البحرين: طرد المعتقل منير حبيب من قاعة المحكمة بعد شهادته ضد ممثل النيابة الذي قام بتعذيبه وإجباره على الإعتراف

Court

يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه جراء استمرار النيابة العامة والقضاء في البحرين في تلفيق القضايا الكيدية والمحاكمات الصورية المفتقدة لأسس المحاكمة العادلة للنشطاء والمواطنين، حيث قام قاضي المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة علي خليفة الظهراني بتاريخ 21 نوفمبر 2013 بطرد أحد المعتقلين وهو السيد منير حبيب من قاعة المحكمة بعد أن أفاد بأن ممثل النيابة الحاضر (حمد البوعينين) هو من قام بتعذيبه وإجباره على الإعتراف زوراً. وذلك أثناء أول جلسة استماع في قضية تشكيل خلية إرهابية والمتهم فيها كل من: السيد صادق علي الشاخوري (43 عام)، والسيد منير حبيب سعيد (31 عام)، والسيد سجاد العلوي (28 عام)، وعلي حسين حاجي (30 عام) ومحمد جعفر ناصر .

وقد وجهت المحكمة للسيد صادق علي الشاخوري تهمة إدارة وتمويل خلية إرهابية تم تأسيسها في عام 2011 تهدف لتعطيل أحكام القانون والإضرار بالوحدة الوطنية واستخدمت العنف كوسيلة لتنفيذ ذلك بينما وجهت للأربعة المتبقين تهمة الإنضمام لهذه الخلية وهي التهم التي أنكروها جميعاً في المحكمة. وفي نهاية الجلسة تم تأجيل النظر في القضية لـ 8 ديسمبر 2013 ليتمكن المحامين من الإطلاع على ملف القضية وعرض سجاد العلوي وآخر على الطبيب الشرعي مع استمرار الحبس. وأشار محامي المعتقل سجاد السيد محسن العلوي في حسابه على تويتر [1]بأنه طلب عرض موكله على طبيب شرعي على الرغم من أنه قدم ذات الطلب قبل شهرين مما قد يتسبب في ضياع أثر التعذيب بسبب إهمال عرضه وقتها. كذلك قال والد المعتقل سجاد العلوي أن ابنه اخبره في مكالمة هاتفية تلت جلسة المحاكمة أن ممثل النيابة الحاضر في المحكمة كان بالفعل من شارك في تعذيبه وهدده بالمزيد من التعذيب في حال لم يوقع الإعترافات المعدة.[2]

والجدير بالذكر إن السيد منير حبيب اعتقل فجر 28 مايو 2013 بعد مداهمة قوات مدنية ترافقها دوريات شرطة لمنزله، وقد وردت معلومات بأنه عذب حينها بمبنى التحقيقات الجنائية الشهير بالتعذيب الممنهج لإجباره على الإعتراف بضلوعه في القيام بعمليات إرهابية. وأفادت عائلته لمركز البحرين لحقوق الإنسان في وقت سابق بأن السيد حبيب تحدث لوكيل النيابة –علي الجزاف– وأخبره بأنه مرهق جداً من شدة التعذيب ويعاني من آلام شديدة في اليدين إضافة إلى آلام في أماكن متفرقة من جسمه من بينها الرأس والظهر. غير إن وكيل النيابة لم يعر حديثه اهتماماً وواصل التحقيق لتنسب له سلسلة من التهم. كما أعرب منير لوكيل النيابة عن خشيته من استمرار تعذيبه للاعتراف بتهم أخرى إلا أن وكيل النيابة ضمن له استحالة ذلك وأمر بالإفراج عنه.  غير أن الأوامر جاءت من جهات عليا بتجديد حبسه لمدة 60 يوماً على ذمة التحقيق وفقاً لمقتضيات قانون الإرهاب. كما أفادت عائلته بأنها لاحظت آثار التعذيب واضحة على جسده ففي زيارتهم الأولى له بتاريخ 3 يونيو 2013 بدى الذبول في في منطقة العينين وانتفاخ في عينه اليمنى إضافة إلى عجزه عن السير بشكل طبيعي واضحاً. وأفاد منير لذويه بأنه يتعرض للتعذيب بشكل يومي ويُنقل للتحقيقات الجنائية للتحقيق معه وتصوير اعترافاته التي يزعم فيها بتزعمه لمجموعات من شباب 14 فبراير في قرى مختلفة منها الغريفة والجفير والماحوز والمنامة. كما تعرض لتعذيب شديد لإجباره على الإعتراف زوراً باشتراك أخته المعتقلة السابقة منيرة حبيب في تهمة الانتماء لإئتلاف شباب 14 فبراير[3]

