البحرين: السلطات تمعن في اضطهاد الطائفة الشيعية

mosque

يستنكر مركز البحرين لحقوق الإنسان سياسات السلطة في البحرين المستمرة في اضطهاد الطائفة الشيعية بوسائل مختلفة، فبعد هدم 35 مسجد يعود للشيعة إبان إعلان حالة الطوارئ قامت السلطات بإسقاط الجنسية البحرينية عن 31 مواطن بحريني من الطائفة الشيعية[1] من بينهم عالم دين تم نفيه قسرياً في أبريل 2014، كما قضت المحكمة بحل المجلس العلمائي –الشيعي- وتصفية أمواله[2] الأمر الذي يُعد تعدٍ واضح على الحريات الدينية.

السلطات تهدم مساجد للشيعة بحجة عدم ترخيصها:

أفاد السيد بسيوني في تقريره بأن السلطات أقدمت على هدم 35 مسجد وعدد من المآتم والأضرحة في الفترة من 1 مارس حتى مايو 2011 دون مراعاة أحكام القانون، ومن دون مراعاة قدسية هذه الأماكن، وقدسية ما فيها من نسخ لكتاب الله، والتحف الحسينية – الترب – التي هي محل تكريم وفقاً للعادات المرعية عند الطائفة الشيعية. وقد أشار التقرير إلى أن توقيت الهدم وأسلوبه يعطي انطباعاً عن كون ذلك عقاباً جماعيّاً لطائفة بعينها –الفقرات من 1306 حتى [3]1334- وأوصت اللجنة حينها بضرورة معالجة ذلك الخطأ عن طريق إعادة بناء المساجد المهدمة على نفقة الدولة الخاصة. وعلى الرغم من إعلان حاكم البحرين حمد بن عيسى إعادة إعمار المساجد المهدومة في مايو 2011 إلا أنه لم يعاد بناء سوى خمسة مساجد وتم تجاهل المساجد الأخرى. وفي خطوة استفزازية أعلنت السلطات تحويل موقع مسجد أبو ذر الغفاري إلى حديقة عامة[4] على الرغم من امتلاك الأهالي لوثائق رسمية تثبت موقع مسجد أبوذر الغفاري في المنطقة، وأنه ضمن مخطط المشروع الإسكاني، ولم يكن حديقة. للمزيد من المعلومات الرجاء الإطلاع على تقرير سابق لمركز البحرين لحقوق الإنسان حول القيود التي تفرضها السلطات في البحرين على الحريات الدينية[5].

تحويل مسجد أبوذر الغفاري إلى حديقة ألعاب

 

السلطات تنفي مواطن شيعي بعد سحب جنسيته وترفض دعوى آخر للمطالبة بإلغاء قرار سحب جنسيته:

أعلنت وزارة الداخلية في يوم الأربعاء الموافق لـ 23 أبريل2014 إبعاد عالم الدين الشيعي حسين النجاتي رسمياً عن البحرين، فيما نشر نشطاء صوراً للنجاتي لحظة مغادرته البحرين وووصوله إلى بيروت وذلك عبر حساباتهم في موقع التواصل الإجتماعي تويتر[6]. واتهمت وزارة الداخلية، النجاتي بـ «ممارسة نشاطاته بشكل غير واضح ومن غير تنسيق مع الجهات الرسمية بالبلاد، وقد اتضح للجهات المعنية أنه ممثل لسماحة السيد علي السيستاني، وهو أمر كشفت عنه اتصالات تلقاها مسئولون بالحكومة البحرينية من قبل شخصيات مهمة بالحكومة العراقية[7].”  ونقلت مصادر عديدة تعرض النجاتي لضغوط رسمية لحثِّه على مغادرة البحرين بعد إسقاط جنسيته و30 مواطن شيعي آخر في 2012. وكان وزير الداخلية قد استدعى النجاتي في يونيو 2013 وأمهله مدة زمنية لمغادرة البحرين[8] غير إن النجاتي أصر على البقاء في البحرين[9] فعادت التهديدات من جديد حتى نفي في إبريل 2014. هذا واستنكرت منظمةالعفو الدولية التهديدات والمضايقات التي تعرض لها النجاتي وأشار نائب مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة العفو الدولية سعيد بومدوحة، أن “قرار سحب جنسية الشيخ النجاتي إلى جانب 30 بحرينياً آخرين في العام 2012 كان بمثابة محاولة تعسفية لإسكات منتقدي الحكومة، ويجب إلغاء ذلك فوراً[10]“. كما أصدر  المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بحرية الدين والمعتقد هاينر بيليفيلدت بياناً طالب فيه بوقف اضطهاد الشيخ حسين النجاتي وإرجاع جنسيته. وقال المقرر الخاص إنه بحسب ما أوردته الأنباء فإن النجاتي غادر بلاده البحرين بعد تهديدات تلقاها بأنه سيتم إلقاء القبض عليه وعلى إبنه في حال رفض المغادرة[11]. وعلى صعيد متصل رفضت المحكمة الكبرى الإدارية دعوى المواطن الشيعي إبراهيم غلوم كريمي –أحد المسقطة جنسيتهم- والذي كان يطلب من خلال الدعوى إلغاء القرار الإداري الصادر بإسقاط جنسيته[12] في مخالفة صريحة لمواد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لا سيما المادة (15) والتي تنص على أنه “لكل فرد حق التمتع بجنسية ما، كما لا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها“.

