البحرين: قلق على سلامة مواطنين معتقلين ضحايا للإخفاء القسري

الصورة التي نشرتها الصحف المحلية للمتهمين

السلطات تمارس الإنتهاكات ضد المواطنين في تحدٍ واضح لنداءات المنظمات الحقوقية الدولية

يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد على سلامة المواطنين الخمسة الذين اعتقلتهم الأجهزة الأمنية بطريقة غير قانونية، ولا تزال تبقيهم ضحية للإخفاء القسري في وضع الحرمان من الإتصال بأهاليهم أو محاميهم، بعد أن وجهت لهم تهماً خطيرة متعلقة بالإرهاب وتخزين الأسلحة. وهم (السيد علي شبر شرف شبر، حسين أحمد طاهر عبدالوهاب، عقيل عبدالرسول محمد أحمد، حسين مهدي محمد إبراهيم، علي صباح عبدالمحسن محمد). حيث جاء في مؤتمرٍ صحفي عقدته النيابة العامة[1] أن الإدارة العامة للمباحث والأدلة الجنائية توصلت لخلية إرهابية تسعى للقيام بتفجيرات في المنشآت الحيوية في البحرين وتهدف لإشاعة الفوضى ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها من ممارسة أعمالها. وأضاف رئيس النيابة العامة أسامة العوفي بأن الخلية المزعومة تلقت تدريباتٍ في الحرس الثوري الإيراني ويرأسها مواطن بحريني مقيم في جمهورية إيران، وقد تم اعتقال مجموعة من عناصرها في عرض البحر بينما اعتقلت مجموعة أخرى من منازلهم[2]

يُذكر أن المواطن البحريني الذي تدعي السلطات قيامه بتأسيس الخلية المزعومة، علي الموسوي، هو صحفي وإعلامي عمل سابقاُ في البحرين كمراسل لقناة العالم، وقد غادر البحرين في يوليو 2011 بعد نشر اسمه على صفحات منتديات الكترونية موالية للحكومة في قائمة من تم تسميتهم بـ “الخونة”، والذين تعرض معظمهم للإعتقال والمحاكمات العسكرية في اعقاب الحملة الأمنية ضد المتظاهرين السلميين ومن ساندهم من الصحافيين والإعلاميين. كذلك تم استدعاءه للمحاكمة في سبتمبر 2011 بتهم متعلقه بعمله الإعلامي من قبيل (تشويه الحقائق ونشر أخبار وصور غير صحيحة). 

وفي تجاهل تام للقوانين الدولية قام تلفزيون البحرين إضافة إلى الجرائد الرسمية[3] التابعة للسلطة بنشر صور وأسماء من تم اعتقالهم بعد الإدعاء بأنهم اعترفوا بالتهم المنسوبة لهم. كما جاء في ما نشرته الصحف اليومية تفاصيل حول اعترافات المعتقلين التي يخشى مركز البحرين لحقوق الإنسان أنها انتزعت منهم بالإكراه وتحت وطأة التعذيب، خاصة في ظل حالة الإخفاء القسري للمعتقلين وحرمانهم من الإتصال بأهاليهم ومحاميهم.  لا سيما وقد قام المركز بتوثيق عشرات الحالات التي يتعرض فيها المعتقلون منذ اعتقالهم للتعذيب والضرب لإجبارهم على الإعتراف بتهم كيدية وملفقة. وقد أصدر مركز البحرين لحقوق الإنسان في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب تقريراً بعنوان “البحرين واحة التعذيب” أكد فيه على منهجية التعذيب في البحرين. ولعل زيارة رئيس الوزراء خليفة آل خليفة[4] للمعذب “مبارك بن حويل[5]” المتورط في قضايا تعذيب كثيرة من بينها تعذيب الكادر الطبي كانت بمثابة ضوء أخضر للمعذبين الآخرين ذلك بعد اطمئنانهم أن مناصب عليا في الدولة تدعمهم وتضمن لهم عدم المحاسبة، إضافة إلى رفض السلطات السماح للمقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بالتعذيب “خوان مانديز[6]” بالدخول للبحرين والإطلاع على أحوال السجناء مما ينذر بوجود انتهاكات بشعة بحق السجناء تجعلهم يضطرون للإعتراف بالتهم المنسوبة لهم كرهاً. كما أصدر تقريراً سابق عن المحكمة الجنائية الرابعة[7] -يرأسها علي خليفة الظهراني الإبن الأكبر لمجلس النواب الحالي، وأحد أعضاءها فرد من العائلة الحاكمة- التي تم تشكيلها للنظر في قضايا الإرهاب المزعومة والتي قامت منذ تشكيلها حتى اليوم بإصدار أحكام بالإدانة تتجاوز ما نسبته 98% من القضايا المنظورة، الأمر الذي يؤكد عدم حيادية هذه المحكمة واستخدامها كأداة للانتقام من النشطاء ومعتقلي الرأي.  كما أصدرت منظمة هيومان رايتس ووتش تقريراً بينت فيه الخروقات القانونية التي يمارسها القضاء والمحاكم وكان التقرير بعنوان “لا عدالة في البحرين[8]“.