أما سجاد العلوي فقد تم اعتقاله في 22 سبتمبر 2013 بعد أن أحاطت به سيارات مدنية تابعة لجهاز الأمن الوطني في شارع البديع. وبعد التحقيق معه ونقله لسجن الحوض الجاف التقت به عائلته التي أفادت بأنها لاحظت تأثراً في قدرة العلوي على السير كما أفاد المحامي محسن العلوي بأن سجاد تعرض للتعذيب وأن آثار التعذيب واضحة على ظهره، كما أن الضابط الذي استجوبه قال له: ” أعلم بأن قضيتك هي المشاركة في مسيرات في المنامة. ولكن هذه تهمة حكمها خفيف، وسوف تكون حراً بعد فترة وجيزة، ولذا فإنني سألبسك أكثر من تهمة[4]“.

هذا وقد استبق تلفزيون البحرين نتائج المحاكمة حيث قام في 13 يونيو 2013 بنشر صور لمجموعة من المواطنين ضمن تقرير لوزارة الداخلية[5] تتهمهم فيه بالقيام بأعمال إرهابية والتخطيط لتفجيرات في مناطق حيوية. ومن بين من تم نشر صورهم مجموعة تم اتهامهم بالتخطيط وتنفيذ أعمال إرهابية بمركز الخدمات الأميركية ومنهم ثلاثة من المتهمين في هذه القضية وهم: السيد صادق الشاخوري، والسيد منير حبيب إضافة إلى علي حاجي. ويعد هذا نمطاً من التشهير بالمتهمين قبيل صدور حكم بحقهم في مخالفة لحق المحاكمة العادلة وهو سلوك منهجي للأجهزة الامنية في البحرين بالتعاون مع وسائل الإعلام الحكومية.

وكان مركز البحرين لحقوق الإنسان قد أكد في تقاريره تورط النيابة العامة في الإنتهاكات، ففي تقرير سابق عن وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة جاء أن “الكثير من المعتقلين والنشطاء وعلى مدى سنوات يشتكون من تواطؤ النيابة العامة مع التحقيقات الجنائية في التستر على جرائم التعذيب وممارسة الانتهاكات، حيث يتم التحقيق مع المعتقلين في أغلب القضايا فجراً ودون وجود محاميهم مما يجعلهم تحت ضغط كبير يضطرهم للاعتراف بتهم لم يرتكبوها. وفي بعض الحالات تجاهلت النيابة العامة تدوين إفادات المعتقلين عن تعرضهم للتعذيب ولا وجود آثار  على أجسادهم نتيجة التعذيب، كما قال معتقلون آخرون بأنهم تعرضوا للضرب من قبل المحقق في النيابة العامة لإجبارهم على الاعتراف[6].  كما أن الكثير ممن تم اعتقالهم وتعريضهم للتعذيب رفضوا تقديم شكاوى تعذيب ضد جلاديهم في النيابة إما خشية إعادتهم للتعذيب أو بسبب فقدان ثقتهم بعدالة وحيادية  الأجهزة القضائية في البحرين لاسيما في ظل تفشي سياسة الإفلات من العقاب وتبرئة الجلادين.

