5 مارس 2009
5 مارس 2009
يجدد مركز البحرين لحقوق الإنسان التعبير عن قلقه البالغ للدور المتعاظم والخطير لجهاز الأمن الوطني (المخابرات السياسي) على حساب الحريات وتعزيز حقوق الانسان في البحرين. إذ تكشف قائمة حصل عليها المركز http://bahrainonline.org/showthread.php?t=230882 بأسماء أكثر من آلف موظف يعملون بهذا الجهاز بأن 64% من العاملين فيه هم من غير المواطنين البحرينيين، معظمهم من جنسيات أسيوية، كذلك أن الجهاز قد تم تشكيله على أساس طائفي حيث لا تتعدى نسبة المواطنين الموظفين بالجهاز من المنتسبين للمذهب الشيعي 4% وهم يعملون كمخبرين وفي وظائف دنيا، في حين أن الشيعة الذين يشكلون ثلثي المواطنين هم المستهدفين بشكل رئيسي من قبل هذا الجهاز، ويظهر ذلك من خلال استعراض لهوية القرى والمناطق التي تحاصرها القوات الخاصة بشكل شبه يومي، والمنظمات التي يتم منعها، والمنتديات الالكترونية التي يتم غلقها، والفعاليات الاحتجاجية التي يتم قمعها، ومئات الأشخاص الذين يتم اعتقالهم ومحاكمتهم بتهم أمنية، والنشطاء المستهدفين بحملات التشويه الإعلامية التي يديرها هذا الجهاز. ويتبوأ أقرباء للملك أعلى المناصب في هذا الجهاز حيث يرأسه الشيخ خليفة بن عبدالله آل خليفة اضافة الى ثلاثة آخرين من أسرة الملك.
وقد كشفت الميزانية العامة التي قدمتها الحكومة للعامين 2009/2010 عن زيادة في مخصصات جهاز الأمن الوطني بنسبة بلغت 34% عن سابقتها (من 13.6 إلى 18.2 مليون دينار). وتعد هذه اكبر نسبة زيادة لمؤسسة حكومية خلال السنوات الماضية. وكان مركز البحرين لحقوق الانسان قد اصدر بيانا الشهر الماضي عبر فيه عن قلقه من صدور المرسوم الملكي بتعديل بعض أحكام المرسوم رقم (14) لسنة 2002م والذي يقضي بمنح جهاز الامن الوطني سلطة الضبط القضائي ويحصن منتسبيه من الملاحقة القانونية امام المحاكم الاعتيادية. علما بأن هذا الجهاز لا يخضع للمساءلة من قبل مجلس النواب او اية جهة رقابية اخرى.
أبصر جهاز الأمن الوطني النور في مايو/ أيار 2002، من خلال ايجاده كبديل عن “الإدارة العامة لمباحث أمن الدولة” التي كانت تتبع وزارة الداخلية. وبذلك اصبح الجهاز ادارة موازية لاجهزة الدولة الاخرى بدلا من ان يكون جزئا منها، حيث تتداخل سلطاته مع القضاء وأجهزة وزارة الداخلية، ويمد نفوذه الى الجهاز المركزي للمعلومات ووزارات الإعلام بقسم الإعلام الخارجي والتنمية الاجتماعية. ويستمد الجهاز نفوذه الاداري من ارتباطه ودوره كذراع تنفيذي لمجلس الدفاع الاعلى الذي يعد السلطة العليا في البلاد اذ يتشكل من الملك وولي العهد ورئيس الوزراء ووزير الديوان الملكي وعشرة اخرين من اسرة الملك الذين يتبوأون المناصب السياسية والامنية الرئيسية في البلاد.
ونص المرسوم الملكي لإنشاء الجهاز على أن “يتبع الجهاز رئيس مجلس الوزراء، ويُعين رئيسه بمرسوم ملكي بدرجة وزير”. وفي عام 2004 صدر عن رئيس الوزراء الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة قرار بالهيكل التنظيمي للجهاز، حيث يتكون من عدد من الوحدات والادارات من بينها: إدارة العمليات الخاصة، وإدارة الشؤون الدولية، وإدارة الأمن السياسي، وإدارة مكافحة الإرهاب، والإدارة المركزية للمعلومات والتوثيق، وإدارة تقنية المعلومات، وإدارة الارتباط والتنسيق، وإدارة الشؤون القانونية. وكان أول رئيس للجهاز هو الشيخ عبدالعزيز بن عطية الله آل خليفة الذي عُيِّن في مايو 2002 ثم تولى رئاسة الجهاز الشيخ خليفة بن علي بن راشد آل خليفة منذ 26 سبتمبر/ أيلول 2005، أما الرئيس الحالي فهو الشيخ خليفة بن عبدالله آل خليفة . وكان كل من الرئيس السابق والحالي قد شغلا موقع سفير البحرين في بريطاني قبل توليهما رئاسة الجهاز.
ويختص الجهاز وفقا لمرسوم انشاءه بـ “الحفاظ على الأمن الوطني .. وله في سبيل ذلك رصد وكشف كل الأنشطة الضارة بالأمن الوطني للمملكة ومؤسساتها ونظمها، وكل ما يهدد أمن وسلامة الوطن .. وكذلك وضع الخطط الأمنية اللازمة لمواجهة كل الظروف العادية والاستثنائية بالتعاون والتنسيق مع الجهات الحكومية المختصة”.
