يصادف 24 يناير 2022 اليوم العالمي الرابع للتعليم منذ أن أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة تاريخ الاحتفال بدور التعليم في رسم مسار العدالة والسلام واحترام حقوق الإنسان. لسنوات، اعترفت العديد من الصكوك والمواثيق القانونية الدولية بالحق في التعليم والحرية الأكاديمية.
الموضوع الأساسي لليوم الدولي للتعليم لهذا العام هو “تغيير المسار، تحويل التعليم”. في عام 2021، نشرت اليونسكو تقريرًا جديدًا بعنوان إعادة تصور مستقبلنا معًا: عقد اجتماعي جديد للتعليم، يعيد فيه التأكيد على فهم التعليم كحق من حقوق الإنسان. والجدير بالذكر أن التقرير يتناول أهمية التعليم في العالم الحديث، بما في ذلك تعزيز التنوع وإعادة تعريف علاقتنا بالتكنولوجيا لمكافحة انتشار المعلومات المضللة والانقسام في العالم.
يجب إعطاء الأولوية للحق في التعليم في عام 2022، لا سيما في البحرين. مع تفشي جائحة COVID-19 المستمر، تم تصنيف البحرين كواحدة من البلدان التي كانت المدارس فيها مفتوحة فقط لأقل من خمسة بالمائة من إجمالي أيام التدريس.
خارج الوباء، تعرّض الحق في التعليم أيضًا إلى التمييز الطائفي والانتقام من المعارضين، فلقد وجد التقرير العالمي لرصد التعليم لعام 2019 أن المئات من طلاب “المتفوقين” تم تقييدهم من الدراسات الجامعية من قبل وزارة التربية والتعليم البحرينية، و ما يقرب من 20٪ من الطلاب الأوائل في فصولهم (الذين تتراوح معدلاتهم الأكاديمية بين 95-99٪) حُرموا من المنح الدراسية وذكروا أن السلطات استجوبتهم بشأن معتقداتهم السياسية ومعتقدات أسرهم، في حين أن من بين الـ 20٪ ، كانت الغالبية العظمى من هؤلاء الطلاب من المسلمين الشيعة، مما يشير إلى أن الحق في التعليم في البحرين يعاني من تمييز طائفي خطير.
علاوة على ذلك، وكما هو موثق من قبل معهد انعدام الجنسية والإدماج، يواجه البدون – أي أولئك الذين ليس لديهم جنسية – صعوبات كبيرة في الوصول إلى التعليم بشكل عام في البحرين بسبب وضعهم، وهذا مقلق بشكل خاص بالنظر إلى تاريخ السلطات البحرينية في سحب الجنسية في حملتها لإسكات المعارضة.
إن قمع البحرين للمتظاهرين والمنتسبين إلى المتظاهرين له عواقب وخيمة ومباشرة على الأطفال والمعلمين والحق في التعليم بشكل عام، وقضية “فراس الصفّار” خير مثال على ذلك، ففي 1 يونيو 2014، تم اختطاف الصفّار – طالب يبلغ من العمر 15 عامًا – من منزله واستجوبته قوات الأمن البحرينية بتهمة “تصوير تجمّعات غير مصرح بها”. بالإضافة إلى تعرضه للضرب على أيدي السلطات، لم يُسمح له بحضور امتحاناته النهائية في المدرسة واحتُجز لأكثر من شهر ونصف على ذمة التحقيق. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال الصفار ففي السابق، نُقل هو وطلاب آخرون من حافلة مدرسية لمشاركتهم في احتجاجات مؤيدة للديمقراطية.
تعتبر ممارسة اعتقال واحتجاز الأطفال في البحرين لممارستهم حرية التعبير انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، لأسباب ليس أقلها إنّ لها عواقب وخيمة على تعليمهم. وفقًا لمهدي أبو ذيب، الرئيس السابق لنقابة المعلمين البحرينية، حُرم ما يقرب من 400 طالب دون سن 18 عامًا من التعليم بسبب تقارير التعذيب والسجن اعتبارًا من عام 2016. تم إعدام طالب واحد، “علي السنكيس”، في عام 2017؛ وقد كان عمره أقل من 18 عامًا وقت إلقاء القبض عليه.
بانتظار المزيد من البيانات المحدّثة، من الجدير القول إن البحرين لم توقف بعد ممارساتها المتمثلة في اعتقال واحتجاز الأطفال، مما يؤدي إلى انتهاكات أكثر خطورة لحريتهم في التعبير والتجمع والتعليم.
هذه ليست سوى لمحة عامة عن القضايا التي يجب على البحرين التغلب عليها من أجل معالجة مسألة التعليم، وكما هو موضح أعلاه، يرتبط الحق في التعليم ارتباطًا وثيقًا بحرية التعبير والرأي، ومما لا شك فيه أن حملة البحرين ضد المعارضة وثقافة التمييز الطائفي لا تؤثر فقط على الناشطين الشباب والطلاب الطامحين للتعليم العالي، بل أن لها تداعيات خطيرة، على سبيل المثال، على المعلمين الشيعة الذين تم تمثيلهم تمثيلاً ناقصًا في وزارة التعليم أو العلماء الذين يمارسون حقوقهم في الحرية الأكاديمية.
“يجب أن يكون التعليم مسعى مشتركًا ومصلحة عامة، وإذا تُركت دون حل ودون أولويات، فإن الحكومة البحرينية لا تعرّض مستقبل جيل كامل فحسب، بل تعرّض السلام والتنمية في البلاد أيضًا للخطر، حيث إن التعليم، بعد كل شيء، أمر بالغ الأهمية لبناء مجتمعات أكثر استدامة وازدهارًا في البحرين وبقية العالم” تقول نضال السلمان ، رئيسة مركز البحرين لحقوق الإنسان.