(بيروت) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على سلطات البحرين إجراء تحقيق فوري في مزاعم تعرض ناشطين اثنين للتعذيب رهن الاحتجاز على أيدي بعض المسؤولين. كما يجب على السلطات أن تضمن ألا تستخدم بحق الناشطين أية أدلة تم الحصول عليها بواسطة التعذيب.
منذ أواخر أبريل/نيسان 2013 ظهرت مزاعم تفيد بقيام مسؤولين أمنيين، في حالتين منفصلتين، بتعذيب ناشط حقوقي بارز، وسيدة تم اعتقالها لاحتجاجها على سباق الجائزة الكبرى “الفورملا 1” الذي أقيم في أبريل/نيسان، ويشمل هذا التعذيب بالصدمات الكهربية، وإرغامهما على توقيع اعترافات. ظهرت المزاعم بعد أسبوعين من قيام السلطات البحرينية بتأجيل زيارة المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب، خوان منديز، إلى أجل غير مسمى. وكان تقرير اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق، الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، قد خلُص إلى وفاة خمسة أشخاص تم احتجازهم على ذمة الاحتجاجات الأسبق في عام 2011 جراء التعذيب أثناء الاحتجاز.
قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: “إذا أزيحت المزاعم الأخيرة جانباً فسوف يمثل هذا دليلاً جديداً على أن نظام العدالة البحريني ملاذ آمن لممارسي التعذيب. ينبغي لحلفاء البحرين ممارسة ضغوط جادة عليها للتحقيق مع أي شخص مسؤول عن التعذيب الوحشي للنشطاء ومحاسبته”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات البحرينية أن تضمن التحقيق المحايد والمستقل في كافة مزاعم التعذيب وإساءة المعاملة، وأن تمنح المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب حق الدخول الفوري دون قيد أو شرط.
في الثالثة والنصف من صباح يوم 2 مايو/أيار قام 12 من ضباط الشرطة الملثمين في ثياب مدنية باقتحام منزل الناشط الحقوقي المحلي البارز ناجي فتيل في بلدة بني جمرة، كما قالت مصادر محلية لـ هيومن رايتس ووتش. فتش الضباط المنزل وصادروا الكاميرا الخاصة بزوجة فتيل والحاسب المحمول الخاص بابنته، ثم اقتادوا فتيل معهم. اتصل فتيل بأسرته في مساء يوم 4 مايو/أيار وقال لأفرادها إنه في سجن “الحوض الجاف”، حيث خلصت اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق إلى وفاة 3 أشخاص جراء إساءة المعاملة في 2011.
قال فتيل لنشطاء حقوقيين في البحرين عن طريق الهاتف إنه تعرض لتعذيب شديد أثناء الأيام الثلاثة التي قضاها هناك. وقال فتيل إن السلطات قيدت يديه وعصبت عينيه وضربته بقسوة، وعرضته للصدمات الكهربية، وعلقته من السقف، كما عرضته لـ”الإيهام بالغرق”، حسبما قال النشطاء لـ هيومن رايتس ووتش.
قال فتيل، وهو عضو مجلس إدارة جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان، إن السلطات اتهمته بالانتماء إلى “حركة 14 فبراير”، التي تقول سلطات البحرين إنها مسؤولة عن أعمال إرهابية. وقال إنه وقع اعترافاً تحت التهديد بالمزيد من التعذيب.
في 9 مايو/أيار، تم احتجاز فتيل بأمر من النائب العام للاشتباه بمخالفته المادة 6 من قانون مكافحة الإرهاب البحريني لسنة 2006، التي تنص على عقوبات قد تصل إلى الإعدام على إنشاء أو تأسيس أو تنظيم أو إدارة جمعية تهدف إلى عرقلة قوانين البلاد ودستورها.
