في غياب المساءلة الدولية وتواطؤ الجامعة العربية سلطات البحرين تواصل التنكيل بدعاة حقوق الإنسان والأطباء والمطالبين بالإصلاح

28 يونيو 2011

يعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن قلقه العميق وإدانته الكاملة للعقوبات المغلظة التي استهدفت التنكيل برموز بارزة للعمل الحقوقي والسياسي في مملكة البحرين، جل جريمتهم أنهم يتطلعون إلى إصلاحات حقيقية لبناء نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان، ويكفل تطبيق مبدأ المساواة، وإنهاء التمييز المنهجي ضد الطائفة الشيعية.

فقد أصدرت “محكمة السلامة الوطنية” -وهى محكمة عسكرية خاصة تشكلت مع إعلان حالة الطوارئ في البلاد- أحكاما بالسجن المؤبد على أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج عبد الهادي الخواجة

28 يونيو 2011

يعرب مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان عن قلقه العميق وإدانته الكاملة للعقوبات المغلظة التي استهدفت التنكيل برموز بارزة للعمل الحقوقي والسياسي في مملكة البحرين، جل جريمتهم أنهم يتطلعون إلى إصلاحات حقيقية لبناء نظام ديمقراطي يحترم حقوق الإنسان، ويكفل تطبيق مبدأ المساواة، وإنهاء التمييز المنهجي ضد الطائفة الشيعية.

فقد أصدرت “محكمة السلامة الوطنية” -وهى محكمة عسكرية خاصة تشكلت مع إعلان حالة الطوارئ في البلاد- أحكاما بالسجن المؤبد على أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج عبد الهادي الخواجة الرئيس السابق لمركز البحرين لحقوق الإنسان، والذي شغل حتى أشهر قليلة مضت منصب المنسق الإقليمي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للمؤسسة العالمية للدفاع عن مدافعي حقوق الإنسان (الخط الأمامي)، وقد طالت أحكام مماثلة بالسجن المؤبد سبعة آخرين من الرموز البارزة للمعارضة السياسية ودعاة الإصلاح الديمقراطي في المملكة وفي مقدمتهم: حسن مشيمع الأمين العام لجمعية “حق”، وعبد الجليل السنكيس العضو القيادي بذات الجمعية والمدون أيضا. كما طالت أحكام أخرى بالسجن لفترات تتراوح بين عامين وخمسة عشر عاما ثلاثة عشر متهما آخرين. وقد حوصر المتهمون بالعديد من الاتهامات الملفقة، مثل التآمر لقلب نظام الحكم، أو تأسيس وإدارة جماعة إرهابية، أو التخابر مع تنظيمات إرهابية خارج البلاد!

ويؤكد مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان على تضامنه الكامل مع ضحايا المحاكمات الصورية التي دأبت السلطات البحرينية على اللجوء إليها في مواجهة من تصنفهم كخصوم لها، لمجرد ممارستهم لحقهم في التعبير السلمي والنقد العلني للممارسات والسياسات الحكومية، أو بسبب دفاعهم عن حقوق الإنسان. وينوه المركز في هذا الإطار إلى أن سلطات التحقيق في هذه القضية لم تحرك ساكنا تجاه وقائع الاعتداء البدني الوحشي الذي تعرض له عبد الهادي الخواجة عند القبض عليه في أبريل الماضي، فضلا عن تعرضه للتعذيب في محبسه ومحاولة الاعتداء الجنسي عليه. وقد أفضت ممارسات التعذيب التي طالت الخواجة إلى تهشيم فكه وإصابات أخرى جسيمة، وإخضاعه منذ عدة أسابيع لتدخل جراحي بإحدى المستشفيات العسكرية التي رفضت تقديم أي تقرير طبي أو معلومات إليه عن طبيعة العملية الجراحية. وعلم مركز القاهرة أنه قد جري أمس نقل عبد الهادي إلي إحدي المستشفيات نظراً لتدهور حالته الصحية. وقد رفض “قضاة” المحكمة العسكرية الاستماع إلى شكوى الخواجة عن وقائع تعذيبه، وامتنعت المحكمة عن إصدار أي أمر قضائي بالتحقيق في هذه الشكوى.

