مركز البحرين لحقوق الإنسان 8 يونيو 2009
مركز البحرين لحقوق الإنسان 8 يونيو 2009
يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد جراء استمرار حبس المواطن البحريني حسن سلمان على خلفية اعتقاله بتهمة تسريب ونشر معلومات دون موافقة الجهة صاحبة هذه المعلومات. وتشير الإنباء الأولية التي حصل عليها المركز بأن الجهة المعنية بهذه المعلومات هي جهاز الأمن الوطني، ومما يزيد من القلق هو تعرض المعتقل لضغوط لإرغامه على الإدلاء بأمور لم يقم بها. وكان المركز قد اصدر تقريرا سابقاً يتضمن معلومات وأرقام وإحصائيات عن جهاز الأمن الوطني، تبين تركيبة هذا الجهاز القائمة على التمييز الطائفي والاعتماد على تجنيد المرتزقة، كما سلط الضوء على الانتهاكات التي يمارسها هذا الجهاز والتي تصاعدت خلال الأعوام الأخيرة.
وقد اعتقل حسن سلمان ( 26 سنه) اثناء دخوله مقر عمله يوم الخميس الموافق 14 مايو 2009، حيث تم اقتياده إلى مبنى التحقيقات الجنائية بمنطقة بالعدلية، ومن ثم إلى الشقة التي يسكنها حيث تم مصادرة جهاز الحاسوب الخاص به وبعض الأقراص الالكترونية وصور خاصة به وبأسرته. ووجهت للسيد سلمان اتهامات تتعلق بتسريب ونشر معلومات دون موافقة الجهة صاحبة هذه المعلومات. وتم عرضه مساء نفس اليوم على النيابة العامة التي امرت بتوقيفه على ذمة التحقيق لمدة اسبوع، جددت بعدها توقيفه على ذمة التحقيق لمدة عشرين يوماً. ويقطن السيد حسن سلمان بمنطقة النعيم في ضواحي العاصمة المنامة، وهو متزوج ومعروف في منطقته بنشاطه الخيري والاجتماعي وسمعته الطيبة.
وقد علم مركز البحرين لحقوق الإنسان انه و اثناء التحقيق مع السيد حسن سلمان عرض عليه المحققين مساومتة من اجل إطلاق سراحه، على أن يوقع على إفادة يتهم فيها كل من نبيل رجب – رئيس مركز البحرين لحقوق الانسان – والناشطة السيدة ليلى دشتي – المشرفة بموقع ملتقى البحرين الالكتروني – بأنهما قاما بتحريضه وتمويله من اجل نشر تلك الأسماء، الا ان حسن سلمان رفض ذلك بالرغم من الضغوط الشديدة التي مورست عليه. ويخشى مركز البحرين لحقوق الإنسان بان جهاز الأمن الوطني ربما يعد لاستهداف رئيسه وناشطين آخرين، ضمن الحملة الأمنية التي يقودها هذا الجهاز ضد الناشطين والمدافعين عن حقوق الانسان. ويعتقد مركز البحرين لحقوق الإنسان بأنه وبسبب نشاطه على المستوى المحلي والدولي وتقاريره الحقوقية، وتحديداً ذلك الذي تناول تقييم تكوين الجهاز الأمني وأداءه ورصد انتهاكاته، فإن القائمين على هذا الجهاز يعدون العدة للنيل من الناشطين في المركز وفي مقدمتهم رئيسه في محاولة لمنعهم من مواصلة عملهم الحقوقي في كشف انتهاكات حقوق الإنسان والقائمين عليها.
كان مركز البحرين لحقوق الإنسان وبناءا على قائمة منشورة على الإنترنت تتضمن أكثر من آلف موظف يعملون في هذا الجهاز http://bahrainonline.org/showthread.php?t=230882 ، أعد في الخامس من شهر مارس الماضي تقريراً مفصلاً يحتوي على إحصائيات وحقائق عن جهاز الأمن الوطني ودوره في تصاعد الانتهاكات في الفترة الأخيرة. فقد كشفت التقرير بأن 64% من العاملين في هذا الجهاز هم من غير المواطنين البحرينيين، أغلبهم من جنسيات أسيوية، وأن تشكيلته مبنية على أساس طائفي بحيث لا تتعدى نسبة المواطنين الموظفين بالجهاز من المنتسبين للمذهب الشيعي 4% وهم يعملون كمخبرين وفي وظائف دنيا.
