الزج بالعشرات في قضايا جنائية بلا أدلة وأحكام عسكرية قاسية تستند إلى الاعتراف تحت التعذيب

قضية شباب المنامة: بعد عام على إعتقالهم و تعذيبهم والحكم عليهم بالمؤبد في المحكمة العسكرية، المحاكم المدنية تواصل النظر في القضايا المبنية على تحقيقات النيابة العسكرية الباطلة


آثار الضرب على جسد حسين الصفار كما ظهرت بعد أسابيع من الإعتقال

الحكم يستند لقانون الارهاب الذي تم ادانته دوليا
والمحكمة تبني حكمها على اعترافات مأخوذة تحت التعذيب وشهادات ضباط الأمن الذين مارسوا التعذيب

24 أبريل 2012

يتابع مركز البحرين بشديد القلق سير العدالة الزائفة في المحاكم المدنية في البحرين والتي تواصل نهج المحاكمات العسكرية، حيث يستمر النظر في إستئناف العديد من قضايا متهمين جرى اعتقالهم ضمن حملة قمعية شرسة طالت الآلاف من البحرينيين على خلفية الاحتجاجات السلمية التي انطلقت في العام الماضي فبراير 2011، ومن بينهم المعتقلين الذين تلقوا أحكاماً عسكرية قاسية تصل إلى السجن المؤبد بعد إتهامهم في قضايا جنائية ضعيفة الأركان، وبلا أية أدلة، في حين تستمر المحاكم المدنية في النظر في قضاياهم إعتماداً على تحقيقات النيابة العسكرية الباطلة التي تجاهلت ضمان أبسط حقوق المتهمين عند الإعتقال والتحقيق، والتي اعتمدت بشكل كامل على إنتزاع الإعترافات تحت وطأة التعذيب.

قضية شباب المنامة: بعد عام على إعتقالهم و تعذيبهم والحكم عليهم بالمؤبد في المحكمة العسكرية، المحاكم المدنية تواصل النظر في القضايا المبنية على تحقيقات النيابة العسكرية الباطلة


آثار الضرب على جسد حسين الصفار كما ظهرت بعد أسابيع من الإعتقال

الحكم يستند لقانون الارهاب الذي تم ادانته دوليا
والمحكمة تبني حكمها على اعترافات مأخوذة تحت التعذيب وشهادات ضباط الأمن الذين مارسوا التعذيب

24 أبريل 2012

يتابع مركز البحرين بشديد القلق سير العدالة الزائفة في المحاكم المدنية في البحرين والتي تواصل نهج المحاكمات العسكرية، حيث يستمر النظر في إستئناف العديد من قضايا متهمين جرى اعتقالهم ضمن حملة قمعية شرسة طالت الآلاف من البحرينيين على خلفية الاحتجاجات السلمية التي انطلقت في العام الماضي فبراير 2011، ومن بينهم المعتقلين الذين تلقوا أحكاماً عسكرية قاسية تصل إلى السجن المؤبد بعد إتهامهم في قضايا جنائية ضعيفة الأركان، وبلا أية أدلة، في حين تستمر المحاكم المدنية في النظر في قضاياهم إعتماداً على تحقيقات النيابة العسكرية الباطلة التي تجاهلت ضمان أبسط حقوق المتهمين عند الإعتقال والتحقيق، والتي اعتمدت بشكل كامل على إنتزاع الإعترافات تحت وطأة التعذيب.

وفي الوقت الذي يدين فيه مركز البحرين لحقوق الإنسان -بشكل لا لبس فيه- أي عنف أو مضايقة ضد أية شريحة من المجتمع البحريني من مواطنين ومقيمين، إلا أنه يرى بحسب الإفادات والمعلومات التي وثقها أن السلطات البحرينية قد عمدت إلى الزج بالأبرياء في قضايا عنف جنائية غير مستندة إلى أدلة، وعمدت إلى استغلال هذه القضايا في وسائل الإعلام المحلية، بغرض تشويه صورة المتظاهرين السلميين الذي خرجوا مطالبين بالإصلاح والديموقراطية، وإظهارهم بصور المخربين المجرمين، بغرض تبرير حملتها القمعية العنيفة التي طالت الآلاف بالإعتقال التعسفي والإحتجاز والتعذيب.

