استهداف جمعية “وعد” بعد جمعية “الوفاق” يفرض قيوداً على العمل السياسي السلمي

Waad

البحرين: النظام مستمر في محاربة حق تكوين التجمعات السلمية

 يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ جراء التدهور الملحوظ في مستوى ممارسة الحريات السياسية والحقوقية في البحرين وذلك بعد قيام السلطات باستهداف جمعيتين سياسيتين مرخصتين هما جمعية الوفاق الوطني الإسلامية وجمعية العمل الوطني الديموقراطي “وعد”. حيث تقدم وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف خالد علي آل خليفة بصفته بدعوى إدارية ضد الجمعيتين بحجة وجود مخالفات إدارية شابت المؤتمرات العامة التي عقدتها الجمعيتين.

ففي 20 يوليو 2014 أعلنت وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف في بيان[1] نشرته عن قيامها برفع دعوى قضائية بطلب وقف نشاط جمعية الوفاق لمدة ثلاثة أشهر حتى تقوم خلالها بتصحيح وضعها غير القانوني إثر بطلان أربعة مؤتمرات عامة، وذلك نتيجة عدم تحقق النصاب القانوني لها، وعدم التزام علانية وشفافية إجراءات انعقادها. وفي تغريدات بثها على موقع التواصل الاجتماعي، قال وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف إن «عقد أربعة مؤتمرات عامة باطلة بعضها بنسبة مشاركة تقل عن خمسة في المئة أبقت تلك الجمعية في حالة مزمنة من اللامشروعية باختطاف إرادة أعضائها». وأضاف وزير العدل أن «عدم إجراء مؤتمرات عامة صحيحة ولجوء القائمين على تلك الجمعية إلى عدم نشر أية معلومات عن مؤتمرهم العام خوف الفضيحة، وممارسة السرية في «العمل السياسي» هو عودة للوراء، ويعد تقويضاً لأسس العمل السياسي المشروع، وعدم اتباع أصول العمل الديمقراطي في تلك الجمعية منذ تأسيسها أثبت فشلها في تقديم نموذج لجمعية سياسية مدنية تقوم على أسس ديمقراطية[2]».

وبعد أيام وتحديداً في 24 يوليو 2014 نشرت الصحف المحلية خبراً مفاده قيام وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف دعوى قضائية ضد جمعية العمل الوطني الديموقراطي “وعد”. حيث قال رضي الموسوي – القائم بأعمال الأمين العام لجمعية «وعد»- بأن إن دعوى وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف تنطلق من مزاعم مرسلة، وإن الهدف الذي تسعى له هو التضييق على العمل السياسي في البحرين وخصوصاً نشاط الجمعيات المعارضة.وعلى الرغم من أن وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف كانت قد نشرت بتاريخ 21 يوليو 2014 جدولاً[3] قالت أنه يبين أوضاع انعقاد المؤتمرات العامة للجمعيات السياسية كافة والمُنعقدة في السنوات الأخيرة والذي يبين بوضوح على حد زعمها مخالفة جمعية العمل الوطني الديموقراطي “وعد” لشروط عقد المؤتمرات العامة غير أن الأخيرة لم تتسلم لائحة الدعوى حتى يوم الخميس 24 يوليو 2014. وفيما يلي جدول المخالفات التي ارتكبتها وعد كما نشرته وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف:

 

والجدير بالذكر إن جمعية العمل الوطني الديموقراطي “وعد” كانت قد تلقت رسالة من وزارة العدل والشئون الإسلامية والأوقاف في ديسمبر2012 تطالب فيها بشطب إبراهيم شريف من الأمانة العامة ومن سجلات الجمعية باعتباره سجيناً جنائياً فقد حقوقه المدنية والسياسية، كما طالبت الوزارة بإعادة تركيبة مناصب المكتب السياسي، وقد ردت الجمعية بخطابٍ تمسكت فيه بأمينها العام، معتبرةً أن إبراهيم شريف سجين رأيٍ ينبغي الإفراج عنه بدلاً من محاكمة جمعيته والسعي إلى إغلاقها.