ويشدد المركز على أن تواطؤ سلطات التحقيق والقضاء على شكاوى التعذيب، سواء بحق الخواجة أو بحق عدد آخر من المتهمين في هذه القضية، فضلا عن عشرات من النشطاء السياسيين والحقوقيين الذين طالتهم ممارسات التعذيب خلال العام المنصرم، تظهر بجلاء أن التعذيب بات ممارسة منهجية يحظى مرتكبوها بالحصانة من المحاسبة والعقاب. ومن ثم لا يبدو غريبا في هذا السياق التزايد الملحوظ لحالات الوفاة داخل مراكز الاحتجاز، حيث سجلت التقارير وقوع أربع حالات للوفاة على الأقل خلال الشهرين الأخيرين.

إن مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان يسجل مرة أخرى إدانته لأعمال القمع الوحشي التي جرت ضد الانتفاضة الديمقراطية في البحرين، ولتلك المحاكمات الاستثنائية والصورية، باعتبارها تشكل خرقا فظا لمعايير العدالة الدولية، وخاصة أنه قد حرم خلالها المتهمون من حقهم في مواجهة شهود الإثبات، أو في تقديم شهود للنفي من جانبهم!

ويحذر المركز من أن تواطؤ أطراف دولية وإقليمية على الانتهاكات والممارسات القمعية للسلطات البحرينية، ينذر ببلوغ وضعية حقوق الإنسان في هذا البلد حدا كارثيا، إذا ما أخذ في الاعتبار أن مشاعر الغبن المتزايد لدى أقسام واسعة من السكان، ربما تدفع بالبلاد إلى حافة الاحتراب الأهلي على أسس طائفية أو مذهبية، وهو تدهور لن تنحصر آثاره بدولة البحرين وحدها.

ويدعو المركز إلى تضافر جهود المجتمع الدولي وجامعة الدول العربية للتدخل على نحو جاد وسريع لوقف المحاكمات الاستثنائية الجائرة، والتحقيق مع المسئولين عن القمع الوحشي والتعذيب، والإفراج الفوري عن النشطاء الحقوقيين والمدونين والسياسيين الذين طالتهم هذه المحاكمات، باعتبارهم لم يمارسوا سوى حقهم في التعبير السلمي عن آرائهم. كما يدعو المركز في هذا السياق إلى العمل بشكل خاص على وقف المحاكمات العسكرية الجائرة، التي تستهدف 47 من الأطباء والطواقم الطبية بمجمع السليمانية الطبي، لأنهم قرروا عدم الانصياع لتعليمات حكومية استهدفت الحيلولة دون تقديم العلاج للضحايا المصابين، خلال القمع الوحشي للتجمعات السلمية المطالبة بالإصلاح في دوار اللؤلؤة في فبراير الماضي.

ويرجح مركز القاهرة أن الإجراءات التعسفية التي طالت هؤلاء الأشخاص -بما في ذلك تعرض بعضهم للتعذيب- استهدفت معاقبتهم على التزامهم بواجبهم المهني ومسئولياتهم الأخلاقية تجاه الجرحى والمصابين، فضلا عما كشف عنه بعضهم من تخصيص حجرات للتعذيب داخل مستشفى السليمانية، جرى استخدامها في معاقبة والاعتداء على المصابين من المتظاهرين. ومن المؤسف أن بعض المنظمات المصرية قد تجاهلت كل الممارسات الوحشية التي تتبعها سلطات البحرين ضد دعاة الإصلاح والمدافعين عن حقوق الإنسان والأطباء والممرضين، بل وتنتقد منظمات حقوق الإنسان التي تفضح هذه الممارسات !!

www.cihrs.org