قناة الجزيرة الإنكليزية: قوات باكستانية تشارك في حملة القمع في البحرين

30 يوليو 2011
ترجمة RedSky446

في شهر مارس وفي الوقت الذي اشتدت فيه حملة القمع الحكومية على المحتجين المطالبين بالديمقراطية في البحرين؛ بدأت إعلانات غريبة بالظهور في وسائل الإعلام الباكستانية.

يقول أحد هذه الإعلانات: “طلب مستعجل – قوة بشرية للعمل في الحرس الوطني البحريني”.

إعلان آخر قال: “مطلوب بشدّة الأصناف التالية من الأشخاص الذين يمتلكون خبرة سابقة في الجيش والشرطة للخدمة في الحرس الوطني البحريني”، وكانت عبارتا “خبرة سابقة” و “مطلوب بشدَّة” مكتوبتان وتحتهما خط.

30 يوليو 2011
ترجمة RedSky446

في شهر مارس وفي الوقت الذي اشتدت فيه حملة القمع الحكومية على المحتجين المطالبين بالديمقراطية في البحرين؛ بدأت إعلانات غريبة بالظهور في وسائل الإعلام الباكستانية.

يقول أحد هذه الإعلانات: “طلب مستعجل – قوة بشرية للعمل في الحرس الوطني البحريني”.

إعلان آخر قال: “مطلوب بشدّة الأصناف التالية من الأشخاص الذين يمتلكون خبرة سابقة في الجيش والشرطة للخدمة في الحرس الوطني البحريني”، وكانت عبارتا “خبرة سابقة” و “مطلوب بشدَّة” مكتوبتان وتحتهما خط.

هذه الأصناف تضمَّنت: مدرِّبين عسكريين سابقين في الجيش، مدرِّبين للتصدي لأعمال الشغب، شرطة عسكريَّة متقاعدة، طبَّاخين سابقين في الجيش.

في الشهرين التاليين وعلى خلفية زيارات لإسلام آباد قام بها مسؤولون سعوديون وبحرينيون كبار؛ تقول المصادر بأن هناك 2500 جندي سابق على الأقل تم تجنيدهم من قبل البحرين ثمَّ جُلِبُوا إلى المنامة، ليزيد بذلك حجم الحرس الوطني وشرطة مكافحة الشغب في البحرين بنسبة 50%.

نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان قال حول ذلك للجزيرة: “نحن نعرف أن الطائرات تواصل القدوم للبحرين جالبةً جنوداً من باكستان .. نحن لا نعرف العدد بالضبط، ولكنَّنا نعرف بأنه أكثر بكثير من 1500 أو 2000 شخص”.

المواطنون الباكستانيون الذين تم توظيفهم في القوات الخاصة والحرس الوطني وشرطة مكافحة الشغب يتم تكليفهم بمهمة قمع المحتجين الشيعة الذين يطالبون بمساواة في الحقوق، وذلك بعد سنواتٍ من الاضطهاد المزعوم من قبل العائلة المالكة التي هي جزء من الأقلية السنيَّة في البحرين.

ويقول نبيل رجب: “المواطنون الشيعة لا يستطيعون الإنضمام إلى قوات الأمن، ولكن الحكومة تقوم بتجنيد أشخاص من الخارج”.

على الأرض في باكستان؛ قامت مؤسسة فاوجي بإدارة عمليات التجنيد، هذه المؤسسة هي واحدة من أكبر التكتلات في باكستان وهي تمتلك صلات وثيقة بالجيش الباكستاني. وبالإضافة إلى خدمات التوظيف في ما وراء البحار -حبث تُكلَّف المؤسسة بمهمَّة توفير فرص العمل للعسكريين المتقاعدين-؛ تمتلك المؤسسة شركات حبوب وغاز كبيرة ومصانع سكَّر وشركات أمنية، بالإضافة إلى المستشفيات والجامعات.

مؤسسة فاوجي لم تستجب لطلب الجزيرة للتعليق حول الموضوع.

ويقول فهد ديسموخ وهو باكستاني كان يقيم سابقاً في البحرين ويعيش حالياً في باكستان حول الموضوع: “الباكستانيون وخصوصاً البلوش يشكِّلون جزءاً كبيراً من القوة البحرينية”.

وأضاف: “هم مرئيون جداً في الشوارع، مرئيون لدرجة أن المتظاهرون كانوا يردَّون مؤخراً على الشرطة بلغة الأوردو حيث أنهم يعرفون بأنهم لا يتحدثون اللغة العربية”. [شاهد فيديو يقوم فيه متظاهرون بترديد هتاف “الشرطة مجانين” بلغة الأوردو هُنا].

وتمتلك البحرين البلد الصغير الذي يسكن فيه 800 ألف شخص تقريباً (من بينهم 235 ألف شخص من غير الحاصلين على الجنسية) قوة دفاع عدد أفرادها حوالي 12 ألف شخص وحرس وطني عدد أفراده 1200 شخص، وذلك طبقاً لوزارة الخارجية الأمريكية.