في الحالة الأخيرة الأخرى، قامت الشرطة في 20 أبريل/نيسان بإلقاء القبض على نفيسة العصفور وريحانة الموسوي اللتين كانتا تتظاهران بالقرب من حلبة البحرين الدولية. وفي 23 أبريل/نيسان نشر الموقع الإلكتروني لمركز الإعلام الأمني بياناً من وزارة الداخلية يقول إن السيدتين حاولتا دخول موقع سباق “الفورملا 1″، وإن إحداهما ربطت وسادة على بطنها في ما زعمت الوزارة أنه محاولة لاختبار الإجراءات الأمنية تمهيداً لعمل إرهابي.
قالت جمعيات حقوقية في البحرين لـ هيومن رايتس ووتش إن السيدتين زعمتا التعرض لإساءة المعاملة أثناء الاحتجاز حينما اتصلتا بمحامييهما وأفراد عائلتيهما في 29 أبريل/نيسان. وزعمت إحدى السيدتين التعرض للصدمات الكهربية وتوقيع اعتراف بالإكراه، بحسب الجمعيات الحقوقية.
أصدر منديز تصريحاً في 24 أبريل/نيسان يبدي فيه “خيبة أمله العميقة” من قرار الحكومة البحرينية بتأجيل زيارته التي كانت مقررة في الفترة من 8 إلى 15 مايو/أيار. وقال في بيان صحفي: “هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها تأجيل زيارتي في مهلة شديدة القصر، مما يعد إلغاءً للزيارة عملياً حيث لم يتم اقتراح موعد بديل ولا تقديم خارطة طريق مستقبلية للتناقش فيها”.
في 25 أبريل/نيسان، ورداً على تقرير انتقادي متعلق بحقوق الإنسان من وزارة الخارجية الأمريكية، قاممتحدث باسم الحكومة البحرينية “بتكرار الالتزام التام بالتوافق مع مباديء ومعايير حقوق الإنسان في مواجهة الإرهاب الذي يستهدف البحرين والمدنيين الأبرياء”.
سبق لـ هيومن رايتس ووتش توثيق قيام السلطات البحرينية بتعذيب نشطاء حقوقيين، بمن فيهم فتيل. في ديسمبر/كانون الأول 2007 قامت الشرطة باعتقاله واتهمته بإشعال النيران في عربة “جيب” تابعة للقوات الخاصة وسرقة سلاح منها. أنكر فتيل التهمة. وفي استجوابات لاحقة قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه تعرض للركل واللكم، والصدمات الكهربية على الجذع والعنق والأعضاء التناسلية، والتعليق من السقف. في يوليو/تموز 2008، حكمت إحدى محاكم البحرين على فتيل بالسجن لمدة 5 سنوات على دوره المزعوم في تدمير ممتلكات شرطية وسرقة سلاح. وصفت هيومن رايتس ووتش الإدانة بأنها “مشوبة بمزاعم الإساءة“. أفرج عن فتيل في أبريل/نيسان 2009، لكن السلطات ألقت القبض عليه مجدداً في 14 فبراير/شباط 2012 أثناء مشاركته في مظاهرة سلمية للتنديد بانتهاكات حقوق الإنسان مع ناشط حقوقي بارز آخر، هو نبيل رجب.
تنص المادة 14 (1) من الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أنه لا يجوز توقيف أو تفتيش أو اعتقال أي شخص دون سند قانوني. وتنص المادة 15 من اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب على عدم الاستشهاد بالأدلة المنتزعة بالتعذيب كدليل أمام المحاكم. وقد قررت لجنة اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وهي الاتفاقية التي انضمت إليها البحرين بدورها، أن التواصل مع محام في الفترة التالية مباشرة للتوقيف هو “ضمانة أساسية ضد إساءة المعاملة”.
قالت سارة ليا ويتسن: “تلتزم البحرين التزاماً عميقاً بالتحدث عن الإصلاح، غير أن قيمة هذا الحديث تتناقص باطراد مع كل مرة تظهر فيها مزاعم جديدة بحدوث التعذيب”.
http://www.hrw.org/ar/news/2013/05/14-1