“الناس سواسية في الكرامة الانسانية، ويتساوى المواطنون لدى القانون في الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة” – المادة 18 من الدستور البحريني
يعبّر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه إزاء التصعيد الأخير في قمع حريات المواطنين وسلطات الشعب نتيجة لعدة قرارات من مجلس النواب، ومنها إلغاء مجلس بلدي العاصمة المنامة المنتخب.
إلغاء مجلس بلدي المنامة المنتخب
في الثالث من يونيو / حزيران 2014، وافق مجلس النواب على مشروع قانون يقضي بإلغاء مجلس بلدي العاصمة المنامة المنتخب واستبداله بأمانة عامة يقوم بتعينها الملك من ضمن الأعضاء المنتخبين في مؤسسات المجتمع المدني. مشروع القانون هو تعديل لقانون البلديات الحالي رقم 35 لعام 2001، والذي ينص على أن مجالس البلديات الحكومية الخمس يتم انتخابها في انتخابات عامة.
وقد أوضح الممثلون سبب ذلك بأنه يهدف إلى “الحفاظ على بلدية العاصمة بعيدا عن أجندات الجمعيات السياسية.”
يبلغ عدد سكان العاصمة المنامة 80,000 نسمة، أكثر من 46,000 منهم بحرينيون. محافظ المنامة هو هشام عبدالرحمن آل خليفة، وهو أحد أفراد العائلة المالكة. وقد تألف المجلس البلدي المنتخب ابتداءً من أعضاء المعارضة ونشط في فضح قضايا الفساد في وزارة البلديات، بما في ذلك الفساد في إدارة الأراضي العامة. في فبراير / شباط الماضي، دعا رئيس المجلس البلدي وزير البلديات إلى الاستقالة[1] على خلفية قضايا الفساد.
إلغاء المجلس البلدي للعاصمة يتعارض مع رأي لجنة المستشارين القانونيين بمجلس النواب، الذين يعتبرون هذا الإلغاء غير دستوري. يقول المستشارون القانونيون أن إلغاء الحقوق الانتخابية لمواطني العاصمة، دون الحقوق الإنتخابية لبقية المواطنين في المحافظات الأخرى، يعدّ شكلا من أشكال “التمييز”، [2] وانتهاكا لمبادئ المساواة وتكافؤ الفرص المبينة في المادتين 4 و 18 من دستور البحرين، مضيفين أيضا أن إلغاء المجلس البلدي هو إجراء يتعدى سلطات الهيئة التشريعية، وذلك في انتهاك صارخ للمادة 31 من الدستور، التي تنص على أن:
“لا يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في هذا الدستور أو تحديدها إلا بقانون، أو بناءً عليه. ولا يجوز أن ينال التنظيم أو التحديد من جوهر الحق أو الحرية”
بالإضافة إلى ذلك، لا يتعين على الأعضاء المعينين التوافق مع المعايير الدنيا للمرشحين في الانتخابات البلدية، إذ لا يُشترط أن يكونوا قد بلغوا سن الثلاثين، أو مسجلين في قائمة الناخبين في المحافظة، أو من قاطني المحافظة طوال فترة عضويتهم.
نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، وصف هذا التغيير كخطوة خطيرة في عملية تغيير التركيبة السكانية ومحو هوية مواطني المنامة. [3]
الجدير ذكره هو أن خمسة من الأعضاء المنتخبين في البلديات المختلفة المنتمين للمعارضة قد ألغيت عضويتهم بعد تصويت عام 2011، وذلك لمساندة المعارضة لحركة الإحتجاجات الشعبية التي اندلعت في فبراير / شباط 2011[4]. وفي مايو / أيار 2014، تم إلغاء عضوية النائب المنتخب أسامة التميمي في تصويت بناء على أصوات أعضاء آخرين، وذلك بعد أن تحدث خلال جلسة مجلس النواب عن سوء معاملة السجناء. [5]
فتح باب سحب الجنسية
في السابع عشر من يونيو / حزيران 2014، وافق مجلس النواب على مشروع قانون يسمح بسحب الجنسية البحرينية من أي مواطن يحصل على جنسية أخرى دون الحصول على موافقة خطية من وزير الداخلية.[6] وفقا لمشروع القانون، على المواطنين البحرينيين الذين يحملون جنسية أخرى أن يبادروا بتسوية أوضاعهم في غضون ستة أشهر؛ إما بالتخلي عن جنسيتهم الأخرى أو بالحصول على موافقة من وزير الداخلية للاحتفاظ بها. وسوف يتم سحب المواطنة بمرسوم إذا كان وزير الداخلية لم يوافق على حمل الشخص جنسية أجنبية بعد أن يكون قد قدم قراره لمجلس الوزراء وحصل على موافقتهم. والإستثناء الوحيد هو إذا كانت الجنسية المزدوجة هي من إحدى دول مجلس التعاون الخليجي. وفي هذه الحالة، يخضع المواطن لغرامة مالية تصل إلى 10,000 دينار بحريني في حال عدم حصوله على موافقة الوزير.
