بعد محاكمة صورية لمدة عام كامل: لم تجد المحكمة مذنبا واحدا بقتل مدون تحت وطأة التعذيب في حجز الشرطة


آثار التعذيب على جسد زكريا العشيري

13 مارس 2013

يعرب مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد إزاء ثقافة الإفلات من العقاب حيث أن المحكمة البحرينية قامت بتبرئة جميع المتهمين بالتعذيب حتى الموت للمدون زكريا العشيري وهو في عهدة الشرطة، و ذلك بعد محاكمة صورية استغرقت أكثر من سنة واحدة.


آثار التعذيب على جسد زكريا العشيري

13 مارس 2013

يعرب مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد إزاء ثقافة الإفلات من العقاب حيث أن المحكمة البحرينية قامت بتبرئة جميع المتهمين بالتعذيب حتى الموت للمدون زكريا العشيري وهو في عهدة الشرطة، و ذلك بعد محاكمة صورية استغرقت أكثر من سنة واحدة.

ففي 12 مارس 2013، برأت المحكمة العليا الاولى للجنايات خمسة من رجال الشرطة المتهمين بالضرب المؤدي إلى وفاة المدون زكريا راشد حسن العشيري (40 سنة) و الذي كان معتقلا لدى الشرطة في ابريل 2011. حيث أن اثنين من هؤلاء الشرطة الخمسة متهمين بضرب العشيري مما تسبب له في إصابات أدت إلى وفاته، في حين اتهم الثلاثة الأخرين بالسكوت و عدم الإبلاغ عن الجريمة. تم تبرئة جميع هؤلاء الخمسة من جميع التهم المتعلقة بقتل العشيري على الرغم من ان اثنين منهم مدانين ايضا بالضرب المفضي للموت لمعتقل آخر و هو علي صقر.

زكريا العشيري، مدير لمنتدى الدير الالكتروني www.dair.net و الذي اعتقل في 2 أبريل 2011 بتهمة التحريض على الكراهية، ونشر أخبار كاذبة، وتعزيز الطائفية، و الدعوة إلى إسقاط النظام عبر المنتديات الالكترونية. وقد تم الاعلان عن وفاته في المعتقل بعد 7 أيام من اعتقاله و ذلك في 9 أبريل 2011. تم تسليم جثته إلى عائلته مغطاة بعلامات و آثار التعذيب. في ذلك الوقت رفضت حكومة البحرين جميع التقارير المتعلقة بالتعذيب وزعمت أنه قد توفي بسبب مضاعفات فقر الدم المنجلي.

واتهم أيضا نفس هؤلاء الخمسة من رجال الشرطة في قضية أخرى بالضرب المؤدي إلى الموت لمحتجز آخر وهو علي صقر. وقد خلصت المحكمة إلى أن اثنين من هؤلاء الشرطة مذنبين في قضية وفاة صقر وحكمت عليهم بالسجن 10 أعوام. و لم يكن هؤلاء المتهمين حاضرين في جلسة استماع المحكمة كما لم يكونوا محتجزين.

علي صقر، قام بتسيلم نفسه إلى الشرطة في 5 أبريل 2011، بعد عدة تهديدات وجهت لأسرته. و بعد أربعة أيام من تسليمه نفسه للشرطة تم الإعلان عن وفاته من قبل وزارة الداخلية في 9 أبريل 2011 وهو نفس يوم وفاة العشيري. أصدرت وزارة الداخلية بيانا تدعي فيه أن “المشتبه به قام بخلق حالة من الفوضى في مركز الاعتقال، مما دفع قوات الأمن للتدخل لاعادة الوضع تحت السيطرة، إلا أنه قاوم الشرطة مما تسبب بإصابته بجروح في هذه العملية. واقتيد إلى المستشفى في وقت لاحق حيث توفي”. و وزيرة حقوق الإنسان نفسها في مؤتمر صحفي ادعت أن وفاة المعتقلين كانت بأسباب طبيعية واتهمت النشطاء بفبركة الصور التي تظهر علامات التعذيب. عندما قام نبيل رجب، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان بنشر صور تظهر علامات التعذيب على جسد علي صقر، وتم اتهامه بفبركة الصور و استدعائه الى النيابة العسكرية.

و قد تم توثيق و تأكيد أن وفاة العشيري و صقر كانت بسبب التعذيب و ذلك في تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق. (انظر التفاصيل أدناه)

بدأت المحاكمة في هذه القضايا قبل أكثر من عام وذلك في 11 يناير 2012. ولم يكن رجال الشرطة المتهمين محتجزين، كما أنهم حضروا بعض الجلسات بالزي العسكري، ما يشير إلى انهم لازالوا في الخدمة و لا يتم اعتبارهم تهديدا لباقي المعتقلين.