ويستعرض مركز البحرين في هذا التقرير نموذجاً لاحدى قضايا الجنايات، التي شابها الكثير من الإنتهاكات الكفيلة بإسقاطها، والتي تظهر أن القضاء لم يكن مهتماً فيها بتحقيق العدالة والوصول إلى الجناة الحقيقيين بقدر إهتمامه بإيقاع أحكام سياسية مقررة سلفاً على المتهمين المعتقلين وتوظيف القضايا بشكل سياسي.

قضية شباب المنامة – قضية رقم (65/ 2011 – الجنايات)

في 3 أكتوبر 2011 حكمت محكمة السلامة الوطنية (عسكرية) على 14 بحرينياً بالسجن المؤبد بحقهم جميعاً (11 منهم تم اعتقالهم) وذلك بعد اتهامهم بـ “الشروع في ضرب المعتدى عليه ضرباً مبرحاً أفضى إلى موته لأغراض إرهابية” حيث أدعت النيابة العسكرية قيامهم في مارس 2011 “بقتل أحد الآسيويين وهو عبدالمالك غلام رسول باكستاني الجنسية، وذلك بالترصد له أثناء خروجه من منزله في منطقة المنامة بالقرب من أحد المآتم، إذ تم الاعتداء عليه بألواح خشبية وأسياخ حديد، وإتلاف منزله، وكذلك اعتداؤهم على سلامة جسم المدعو محمد خادم غلام بالضرب بواسطة ألواح خشبية، والاشتراك في تجمهر في مكان عام بغرض إحداث الشغب وارتكاب جرائم، إذ وقعت جميع هذه الجرائم تنفيذاً لغرض إرهابي القصد منه الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المملكة وأمنها للخطر من خلال الاعتداء على المقيمين وبث الرعب بينهم وترويعهم”[1] .

انتهاك حقوق المتهمين أثناء الاعتقال

جرى اعتقال 11 فرداً من المتهمين في القضية في أواخر مارس 2011 بعد مداهمة منازل معظمهم عنوة في ساعات متأخرة بعد منتصف الليل وكسر الأبواب واقتحام غرف النوم من جانب أشخاص ملثمين عسكريين ومدنيين، وإشهار الأسلحة نحو أهالي المنازل بطريقة تسببت في بث الرعب والخوف بين أفراد الأسر من دون إبراز أي سند قانوني أو مذكرة ترخص تبرر المداهمة والاعتقال. وجرى الاستيلاء على المقتنيات والأموال بما في ذلك الكومبيوترات المحمولة والكاميرات والهواتف النقالة.

ومن بين المعتقلين سيد هادي ناصر العلوي الذي كان يعاني من كسر في ساقه وتم اعتقاله برغم ذلك، وفي حين كانت القوات تطلب شخصاً اسمه إبراهيم عند اقتحامهم منزل عبدالله الحمد، ولكنهم اعتقلوا عبدالله لعدم وجود من يدعى إبراهيم في المنزل. وذكرت عائلة كل من عباس إسماعيل و علي محمد حسن بن رجب أنه قد تم ضرب المعتقل بوحشية أمامهم وقت الإعتقال وذلك بعد تعصيب عينيه وتقييد يديه خلف ظهره. وكذلك تعرض حسين الصفار للضرب الشديد وقت اعتقاله من قبل اكثر من 30 شخص حيث قيدت يديه ورجليه ورش بخاخ في وجهه وتم اغلاق عينيه بقطعة سوداء مع الضرب المبرح والشديد بالعصي والهروات و الأسلاك مع الشتم والاهانة حتى اغمي عليه.