مركز البحرين لحقوق الإنسان يخشى أن يُستخدم هذا القانون ضد العديد من الناشطين البحرينيين الذين يحملون الجنسية المزدوجة بعد أن اضطروا إلى اللجوء السياسي والعيش في الخارج منذ الثمانينات وحتى اليوم نتيجة للاوضاع السياسية غير المستقرة.
لا استجواب للوزراء
بالإضافة إلى ذلك، قرر مجلس النواب في الثالث من يونيو / حزيران 2014 الحَدّ من صلاحيته في استجواب الوزراء في البرلمان. وفقا للتعديل الذي تقرر إدخاله على النظام الداخلي، لاستجواب احد الوزراء يلزم التصويت والموافقة بنسبة ثلثي أعضاء مجلس النواب (أي ما يعادل 27 صوتا من أصل 40)، في حين أن الأمر ذاته في السابق كان يتطلب فقط أغلبية الأصوات (أي 21 صوتا من أصل 40). البرلمان المنتخب في البحرين ليست لديه سلطات تشريعية أو رقابية، ويضم 40 مقعدا. وهناك مجلس أعلى (الشورى) أيضا يضم 40 عضوا ولكنهم معينون جميعهم من قبل الملك. هذا التعديل سيعيق قدرة المعارضة على استجواب الوزراء مستقبلا حتى لو اكتسحت الأخيرة –جدلا- نصف مقاعد المجلس.
وهذه هي ليست المرة الأولى التي يقوم فيها مجلس النواب بتمرير قوانين وأنظمة تنتهك حقوق الإنسان في جوهرها. في يوليو / تموز 2013، أصدر المجلس الوطني حوالي عشرين توصية بهدف الحد من حرية التعبير وحرية التجمع، و وافق على قمع حكومي أشد قسوة ضد الناشطين السياسيين.[7] منذ تأسيسه، صادق مجلس النواب على العديد من القوانين التي تقدمت بها الحكومة، وهي قوانين تقيد الحريات وتتعارض مع حقوق الإنسان الأساسية وتتجاهل تماما الإلتزامات والإدانات الدولية من قبل منظمات حقوق الإنسان الوطنية والإقليمية والدولية. من نماذج هذه القوانين مثالا – لا حصرا: قانون الجمعيات السياسية لعام 2005 الذي يجعل الجماعات السياسية في قبضة الحكومة من حيث التأسيس والتمويل والنشاط والإغلاق، وقانون التجمعات والمظاهرات لعام 2006 الذي يفرض سيطرة الأجهزة الأمنية الكاملة على الأنشطة والتجمعات، وقانون مكافحة الإرهاب لعام 2006 الذي استخدام لفرض عقوبة الإعدام والعقوبات القاسية الأخرى لأنشطة لا تنطوي بالضرورة على العنف أو الإرهاب.
يرى مركز البحرين لحقوق الإنسان أن قرارات مجلس النواب الأخيرة تهدف إلى المزيد من تقليص حقوق المواطنين وسلطات الشعب، التي هي محدودة أصلاً.
مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو المملكة المتحدة، والولايات المتحدة، وكافة حلفاء الحكومة البحرينية للضغط على السلطات في البحرين لـ :
- التراجع الفوري عن قرار إلغاء مجلس بلدي العاصمة المنتخب وضمان حق المواطنين في انتخاب ممثليهم؛
- وضع حد لجميع أشكال التمييز ضد المواطنين؛
- إلغاء التغييرات المقترحة على قانون الجنسية وضمان حق كل مواطن في الحفاظ على جنسيته وفقا للمادة 15 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان؛ و
- الكف فورا عن الاستهداف المتعمد للجماعات المعارضة وتقييد الأنشطة السياسية السلمية.