تأتي هذه الحملة بعد عقود من حرمان أبناء الطائفة الشيعية من العمل في السلك العسكري
لأنهم عبروا عن آرائهم، عسكريون يقبعون في السجون وآخرون قتلوا بينما لازال مصير البعض منهم مجهول
31 يوليو 2011
يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد جراء الحملة القمعية التي قادها النظام الحاكم في البحرين ضد كل من عبر عن رأيه بالمطالبة بمزيد من الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي طالت هذه المرة منتسبي السلك العسكري في وزارة الداخلية ووزارة الدفاع، وهم المؤسستين اللتين يرأسهما أفراد من الأسرة الحاكمة. حيث أقدمت السلطات على قتل واعتقال وتسريح أعدادا كبيرة منهم، وقد وثق المركز منها أكثر عن 248 حالة.
تأتي هذه الحملة بعد عقود من حرمان أبناء الطائفة الشيعية من العمل في السلك العسكري
لأنهم عبروا عن آرائهم، عسكريون يقبعون في السجون وآخرون قتلوا بينما لازال مصير البعض منهم مجهول
31 يوليو 2011
يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد جراء الحملة القمعية التي قادها النظام الحاكم في البحرين ضد كل من عبر عن رأيه بالمطالبة بمزيد من الحريات والديمقراطية وحقوق الإنسان، والتي طالت هذه المرة منتسبي السلك العسكري في وزارة الداخلية ووزارة الدفاع، وهم المؤسستين اللتين يرأسهما أفراد من الأسرة الحاكمة. حيث أقدمت السلطات على قتل واعتقال وتسريح أعدادا كبيرة منهم، وقد وثق المركز منها أكثر عن 248 حالة.
أن النظام الحاكم في البحرين ومنذ عقود من الزمن يمارس سياسة التمييز الطائفي في المؤسسات العسكرية سواء وزارة الداخلية أو وزارة الدفاع وكل المؤسسات العسكرية الأخرى . فمنذ السبعينات وبعد استقلال البحرين قادت السلطة في البحرين حملة تمييز وتهميش طائفي أفضت إلى فصل وسجن أعداد كبيرة من العاملين في السلك العسكري، واستمر هذا التمييز ضد الشيعة في هذه المؤسسات إلى يومنا هذا حيث وصل ذروته مند شهر مارس الماضي، من خلال قتل وسجن وتعذيب العديد من المواطنين الشيعة العاملين في الشرطة والجيش. ولسد ذلك الفراغ الوظيفي في المؤسسات العسكرية يستعين النظام بتوظيف قوات أجنبية يعملون في القوى الأمنية والجيش.
منذ يوم الاثنين الموافق 14 فبراير 2011 اندلعت موجة المظاهرات السلمية مستلهمة من الربيع العربي في تونس ومصر ووقف العديد من العاملين في السلك العسكري مع بقية أبناء الشعب للمطالبة بالحرية و بالحقوق السياسية والمدنية التي كفلتها المواثيق الحقوقية الدولية كذلك دستور مملكة البحرين . ففي يوم الخميس الموافق 17 فبراير، شنت قوات الجيش هجوماً مباغتاً على المعتصمين المسالمين بميدان اللؤلؤة في ساعات الفجر الأولى، الأمر الذي أثار سخطاً كبيراً بين أبناء الشعب بكافة طوائفه وانتماءاته وتوجهاته، ودفعت تلك الاحتجاجات ولي عهد لبحرين سلمان بن حمد آل خليفة للظهور على شاشة التلفزيون الرسمي، محاولاً تخفيف حدة التظاهرات، ومعترفاً بأن لكل مواطن الحق في التعبير عن رأيه بالطرق السلمية.
في يوم الجمعة الموافق 20 مارس 2011 تلقت أسرة العسكري جواد الشملان اتصالاً من وزارة الداخلية يفيد بمقتله في ظروف وتفاصيل غامضة[1] . وكان الشملان قد تأخر عن موعد عودته من عمله في مركز شرطة الخميس، الأمر الذي دفع أسرته للاتصال به عدة مرات على هاتفه النقال دون جدوى. إلى أن أجاب أحد الأشخاص على الاتصالات المتكررة قائلا لهم إن ابنهم قد قتل.
وفي اليوم الثاني استلمت أسرته الجثة التي ظهر عليها أثار إطلاق الرصاص الحي على رجله وبطنه إضافة إلى طعنة من الة حادة في الظهر[2].