1 حسن عبدالهادي سلمان المخرق، معتقل منذ 29 مارس 2011 26، موظف في المستشفى الدولي
2 سلمان عبدالهادي سلمان المخرق، معتقل منذ 29 مارس 2011 21، طالب جامعي / مصور
3 نادر عبدالنبي سالم العريض، معتقل منذ 29 مارس 2011 47، سائق في وزارة الصحة
4 عبدالله حسن علي حمد، معتقل منذ 27 مارس 2011، العمر 37، اعمال حرة
5 علي محمد حسن بن رجب، معتقل منذ 27 مارس 2011، العمر 19، طالب في المدرسة
6 سيد هادي سيد ناصر علوي، معتقل منذ 27 مارس 2011، العمر 20، طالب جامعي / مارشال سباق الفورمولا
7 جواد كاظم منشد عبدالنبي، معتقل منذ 27 مارس 2011، العمر 49، متقاعد
8 حسن محمد حسن بن رجب، معتقل منذ 27 مارس 2011، العمر 29، أعمال حرة
9 توفيق جعفر عبدالله القصاب، معتقل منذ 26 مارس 2011، العمر 46، متقاعد
10 حسين عبدالامير حسن الصفار، معتقل منذ 27 مارس 2011، العمر 24، طالب جامعي/ موظف في جواد
11 عباس اسماعيل عبدالله غلوم، معتقل منذ 24 مارس 2011، العمر 26، موظف بنك ولاعب كرة قدم لفريق البنك

الاحتجاز والاخفاء القسري

لم يتمكن الأهالي من معرفة مكان احتجاز أبنائهم ولا أية معلومات بشأنهم أو شأن التهم الموجهة لهم لمدة حوالي شهرين بعد اعتقالهم، وذلك برغم سؤالهم المتكرر عنهم في مراكز الإحتجاز، كما لم يتمكن محاميهم من حضور أي من جلسات التحقيق معهم. ولم يتمكنوا من رؤيتهم إلا في جلسة المحاكمة الأولى في المحكمة العسكرية التي عقدت بعد حوالي شهرين في 24 مايو 2011 والتي لم يعلموا بها إلا قبل أقل من 12 ساعة من انعقادها، وهو الأمر الذي جعل من الصعب توفير محامي لبعض المتهمين للجلسة الأولى.

التعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة

ظهر المعتقلين في جلسة المحاكمة الأولى بحالة من ضعف البدن وبملابس رثة وبدت عليهم بعض الإصابات والكدمات التي شفيت للتو، وقد أفاد جميع المتهمين بتعرضهم للتعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة لإجبارهم على توقيع الإعترافات وهم معصبي العينين، ودون أن يتاح لهم معرفة محتواها، و لم يعرف المتهمين موضوع تهمهم إلا بعد بدء المحاكمة.

فقد تعرض سيد هادي ناصر العلوي للتعذيب وهو معصوب العينين في الأسبوعين الأولين من الإعتقال بحسب ما أفاد المحامي أمام المحكمة استناداً لتقرير الطبيب الشرعي، ومن ذلك إطفاء السجائر في جسمه، والتعليق من الأيادي في السقف لأيام، والضرب على أنحاء جسده بأسلاك الكهرباء، والصعق الكهربي. وهي نفس أنماط التعذيب التي تعرض لها عبدالله الحمد بالإضافة إلى الضرب بالأعمدة البلاستيكية والبصق في الفم واللكم والرفس بالأرجل والسب. وبحسب إفادة زوجته كانت آثار الصعق الكهربائي لا تزال واضحة في ظهره ورأسه عند رؤيته في 24 مايو 2011. وتكررت أنماط التعذيب في إفادة المعتقل عباس إسماعيل الذي ذكر أنه تعرض للتعليق والصعق بالكهرباء والضرب بالأسياط والأعمدة البلاستيكية والبصق في الفم واللكم والرفس بالأرجل والسب لمدة تزيد على العشرين يوما.