وليست هذه هي المرة الأولى التي يتعسف فيها وزير العدل والشئون الإسلامية والأوقاف –أحد أفراد العائلة الحاكمة- في استخدام سلطته حيث أقدم في وقت سابق على حل[4] جمعية العمل الإسلامي “أمل” بعد اعتقال معظم أفرادها، وتلى ذلك إغلاق المجلس الإسلامي العلمائي[5] –أعلى هيئة دينية تمثل الطائفة الشيعية في البحرين- وتصفية أمواله بحكم المحكمة الكبرى الإدارية. الأمر الذي اعتبره مركز البحرين لحقوق الإنسان آنذاك سياسة تمييز ممنهجة ضد الطائفة كما رأى بأن القرار يعد مخالفة صريحة للمادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص على أنه “لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة”. وقبل ذلك كله تم حل مركز البحرين لحقوق الإنسان في عام 2004 بقرار من وزير العمل والشئون الإجتماعية بحجة ارتكاب المركز لأعمال تتنافى مع قانون الجمعيات لسنة 1989، والنظام الأساسي للجمعية[6].

ويعتقد مركز البحرين لحقوق الإنسان أن النظام في البحرين يقود حملة شعواء ضد حق تكوين التجمعات السلمية والإنضمام للجمعيات بهدف إسكات الأصوات المعارضة والإجهاز على العمل السياسي السلمي الذي يدعو النظام لتنفيذ إصلاحات جدية تسهم في تحسين الحياة السياسية ورفع مستوى الحريات والديموقراطية في البحرين. كما يعتقد المركز بأن استهداف جمعية وعد تحديداً يأتي ضمن سياسة النظام في التمييز الطائفي حيث أن أمينها العام “إبراهيم الشريف” شخصية سنية معارضة لها تاريخ عريق في العمل السياسي السلمي ويأتي اعتقاله واستهداف جمعيته لدرء الأصوات السنية المعتدلة من اتخاذ نفس المسار الذي اتخذه شريف وجمعيته. وإبراهيم شريف هو أحد المعتقلين في قضية ما يعرف بـقضية الرموز 13 والذين طالبت العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية بالإفراج عنهم باعتبارهم معتقلي رأي وهو الأمر الذي أكده تقرير لجنة تقصي الحقائق “لجنة بسيوني”. وهو يقضي حكماً بالسجن خمس سنوات.

كما يعتقد المركز بأن هذه الممارسات التي يمارسها النظام إنما هي ورقة لابتزاز الجمعيات المعارضة للقبول بالإصلاحات الشكلية التي يطرحها النظام بين فترة وأخرى، أضف إلى ذلك فهي طريقة لدفع الجمعيات السياسية لدخول الإنتخابات النيابية مما يمثل شرعية حقيقية للحكومة التي تطالب الجمعيات السياسية بإقالتها وانتخاب رئيسها وفق معايير سياسية واضحة وقبول شعبي واسع. وإن مركز البحرين لحقوق الإنسان إذ يؤكد على حق الجمعيات السياسية في ممارسة العمل السياسي السلمي وفقاً لما جاء في المادتين 21 و22 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واللتان تنصان على الحق في حرية التجمع السلمي وتطوين التجمعات مع الآخرين[7]، فإنه يحذر من مغبة إنهاء مظاهر العمل السياسي بشكله المحدود الحالي  فإن هذا يدفع الأفراد للعمل بشكل سري ويفقد جزء من منظومة القيادة والسيطرة على الشارع.

وبناءاً على كل ما سبق فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وكافة حلفاء الحكومة البحرينية للضغط على السلطات في البحرين لـ :

  • الكف عن استهداف مؤسسات المجتمع المدني بما في ذلك الجمعيات السياسية
  • الإفراج عن قادة الجمعيات السياسية المعارضة وضمان حقهم في التعبير عن رأيهم