وقائع الجلسة الرابعة من محاكمة ما يسمى بالشبكة التنظيمية – 9 ديسمبر 2010 – عرض للمذكرة الموجهة للمحكمة عن أسباب انسحاب المحامين

خارج المحكمة
تم تطويق منطقة المحكمة في المنطقة الدبلوماسية برجال ونساء القوات الخاصة وتم منع البعض من المرور، بينما كانت طائرة الهليوكوبتر تحوم فوق المنطقة وصوتها يدوي في المنطقة الدبلوماسية. وقد منعت تلك القوات مجموعة من النشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان من دخول المحكمة[1] .

خارج المحكمة
تم تطويق منطقة المحكمة في المنطقة الدبلوماسية برجال ونساء القوات الخاصة وتم منع البعض من المرور، بينما كانت طائرة الهليوكوبتر تحوم فوق المنطقة وصوتها يدوي في المنطقة الدبلوماسية. وقد منعت تلك القوات مجموعة من النشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان من دخول المحكمة[1] .

بدأت جلسة محاكمة 25 شخصاً (مدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء سياسيين ومدونين ، ورجال دين) في الساعة التاسعة و النصف صباحاً، وحضر جلسة المحكمة ، ممثلين عن السفارات الغربية ومنظمات دولية وكذلك بعض وسائل الإعلام المحلية (رغم استمرار حظر النشر في القضية) وبعض أقارب المعتقلين. وكان بين الحضور المراقبين للمحاكمة السيد أحمد منصور ممثل الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان (ANHRI) والمحامي السيد ماثيو موريارتي ممثل عن قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شبكة آيفكس IFEX.

طلبت النيابة العامة البدء بتقديم شهود الإثبات وهم الضباط المسئولين عن التحقيق مع المعتقلين إلا أن المحامون رفضوا ذلك مطالبين بوقف القضية حتى البدء بالتحقيق في قضايا التعذيب أولا، ورفض القاضي تلك الطلبات واعترض الادعاء على طلبات المحامي. وانسحب المحامين بعد رفض القاضي طلباتهم وقدموا له مذكرة تبين أسباب الانسحاب.

ثم علق القاضي الجلسة لمدة نصف ساعة وعاد مرة أخرى إلى القاعة وسأل المتهمين عن محاميهم الجدد الذين ينون تعيينهم إلا أن المتهمون أصروا على الإبقاء على نفس المحامين رافضين أي محامين جدد غيرهم. وتم ارجاء الجلسة إلى 23 ديسمبر 2010 ، لتعيين محامين جدد للمتهمين.
وكانت المحكمة عقدت أولى جلساتها في هذه القضية في 28 تشرين الأول/أكتوبر حيث مثل 23 متهما وجهت لهم تهم “تشكيل منظمة على خلاف القانون الإرهاب وسيلة من وسائلها” و”تمويل نشاطات إرهابية” و”بث اخبار ودعايات كاذبة عن الأوضاع في البحرين”، وهي تهم أنكرها المتهمون.

عرض ملخص للمذكرة الموجهة للمحكمة من هيئة الدفاع

قدم محاموا الدفاع مذكرة للمحكمة استعرضت مجموعة من الوقائع والأسباب التي شكلت مصادرة صريحة لحقوق المتهمين والتي أدت إلى انسحابهم ، وقد تلخصت في تسع نقاط. وللأهمية نعرض ملخص ما تضمنته تلك المذكرة كالتالي:

جرت ظروف عمليات الاعتقال في أنصاف الليالي دون أوامر قضائية، وبنحو مريع للمعتقلين وأهاليهم، عبروا عنها بالـ “اختطاف”، كما أنها تمت على أيدي عناصر جهاز الأمن الوطني الذي أخضعهم ومنذ اللحظة الأولى من الاعتقال لقانون حماية المجتمع من الأعمال الإرهابية وذلك بغرض تعريضهم للتعذيب في غياب محامييهم رغم عدم اختصاص هذا الجهاز في الاعتقال أو في تحديد القانون الذي يجب أن يحاكم عليه المتهمون . أما التهم التي وجهت للمتهمين لاحقا فلا صلة لها بالإرهاب وإنما تتصل في مجملها بالآراء السياسية التي تصل في أقصاها إلى معارضة سياسة نظام الحكم. وهذا القانون الذي يحمل رقم (58/2006) هو محل انتقاد العديد من المنظمات الحقوقية الدولية بما فيها الأمم المتحدة، كما أن هناك مطاعن دستورية حوله لتجاوزه الحقوق الأساسية التي نظمها الدستور.

