الحكومة تتعامل مع المنفيين العائدين كأصحاب حاجات وليس حقوق وتحاول الاستعانة بممثلي العائدين لإغلاق الملف وإضفاء المشروعية

الحكومة تتعامل مع المنفيين العائدين كأصحاب حاجات وليس حقوق
وتحاول الاستعانة بممثلي العائدين لإغلاق الملف وإضفاء المشروعية على سياستها
الحكومة تتعامل مع المنفيين العائدين كأصحاب حاجات وليس حقوق
وتحاول الاستعانة بممثلي العائدين لإغلاق الملف وإضفاء المشروعية على سياستها
تابع مركز البحرين لحقوق الإنسان بقلق قرار وزيرة التنمية الاجتماعية إلغاء نتائج الجهود والمفاوضات السابقة بين الحكومة ولجنة العائدين والاكتفاء بتقديم “مساعدات ومعونات” للعائدين الذين يعانون من التعطل أو عدم القدرة على العمل أو أزمة سكن. كما تصر الوزارة على الاقتصار على العائدين بعد عام 2001 وليس من عادوا قبل ذلك. وقد أعلنت الوزارة عن فتح باب التسجيل للعائدين الراغبين في تلقي تلك المساعدات، مما يعني عمليا تجاوز اللجنة والتعامل المباشر بين الحكومة وبين أصحاب القضية كأفراد. إلا أن الوزارة قامت بإدخال بعض أعضاء لجنة العائدين في لجان تنفيذية دون أن يتم التشاور معهم في السياسة الجديدة، ودون أن يكونوا شركاء في القرار، مما يجعل وجودهم في تلك اللجان رمزيا، ويجعل منهم غطاءا يمكن الحكومة من هدفها الأساسي وهو إغلاق ملف المنفيين العائدين عبر تحويلهم إلى متلقي معونات ومساعدات بدلا من الاعتراف بالبعد الحقوقي لقضيتهم وضرورة تعويضهم جميعا وبشكل عادل.
إن العائدين إلى الوطن هم عدة مئات من الأفراد والأسر الذين تم انتهاك حقوقهم أبان عهد أمن الدولة عبر إبعادهم قسريا أو حرمانهم من حقهم في العودة لبلدهم. وتم انتهاك حقوقهم مرة أخرى منذ عودتهم إلى الوطن قبل 6 سنوات عبر المماطلة في جبر الضرر الذي لحق بهم، وعدم مساعدتهم في توفير مستلزمات الحفاظ على كرامتهم وحاجاتهم الأساسية. وقد شكلوا لجنة تتحرك للمطالبة بحقوقهم، كما تم طرح قضيتهم في شهر إبريل الماضي ضمن ورشة إقليمية دولية بشأن العدالة الانتقالية نادت بضرورة تعويضهم معنويا وماديا كجزء من عملية المصالحة الوطنية.
لقد مرت قضية العائدين خلال السنوات الست الماضية بعدة مراحل كانت مليئة دائما بالوعود الحكومية غير الجادة. ففي بداية عودتهم – وحين كانت السلطة بحاجة إلى أجواء التوافق والمصالحة – جرت مفاوضات بين لجنة تمثل العائدين ومستشار الملك الذي ابلغ اللجنة بأنه قد تم تخصيص ميزانية كبيرة لغرض سد حاجات العائدين المتعلقة بالعمل والسكن والتعويض عن سنوات الحرمان. وقامت اللجنة في سبيل ذلك بتوثيق المعلومات المطلوبة. وبعد مفاوضات طويلة ولقاءات متعددة مع المسؤولين تبين بأنه ليس هناك ميزانية مخصصة، ولكن الحكومة عملت على تقويض عمل اللجنة عبر توظيف عدد قليل من العائدين في مناصب حكومية، وهو اسلوب دأبت الحكومة على استخدامه لإفساد أي تحرك جماعي للمطالبة بالحقوق.
ولكن العائدين اجتمعوا مجددا وانتخبوا ممثلين عنهم، وقام هؤلاء بجهد كبير استمر أكثر من عامين من الاتصالات واللقاءات بالمسؤولين، وقد أثمر ذلك الجهد قبل عام واحد تقريبا التوصل إلى اتفاق مفصل مع الحكومة وتشكيل لجنة وزارية عليا لتنفيذ الاتفاق. ولكن الاتفاق لم ينفذ أيضا، مما دفع أعضاء اللجنة إلى التهديد بالاستقالة، وذلك يعني بان أصحاب القضية سيلجئون لوسائل الاحتجاج والضغط بدلا من اسلوب التفاوض عبر القنوات الحكومية، وبان الملف سيتم نقله إلى الجهات الدولية. وفجأة خرجت وزيرة الشئون الاجتماعية بمشروع المساعدات.
وبما إن الوزارة لم تتفاوض في برنامجها الحالي مع ممثلي العائدين، فليست وظيفة هؤلاء تنفيذ برنامج الوزارة، وهي ليست في حاجة لهم في ذلك. وان أعضاء اللجنة لا يأخذوا قراراتهم من الوزارة، و إنما هم وكلاء عن أصحاب القضية الذين انتخبوهم، ويجب أن يرجعوا لهم في تحديد مسار وبرنامج عمل اللجنة لضمان حقوق العائدين التي تضمنها الشرائع الدولية وتقتضيها العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية.
إن مركز البحرين لحقوق الإنسان يرى بأن قرار الحكومة بتقديم مساعدات ومعونات للأسر التي تعيش ظروف معيشية صعبة أمر ضروري وعاجل ويجب أن يستمر وان يشمل الجميع، إلا انه ليس تعويضا حقيقيا ولا معالجة حقوقية لملف العائدين. وكان الأحرى بالحكومة أن تقوم بواجبها في تقديم مثل هذه المساعدات كإجراءات عاجلة في بداية عودة المنفيين وليس بعد 6 سنوات من المعانات وامتهان الكرامة، وهذه الفترة بحد ذاتها تستدعي جبر الضرر والتعويض. وان مركز البحرين لحقوق الإنسان سيعمل بالتعاون مع لجنة العائدين وغيرها من الجهات المعنية على الصعيدين الوطني والدولي على مواصلة التحرك لضمان حقوق المنفيين العائدين وفقا للمعايير والاعراف الدولية.