السلطات تصدر قراراً بحل المجلس العلمائي ومصادرة أمواله:

حكمت المحكمة الكبرى الإدارية في جلسة يوم الأربعاء الموافق لـ 29 يناير 2014 بحل المجلس الإسلامي العلمائي وتصفية أمواله ورأى المركز أن “حل أعلى هيئة دينية تمثل الطائفة الشيعية في البلاد يحدث في إطار سياسة تمييز منهجية ضد الطائفة[13]، كما أن ذلك يعد مخالفة صريحة للمادة (18) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والتي تنص على أنه “لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة”. هذا وقد أشار المستشار السابق للشئون الاستراتيجية بمجلس الوزراء “صلاح البندر ” في تقرير سري نُشر في العام 2006 وعُرف بإسم “تقرير البندر” إلى وجود آليات ممنهجة لإقصاء الطائفة الشيعية في البحرين.

السلطات ترعى استمرار الخطاب الطائفي ضد الشيعة:

جاء في المادة (20) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والذي صادقت عليه مملكة البحرين بالقانون رقم 56 لسنة 2006 أنه: “تحظر بالقانون أية دعوة إلى الكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف“. غير إن السلطات في البحرين تغض الطرف عن الخطاب الطائفي الذي تمارسه بعض الجهات ضد الشيعة وتؤيد ذلك من خلال استمرار السماح للتلفزيون الرسمي ببث العبارات الطائفية وممارسة الإقصاء دون محاسبة. وكان تقرير لجنة تقصي الحقائق قد خلص إلى أن برامج تلفزيون البحرين قد اتسمت بلغة حاطة بالكرامة، ومثيرة للكراهية. ومازال مركز البحرين لحقوق الإنسان يرصد وبشكل يومي  كتابات في الصحف الموالية للسلطة مقالات  مثيرة للكراهية ومروجة للإضطهاد الطائفي[14]. هذا وأكد وفد المفوضية السامية الذي غادر البحرين نهاية أبريل 2014 أن خطابات الكراهية قد ازدادت وتيرتها في مختلف وسائل الإعلام، سواءً أكانت صحافة مطبوعة، أو قنوات مرئية أو مسموعة وذلك من خلال رصد الفريق التقني التابع للمفوضية السامية الذي تواجد في البحرين لمدة شهرين. وأكد الوفد على أنه لابد أن يكون هناك المناخ الكافي الذي يكرس ويحقق حرية الرأي والتعبير[15]. في حين أكد الشيخ ميثم السلمان – مسؤول دائرة الحريات الدينية في مرصد البحرين لحقوق الإنسان-  أن السجية البحرينية حمت المجتمع من العنف الطائفي في حين لازال الخطاب التكفيري يتنامى من جهات معروفة للسلطة. وقال السلمان في حديث له مع صحيفة مرآة البحرين: “إن السجية العامة لجميع البحرينيين شيعةً وسنةً هي التسامح واللين والطيبة، المجتمعات في مراحل الاحتقان السياسي والتوتر الأمني قد تجنح لشيءٍ من العنف، غير أن الحركة المطلبية في البحرين هي أكثر الحركات سلميةً في ثورات الربيع العربي[16]“.

ويرى مركز البحرين لحقوق الإنسان أن هذه الممارسات الممنهجة والتمييز و الاضطهاد الطائفي ضد الطائفة الشيعية تؤكد ما يذهب له النشطاء من الحديث عن التضييق الممنهج على ممارسة الحريات الدينية ويتوافق مع ما ذكره تقرير وزارة الخارجية الأميركية حول الحريات الدينية في البحرين[17]. وإن مركز البحرين لحقوق الإنسان إذ يحمل السلطة في البحرين مسئولية ما قد تؤول له الأمور في حال أصرت على انتهاج التمييز والإقصاء الطائفي كوسيلة لمحاربة المطالبات الشعبية فإنه يدعو الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع حلفاء السلطة المقربين والمؤسسات الدولية ذات الصلة من أجل محاكمة البحرين دولياً على انتهاكاتها المستمرة والمتكررة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذين صادقت عليه مسبقاً، كما يدعوها للضغط على السلطة في البحرين للقيام بالتالي:

  • الكف عن استهداف الحريات الدينية ، ووضع حد للتمييز الطائفي
  • إعادة بناء المساجد المهدومة في مواقعها الأصلية دون تأخير
  • محاسبة جميع المتورطين في الإنتهاك المتمثل بهدم المساجد وقمع التجمعات الدينية سواءً بالإشراف و/أو الأمر وعرضهم للمساءلة، ولا سيما ذوي المناصب الرفيعة
  • وقف الخطاب الطائفي والممارسات التي تنمي الكراهية.
  • اعادة الجنسيات المسقطة دون مسوغ قانوني وفي مخالفة للدستور، والسماح للنجاتي بالعودة إلى البحرين فوراً.
  • التراجع عن قرار حل المجلس العلمائي والتوقف عن استهداف الجهات الأهلية على أساس طائفي.