وقال المعتقل حسين الصفار أنه قد احتجز لمدة اسبوع بعد اعتقاله في غرفة منعزلة بعد تجريده من كامل ملابسه، حيث يتم ضربه ضرباً مبرحاً واهانته والسخرية من مذهبه بشكل دائم ولم يسمح له خلال هذه المدة بالنوم أو الجلوس حيث تم إجباره على الوقوف طوال هذا الأسبوع ولم يسمح له بسوى وجبة واحدة في اليوم، كما منع من أستعمال الحمام وأجبر على قضاء حاجته في الغرفة نفسها. كما تعرض للمزيد من التعذيب بعد ذلك أثناء فترة التحقيق والتي كان المحقق معه خلالها الضابط الأردني عيسى المجالي حيث جرى تم تعريته من ملابسه وتهديده بالتحرش الجنسي و الاغتصاب، وتم تقييد يديه الى الخلف وتعليقه من الرجل رأسا على عقب (الفيلقة) مع ضرب الارجل بالأخشاب والأسلاك الكهربية مما أدى الى كسر بالرجل اليمنى، كذلك تم ضربه على الظهر, المؤخرة, أعلى الفخذ والبطن بالأسلاك الكهربية و الأخشاب. ونتيجة للضرب المبرح على الوجه والرأس تعرض المعتقل إلى كسر الانف والنزيف الحاد، و كسر في ثلاث من الأسنان الامامية، وتضرر الاذن اليسرى فأصبح لا يسمع بشكل واضح، كما أصيب بالديسك والألم الشديد بالظهر بعد فترة قليلة من الأعتقال. كذلك تعرض المعتقل للصعق الكهربائي، والخنق وكتم الأنفاس بالماء، وإجباره على الوقوف مع تعصيب العينين وتقييد اليدين من الخلف لمدة 15 يوم متتالية مع الضرب المبرح لدرجة الاغماء والحرمان من النوم واستعمال الحمام. ونتيجة للتعذيب النفسي الشديد والسخرية من المذهب و الديانة و الشتم و الاهانة أصيب المعتقل بحالة نفسية و اكتئاب شديد والرغبة بالموت، بحسب إفادة عائلته. كذلك تم إجباره على إبتلاع حبوب لا يعلم ما هي حين كان يصرخ من الألم جراء التعذيب، وكانت الحبوب تسبب له الهلوسة والدوار. وتم إثبات آثار التعذيب في تقرير الطبيب الشرعي والاشعة التي أجراها مستشفى القلعة. ولم يقتصر تعذيب حسين الصفار على فترة وجوده في حجز التحقيقات الجنائية ولكنه تعرض للتعذيب بعد نقله للتحقيق في النيابة العسكرية.



آثار تكسير الأسنان والضرب على جسد حسين الصفار كما ظهرت بعد أسابيع من اعتقاله

وقال المعتقل نادر العريض أنه تعرض للركل والضرب بينما كان معصوب العينين و مقيد اليدين وتم احتجازه في زنزانة انفرادية لفترة طويلة لم يستطع تحديد مدتها وتم تعليقه من يديه لفترات طويلة حتى أصيب بخلع في الكتف وتورمت معاصم يديه من القيد، وتم التحقيق معه وهو ملقى على بطنه بينما كان المحقق جالساً على ظهره، كما كان المحقق يصعد على مكان مرتفع ويلقى بكامل ثقل جسمه على ظهر المعتقل، وجرى ضربه على ظهره ورجليه ورأسه بقضيب يابس، وتعرض للضرب من عدد كبير من رجال الشرطة في وقت واحد، كما تم إجباره على الوقوف لفترات طويلة، وتم تهديده بقتله ورميه في البحر بحيث لا يعرف أحد عنه، وتم حرمانه من الأكل والشرب لمدة ثلاثة أيام.

وقال المعتقل توفيق القصاب أنه تعرض للضرب المبرح بما في ذلك الضرب على الاماكن الحساسة، والتعليق والحرمان من قضاء الحاجة والمنع عن الأكل والشرب. كما تم حقنه بمسكنات.

وقال المعتقل جواد عبدالنبي أنه قد تم إجباره على الوقوف لمدة 14 يوم وتم حرمانه من الأكل والشرب، وتعرض للصعق بالكهرباء والتعليق من الرجل و الضرب بمختلف الأدوات في كل أنحاء الجسم، وتم تثبيت آثار التعذيب في تقرير الطبيب الشرعي.

وجاء إسم الضابط بالتحقيقات الجنائية (العدلية) فواز العمادي بإعتباره أحد المسؤولين عن تعذيب المعتقلين، وقد حضر للمحكمة بصفته شاهد إثبات ضد بعض المتهمين.