صور توضح آثار الرصاص في بطن ورجل الشهيد جواد الشملان إضافة إلى طعنة في الظهر
كما قتل العسكري عبدالعزيز جمعة عياد تحت التعذيب بالصعق بالكهرباء في السجن بعد اعتقاله من قبل من يعتقد انهم الشرطة العسكرية. حيث اختفى عياد الذي يعمل في قوة دفاع البحرين وانقطعت أخباره عن أسرته منذ 13 مارس وبعد أيام من اتصاله بهم ليطلعهم بأنه قد رفض الأوامر بانضمامه إلى فرقة القناصة لقمع الاحتجاجات. وفي تاريخ 24 مارس اتصل أحد المسئولين في المستشفى العسكري بأفراد أسرته ليخبرهم بوفاته وتبين أنه قتل تحت التعذيب والصعق الكهربي لاحقا، وأن مقتله كان بتاريخ 17 مارس بحسب ما جاء في التقرير الطبي أي قبل أسبوع من اطلاع أسرته بمقتله . ورفض المستشفى العسكري لاحقا تسليم جثته بسيارة الإسعاف كما هو دارج بل طلب من الأسرة أن تستلم الجثة بسيارتهم الخاصة.
صور لجسد الشهيد عياد على المغتسل، وتظهر عليه آثار التعذيب
اعتقل العسكري بقوة دفاع البحرين ص. س. في يوم الأربعاء الموافق 16/3/2011 بعد التحقيق معه عن صورا كان يلتقطها مع زملائه . ومن ثم تم نقله الى مكان به ما يقارب ثلاثين مدنيا ملثمين ليبدأوا بضربه وتعذيبه بشكل مستمر مستخدمين كابل مطاطي وآلات حديدية وبعد تجريده من ملابسه وشتمه بعبارات طائفية تستهدف عقائده . وفي فجر الخميس 17/3 نزعوا عنه اللثام وفكوا قيوده بعد ان هددوه طالبين منه التوقيع على تعهد لم يعلم محتواه، ومن ثم طلب منه نسيان ما حدث له وعدم التحدث عنه لعامة الناس والا سيتم تكرار ذلك. وفي تاريخ 17-7 تلقى ص. س. قرار الفصل من الخدمة العسكرية بدون أي سبب معروف.
اثار التعذيب على العسكري بقوة دفاع البحرين ص. س.
في أعقاب الهجوم الوحشي على المعتصمين في ميدان اللؤلؤة والذي أدى لوفاة 4 شهداء أعلن مجموعة من العسكريين انسحابهم من السلك العسكري احتجاجا على قتل المدنيين ومطالبين بنفس مطالب الناس بالديمقراطية وحقوق الانسان. وكان أولهم علي جاسم الغانمي والذي ذهب لمستشفى السلمانية لمعاينة المصابين والقتلى وأعلن من هناك عن انسحابه من السلك العسكري احتجاجاً على الممارسات القمعية التي يقوم بها رجال الجيش والشرطة ضد الناس المسالمين العزل. وكان الغانمي قد اختفى بعد أيام من دخول قوات درع الجزيرة للبحرين وهجومها على الاعتصام بدوار اللؤلؤة ، وبعد حملة اعتقالات واسعة قادتها السلطة ضد المواطنين المشاركين في الاعتصامات والمسيرات المطلبية. وعرف فيما بعد أن منزله تعرض للهجوم الامني لاعتقاله ومن ثم تكسير محتوياته وسرقة نقوده ومقتنياته الثمينة من قبل قوات الامن انتقاما منه ومن اسرته. وفي سبيل دعم التحركات المطلبية شارك علي الغانمي أبناء شعبه بإنشاء صفحة إخبارية عبر الموقع الاجتماعي الشهير “فيس بوك” ولكنه سرعان ما اعتقل وأغلقت الصفحة التي يقوم عليها. ولحد الآن يقبع العسكري الغانمي في السجن منذ اعتقاله بتاريخ 28 مارس 2011 دون أن يقدم لمحاكمة ودون أن يعرف تهمته التي اعتقل من أجلها.