ويقوم جهاز الامن الوطني ومنذ تأسيسه عام 2002 بدور متزايد في اختراق مؤسسات المجتمع المدني ومراقبة وملاحقة المعارضين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان في الداخل والخارج. وهذا الجهاز هو المسؤول المباشر عن وفاة الناشط علي جاسم محمد في ديسمبر 2007، واصابة العشرات من المواطنين بالجروح والخنق في استخدام المفرط للقوة ضد الندوات والمسيرات وغيرها من اعمال الاحتجاج، واعتقال المئات من الناشطين المدافعين عن حقوق الانسان، والتعذيب المنظم الذي عاد للبحرين مجددا منذ ديسمبر 2007، وتلفيق التهم وتدبير فبركات امنية وادارة حملات اعلامية في الداخل والخارج لتشويه سمعة الناشطين والمعارضة ولتبرير حملات الاعتقال والمحاكمات غير العادلة والاحكام القضائية المتشددة ضد المخالفين للنظام السياسي.
ويشرف جهاز الامن الوطني ميدانيا على عمل القوات الخاصة، وهي قوات شبه عسكرية يفوق عددها 20 الفا، حوالي 90% منهم غير بحرينيين، يرأسهم ضباط من اسرة الملك او من القبائل المتحالفة معها سياسيا، ولا يوجد بين هذه القوات اي مواطن من الشيعة. وقد تم استخدام القوات الأمنية الخاصة بشكل فعال في محيط القرى أو المناطق التي تقطنها أغلبية من الشيعة . حيث يتم اقتحام القرى واستخدام الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاط ، مما أدى لجرح المئات من الأشخاص ، من بينهم شيوخ ونساء وأطفال قد أصيبوا أو تعرضوا للاختناق ، وتعرضت العديد من الممتلكات والمنازل والمساجد للإضرار. وتستخدم القوات الأمنية الخاصة أيضا ميليشيا مسلحة يرتدون أحيانا ملابس مدنية وأقنعة سوداء يهاجمون القرى ويلاحقون المتظاهيرين ويعتدون عليهم.
وطبقا للمعايير الدولية المتعلقة بحضر استخدام المرتزقة، ينطبق على الاجانب المنتسبين للقوات الخاصة صفة المرتزقة حيث يتم جلبهم من الخارج بشكل انتقائي بغرض الاستخدام الامني والعسكري خارج الاجهزة الامنية والعسكرية الاعتيادية، ويتم تدريبهم وتجهيزهم بشكل خاص، كما توفر لهم ميزات وظيفية ومادية لا يحصل عليها موظفوا الامن العاديون من الاجانب او المواطنين مثل السكن والسفر وجمع الشمل. ويقيم غالبيتهم مع أسرهم في منطقة ”سافرة ” وهي منطقة معزولة جنوب مدينة الرفاع، كما تم منح معظم أولئك الجنسية البحرينية، وذلك لتوطينهم ضمن مشروع التغيير الديمغرافي الطائفي لتهميش المواطنين الشيعة في البحرين. وقد تم استخدام أصوات هؤلاء المرتزقة بصورة فعالة لتهميش المعارضة والأغلبية الشيعية في الانتخابات لمجلس النواب 2006 .
وفي معرض تعليقه، قال نبيل رجب- رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان:” إن ما يزيد من خطورة تدعيم دور وصلاحيات ونفوذ وميزانية جهاز الأمن الوطني هو اعتمادها الكامل على رجال المرتزقة الذين لا تربطهم أي علاقة بالبحرين، كما يعزز ذلك مقولة اعتماد الدولة واستقوائها بقوة خارجية لمواجهة مواطنيها وفقدانها الثقة في السكان الأصليين للبلاد من السنة او الشيعة. وبذلك فإن السلطة تقوم بخلق واقع قمعي جديد أكثر تنظيما وخطورة من تدابير عهد أمن الدولة السابق. وبذلك يسير جهاز الامن الوطني في البحرين على خطى جهاز “السافاك” الايراني الذي تسبب في انتهاكات واسعة لحقوق الانسان في ايران ابان عهد الشاه وكان سببا رئيسيا في انتقادات دولية واسعة وفي الثورة الشعبية التي انهت حكم الشاه عام 1979″.
وتأسيسا على ما سبق، فان مركز البحرين لحقوق الإنسان يجدد مطالبته بما يلي:
1. وقف سياسة جلب واستخدام المرتزقة غير البحرينيين للعمل بالأجهزة الأمنية والقوات الخاصة التي تستخدم في التعامل مع التجمعات السلمية والاحتجاجات الشعبية.
2. حل جهاز الأمن الوطني وقوات الأمن الخاصة وإرجاع صلاحياتهم إلى أجهزة الأمن العادية..
3. وقف المنهجية الحالية المتمثلة في تدعيم القوانين المنتهكة للحقوق والمؤسسات والممارسات التي تقيد وتقمع الحريات العامة، وبدلا عن ذلك ضمان وصيانة الحقوق المدنية والسياسية وإطلاق الحريات العامة خصوصا المتعلقة بالتعبير والتجمع السلمي والتنظيم.
4. وقف الانتهاكات والملاحقات المستمرة للمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين، وتأمين البيئة الصحية المناسبة لعمل منظمات حقوق الإنسان ومؤسسات المجتمع المدني بعيدا عن القوانين المتشددة، وتدخلات وتهديدات الأجهزة الأمنية
5. ضمان استقلالية القضاء، وتأمين حق المواطنين في مقاضاة الموظفين العموميين بجميع اختصاصاتهم ومستوياتهم، وإنهاء أية صورة من صور الحصانة والإفلات من العقاب، خصوصا فيما يتّصل بالاعتقال التعسفي والتعذيب والمحاكمات غير العادلة واستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان.
البحرين: الملك يطلق يد الأمن الوطني بما ينذر بمزيد من الانتهاكات: http://www.bchr.net/ar/node/2694