جلسات المحكمة ( العسكرية)

بدأت المحاكمة في 24 مايو 2011 في محكمة السلامة الوطنية (عسكرية)، في إنتهاك مباشر لحق المتهمين وجميعهم من المدنين بالحصول على محاكمة عادلة في محكمة مختصة بهم، ولم يتح لبعضهم توكيل محامي من الجلسة الأولى فتم التأجيل، وبعد 4 جلسات أخرى تم إصدار الحكم في 3 أكتوبر 2011 بالحكم المؤبد على 14 متهماً مع التنفيذ بحق 11 منهم لا يزالون في السجن، وذلك بالإستناد على على أقوال شاهدي الإثبات وأحدهما هو نفس ضابط التحقيق، والاعترافات المنسوبة إلى المتهمين، والمطعون فيها بحكم إجبار المتهمين على توقيعها تحت ضغوط التعذيب الإكراه وبدون قراءتها، بينما تجاهلت المحكمة الأخذ بأٌقوال جميع شهود النفي على الرغم من استماعها لشهاداتهم، وبخلاف ذلك لم تقدم النيابة أي دليل مادي لإدانة المتهمين. ولم تضع المحكمة أي اعتبار للخلل في الإجراءات القانونية أثناء الإعتقال والتحقيق أو في مزاعم التعذيب، وحكمت على جميع المتهمين بنفس الحكم (السجن المؤبد) دون تحديد درجة مسؤولية كل منهم عن الجريمة المفترضة كما هي العادة في مثل هذا النوع من القضايا.

وشابت المحاكمة عدة إنتهاكات أخرى لحق المتهمين في المحاكمة العادلة، حيث غيرت المحكمة وصف وقيد القضية من “القتل العمد” إلى “ضربٍ أفضى إلى الموت لأغراض إرهابية” بدون أن تُبلغ المتهمين أو المحامين بتغير قيد ووصف القضية حتى موعد الجلسة التي صدر فيها الحكم، الأمر الذي انتفى فيه حق المتهمين والمحامين في تقديم دفوعات جديدة بناءً على تغير وصف وقيد القضية، برغم الإختلاف الكبير بين التهمتين. ولم يتح للمحامين الإطلاع على لائحة الإدعاء من المحكمة إلا بعد تلاوة التهم في الجلسة الأولى من المحاكمة. واستصعب على المحامين الالتقاء بموكليهم قبل الجلسة الأولى إلا لفترة 5 دقائق فقط سمح بها القاضي العسكري.

وتم الحكم عليهم إستناداً إلى قانوني العقوبات و قانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية لسنة 2006، وهو القانون الذي تمت أدانته من قبل الكثير من المنظمات الدولية بما فيها منظمة الأمم المتحدة[2] لافتقاده لأدنى معايير حقوق الانسان. واستخدم هذا القانون منذ صدوره ضد النشطاء والمعتقلين السياسيين ولقمع حركة الاحتجاج السلمي التي بدأت بالتصاعد في السنوات الأخيرة والتي تطالب بإصلاح العملية الديمقراطية.
وبالرغم من إحالة القضية إلى محكمة الإستئناف العليا الجنائية وهي اعتيادية، إلا أن الدعوى المنظور بها لا تزال مستندة إلى تحقيقات النيابة العسكرية الباطلة، حيث تعقد الجلسة الثالثة في 30 أبريل 2012.

الضعف في بناء القضية

وإن ما يثير القلق أن يكون الحكم العسكري القاسي قد صدر في قضية يشوبها الضعف في الكثير من أركانها، نتيجة لتجاهل النيابة العسكرية القيام بأية تحقيقات جدية في الحادثة واعتمادها على التعذيب. حيث لم يرد في ملف الدعوى أي تقرير عن مسرح الجريمة من قبل التحقيقات الجنائية، ولم يتم إحراز أي أدلة رُفعت من محل الواقعة المزعومة، أو صور أو بصمات قد تكشف عن هوية من قام بالفعل. وبقي عنوان مسرح الجريمة غامضاً إلى حين إدلاء شاهدي الإثبات بأقوالهما، حيث تناقضت بشأن العنوان والوقت ومسرح الجريمة.

وتناقضت أقوال شهود الإثبات أمام المحكمة حول مكان موت المجني عليه، فأحدهم أكد أن موت المعتدى عليه حدث بداخل الشقة في الطابق الثاني من المبنى الذي يقطن فيه، بيد أن شاهد إثبات آخر ذكر أن موته حدث في الشارع بعد أن حاول الهرب وعلى بعد مسافة. كما تنافت أقوال ضابط التحري (شاهد إثبات) بأن الاعتداء تم بواسطة أدوات حادة قاطعة مثل السكاكين والسيوف والخناجر والأسياخ. في حين أن الطبيب الشرعي قد انتهى لنتيجة في تقريره بعدم وجود أي آثار لسيوف أو أي أداة حادة و بأن الإصابات ذات طبيعة رضية، ورضية احتكاكية حدثت جراء المصادمات والاحتكاك.

