اخفاقات جمعية الشفافية البحرينية

24/1/2006
24/1/2006
انطلاقا من مسؤولية مركز البحرين لحقوق الإنسان في الرقابة المتبادلة مع هيئات المجتمع المدني وخصوصا الهيئات المتعلقة بالرقابة والرصد، فان المركز يتابع بقلق أوضاع جمعية الشفافية البحرينية. ويرحب المركز بتصريح رئيس جمعية الشفافية الذي لم ينف وجود أخطاء إدارية في الجمعية، وقال بأن الجمعية مراقبة من قبل جميعات حقوق الإنسان في البحرين والجمعية العالمية للشفافية [1].
ويتمثل الإخفاق الأساسي للجمعية في عدم الموازنة بين العمل الذي تركز عليه الجمعية وهو الخدمات التثقيفية والتدريبية والرقابة على الانتخابات- وهي مهام توفر للقائمين عليها فرص الحصول على التمويل والعلاقات العامة- وبين القيام بدور حقيقي في الرصد والرقابة على الفساد المالي والإداري أجهزة الدولة، وهي مهمة محورية وأساسية ولكن الجمعية تتحاشها ربما لأنها تعرض القائمين عليها للضغط والمضايقات من الحكومة.
والمعروف ان المنظمات التي تضطلع بقضية الشفافية في مختلف دول العالم تقوم بدور كبير فيما يخص كشف الفساد والحد منه، وبالتالي فان دورها يتعاظم في عملية الإصلاح الاقتصادي والسياسي. وعندما يتم الإعلان عن وجود جمعية للشفافية في بلد ما، فذلك يعطي انطباع بوجود حارس شديد المراس ضد الفساد. وتعمل منظمة الشفافية الدولية بالاعتماد فقط على مايردها من جمعيات الشفافية في كل بلد، فاذا أخفقت الجمعية المحلية في مهمتها في الرصد الحقيقي فانها في الواقع قد حرمت البلد المعني ليس فقط من دور فعال للجهة المحلية المختصة، وانما ايضا من جهود الجهة الدولية ذات العلاقة.
ولم تكن جمعية الشفافية البحرينية نموذجا للشفافية كما ينبغي، حيث لم تقم بنشر تفاصيل تقاريرها الإدارية والمالية أولا بأول. فيما هناك دعاوى بحدوث تجاوزات وسوء إدارة. فقد اعلن مصدر مسؤول في الجمعية بأن رئيس الجمعية قد ”اختزل عملها في شخصه مما أدى الى عزوف المرشحين لعضوية مجلس الإدارة عن المشاركة في أنشطتها ”وشكا الأعضاء بأن الجمعية لم تؤد نشاطها بحسب المتوقع منها عند التأسيس حيث انحرفت في اتجاهات غير التي خطط لها” وكانت بعض التقارير التي نشرت أشارت الى تجاوزات منها أن الأمين المالي السابق ”يوقع شيكات على بياض ولا يعلم طريقة صرفها” كما أشارت الى أن الجمعية اختصرت في شخص واحد، يشرف على تنظيم جميع الفعاليات، هذا إضافة الى عدم معرفة مصير 100 ألف دينار تم رصدها لمراقبة أي حدث انتخابي في البحرين”[ 2] وفيما تتشدد السلطة مع الجمعيات الأخرى فيما يتصل بالتمويل الخارجي وموارد صرفه فان وزارة الشئون الاجتماعية لم تبد أي تشدد مع جمعية الشفافية فيما يتصل بالحصول على الدعم المالي الخارجي وموارد صرف هذا الدعم. ونفت الوزارة تشكيل لجنة تحقيق في الأوضاع المالية للجمعية، وعللت ذلك بأن الوزارة لم تتلق أية شكوى من الأعضاء بخصوص تجاوزات مالية. وفي حين يرفض مركز البحرين لحقوق الإنسان تسلط الجهة الإدارية على مؤسسات المجتمع المدني بما لا يتناسب مع المعايير الدولية، إلا انه ينظر بقلق وريبة لسياسة الكيل بمكيالين التي تتبعها السلطة تجاه الجمعيات المختلفة.
وفيما تقتضي طبيعة الجمعيات الأهلية غير الحكومية زيادة عدد الأعضاء لزيادة مستوى المشاركة والشفافية والمحاسبة الداخلية، فان عضوية جمعية الشفافية تقلصت لتقتصر على 13 عضو فقط في الاجتماع الأخير للجمعية العمومية. وقامت الجمعية بتخفيض عدد أعضاء مجلس الإدارة إلى 5 بدلا من 9 أشخاص. وقد تم تثبيت 4 من أعضاء مجلس الإدارة للفترة القادمة بالتزكية بانتظار تزكية شخص خامس [3] .
وقد أخفقت الجمعية في أن تنوء بنفسها عن الفئوية الحزبية، حيث يسيطر عليها أشخاص مرتبطين بتيار سياسي حزبي. ولان هذا التيار يفتقد إلى الامتداد الشعبي فانه الجمعيات والنقابات التي يسيطر عليها تفتقد عادة للشفافية ومعايير الحاكمية الصالحة، مما يضعفها ويجعلها عرضة لضغوط السلطة و اغراءاتها. وقد تورطت جمعية الشفافية في ممارسات سلبية تتماشى مع اجندة السلطة ضد مدافعين عن حقوق إنسان. حيث استغل رئيسها دوره في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الموازي لمنتدى المستقبل في نوفمبر الماضي لحذف توصيات اقرها المؤتمر استجابة لمطالب نشطاء ولجان حقوقية شعبية بحرينية [4].
وسيرفع مركز البحرين لحقوق الإنسان تقريرا إلى المنظمة الدولية للشفافية للضغط على الجمعية البحرينية للشفافية لتصحيح اوضاعها بشكل شامل او مواجهة سحب الثقة منها كعضو في المنظمة الدولية. ويدعوا المركز القائمين على جمعية الشفافية البحرينية لفتح باب العضوية بشكل حقيقي وبعيدا عن التحزب والفئوية، ونشر التقارير المالية اولا بأول، وتحمل مسؤولية الاخفاقات في الفترة الماضية، بما في ذلك افساح المجال لآخرين لتحمل المسؤولية. وان تقوم الجمعية بدور الرقابة والرصد للفساد المالي والاداري المنتشر في البلد بما في ذلك اجراء تحقيقات حول القضايا العديدة والخطيرة التي يتم أثارتها في الصحافة ومجلس النواب. وان تعمل الجمعية على إصدار تقارير عن قضايا الفساد وتقارير دورية فيما يتصل بمجال اختصاصها.
——————————————————————————–
[1] جريدة الوطن 20 يناير 2006
[2] جريدة الوطن 20 يناير 2006
[3] جريدة الايام 22 يناير 2006
[4] جريدة الميثاق 13 نوفمبر 2005