إن ثقافة الإفلات من العقاب معتمدة من قبل جميع الجهات الحكومية، خاصة وزارة الداخلية ووزارة العدل، مما شجع ضباط وزارة الداخلية على مواصلة انتهاك حقوق المواطنين في البحرين بالعنف و الذي لا يواجه بأي عواقب. إن مركز البحرين لحقوق الإنسان يطالب النظام في البحرين بوضع تدابير لمسائلة الضباط ورئيس وزارة الداخلية و تحميلهم المسؤولية عن جرائمهم و عمليات القتل خارج نطاق القضاء وذلك وفقا للقانون، كما يحث المركز المجتمع الدولي على تحميل النظام البحريني المسئولية عن الإنتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان.

مركز البحرين لحقوق الإنسان يطالب و بشدة:

1. بإنهاء سياسة الإفلات من العقاب لهؤلاء المسئولين في الحكومة وأصحاب السلطة الذين يتحملون المسؤولية عن عدم اتخاذ خطوات جادة في التحقيق أو في إدانة مسؤول واحد أو ضابط أمن في الإنتهاكات الخطيرة التي حدثت.
2. محاكمة جميع الوزراء المسؤولين عن التعذيب، و / أوقاموا بالسماح أو بالتغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان. و يشمل ذلك وزير الداخلية، و رئيس جهاز الأمن الوطني، و وزير التنمية الإجتماعية.
3. أن تقوم حكومة البحرين بالتوقيع على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب من أجل تعزيز المساءلة القانونية لمرتكبي التعذيب.

تفاصيل عن وفاة العشيري و صقر كما هو موثق في تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق (مقتطفات):

زكريا العشيري (القضية رقم 24):

“إن شهادة الوفاة تنص على أن سبب الوفاة سكتة قلبية شديدة وتوقف التنفس بعد مضاعفات سببها فقر الدم المنجلي.
و أكد تقرير الطبيب الشرعي على سبب الوفاة و خلص الى أن المتوفي كان به كدمات عريضة علي رقبة المتوفى وفخذيه و كدمات أصغر على الوجه و اليدين. (…) و ادعى انه تم تعذيب المتوفى في إدارة التحقيقات الجنائية. ففي 9 أبريل 2011، تم نقله إلى مركز سجن الحوض الجاف، حيث تعرض للتعذيب في الفترة ما بين 6 و 9 أبريل 2011، وتوفي بسبب التعذيب في الغرفة رقم 1.
“و تلقت اللجنة أيضا بيان صادر عن الشاهد و الذي هو معتقل في نفس زنزانة المتوفى. ذكر الشاهد أن جميع المعتقلين في هذه الزنزانة معصوبي الأعين ومكبلي اليدين، و تم إجبارهم على الاستلقاء على بطونهم. و في صباح أحد الأيام، دخل المتوفي في حالة من الهلوسة أو الاضطراب، حيث بدأ بالقرع على الباب و يصيح باسمه. قام حراس السجن بالصراخ في وجهه بأن يكون هادئا وعندما لم يمتثل للأوامر، قاموا بالدخول الى زنزانته. سمع الشاهد تعرض المتوفي للضرب كما سمع صراخه بعد كل ضربه. الشاهد سمع بعد ذلك ضوضاء، و بعدها أصبحت صيحات المتوفي مكتومة. الشاهد بعدها سمع باكستانيا يقول باللغة الأردية، – لقد مات.
إن وفاة العشيري تعود إلى تعرضه للتعذيب في مركز سجن الحوض الجاف”.

علي عيسى ابراهيم صقر (القضية رقم 23)

“إن شهادة الوفاة تنص على أن سبب الوفاة هو صدمة بسبب نقص حجم الدم و الناتج عن عدة صدمات أخرى.

وأكد تقرير الطب الشرعي على سبب الوفاة وخلص إلى أن المتوفى كان لديه كدمات حمراء داكنة في جميع أنحاء الجسم ولكنها في الغالب تتركز حول الجانب الخلفي من اليدين والعين اليمنى. و كانت توجد علامات حمراء حول معصميه بسبب تكبيل اليدين وهذه العلامات كانت حديثة المنشأ.
و يرجع سبب وفاة علي صقر الى التعذيب في مركز سجن الحوض الجاف”.