وقد تم حرمان المتهمين وأهاليهم ومحاميهم من مجموعة من الحقوق الأساسية؛ منها معرفة أماكن اعتقالهم مند الاعتقال إلى ما بعد شهرين حيث أول مثول لهم أمام المحكمة، وكذلك حرمانهم من اللقاءات والزيارات مع الأهالي والمحامين إلى ما بعد أمر المحكمة يوم 28/10/2010م.

كما قامت عناصر جهاز الأمن الوطني بممارسة صنوف التعذيب الجسدي والنفسي بحق المتهمين -حتى بعد مثولهم أمام المحكمة- بغرض إرغامهم على التوقيع على ما لم يقترفوه إذ تمثل ذلك في حبس المتهمين في سجون انفرادية تحت الأرض بخلاف المعايير الدولية للسجون، وتعريضهم للضرب الشديد والصعق الكهربائي والحرمان من النوم لعدة أيام، ولازالت أثار التعذيب بادية على أجسامهم بل لم يوثق في محاضر تحقيق النيابة العامة سوى بعضا مما أدلى به المتهمون في أولى جلسات المحكمة، ومع هذا لم تثبت في محاضر جلسة المحكمة بما يصف الحال بدقة ووضوح . ويذكر أن التعذيب الجسدي والنفسي تكرر ضدهم بعد كل جلسة محاكمة انتقاما منهم لإدلائهم –أمام المحكمة- بما تعرضوا له من تعذيب وإساءة معاملة.

قيام النيابة العامة والصحافة وبعض مسئولي الدولة بعمليات تشهير وإدانة علنية بدأت قبل صدور إدانة قضائية ضدهم، فوصفوا بـ “التنظيم الإرهابي” و “النازيين” وما إلى ذلك من نعوت.. بل وفي بعض الحالات لم يسلم حتى محاموهم من ذلك، وهذا ما ينافي كون المتهمين أبرياء حتى تثبت إدانتهم. بل امتدت الإدانة المنظمة بشكل مقصود لتطال طائفة بأكملها ضمن احتفالات عمت البحرين بقيادة بعض مسئولي الدولة والنواب والصحفيين المقربين من السلطة التنفيذية، وكل ذلك بقبول ضمني من النيابة العامة حيث لم تحرك ساكنا بل أصرت على حرمانهم من حق الدفاع عن أنفسهم وذلك عبر استمرار أمر منع نشر وقائع القضية في الوقت الذي سمحت فيه بنشر ما تريده ومنه الإدانة المسبقة للمتهمين. وهذا ما يعد انتهاكا لمبادئ الدستور والقوانين و المواثيق الدولية ذات الصلة والتي باتت البحرين عضوا فيها وملزمة بها، كما يعد مصادرة واضحة لدور السلطة القضائية.