 جاء في البند الأول من المادة (11) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان[9] أن “كل متهم بريء حتى تثبت إدانته أمام محاكمة علنية تضمن له وسائل الدفاع عن نفسه“، كما جاء في الفقرة الثانية من المادة (14) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية[10] أنه: “من حق كل متهم بارتكاب جريمة أن يعتبر بريئا إلى أن يثبت عليه الجرم قانوناً” . إلا أن السلطات في البحرين خرقت التزامها بهذه المواد وسمحت للأجهزة الإعلامية بنشر صور المعتقلين المتهمين في القضية دون مراعاة المبادئ الأخلاقية التي تضمن احترام حقوق المعتقل وكرامته الإنسانية. ويعتقد مركز البحرين لحقوق الإنسان أن السلطات في البحرين لا زالت تنتهك الحقوق الأساسية للمعتقلين ولا تسمح لمعظمهم بلقاء محاميهم إضافة إلى الخروقات القانونية في إجراءات القبض عليهم، مما يجعل القضايا ضد هؤلاء المواطنين والنشطاء بمثابة انتقام  ليس إلا. وحيث إن القضاء معيّن من حاكم البحرين حمد آل خليفة فلا يستبعد أن يتم استخدامه كأداة في يد الحكم للانتقام ممن يخالفه في الرأي.

وبناءً على ما سبق ذكره، فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع حلفاء السلطة المقربين والمؤسسات الدولية ذات الصلة إلى التالي:

  • الضغط على السلطة في البحرين لمراعاة وصيانة حقوق الإنسان لا سيما تلك المتعلقة ببراءة المتهم لحين إدانته أمام محكمة عادلة وعلنية
  • محاكمة البحرين دولياً على انتهاكاتها المستمرة والمتكررة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية لا سيما المادتين المتعلقتين ببراءة المتهم لحين إدانته أمام محكمة عادلة وعلنية

كما يدعو السلطة في البحرين للتالي:

  • الإفراج الفوري عن جميع النشطاء ومعتقلي الرأي لا سيما في الحالات التي يثبت فيها أن دليل الإدانة الوحيد ضدهم هو اعترافاتهم المنتزعة تحت وطأة التعذيب والإكراه
  • إصلاح النظام القضائي وفصله عن سلطة العائلة الحاكمة
  • الكف عن استخدام التعذيب كوسيلة لانتزاع الاعترافات من المعتقلين والمتهمين في القضايا المختلفة
  • محاسبة كل الذين تورطوا في التعذيب، لا سيما ذوو المناصب العليا الذين أمروا أو أشرفو على ذلك
  • السماح لمراقبين مستقلين ومبعوثين عن منظمات حقوقية دولية بالتدقيق في إجراءات التقاضي والتأكد من سلامتها