ويبدو أن عدد أفراد الحرس الوطني والذي كان في واجهة حملة القمع قد أصبح أكثر من الضعف وذلك بعد عمليات التجنيد الأخيرة لجنود معظمهم من البلوش.

مايكل ستيفنز المختص بشؤون البحرين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة الواقع في قطر قال للجزيرة: “ما يظهر هو أن الحكومة البحرينية لديها ثقة قليلة بمواطنيها في إدارة عمليات الأمن، ولهذا تقوم بالاعتماد على المجنَّدين الأجانب لتنفيذ أوامر القمع العنيف للاحتجاجات ومن غير تردُّد”.

وفي حين أن الدول العربية تمتلك تاريخاً طويلاً في الاعتماد على باكستان للحصول على الخبرة العسكرية بالإضافة إلى الجنود المشاة؛ تأتي الزيادات الأخيرة في عمليات التجنيد في وقتٍ صعب، حيث تكافح باكستان من أجل القضاء على أعمال العنف العرقية واسعة الانتشار والتمرد القوي الواقع في شوارعها، كما تواجه البلاد أيضاً تحديات كبيرة في المنطقة.

ويقول مايكل ستيفنز: “هذا بالتأكيد وَضَعَ باكستان في موقف حرج للغاية، حيث يجب عليها أن توازن علاقتها مع إيران من جهة ومع السعودية والبحرين من جهة أخرى”.

وكانت إيران البلاد التي يقودها الشيعة قد شجبت مراراً وتكراراً قمع الحكومة البحرينية للشيعة، بينما بقيت السعودية الحليف الأقرب للبحرين.

وفي داخل البحرين؛ جلبت عمليات التجنيد الخطر للمهاجرين من جنوب آسيا، حيث ازدادت مشاعر العداء تجاه الباكستانيين وذلك لأنهم يُنظر إليهم كما تقول التقارير على أنهم المحرك الرئيسي في حملة القمع.

كما زاد تدفُّق المرتزقة السنة المخاوف حول احتمالية قيام الحكومة البحرينية بتجنيس المجنَّدين الجدد في جهودها الرامية لتغيير ديموغرافية البلاد ذات الأغلبية الشيعية.

استيراد الخبرة




واحد من الإعلانات المنشورة في الصحف الباكستانية، وهو يقول: حاجة مستعجلة للحرس الوطني البحريني

يقول حامد حسين وهو يعمل كمحلِّل ومؤرِّخ منذ وقتٍ طويلٍ للجيش الباكستاني: “في السبعينات والثمانينات قامت العديد من الدول العربية التي تدفقت عليها أموال النفط بشراء أحدث المعدات، ولكن السكان المحليون كانوا يفتقرون للمهارات التقنية”.

ويضيف: “تم انتداب عدد من أفراد الجيش الباكستاني والقوة الجوية الباكستانية من قبل عدَّة بلدان من ضمنها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر والأردن وسوريا والعراق”.

عمليات التجنيد تباينت من استقدام العشرات من المستشارين إلى استقدام الآلاف من المدرِّبين ومشغلي الأجهزة المعقدة.

أبرز هذه الحالات كانت في عام 1970 عندما ساعد العميد ضياء الحق القوات الأردنية في قمع الفلسطينيين في الحادثة التي أصبحت معروفةً باسم “سبتمبر الأسود”.

ضياء الحق وفي واحدة من المفارقات المثيرة للاهتمام في الجيش الباكستاني، أصبح فيما بعد دكتاتوراً مُهاباً، كما قام بتقديم عملية خاطفة “للأسلمة”.

العلاقات الأمنية لباكستان وبشكلٍ خاص مع المملكة العربية السعودية وضعتها على خلاف مع إيران جارتها إلى الغرب. كانت الدولتان قد علقتا في تنافس شيعي سني لمدة عقود، كما خاضتا حروباً بالوكالة في كافة أنحاء المنطقة.

أثناء حرب الخليج في عام 1991، رفضت باكستان طلب السعودية بالمساعدة الدائمة في حال قيام صدام حسين بشن الهجمات، وهو الأمر الذي أثاء استياء السعودية بشكل واضح.

إحياء العلاقة أخذ وقتاً طويلاً منذ ذلك الحين، ولكن عندما جلبت الانتفاضة في البحرين المخاوف حول احتماليَّة طرق الاضطرابات لأبواب السعودية، قام الأمير بندر بن سلطات رئيس مجلس الأمن الوطني السعودي برحلتين هادئتين لباكستان لالتماس دعمهم في حال اندلاع الاحتجاجات في السعودية.

ويقول حامد حسين: “الحاجة المحتملة للقوات الأجنبية في حال خرجت الاحتجاجات عن نطاق السيطرة أجبرت السعودية على العمل مع حكومة باكستان المدنية الحالية التي لا يكنون لها شيء سوى الاحتقار المطلق”.

وطبقاً لوسائل الإعلام الباكستانية، أخبر رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني الأمير بندر بأن بلاده تؤيِّد الموقف السعودي في الخليج والشرق الأوسط وأنها ستقف إلى جانب الرياض لتحقيق السلام الإقليمي.