كما خالفت النيابة أيضا الأصول الإجرائية في التحقيق؛ فبرغم علمها المسبق بأسماء المحامين لم توجه إليهم الدعوة لحضور جلسات التحقيق مع أكثرية المتهمين (11 متهما). ورغم طلب المحامين لم تسمح لهم بلقاء موكليهم قبل بدء جلسات التحقيق وهذا ما هو ثابت في محاضر التحقيق. كما قامت بإجلاس المحامين خلف المتهمين في بعض جلسات التحقيق للفصل تفاديا للتواصل بينهم وهذا ما اعترض عليه المحامون وسُجل في محاضر الجلسات. ولم يشرح ممثل النيابة للمتهمين حقوقهم القانونية ولم تسمح للمحامين بفعل ذلك مخالفة للمبدأ (13) من مجموعة المبادئ. كما لم يقم ممثلو النيابة بمعاينة بعض المتهمين لتثبيت آثار التعذيب الجلية –التي لازالت باقية- على أجسامهم. وفيما يتصل بآثار التعذيب، رفض ممثل النيابة تسجيل أقوال المتهمين كما منع المحامين من توجيه أسئلتهم بل لم تُسجل وإنما تمت الإشارة إليها باقتضاب بأن “طرح المحامي أسئلة و رفضنا توجيهها”. وكما أكد المتهمون فإن بعض ممثلي النيابة في المحكمة دأبوا على تهديد المتهمين باستمرار التعذيب في حال عدم إقرارهم بما انتزع منهم تحت وطأة التعذيب من قبل الأمن الوطني. وقد تسربت وقائع المحاكمة ضمن قرائن تدل على خرق النيابة لسرية جلسات التحقيق وإحاطة الأمن الوطني بمجرياتها، أو إمكانية الأخيرة من خرقها بطريقة ما إذ عرض على المتهمين ما دار في المحكمة مهددين إياهم بمزيد من التعذيب ما لم يوقعوا على التهم المنسوبة إليهم، وهذه جريمة يعاقب عليها، بل حدث أن خرج بعض النواب على محطات التلفزيون مصرحين بالعلم بما دار في التحقيق أمام النيابة. وبرغم خطورة الأمر وأهميته، فإن النيابة العامة لم تحرك ساكنا حيال ما تم تسجيله بمحاضر التحقيق من وضوح آثار التعذيب على أجسام المتهمين برغم طلب المتهمين ومحاميهم من النيابة التحقيق مع رجال الأمن الوطني الذين مارسوا ذلك التعذيب. وأيضا مشاركة النيابة العامة في الحملة الإعلامية التي كان هدفها تشويه سمعة المتهمين و إطلاق أحكاما مسبقة عليهم و تجريمهم دون حكم نهائي. وقد بادرت هيئة الدفاع بإحاطة النائب العام بتلك المخالفات كتابيا في 7/9/2010، بل لجأت للقضاء المستعجل لمنع نشر برامج التشهير بالمتهمين لكن النيابة والإعلام بادرا بنشر وإذاعة البرنامج قبل ساعة من جلسة المحكمة إمعانا في حرمان المتهمين من حق الاعتراض على تشويه سمعتهم بالنشر دون حكم قضائي، وهذا ما أدى إلى وصف النيابة العامة بالشذ عن دورها المحايد، كما هو ينبغي.

وفي أثناء نظر المحكمة في الدعوى، تم حرمان المتهمين من بعض حقوقهم أيضا؛ حيث تقتضي أسس المحاكمة العادلة منح المتهم جميع حقوقه القانونية وان استدعي ذلك التحقيق في بعض مطالبه الجانبية إحقاقا للعدالة. والمحكمة على علم بأن المتهمين قد حُرموا من التالي: رغم سرد المتهمين لما لحق بهم من تعذيب أثناء التحقيق وعرضهم لأثاره على المحكمة، لم يتم تدوينها في محاضر الجلسة كما عرضت أمام مرأى ومسمع المحكمة، بل أن بعضهم لم يسمح له بعرض تلك الآثار. وطالب المتهمون وهيئة الدفاع إبداء ما لحق بهم من تعذيب بعد الجلسات وعرض آثاره، لكن المحكمة حرمتهم من دفاعهم الجوهري هذا إذ لم تولي ذلك اهتماما. وكان الأجدر بالمحكمة النظر بعين الجدية لطلبات هيئة الدفاع الجوهرية المتمثلة في؛ فتح تحقيق قضائي مستقل في جرائم التعذيب، وتشكيل لجنة طبية محايدة من مختلف الاختصاصات للكشف على المتهمين ومعاينة آثار التعذيب، واستبعاد مضابط التحقيق وتقارير الضبط الصادرة في حق المتهمين المعدة من قبل جهاز الأمن الوطني، وكذلك استبعاد تحقيقات النيابة العامة المتأثرة بما قدمه جهاز الأمن الوطني وعدم وقوفها موقف الحياد، وأيضا إسباغ الحماية القانونية على المتهمين ونقلهم من سجون الأمن الوطني إلى أخرى تفاديا لتعرضهم للتعسف هناك مجددا.

