المرأة البحرينية بين مطرقة السجن والتعذيب وسندان الفقر

تولي المجتمعات المتطورة والتشريعات المدنية فيها أولوية كبيرة لضمان حقوق المرأة وحمايتها من كل أشكال العنف والظلم، وذلك لكونها نصف المجتمع من جهة والدعامة الرئيسية لكل أسرة والتي تشكّل النواة الأساسية للمجتمع من جهة أخرى، فمن يصبو إلى مجتمع سليم ومزدهر عليه أن يعنى بإنصاف المرأة.

تنصّ اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (السيداو) على “الإيمان بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية”. ومن هنا كان من المفترض بالحكومة البحرينية التي وقعّت على هذه  الاتفاقية في يوليو2002 أن تعي أهمية دور المرأة في بناء وتنمية المجتمع، ولكن عوضاً عن ذلك عمدت إلى انتهاك حقوق الإنسان بشكل عام والمرأة بشكل خاص، عندما قامت باعتقال نساء وشابات اعتصموا سلمياً للمطالبة بحقوقهن، وقامت باستجوابهن تحت الضرب والتعذيب بالصعق الكهربائي لإرغامهن على الاعتراف بالتّهم الموجّهة إليهن، والتي ستستعمل لاحقاً كمسوّغ قانوني لزجّهن بالسجن.

وكان مركز البحرين لحقوق الإنسان قد وثّق في العشرات من التقارير التي نشرها الانتهاكات الصارخة لهذه الاتفاقية من قبل سلطات الأمن البحرينينة منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في 2011 وحتى يومنا هذا، عندما تمّ اعتقال نساء من كافة الأطياف الاجتماعية والمهن، بمن فيهن مديرات مدارس ومعلمات وطبيبات وممرضات وربات بيوت، تم اقتيادهن من منازلهن أو من أماكن عملهن دون مراعاة لا لحرمة البيوت ولا لقدسية مكان العمل، وذلك بعد تعرضّهن للضرب والإهانة والاغتصاب أو التهديد بالاغتصاب على مرأى من أطفالهن، وذلك على خلفية مشاركتهن في الحراك الشعبي السلمي، أو لمجرد أنهن أمهات أو أخوات ناشطين وحقوقين أو حتى بناتهم كزينب خواجة ابنة الناشط عبد الهادي خواجة على سبيل المثال لا الحصر. ولم تسلم من هذه الانتهاكات والممارسات المهينة لكل العهود والمواثيق الدولية حتى طالبات المدارس حيث تعرّضت مدرسة يثرب الاعدادية عام 2011 للبنات بمدينة حمد لمداهمة من قبل قوات الأمن وتم اعتقال فتيات تترواح أعمارهن بين 11و14 سنة حسب ما ورد لمركز البحرين لحقوق الإنسان.

ولا يخفى على أحد ما ما يحدث داخل جدران سجن عيسى للنساء من شتى أصناف التعذيب النفسي والجسدي الذي فصّله مركز البحرين لحقوق الإنسان في بيانه “العنف ضد المرأة في البحرين” حيث ذكر على لسان المعتقلات أو الخارجات مؤخرا من الاعتقال ما تتعرض له النساء في السجون من تعذيب وضرب وشتائم مهينة وصولاً إلى الاعتداء الجنسي، كما أورد البيان أسماء من تعرّضن للقتل العمد أو من توفينّ نتيجة الخوف والرعب أثناء المداهمات الليلية لمنازلهن.

وبعد كل ما تتعرض له نساء البحرين من أصناف القهر النفسي والجسدي، يأتي قرار الحكومة بحرمانهن من لقمة العيش بعد قرار فصل المئات منهن من وظائفهن على خلفية مواقفهن السياسية أو مشاركتهن في الإضراب الذي دعا له الاتحاد العام للعمال.

ثم يأتي قرار وزارة العمل بإعلان عدم استحقاق المفصولين للضمان الاجتماعي للعاطلين، وهو الأمر الذي يضع العديد من النساء في مأزق مالي خاصّة من تم اعتقال زوجها،  لتجد نفسها المسؤولة الوحيدة عن إعالة أسرتها وأطفالها.

ويشكّل هذا انتهاكاَ صارخاً لحق المرأة في التعبير عن رأيها وفي حقها في العمل أو في حصولها على مستحقاّتها المالية بغضّ النظر عن انتمائها السياسي أو المذهبي.

وأمام ما سبق من انتهاكات صارخة بحق المرأة في التعبير وممارسة حرية الرأي يلقي المركز الضوء على الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة في العمل أو المنزل من خلال ممارسة العنف الأسري والعمالة المنزلية المقتصرة على النساء بالإضافة إلى ما تتعرض له من تمييز جندري في العمل من خلال عدم امكانيتها تبوؤ مناصب مخصصة فقط للرجال. وتجدرالإشارة إلى أن قانون الأسرة في البحرين أجاز للرجل تعدد الزوجات دون قيد أو شرط ولم يحده بضوابط معينة بالإضافة إلى حرمان الأم من أهم حق لها وهو اعطاء الجنسية لأولادها بحال تزوجت من أجنبي.

وبينما يحتفل العالم باليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة يودّ مركز البحرين لحقوق الإنسان أن يلفت النظر إلى واقع المرأة البحرينية التي تتمزق بين تضميد جراحها النفسية قبل الجسدية من جراء ما تعرّضت له من ظلم، وبين إعالة أسرتها التي أصبحت بلا معيل، أو محو الآثار النفسية التي يعاني منها أطفالها بعد أن شهدوا بأعينهم اعتقال ذويهم بشكل قد يشكّل لهم صدمة نفسيّة مدى الحياة. ومن هذا المنطلق فإنه يجدد مطالبته ب:

  • الإفراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي وعلى رأسهم المعتقلات من النساء، والتوقف الفوري عن حملات المداهمة والاعتقال من المنازل وأماكن العمل و المدارس.
  • التوقف فوراً عن جميع ممارسات التعذيب الجسدي والنفسي الذي تتعرض له السجينات في غرف التحقيق وأماكن التوقيف.
  • التحقيق في جميع حوادث القتل والعنف التي راح ضحيتها عدد من نساء البحرين ومحاسبة المتسببين في هذه الحوادث.
  • التوقف عن التعرض بالتهديد والاعتداء للنساء البحرينيات وخصوصاً الناشطات منهن.
  • إيقاف حملة الفصل التعسفي التي تمارس ضد عمال البحرين وبالخصوص العاملات من النساء وإعادة جميع المفصولات إلى أعمالهن.
  • الالتزام بالمواثيق والاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها السلطات في البحرين في مجال حماية حقوق المرأة والتوقف عن ممارسة التمييز والعنف ضدها.