صحيفة الغارديان البريطانية: أريحونا من الاهتمام المفاجئ للبحرين بالعمَّال الآسيويين الأجانب

المقال بقلم فهد ديسموخ الصحفي الباكستاني المقيم سابقاً في البحرين
ترجمة RedSky446

18 يونيو 2011
منذ أن بدأ النظام البحريني قمعه على المتظاهرين في شهر مارس الماضي، حاولت الحكومة والمدافعون عنها أن يبرروا وحشية النظام بالإشارة إلى أعمال العنف التي قام بها المتظاهرون -على حد زعمهم- ضد العمالة الوافدة.

حالياً يتم وصف العمال الأجانب بـ “المغتربين الآسيويين المساكين والأبرياء”، ولكن قبل بضعة أشهرٍ فقط كان هناك مخاوف صغيرة على المستوى الوطني حول إساءة معاملة العمال المهاجرين، والذين يمثلون 54% من سكان البحرين المقيمين، كما أنهم يشكلون نسبة الغالبية في القوى العاملة مثل الدول الخليجية المجاورة. معظم هؤلاء العمَّال جاؤوا من جنوب آسيا، ويمكن القول أنهم أكثر الجاليات المهمَّشة في البحرين.

المقال بقلم فهد ديسموخ الصحفي الباكستاني المقيم سابقاً في البحرين
ترجمة RedSky446

18 يونيو 2011
منذ أن بدأ النظام البحريني قمعه على المتظاهرين في شهر مارس الماضي، حاولت الحكومة والمدافعون عنها أن يبرروا وحشية النظام بالإشارة إلى أعمال العنف التي قام بها المتظاهرون -على حد زعمهم- ضد العمالة الوافدة.

حالياً يتم وصف العمال الأجانب بـ “المغتربين الآسيويين المساكين والأبرياء”، ولكن قبل بضعة أشهرٍ فقط كان هناك مخاوف صغيرة على المستوى الوطني حول إساءة معاملة العمال المهاجرين، والذين يمثلون 54% من سكان البحرين المقيمين، كما أنهم يشكلون نسبة الغالبية في القوى العاملة مثل الدول الخليجية المجاورة. معظم هؤلاء العمَّال جاؤوا من جنوب آسيا، ويمكن القول أنهم أكثر الجاليات المهمَّشة في البحرين.

أما الآن أصبحت رفاهية هؤلاء على نحوٍ مفاجئ مسألة مثيرة لقلق النظام والمدافعين عنه، ففي بداية القمع؛ سارع وزير الخارجية بالقيام بجولة بين نوادي وسفارات الجاليات الأجنبية المختلفة مرحِّباً “بالعلاقات القوية التي تربطهم” بمملكة البحرين، كما بدأ التلفزيون الحكومي المحلي فجأةً بإذاعة نشرات الأخبار باللغة الهندية ولغة الأوردو واللغة التغولغية.

كل هذه التصرفات تبدو تصرفات مخادعة إلى حدٍّ ما، وبالنسبة لي كمغترب عاش لفترة طويلة هناك، ردة فعلي الأولى هو أن أتساءل لماذا لم يظهر هذا المستوى من الغضب مسبقاً من هذه الجهات عندما كان العمال الآسيويُّون يتعرَّضون إلى الانتهاكات الوحشيَّة من قبل أرباب أعمالهم البحرينيين أو عندما كانوا يقتلون في مواقع أعمالهم نتيجةً للإهمال الإجرامي الذي يتعرَّضون له؟ كما أتساءل لماذا عندما حاولتُ أن أنشر آرائي السياسية حول البحرين قبل بضع سنوات، تم وضع اسمي في القائمة السوداء ومُنِعتُ من دخول البلاد مجدَّداً؟

في عام 2004 بدأتُ بالتدوين عن النشاط السياسي المتزايد للمعارضة في البحرين، حيث كنتُ أقوم بتصوير وعمل التقارير حول الاحتجاجات والمظاهرات التي تحدث في الشوارع والتي تحظى على تغطية صغيرة في الصحف المحليَّة الصادرة باللغة الإنكليزية. أنا مواطنٌ باكستاني؛ ولكن باستثناء السنوات القليلة التي قضيتُها في الخارج للتعليم الجامعي لم أعرف غير البحرين وطناً لي.

في شهر يوليو من عام 2006 دقَّ رجل شرطة جرس مسكني وأعطاني رسالة تأمرني بتقديم نفسي إلى جهاز الأمن الوطني البحريني سيِّء الصيت في صباح اليوم التالي.

تم استجوابي بواسطة ضابطين بالغا في استخدام أسلوب الشرطي الجيد والشرطي السيء في التحقيق إلى درجة مضحكة. لم يكن بادٍ عليهما أنهما يعرفان مدوَّنتي ولكنهما كانا بالتأكيد يتتبَّعان الأشخاص الذين أجتمع معهم والأشخاص الذين أتكلَّم معهم على الهاتف، إذ أنَّهما أرادا أن يعرفان لماذا كنتُ أجتمع مع صحفيين أجانب ومع باحثين أكاديميين كانوا قد جاؤوا لزيارة البحرين.

الضابط الذي يمثل دور الشرطي السيء صرخ عليَّ وقال “هذا المظروف يحتوي على كل شيء حول ماضيك وحاضرك ومستقبلك، لذا فمن الأفضل لك أن تخبرني عن كل شيء تعرفه!” مشيراً إلى مظروف بنِّي اللون تم وضعه على الطاولة.

بعد بضعة ساعاتٍ تم إخباري بأنني أستطيع المغادرة “الآن”، ولكن قيل لي أنه سوف يتم استدعائي مرةً أخرى في غضون عدة أسابيع حيث سيكون من الواجب عليَّ حينها أن “أكشف عن كل شيء أعرفه بشكل فعلي”.

