مرآة البحرين | يوسف المحافظة: هل البحرين دولة عنصرية؟

1405090410

يوسف المحافظة*

ما دامت ممارسة التمييز من قبل أي نظام سياسي ضد أي مكون من مكونات المجتمع هي نتاج لسياسة عنصرية فإن المتتبع للسياسات التي تطبقها العائلة الحاكمة في البحرين يستطيع الخروج باستنتاجات وأدلة دامغة على عنصرية النظام السياسي البحريني .

تتحدث التقارير الدورية التي تصدرها الخارجية الأمريكية وكذلك التقارير البريطانية وتقارير المنظمات الدولية الحقوقية منها والسياسية وكذلك تقرير لجنة تقصي الحقائق التي وظفها ملك البحرين لتقييم الوضع الحقوقي والسياسي في مملكته عن ممارسة العائلة الحاكمة عنصرية طائفية فاقعة ضد مواطنيها وخاصة الشيعة منهم . وتتبلور هذه السياسة العنصرية في ما يلي :

1. تطبيق نظام تسلسلي تفاضلي غير مكتوب يمنح العائلة الحاكمة الرعاية والأفضلية الأولى وحماية قانونية وسياسية واقتصادية على ما سواها من فئات المجتمع البحريني. فأسست لنفسها مجالس خاصة لمتابعة شؤنها خارج نطاق النظام الإداري العام. كما تتمتع هذه العائلة بإمتيازات خاصة على بقية المواطنين كالمخصصات المالية التي تدفع من دخل الدولة لأفرادها بانتظام منذ ولادة أي فرد منها، والسيطرة الكاملة على الثروة والأرض والسواحل والبحر وحرمان بقية المواطنين من الوصول الى السواحل البحرية. كما خصصت العائلة الحاكمة لنفسها مدنا وأحياء وشواطئ وجزرا خاصة بأفرادها والمنتمين اليها وحظرت على بقية المواطنين السكن بالقرب منها وذلك في عملية فرز عنصرية شبيهة بنظام الأبرتايد الذي كان مطبقا في دولة جنوب افريقيا العنصرية.

2. تهيمن العائلة الحاكمة على أكثر من 60% من الوزارات الحكومية وعلى مجالس إدارة معظم الشركات الحكومية.

3. تعتبر العائلة الحاكمة أن الطائفة الشيعية التي تشكل نسبة تعادل 70% من السكان هي طبقة من الدرجة الرابعة بعد العائلة الحاكمة والطائفة السنية والقاطنين الأجانب من حيث ما يلي:

أ- الحجر على منتسبي الطائفة الشيعية من تولي مناصب عليا في الدولة إلا ما ندر. فمنذ تأسيس الدولة الحديثة لم يعين مواطنا شيعيا في وظيفة وزير للتعليم أو الخارجية أو الداخلية او الدفاع.

ب – يمنع قبول المواطنين الشيعة في المدارس العسكرية أو في وظائف السلك العسكري حتى برتبة أصغر ضابط .

ج – لا يتعدى عدد الشيعة في وظائف وكلاء الوزارة وما يعادلها عدد أصابع اليد.

د – لا يعين الشيعة في الوظائف التنفيدية أو غيرها في الوقت الحاضر بل تتم عملية إبعاد القلة الباقية منهم من أغلب الوظائف الرسمية والشركات الحكومية كما حدث عند إقالة عدد من المسؤلين التنفيذيين في شركة النفط وشركة البا للألمنيوم، وتنفيذ عملية طرد واسعة لآلاف الموظفين الشيعة من مختلف الوظائف الطبية والصحية والهندسية والعمالية.

ه – تنص خطة تقرير البندر وهو تقرير رسمي سري انفضح أمره في 2004 على إضعاف الشيعة اقتصاديا. فلم يحدث قط في تاريخ البحرين أن انتخب رجل أعمال شيعي كرئيس لغرفة تجارة وصناعة البحرين علما بأن انتخابات الغرفة تتم بتوجيهات حكومية. ويتم الآن تنفيذ سياسة لحجب المناقصات الحكومية عن رجال الأعمال الشيعة بل وتجنيد الإرهابيين لتخريب محلاتهم التجارية وطردهم من المناطق ذات الغالبية السنية كما حدث لمحلات 24 ساعة المملوكة لرجل أعمال ينتمي إلى الطائفة الشيعية.