إن مركز البحرين وفي حين يجدد إدانته لكافة حوادث العنف، ويؤكد على أهمية احترام حق الإنسان في الحياة، وضرورة محاسبة كل من يعتدي على هذا الحق، إلا أن سير قضية شباب المنامة لم يدل على اهتمام السلطات بتحديد التفاصيل الحقيقية لقضية الإعتداء، والوصول إلى الجناة الفعليين، بل يبدو أن قضية شباب المنامة هي نموذج للعدد من قضايا الجنايات التي استغلتها أو اختلقتها النيابة العسكرية دون اجراء اي تحقيق جدي في تفاصيلها، وقامت بالزج بالعشرات من المتظاهرين السلميين بها دون دليل، بغرض تشويه صورة سلمية الحركة الإحتجاجية ولتبرير حملتها القمعية الشرسة، وتضامنت المحاكم العسكرية غير العادلة مع النيابة العسكرية في تمرير أقسى الأحكام التي وصلت إلى المؤبد في هذه القضايا وكل ذلك دون أن يكون هناك أية أسس أو أدلة مادية تستند عليها.

كما أن استمرار المحاكم الاعتيادية بالنظر في هذه القضايا استناداً إلى تحقيقات النيابة العسكرية الباطلة، وبعدما اثبت لجوءها إلى انتزاع اعترافات المتهمين تحت التعذيب على نطاق واسع هو مخالفة بحذ ذاتها لحقوق المتهمين في الحصول على ضمانات المحاكمة العادلة، وهو استمرار لنهج تمرير الأحكام الإنتقامية عبر المحاكم العسكرية أو الإعتيادية على حد سواء، بعيداً عن الإهتمام بتحقيق العدالة.

وبناء على ذلك يطالب مركز البحرين لحقوق الإنسان:

1- الإفراج الفوري من المتهمين الـ 11 المسجونين على ذمة الحكم الجائر في القضية وعن جميع المعتقلين على خلفية أحداث العام الماضي الذين لم يحظوا بفرصة المحاكمة العادلة بعد الزج بهم في قضايا جنائية هشة وغير مستندة إلى أية أدلة بخلاف الإعترافات المنتزعة تحت التعذيب، وهو الأمر الذي أكده تقرير لجنة تقصي الحقائق التي أعلنت عدم عدالة المحكمة العسكرية وأكدت تعرض المتهمين للتعذيب.
2- إلغاء كافة المحاكمات المستمرة في المحاكم الإعتيادية والتي تعتمد على التحقيقات العسكرية الباطلة دستورياً، والتي تتنافى مع حق المدنيين في أن تنظر قضاياهم في جهات قضائية ومحاكم مختصة بهم.
3- إعادة التحقيق المحايد النزيه والمستقل في الحادث الذي تعرض له المعتدى عليه، وكذلك بقية حوادث العنف والإعتداء التي وقعت، تحت مراقبة مستقلة من مؤسسات المجتمع المدني ذات الصلة.
4- ضمان المعايير الدولية المتعلقة بالتوقيف والتحقيق والمحاكمة العادلة في حق من يتم اعتقالهم بتهم تتعلق بمثل هذا الحادث، وضمان نزاهة واستقلال القضاء، وضمان حق المتهم في يكون بريئا حتى تثبت إدانته في محاكمة تتوافر فيها الشروط الموضوعية للمحاكمات العادلة.
5- التحقيق النزيه والمحايد في كافة مزاعم التعذيب التي أثارها هؤلاء المتهمين وغيرهم من المتهمين في قضايا ذات خلفية سياسية وأمنية، وتقديم المسئولين للمحاكمة وجبر أضرار الضحايا.
6- التوقف عن تجيير المحاكم المدنية لصالح النظام وللإنتقام من المعارضين المطالبين بالحرية والديموقراطية.


[1]alwasatnews.com/3314
[2]بيان مركز البحرين بشأن قانون الإرهاب
بيان منظمة العفو الدولية بشأن قانون الإرهاب
بيان فرونت لاين بشأن قانون الإرهاب
بيان خبراء الأمم المتحدة بشأن قانون الإرهاب