدى النيابة العامة مدة تصل إلى ثلاثة أيام للاستجواب وتوجيه الاتهامات رسميا ضد المشتبه به. عندما تُضاف هذه المدة التي يحق لمكتب المدعي العام الجديد الاعتقال بموجبها بدون محاكمة، فإنه قد يواجه الشخص المتهم بالإرهاب مدة احتجاز سابق للمحاكمة تصل إلى سبعة أشهر، في انتهاك آخر لحقوق المعتقلين في محاكمة عادلة وسريعة.
إن الفترة المطولة ما قبل توجيه الاتهام والاعتقال السابق للمحاكمة تجعل المعتقلين عرضة لخطر التعذيب، كما حدث في كثير من الحالات التي أبلغ عنها “مركز البحرين”. خلال الأيام الأولى للاعتقال، نادرا ما يُسمح للمعتقل بالاتصال بعائلتة أو محاميه، ويحدث لقاء بينه وبين محاميه إلا في اليوم الأول للمحاكمه. معظم من تم اعتقالهم بموجب هذا القانون ذكروا بأنهم تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة خلال الفترة السابقة للمحاكمة. كان الأمر كذلك بالنسبة إلى المصور حسين حبيل، والمدافع عن حقوق الإنسان ناجي فتيل، و الأطفال جهاد صادق وإبراهيم المقداد.
كما أن لدى “أمريكيون”، و “مركز البحرين”، و “معهد البحرين” مخاوف أخرى من أن التعديل الجديد في قانون مكافحة الإرهاب يمنح سلطة أكبر للشرطة. وبموجب القانون الجديد، تتمتع قوات الأمن البحرينية بامتيازات تسمح لهم بـ:
- تفتيش أي فرد وتفتيش ممتلكاته في أي وقت بدون أمر قضائي، وذلك في خرقٍ لحق الفرد الأساسي في الخصوصية الذي تكفله له المادة 17 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية؛
- إيقاف وتفتيش المركبات العامة والخاصة؛
- منع حركة الأشخاص والمركبات، في انتهاك للحق في الحركة الذي تكفله المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
- منع خطوط الاتصال لمدة تصل إلى 24 ساعة بأمر من المدعي الخاص بالجرائم المتعلقة بالإرهاب، وذلك دون أي تدخل من المحاكم؛ و
- منع أي شخص يشتبه فيه بالإرهاب من دخول منطقة معينة لمدة تصل إلى 15 يوما.
يوفّر التعديل الغطاء القانوني للعديد من الممارسات التي ارتكبتها الشرطة فعلا حتى الآن والتي تنتهك حقوق الإنسان الأساسية. ضباط الأمن البحريني يستخدمون بالفعل العديد من هذه الممارسات بشكل غير قانوني، بما في ذلك الاستخدام غير المشروع لنقاط التفتيش الأمنية، والتعطيل غير المشروع لخطوط الاتصال أثناء الاحتجاجات الكبيرة، والتفتيش غير القانوني للمنازل دون أمر قضائي.
علاوة على ما سلف، فإن المنظمات غير الحكومية المذكورة آنفا قلقة بشأن التعيين الملكي الأخير للسيد حمد شاهين البوعينين كمدعٍ عام رفيع المستوى لمكتب النيابة الجديد الخاص بجرائم الإرهاب، في حين أن السيد البوعينين هو متهم بالمشاركة في ممارسات التعذيب في عام 2013، وهناك شكوى مقدمة ضده لدى وحدة التحقيقات الخاصة بوزارة الداخلية.
التعديل الجديد لقانون مكافحة الإرهاب الجديد في البحرين يدل على أن الحكومة ماضية في مماراستها الموثقة جيدا في إساءة استخدام القانون لإسكات المعارضة السلمية. في حين أن “أمريكيون”، و “مركز البحرين”، و “معهد البحرين” يتفهمون ويحثون على مقاضاة أعمال العنف والإرهاب الغير مشروعة، فأن استخدام قانون مكافحة الإرهاب لإسكات المعارضة وتحدي حريات التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات هو انحراف غير مقبول في القانون الدولي.
لذلك، فإن منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، ومركز البحرين لحقوق الإنسان، ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية يناشدون المملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجميع الحلفاء الآخرين المقربين من مملكة البحرين لحث السلطات البحرينية على:
- إعادة النظر في التشريعات المتعلقة بـ “مكافحة الإرهاب” لجعلها متماشية مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان؛
- إنهاء ممارسة استخدام المحاكمات الملفقة واتهامات الإرهاب ذوات الدوافع السياسية بهدف اضطهاد المعارضين؛ و
- الإفراج عن جميع السجناء السياسيين الذين تعرضوا لمحاكمات غير عادلة، وإخضاع كافة قضايا الإرهاب إلى مراجعة قضائية مستقلة.