وفي معرض تعليقه على عملية الاعتقال قال نبيل رجب -رئيس مركز االبحرين لحقوق الإنسان:” إن مثل هذه المعلومات أصبحت ضرورية لكشف وفضح الأجهزة المتهمة بانتهاك حقوق الانسان. وإننا نستغرب اعتقال مواطن على خلفية ادعاء السلطة بأنه قام بنشر اسماء موظفين رسميين بأحد الأجهزة الأمنية. فمن المفترض على المنتسبين لأجهزة ودوائر الدولة من عاملين وموظفين أن يفتخروا بخدمة بلادهم، لا أن يشعروا بالعار. ولكن السمعة السيئة التي اكتسبها هذا الجهاز منذ إنشائه وبسبب سجله الأسود في انتهاكات حقوق الإنسان، تعتقل السلطة شخصا قام- حسب ادعائها- بنشر تلك الأسماء”. وأضاف قائلا “إن اعتقال حسن سلمان يكشف عن خطورة تنامي نفوذ جهاز الأمن الوطني والذي هو امتداد لجهاز امن الدولة، وضرورة التصدي السلمي له . إن استمرار السلطة في تدعيم دور وصلاحيات ومساحة نفوذ هذا الجهاز يخلق كيانا شبيها بجهاز “السافاك” الإيراني الذي تسبب في انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في إيران أبان عهد الشاه وكان سببا رئيسيا في انتقادات دولية واسعة وفي الثورة الشعبية التي أنهت حكم الشاه عام 1979″.
وتأسيسا على ما سبق، فان مركز البحرين لحقوق الإنسان يطالب بما يلي:
1- اطلاق سراح المواطن البحريني السيد حسن سلمان فورا لعدم قيامه بأي جرم يستحق الاعتقال او المحاكمة.
2- الكف عن استهداف رئيس وأعضاء مركز البحرين لحقوق الإنسان وعدم القيام بما يعيق أداءهم بواجبهم الحقوقي دون مضايقات أو تهديدات أو استهداف أمني أو إعلامي موجه. ويشمل ذلك تأمين البيئة المناسبة لعمل منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني بعيدا عن القوانين المتشددة، وتدخلات وتهديدات الأجهزة الأمنية.
3- التحقيق النزيهه والمحايد في الانتهاكات التي يمارسها جهاز الأمن الوطني والقوات الخاصة التابعة له، تمهيدا لمقاضاة المتورطين بهده الانتهاكات، وحل هذه الأجهزة الاستثنائية وإرجاع صلاحياتهم إلى أجهزة الأمن العادية.
خلفية عن جهاز الامن الوطني
أبصر جهاز الأمن الوطني النور في مايو/ أيار 2002، من خلال ايجاده كبديل عن “الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة” التي كانت تتبع وزارة الداخلية. وبذلك اصبح الجهاز ادارة موازية لاجهزة الدولة الاخرى بدلا من أن يكون جزئا منها، حيث تتداخل سلطاته مع القضاء وأجهزة وزارة الداخلية، ويمد نفوذه الى الجهاز المركزي للمعلومات وقسم الإعلام الخارجي بوزارة الإعلام ووزارة التنمية الاجتماعية. ويستمد الجهاز نفوذه الاداري من ارتباطه ودوره كذراع تنفيذي لمجلس الدفاع الاعلى الذي يعد السلطة العليا في البلاد اذ يتشكل من الملك وولي العهد ورئيس الوزراء ووزير الديوان الملكي وعشرة اخرين من اسرة الملك الذين يتبوأون المناصب السياسية والامنية الرئيسية في البلاد. وكان تقرير البندر الشهير الذي صدر 2006م قد أشار بشكل موسع للدور المنوط لهذا الجهاز في استهداف النشطاء والمعارضين والمدافعين عن حقوق الإنسان، ومحاصرة مؤسسات المجتمع المدني ورصد ومتابعة نشاط المؤسسات الشيعية تحديداً.
ونص المرسوم الملكي لإنشاء الجهاز على أن “يتبع الجهاز رئيس مجلس الوزراء، ويُعين رئيسه بمرسوم ملكي بدرجة وزير”. وفي عام 2004 صدر عن رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة قرار بالهيكل التنظيمي للجهاز، حيث يتكون من عدد من الوحدات والادارات من بينها: إدارة العمليات الخاصة، وإدارة الشؤون الدولية، وإدارة الأمن السياسي، وإدارة مكافحة الإرهاب، والإدارة المركزية للمعلومات والتوثيق، وإدارة تقنية المعلومات، وإدارة الارتباط والتنسيق، وإدارة الشؤون القانونية. وكان أول رئيس للجهاز هو الشيخ عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة الذي عُيِّن في مايو 2002 ثم تولى رئاسة الجهاز الشيخ خليفة بن علي بن راشد آل خليفة منذ 26 سبتمبر/ أيلول 2005، أما الرئيس الحالي فهو الشيخ خليفة بن عبدالله آل خليفة . واللافت أن كل من الرئيس السابق والحالي قد شغلا موقع سفير البحرين في بريطاني قبل توليهما رئاسة الجهاز.