و- وعلى المستوى الإسكاني تمارس العائلة الحاكمة سياسة فصل عنصري تمنع بموجبها المواطنين الشيعة من التملك أو السكن في مناطق محددة كالرفاع والمحرق. كما تبنت العائلة الحاكمة سياسة إسكان تطوق من خلالها المناطق الشيعية بمشاريع اسكانية هي بمثابة مستوطنات يتم تخصيصها للمستوطنين الأجانب الذين يتم تجنيدهم للعمل في الجيش والأمن البحريني. وهذه السياسة تخنق المناطق الشيعية وتحد من توسعها. كما توفر وسيلة لتوزيع المناطق الانتخابية بصورة تحول الأغلبية الشيعية إلى أقلية في البرلمان المنتخب.

ز- توضح الوقائع التي استجدت بعد الحركة الوطنية المطالبة بالديموقراطية وجود توجيهات غير مكتوبة صادرة من الديوان الملكي تمنع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية من توظيف المواطنين الشيعة وخاصة في الوظائف المتوسطة والعليا والفنية، وعدم ترقية الموظفين الموجودين إلى وظائف أعلى. وقد اسندت مسؤلية الإشراف على تنفيذ هذه المهمة إلى عناصر تنتمي للتيار السلفي المتطرف الذي يهيمن على ديوان الخدمة المدنية وعلى عدد من وزارات الدولة.

ح – يمنع الشيعة من تولي مناصب قيادية في البنوك والمصارف وفق توجيهات غير مكتوبة وسياسة قديمة يشرف على تنفيذها جهازالبنك المركزي. وهذا ما يوضحه وجود قيادات مصرفية شيعية محدودة جدا. وهذا التوجه يتمشى مع خطة إضعاف الشيعة اقتصاديا وفقا لسياسة التمييز العنصري والطائفية التي تتبناها العائلة الحاكمة في البحرين.

ط – وتأكيدا على ممارسة سياسة التمييز تصر العائلة الحاكمة التي تسيطر من خلال أتباعها على البرلمان على عدم إصدار قانون يجرم التمييز.

ي- تطبق العائلة الحاكمة سياسة توطين واستيطان شبيهة بخطة الاستيطان الأسرائلية في الأراضي الفلسطينية حيث تمنح بصورة محمومة الجنسية البحرينية لأفراد من جنسيات مختلفة وتوفر لهم امتيازات محجوبة عن المواطن البحريني وخاصة من الطائفة الشيعية، وذلك من أجل تغيير التركيبة السكانية في البحرين وتعريض الهوية الوطنية للخطر.

و- إن العائلة الحاكمة في البحرين وفقا لنظامها العنصري هي طبقة منحت لنفسها امتيازات اقتصادية وسياسية وقانونية فوق كل مكونات الشعب البحريني وذلك خلافا للدستور الذي وضع بتوجيه من رئيس العائلة الذي منح لنفسه لقب الملك وسجل كل أراضي البحرين باسم ديوانه في خطوة لا مثيل لها الا في القرون الوسطى.
إن هذه السياسة العنصرية والطائفية والقبلية بالرغم من كونها غير مكتوبة إلا أنها سياسة مركبة لا تختلف كثيرا عن العنصرية المندثرة في بعض دول العالم، وهي بذلك تتعارض مع المواثيق والقوانين الدولية. من هنا وجب على المنظمات الدولية التحقق من طبيعة النظام العنصري والطائفي للعائلة الحاكمة في البحرين واتخاذ الأجراءات اللازمة لعزلها وفرض العقوبات اللازمة عليها لردعها عن سياستها التي لا تقيم وزنا للقوانين الدولية.

إن العنصرية الطائفية الخطيرة في البحرين أصبحت واضحة ويجب فضحها واعتبارها قضية مركزية في المحافل الدولية.

*ناشط حقوقي بحريني.

 

الرابط: http://bmirror.ddns.net/news/17267.html