الصورة 1: العسكري علي الغانمي يتحدث للمعتصمين في مستشفى السلمانية، الصورة 2: العسكري الغانمي يحمل الورد ويرتدي علم البحرين تعبيراً عن سلمية المطالب ووطنيتها
توالت الأحداث الدموية منذ الهجوم على الدوار واستهداف العسكرين وكان فصل الانتقام من العسكرين الشيعة هو السمة البارزة؛ حيث أن أغلب المحتجين المطالين بالديمقراطية وحقوق الانسان هم ينتمون للمذهب الشيعي . حيث جرى الانتقام منهم بعد البدء باعتقال مجموعة منهم عبر مداهمات منازلهم في ساعات الفجر، وتكسير كل محتويات منازلهم في الكثير من الأحيان وكذلك سرقة المقتنيات والاموال التي تحويها منازلهم، ومن ثم محاكمتهم محاكمات عسكرية سريعة دون مراعاة للمعايير الدولية للمحاكمات العادلة من حيث وجود المحامي وحقوق المتهم في الدفاع. وتراوحت فترات الأحكام فيها بين أربع وسبع سنوات . ولعل التهمة الأبرز هي “المشاركة في تجمهر الغرض منه الإخلال بالأمن” وهذا بعد أن اعتلى البعض منهم المنصة في الدوار، ليعلنوا موقفهم الرافض لقتل الناس والمدنيين وأبدوا تعاطفهم مع مطالبه المشروعة بالديمقراطية وحقوق الانسان.
ومن بين العسكريين الذين استهدفوا كذلك لاعبي منتخب البحرين علاء ومحمد حبيل الذين تم اعتقالهما وتعذيبهما داخل السجون، إضافة إلى عدة لاعبين آخرين ينتمون للسلك العسكري والرياضي. وعلى الرغم من أنه تم الإفراج عنهم بعد عدة شهور إلا أن محاكماتهم لازالت قائمة مما يمنعهم من الحديث عن ما تعرضوا له من تعذيب وسوء معاملة.
يقبع حاليا في مركز توقيف المحرق مالا يقل عن 120 شرطي تم التحقيق معهم بتهمة المشاركة في الاحتجاجات السلمية المطالبة بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية. وقد تم تقديم بعضهم للمحاكمات السريعة بينما لا زال البعض الآخر ينتظر محاكمته[3] . ويتعرض معظم المعتقلين في البحرين للتعذيب الممنهج حيث قتل 4 مواطنين في داخل السجون منذ بداية الاحتجاجات في فبراير.
اللافت في الأمر إن استهداف العسكريين سبق تاريخ 16 مارس وهو موعد دخول قوات درع الجزيرة للبحرين وفض الإعتصام بدوار اللؤلؤة بالقوة. فقد فُقِدَ يوسف سلمان علي سلمان يوسف الجردابي – موظف بالمستشفى العسكري-بتاريخ 11 مارس 2011 ثم اتصل أحد زملائه ليخبر أهله باعتقاله بتهمة تصوير الجرحى على الرغم من عدم وجود جرحى للأحداث في تلك الفترة.
وقد استهدفت مجموعة من العسكريين لأسباب تافهة وصلت لاعتقال من تحدث مع زملائه وتساءل “لمَ لا يتنحى رئيس الوزراء خليفة بن سلمان الخليفة ؟ ليعتقل مباشرة بعد تصريحه ويحاكم كما حصل مع الشرطي محمد العويناتي . والبعض الاخر اعتقل لمجرد دعابة عن طريق رسالة هاتفية لزميله نصها ” كح كح ككح” على غرار ما ينتشر في الشارع البحريني – نغمة يسقط حمد – والتي انتشرت في مسيرات السيارات التي اقامها شباب ثورة 14 فبراير، ليشي به زميل آخر ويودع السجن كما حصل مع الشرطي سيد احمد عباس العلوي.
وكثير من المعتقلين كان سبب اعتقالهم هو وجود صورة لهم في دوار اللؤلؤ نشرت على أحد الصفحات الأمنية التي تديرها الأجهزة المخابراتية على مواقع التواصل الاجتماعي كالفيسبوك والتويتر، أو حتى صورة ربما يحملها هاتفهم النقال ومرتبطة بالاحتجاجات وهي كفيلة بالزج بهم في السجن والحكم عليهم بأحكام لا تقل عن سنتين سجن كما حدث مع العسكري حسين علي أحمد عيسى. كما إن رفض الأوامر شأنٌ آخر، فقد اعتقل سيد قاسم هادي المرزوق -الفائز بعدة جوائز على مستوى البحرين والخليج بالرمي بسلاح الشوزن- بسبب رفضه قمع الناس في الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية. وحتى العسكري الذي استقال احتجاجاً على ما يحصل لم يسلم من الاعتقال والمحاكمة كما هو حال الشرطي رضا كاظم أحمد العويناتي.