ويختص الجهاز وفقا لمرسوم انشاءه بـ “الحفاظ على الأمن الوطني .. وله في سبيل ذلك رصد وكشف كل الأنشطة الضارة بالأمن الوطني للمملكة ومؤسساتها ونظمها، وكل ما يهدد أمن وسلامة الوطن .. وكذلك وضع الخطط الأمنية اللازمة لمواجهة كل الظروف العادية والاستثنائية بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة”.
ويقوم جهاز الامن الوطني ومنذ تأسيسه عام 2002 بدور متزايد في اختراق وتخريب مؤسسات المجتمع المدني ومراقبة وملاحقة المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الداخل والخارج. وهذا الجهاز هو المسؤول المباشر عن وفاة الناشط علي جاسم محمد في ديسمبر 2007، واصابة العشرات من المواطنين بالجروح والخنق في استخدام المفرط للقوة ضد الندوات والمسيرات وغيرها من اعمال الاحتجاج، واعتقال المئات من الناشطين المدافعين عن حقوق الإنسان، والتعذيب الذي عاد للبحرين مجددا منذ ديسمبر 2007، وتلفيق التهم وتدبير فبركات أمنية وهمية وإدارة حملات إعلامية في الداخل والخارج لتشويه سمعة الناشطين والمعارضة ولتبرير حملات الاعتقال والمحاكمات غير العادلة والاحكام القضائية المتشددة ضد المخالفين للنظام السياسي.
ويشرف جهاز الأمن الوطني ميدانيا على عمل القوات الخاصة، وهي قوات شبه عسكرية يفوق عددها 20 الفا، حوالي 90% منهم غير بحرينيين، يرأسهم ضباط من اسرة الملك او من القبائل المتحالفة معها سياسيا. وقد تم استخدام القوات الأمنية الخاصة بشكل فعال في محيط القرى أو المناطق التي تقطنها أغلبية من الشيعة . حيث يتم اقتحام القرى واستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط ، مما أدى لجرح المئات من الأشخاص ، من بينهم شيوخ ونساء وأطفال قد أصيبوا أو تعرضوا للاختناق ، وتعرضت العديد من الممتلكات والمنازل والمساجد للإضرار. وتم استخدامهم كذلك في منع وضرب الندوات والاعتصامات والمسيرات السلمية. وتستخدم القوات الأمنية الخاصة أيضا ميليشيا مسلحة يرتدون أحيانا ملابس مدنية وأقنعة سوداء يهاجمون القرى ويلاحقون المتظاهيرين ويعتدون عليهم.
وطبقا للمعايير الدولية المتعلقة بحضر استخدام المرتزقة، ينطبق على الاجانب المنتسبين للقوات الخاصة صفة المرتزقة حيث يتم جلبهم من الخارج بشكل انتقائي بغرض الاستخدام الامني والعسكري خارج الأجهزة الأمنية والعسكرية الاعتيادية، ويتم زجهم في خلافا ليسوا هم فيه طرفا، ويتم تدريبهم وتجهيزهم بشكل خاص، كما توفر لهم ميزات وظيفية ومادية لا يحصل عليها موظفوا الامن العاديون من الاجانب او المواطنين مثل السكن والسفر وجمع الشمل والجنسية البحرينية. ويقيم غالبيتهم مع أسرهم في منطقة ”سافرة ” وهي منطقة معزولة جنوب مدينة الرفاع. وقد تم استخدام أصوات هؤلاء المرتزقة بصورة فعالة لتهميش المعارضة الوطنية والأغلبية الشيعية في الانتخابات لمجلس النواب 2006.
وقد كشفت الميزانية العامة التي قدمتها الحكومة للعامين 2009/2010 عن زيادة في مخصصات جهاز الأمن الوطني بنسبة بلغت 34% عن سابقتها (من 13.6 إلى 18.2 مليون دينار). وتعد هذه اكبر نسبة زيادة لمؤسسة حكومية خلال السنوات الماضية. وكان مركز البحرين لحقوق الانسان قد اصدر بيانا الشهر الماضي عبر فيه عن قلقه من صدور المرسوم الملكي بتعديل بعض أحكام المرسوم رقم (14) لسنة 2002م والذي يقضي بمنح جهاز الامن الوطني سلطة الضبط القضائي ويحصن منتسبيه من الملاحقة القانونية امام المحاكم الاعتيادية. علما بأن هذا الجهاز لا يخضع للمساءلة من قبل مجلس النواب او اية جهة رقابية اخرى.
البحرين: الملك يطلق يد الأمن الوطني بما ينذر بمزيد من الانتهاكات http://www.bchr.net/ar/node/2694