كما أشار المحامين في مذكرتهم إلى أن إصرار المحكمة للاستماع إلى (شهود الإثبات) وهم ضباط الأمن الوطني الذين إما مارسوا التعذيب أو ساعدوا عليه أو علموا به وشاهدوا أثاره على أجساد المتهمين من خلال اتصالهم بهم في فترات التحقيق في سراديب الأمن الوطني، وهم -في حقيقة الأمر- متهمون بجرائم التعذيب أقلها السكوت وعدم الإبلاغ عنها. وقد كان الأجدر بالمحكمة التحقيق مع هؤلاء عن الجرائم المنسوبة إليهم بدلا من الاستماع إليهم كـ (شهود). وجاء قرار المحكمة كصدمة للمتهمين وهيئة الدفاع.

وبناء على ما سلف، وحيث أن المحكمة لم تبت في الطلبات التي تقدمت بها هيئة الدفاع في الجلسة الأولى ثم الثانية، وتمسكت بها كطلبات جوهرية وجازمة، نفت الفعل المسند إلى موكليهم جملة وتفصيلا. وقد اقتنع المحامون الذين تشكلت منهم هيئة الدفاع في الدعوى المشار اليها، اقتنعوا بأنهم غير قادرين على أداء واجبهم المهني الذي تمليه عليهم أصول مهنة المحاماة، وأنهم لن يتمكنوا من الاستمرار في الدفاع عن موكليهم بشكل مهني وجاد ومنتج دون توافر المتطلبات أو السبل المقررة بموجب القانون ودون إعانة المحكمة لهم على ذلك. وأن عدم توفير المساحة الكافية لذلك للمحامي يؤدي إلى تحويل حضوره -لا محالة- إلى مجرد حضور صوري من أجل استكمال شكلي لهيئة المحكمة الجنائية ، وهو ما يناقض القسَم الذي أقسم عليه المحامون لممارسة مهنة المحاماة.

ونتيجة لقناعتهم -كمحامين- بعدم تمكنهم من الدفاع عن المتهمين في ظل ما تقدم من ظروف وملابسات، فإنهم قرروا التنحي عن الاستمرار في الدفاع عن هؤلاء المتهمين في هذه الدعوى.

إقرأ المذكرة التفصيلية لأسباب انسحاب المحامين كاملة

صور من يوم المحاكمة

لائحة الإتهام الموجهة للنشطاء المعتقلين

وصلات متعلقة بوقائع الجلسات السابقة للمحكمة:
تقرير مركز البحرين عن الجلسة الثالثة
تقرير منظمة الخط الأمامي عن الجلسة الثانية
تقرير مركز البحرين عن الجلسة الثانية
بيان مراقبة منظمة العفو الدولية للجلسة الأولى
تقرير مركز البحرين لحقوق الإنسان عن الجلسة الأولى

——

[1]منهم : السيد نبيل رجب – رئيس مركز البحرين لحقوق الانسان والسيد محمد المسقطي – رئيس جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان (الذي يمثل المركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان) في النرويج والسيدة غادة جمشير — وهي مدافعة عن حقوق الإنسان ورئيسة لجنة العريضة النسائية والسيد إبراهيم شريف رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي. والسيد عبد النبي العكري – رئيس الجمعية البحرينية للشفافية والسيد عبد الهادي خلف، أكاديمي و كاتب و نائب سابق في برلمان العام 1973 بالإضافة إلى نشطاء وعائلات بعض المعتقلين.