ويوجد ما لا يقل عن خمسة عسكريين مفقودين منذ يوم الهجوم على دوار اللؤلؤة بتاريخ 17 مارس دون أن يعلم ذويهم عنهم أي شيء منهم سيد علي سيد عاشور –لاعب-، ونسيم يوسف حسين الذي لازالت الجهات الأمنية تداهم منزله لاعتقاله وقد تم تهديد زوجته بأنه سيتم اعتقال كل إخوتها في حال عدم تسليم زوجها لنفسه. وحسن خليل العقش –تمت مداهمة منزله ثلاث مرات تم تهديد أخوه باعتقاله من المدرسة الأمر الذي دفعه لتحويل نظام دراسته “منازل” اتقاءاً من تعرضه للاعتقال.
وبررت السلطة في البحرين اعتقالها لمئات العسكريين بالقانون الذي يمنع العسكريين من المشاركة في أي تجمعات سياسية بل حتى الانتماء للجماعات السياسية، وهو ما يعد مخالفة صريحة للمادتين 19 و20 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان حيث تنصان على: المادة 19: لكل شخص الحق في حرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حرية اعتناق الآراء دون أي تدخل، واستقاء الأنباء والأفكار وتلقيها وإذاعتها بأية وسيلة كانت دون تقيد بالحدود الجغرافية. والمادة 20: لكل شخص حق في حرية الاشتراك في الاجتماعات والجمعيات السلمية لا يجوز إرغام أحد على الانتماء إلى جمعية ما.
وقد سبق لمركز البحرين أن وثق في تقرير سابق حجم التمييز الذي يمارس ضد المواطنين الشيعة في مجال التوظيف في الأجهزة الأمنية في الدولة، وهي التي تشكل أكبر جهة توظيف في البحرين (أكثر من 60 ألف منتسب) وتحصل على أكبر ميزانية في الدولة[4] ولكن نسبة المواطنين الشيعة فيها هي الأقل حيث لا تتعدى نسبة 1%. ويعتقد المركز أن العديد من هؤلاء العسكريين تم الزج بهم في السجن دون أن يكونوا مشاركين في أي احتجاجات مطالبة بالديمقراطية وإنما استهدفوا على أساس طائفي ونتيجة خلفيتهم المذهبية. وأن وزارة الداخلية وقوة دفاع البحرين رأت في هذه الاحتجاجات فرصة سانحة لتطهير مؤسساتهم من القلة المتبقية من أبناء الطائفة الشيعية، حتى باتت هذه المؤسسات بؤرة ونماذج التطهير والتمييز الطائفي الذي يمارس في البحرين.
يرجع وزير الدفاع البحريني المشير الركن خليفة بن أحمد آل خليفة لقسم من الأسرة الحاكمة التي لها عداء تاريخي مع أبناء الطائفة الشيعية منذ بداية القرن الماضي، ولكنه استطاع من خلال هذه الأزمة أن يجر اغلب رموز البلاد من الأسرة الحاكمة الى هذه الحالة من العداء التاريخي مع الشيعة.
وبناءاً على ما سبق فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يطالب بالتالي:
1. الإفراج الفوري عن كل سجناء الرأي من العسكريين والمدنيين
2. التحقيق مع من تسبب في قتل وسجن وتعذيب العسكريين بصورة علنية وشفافة، وتعويضهم عن كل الجرائم التي ارتكبت ضدهم وارجاعهم الى اعمالهم
3. وقف التمييز الممنهج ضد أبناء الطائفة الشيعية في مؤسسات الدولة وفتح المجال أماهم للعمل في السلك العسكري والمدني، لتكون هذه المؤسسات وطنية معبرة عن نسيج البلاد المذهبي والاجتماعي.
4. وقف استقدام الأجانب للعمل في قوات الجيش والشرطة. ووقف الاستعانة بالمرتزقة في صفوف الاجهزة الامنية
5. إبعاد الشخصيات من الأسرة الحاكمة التي تقف وراء التمييز والتهميش والشحن الطائفي والتي كان لوجودها التأثير الكثير على ما تعانيه البلاد من مشاكل.
[2]http://www.youtube.com/watch?v=RYUbgDN1IR8
[3] شهادة أحد العسكريين المحاكمين والموقوفين بذلك المركز
[4]http://www.alwasatnews.com/3040/news/read/518752/1.html