بعد أسبوعين من هذه الحادثة قمتُ بمغادرة البحرين في سفرةٍ كانت معدَّةً مسبقاً، وعندما عدتُ أخبرني ضابط الهجرة في مطار البحرين بأنني ممنوع من دخول البلاد بناءاً على طلب وزارة الداخليَّة، ومنذ ذلك الحين وأنا أعيش في باكستان.

كمغترب في البحرين؛ يمكنكَ أن تجني بعض المال وتعيش حياةً محترمةً طالما أنت راغبٌ بالتخلي عن حقَّك في التعليق عمَّا يجري من حولك، ومهما كانت الفترة التي عشتها هناك سوف يتم اعتبارك على أنك شخص غريب.

وتتشارك البحرين بهذه القاعدة مع بقيَّة الدول الخليجية ذات النظام الملكي، حيث تتصف الحقوق العمَّاليَّة للعمال المهاجرين بالكآبة على الرغم من أن البحرين أفضل بقليل من بقية هذه الدول من ناحية التشريعات العمَّاليَّة. وإذا حاول العمَّال المهاجرون أن يقومون بتنظيم صفوفهم من أجل حقوقهم فإنَّ هذا يمكن أن يزجَّ بهم في السجن أو يمكن أن يتسبَّب في ترحيلهم من البلاد إلى وطنهم الأصلي مع ديون ضخمة لم يتم دفعها تثقل كاهلهم.

كما يتم استخدام العمالة الوافدة في البحرين من قبل النظام كوسيلة لقمع السكَّان المحليين والمثال الأكثر وضوحاً في هذا المجال هو التوظيف الجماعي لأعداد كبيرة من الأجانب في الشرطة والجيش، والذين يتم استخدامهم لقمع أي معارضة سياسيَّة للنظام بقوَّة وحشيَّة. (وفي الحقيقة؛ كان هذا تحت إشراف المسؤول الأمني العقيد البريطاني أيان هيندرسون والذي تشير التقارير أن التعذيب في البحرين قد ازداد بصوة كبيرة في عهده).

ولكن أكثر طريقة غير مُلاحظة يتم بواسطتها استخدام المغتربين للقمع هي تقسيم القوى العاملة. البحرين لديها تاريخ طويل من الكفاح العمَّالي الجذري والذي ترجع بداياته إلى عصر اكتشاف النفط في الثلاثينات، حيث كان هناك تداخل كبير بين المعارضة السياسيَّة والحركة العمَّاليَّة في ذلك الوقت، إذ كان الإضراب عن العمل أداةً مفضَّلةً للضغط على الحكومة. ولكن هذا الأمر انتهى في السبعينات عندما تم توظيف أعداد كبيرة من العمَّال المهاجرين من جنوب آسيا.

وجود هذا العدد الكبير من الأجانب في مواقع العمل؛ والذين كانوا يجهلون بشكل كبير السياسات المحليَّة و يخافون من أن يكونوا متداخلين في هذه الأمور، شكَّل صعوبةً على جميع العمَّال أن ينظموا صفوفهم بفعاليَّة. هذا الأمر أدى جنباً إلى جنب مع القمع الوحشي (الذي تضمَّن بداية استخدام التعذيب الممنهج) إلى سحق المعارضة الشعبيَّة بشكل شبه كلِّي ببداية الثمانينات، ومنذ ذلك الحين لم يسبق لها أنَّها كانت قادرة على التعافي كليَّاً من هذا.

وحتى في الفترة الحاليَّة؛ بالرغم من أن قوانين العمل الأخيرة تسمع للعمَّال المهاجرين أن ينضمُّوا إلى الاتحادات النقابيَّة إلا أن القليل منهم فقط هو من يفعل ذلك، وذلك نتيجةً لخوفهم من أن يقعوا في مشكلة مع أرباب أعمالهم ويتم ترحيلهم.

في أعقاب حملة القمع التي شنَّتها الحكومة على المتظاهرين، برزت عدَّة حوادث عنفٍ مزعجة ضد العمَّال المهاجرين (خلَّفت قتيلين على الأقل و34 مصاباً). وفي حين أنَّ هناك القليل من الأدلَّة التي تثبت أن بشكل قاطع أن هذه الأعمال قد تم تنفيذها بواسطة المتظاهرين المطالبين بالديمقراطيَّة؛ ليس هنالك شكٌ بأنَّ القمع قد نمَّى مشاعر الغضب تجاه العمّال الأجانب (وخصوصاً تجاه الباكستانيين الذين يتم توظيفهم بأعداد كبيرة في شرطة مكافحة الشغب وفي الجيش).

ومن الناحية الأخرى؛ قام بعض الزعماء الانتهازيين للجاليات الأجنبيَّة بانتهاز الفرصة وأبدوا ولاءهم لأسيادهم من آل خليفة مستمتعين بذلك بالشعور بالأهميَّة للحظاتٍ معدودة.

ولكن يجب على كلتا المجموعتين –العمَّال الأجانب والطبقة العاملة البحرينيَّة- أن تتوقَّفانِ عن التشاجر على خلفيَّة الدعاية الإعلامية الحكومية التي تحرِّضهما ضد بعضهما البعض، وأن يدركوا أنَّ الجهة التي تقوم باستغلالهم هي جهة واحدة. وحتى يحدث هذا الأمر؛ لن تستطيع أي مجموعة منهما أن تتوقع تحسُّن أوضاعها بشكل ملحوظ.

المقال الأصلي guardian.co.uk
مصدر الترجمة http://feb14translator.blogspot.com/