وحصل مركز البحرين لحقوق الإنسان على معلوماتٍ تفيد بأن ما يقارب 150 معتقل لم يقدموا شكاوى تعذيب بل اكتفوا بالحديث عن التعذيب الذي تعرضوا له أمام القاضي الذي أحيلت له قضاياهم غير أن القضاة لم يفتحوا تحقيقاً في تلك الدعاوى ورفض آخرون الاستماع لها. كما حصل المركز على معلومات أخرى تفيد بشكوى ما يقارب 200 معتقل خلال الشهرين الأخيرين لوكلاء النيابة عن تعرضهم للتعذيب على أيدي المحققين ومعاونيهم في مبنى التحقيقات الجنائية غير أن وكلاء النيابة لم يسعوا في التأكد من هذه الدعاوى رغم وضوح آثار التعذيب على أجساد بعض المعتقلين. وفي كثير من الحالات يكتفي وكلاء النيابة باستخدام مصطلح “سوء المعاملة” بدلاً من التعذيب أثناء تسجيل محضر التحقيق مع المعتقل.

ويعتقد مركز البحرين لحقوق الإنسان أن السلطات في البحرين عجزت وعلى مدى سنتان ونصف عن إثبات عدم منهجية التعذيب وتفشي سياسة الإفلات من العقاب التي ساهمت في تزايد عدد الضحايا منذ انطلاق ثورة 14 فبراير وحتى اليوم. فزيارة رئيس الوزراء الحالي لأحد الجلادين وتصريحه[7] بأن القانون لا ينطبق عليه كما يحدث تماماً بالنسبة للعائلة الحاكمة يثبت ما يذهب له النشطاء من وجود دعم من جهات عليا لهؤلاء المعذبين لممارسة الإنتهاكات وبعيداً عن أعين القانون. وقد أصدر المركز بمناسبة اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب تقريراً بعنوان “البحرين واحة للتعذيب[8]” واستعرض فيه شهادات لمجموعة لمعتقلين أو مفرج عنهم تثبت منهجية التعذيب واعتباره وسيلة لإنتزاع اعترافات والتوقيع على تهم كيدية.  وفي تقرير آخر حول المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة، أثبت مركز البحرين لحقوق الإنسان من خلال مجموعة من القضايا المتفرقة عدم حيادية الجهاز القضائي واستخدام المحكمة كأداة للانتقام من معتقلي الرأي والنشطاء[9]. كما أن شهادات الكثير من المعتقلين تثبت تواطؤ الجهاز القضائي مع النيابة والتحقيقات الجنائية في إجبار المعتقلين والنشطاء[10] على الإعتراف بتهم كيدية،والاستماع للمعذبين كشهود إثبات في قضايا ملفقة[11].

ولإيمان مركز البحرين لحقوق الإنسان بضرورة ملاحقة الجلادين والمسئولين عن الانتهاكات ومحاسبتهم قضائياً فقد قام منذ مطلع نوفمبر 2013 وعلى مدى 23 يوم بحملة عبر موقع التواصل الإجتماعي تحت عنوان “مطلوب للعدالة[12]” بهدف إنهاء سياسة الإفلات من العقاب في البحرين. وقد لاقت الحملة تفاعلاً ملحوظاً من قبل المجاميع الشعبية بينما واجهت ردود فعل سلبية من قبل شخصيات موالية للحكومة.

وبناءاً على كل ما سبق فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع حلفاء السلطة المقربين والمؤسسات الدولية ذات الصلة إلى التالي:

  1. التوقف عن دعم االسلطة في البحرين في قمعها لحقوق الشعب
  2. الضغط على السلطة في البحرين لمراعاة وصيانة حقوق الإنسان في البحرين ووقف الانتهاكات

كما يدعو السلطة في البحرين للتالي:

  1. الإفراج عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي
  2. التوقف عن تلفيق التهم والقضايا للمعتقلين والنشطاء بغية الإنتقام من نشاطهم
  3. التحقيق في دعاوى التعذيب والإكراه التي يتقدم بها المعتقلون ضد منتسبي الأجهزة الأمنية والنيابة العامة