ويقول حسين: “رئيس ورئيس وزراء باكستان واجها وضع اقتصادي قاسي في البلاد وكبار الضباط في الجيش غير متأكدين حول التمويل الأمريكي المستمر، ولذا فهم سعيدان من احتمالية وجود مكاسب نقدية مفاجئة من الرعاة السعوديين”.

وكان في جدول أعمال الأمير بندر أيضاً كسب دعم باكستان للقوة العسكرية لمجلس التعاون الخليجي والتي ترأسها السعودية، والتي انتشرت في البحرين لمساعدة المملكة.

هذه الرحلة تبعتها زيارات من قبل وزير الخارجية البحريني وقائد الحرس الوطني البحريني، وبعدها؛ بدأت إعلانات التجنيد بالظهور على وسائل الإعلام الباكستانية.

بلوشستان وهي المنطقة التي يأتي أغلب المجندين منها هي محافظة تقع في المنطقة الجنوبية الغربية لباكستان ويسكنها ستة ملايين شخص. ولمدة عقود؛ قُوبِلَت حركة مسلحة لتقرير المصير في هذه المنطقة بحملة قمع حكومية حادة.

وكان المقاتلون القوميون البلوش قد أعربوا عن قلقهم حول عمليات التجنيد وذلك قبل فترة طويلة من التصعيد الأخير.

وقال باشام بلوش وهو ناطق رسمي باسم جبهة التحرير البلوشية في تصريحٍ له في عام 2009: “نحن ندعو الأمة البلوشية ألا تصبح جزءاً من أي جيش متسبد أو قمعي في الوقت الذي تعيش الأمة البلوشية فيه حالة حرب ونقاتل فيه بأنفسنا ضد المستبدين”.

وأضاف: “بدلاً من أن يتحول الشبَّان البلوش إلى قتلة مأجورين يجب عليهم أن يلتحقوا بالجيوش الوطنية [جبهة التحرير البلوشية، جيش تحرير بلوشستان] لجعل استقلال وطنهم واقعاً .. نحن لا نريد للبلوش أن يُستغلُّوت ويتحولوا إلى مرتزقة”.

ردة الفعل العدائية

البحرين هي موطن لعدد كبير من العمال الأجانب. غالبية القوى العاملة هناك مكوَّنة من المهاجرين من جنوب آسيا وتحديداً من باكستان.

نبيل رجب الناشط في مجال حقوق الإنسان قال حول هذا: “بلادنا تمتلك تاريخاً من التقدير للباكستانيين الذين قدموا المساعدة في عملية تطور البلاد. ولكن مؤخراً رأينا جرائماً موجهة نحو الباكستانيين، وهذا أمر مقلق”.

ويشير نبيل رجب هنا إلى حقيقة أنه تم اعتقال الآلاف من الأشخاص ونهب المئات من المنازل من قبل القوات الحكومية، كما يقول بما أن الباكستانيين يشكلون 30% على الأقل من قوات الأمن فإن الناس عندما تفكر بالقمع فإنهم يفكرون بالباكستانيين.

ويقول نبيل رجب: “العامل الباكستاني الفقير الذي ليس له علاقة بقوات الأمن يعاني من كل هذا”.

ويخشى نشطاء حقوق الإنسان والمحللون أيضاً أن الحكومة تزيد بشكل سريع من نسبة التجنيس للمهاجرين السنة في الأشهر الأخيرة كي ترجِّح كفة التوازن العرقي في البلاد.

يذكر بأن البحرين التي تمتلك أغلبية شيعية بشكل الواضح تحكمها عائلة مالكة تنتمي للأقلية السنية.

مايكل ستيفنز الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة قال عن هذا: “الأمر الذي يجب أن تتم مراقبته هو عدد هؤلاء المجندين الذين سيتم تجنيسهم في الأشهر والسنوات القادمة”.

وأضاف: “الكثيرون منهم لن يعودوا إلى موطنهم في باكستان، كما أن الإحصائيات الأخيرة تظهر بأن القادمين من جنوب آسيا يشكلون أغلبية ساحقة من المواطنين الأجانب المجنسين في البحرين”.

في الوقت الذي يعتقد فيه الكثيرون أن باكستان تقوم بتوفير العمال والجنود في مقابل المساعدات الاقتصادية التي تحتاجها بشدة، يبقى النشطاء مثل نبيل رجب في حيرة من هذا القرار.

ويقول نبيل رجب: “الأمر الذي أتعجب منه هو كيف تسمح الحكومة الباكستانية أن يجلب هذا العدد الكبير من الأشخاص إلى هنا ويستعمل كمرتزقة .. نحن نعرف بأن العديد من هؤلاء المجندين هم فقراء وغير متعلمين، ويبحثون فقط عن عمل. هم لا يعرفون ما الذي يقومون بالتوقيع عليه، ولكن حكومة باكستان تعرف بالتأكيد، فلماذا إذن يسمحون بهذا؟”.

التقرير الأصلي بالانكليزية

الترجمة