مع حلول الموسم الديني لشهر محرم، تزايد في القيود والاعتداءات على الحريات الدينية

Duraz4

الدراز لازالت خاضعة لنقاط السيطرة الأمنية ومن لا يسكنها محرومٌ من الدخول
 

لا تزال السلطات البحرينية تفرض حصاراً على منطقة الدراز منذ أكثر من 100 يوم، حيث طال المنع خطباء دينيين ينوون إقامة مجالس دينية في المنطقة. قامت السلطات باعتداءات اتسمت بالعنف لإزالة لافتات دينية بالقسر من عدة مناطق. يدين مركز البحرين لحقوق الإنسان هذه الإجراءات التي اتخذتها السلطة في البحرين ويعبر عن قلقه من أن تحرم هذه الإجراءات المتشددة آلاف البحرينيين من ممارسة حقهم في ممارسة الشعائر الدينية لا سيما مع بداية شهر محرم الذي اعتاد فيه الناس على إحياء ذكرى وفاة حفيد النبي الإمام الحسين بن علي بإقامة الفعاليات الدينية المكثفة.

تحوي منطقة الدراز ما يقارب من 18 مأتماً للرجال و10 مآتم للنساء تسفر في نهاية الموسم عن ما لا يقل عن 70 مجلساً دينياً للجنسين. ومع قرار الحكومة بإسقاط جنسية أكبر مرجعية دينية شيعية –الشيخ عيسى أحمد قاسم- وبداية اعتصام شعبي أمام منزله في الدراز في يونيو الماضي، فُرض على الدراز حصاراً أمنياً، حيث جرى اغلاق 21 مدخلا للمنطقة وإتاحة مدخلين فقط متصلة بنقاط تفتيش تدقق في هويات العابرين وتعرقل الدخول للقرية خاصةً لمن لا يسكنها. وعطلت على إثر ذلك أكبر صلاة جمعة تشهدها البحرين لأكثر من 10 أسابيع متتالية.

كما تم استدعاء عدد من الخطباء والرواديد على خلفية تواجدهم في الإعتصام الذي تقيمه المجاميع الشعبية أمام منزل الشيخ عيسى قاسم تضامناً معه. واعتقلت عدداً من المواطنين على خلفية مشاركتهم في اعتصام الدراز. ومنذ 19 أغسطس 2016 حين صدر الحكم القضائي الأول على رجل الدين علي حميدان بتهمة التجمهر بغرض الإخلال بالأمن، توالت الأحكام على خلفية القضية ذاتها فحكمت المحكمة على 8 مواطنين بينهم رجال دين بالحبس بما مجموعه 12 سنوات، حيث حكم على أحدهم وهو حبيب الدرازي بسنة سجن مقابل كل يوم في اعتصام الدراز.

ولم تتوقف الاعتداءات على الحريات الدينية على منطقة الدراز، إذ رصد المركز قيام منتسبي الأجهزة الأمنية بنزع اللافتات والشعارات الدينية المرتبطة بموسم محرم والتي تم تعليقها في الأحياء السكنية الشيعية في ما لا يقل عن 15 منطقة من مناطق البحرين، كما قام رجال الشرطة باستخدام الغازات المسيلة للدموع لقمع المحتجين الذين احتجوا على نزع اللافتات والشعارات الدينية. وعلى الصعيد ذاته منعت السلطات خطيبين على الأقل من دخول منطقة الدراز وهما سيد مصطفى الكراني والشيخ محمد المحفوظ والذين كان يفترض بهم الخطابة في المجالس الدينية التابعة لمآتم الدراز. وقال عدد من مسئولي المآتم إن قائمة تضم نحو ٩ خطباء منبر تعطل دخولهم إلى البحرين السبت 1 أكتوبر ٢٠١٦ بسبب الإجراءات الأمنية، وذلك على رغم اعتماد تأشيرات دخولهم البلاد من قبل وزير الداخلية.

ويخشى مركز البحرين أن تمنع السلطات جميع مظاهر إحياء الشعائر الدينية في الدراز في ظل هذه الإجراءات الأمنية التي تطال الحريات الدينية وتفرض قيوداً على أصل الحق في الدين والمعتقد.

الجدير بالذكر أن عدداً من الخبراء في الأمم المتحدة* كانوا قد دعوا حكومة البحرين في بيان أصدروه في  يوم الثلثاء الموافق لـ 16 أغسطس 2016 إلى وقف المضايقات الممنهجة التي يتعرض لها المواطنون الشيعة من قبل السلطات البحرينية، بما في ذلك إسقاط جنسية عدد منهم، وهو ما اعتبروه «مثار قلق عميق» بالنسبة إليهم. حيث أجمع 5 مقررين خاصين في الأمم المتحدة على أن استدعاء واستجواب وتوجيه التهم الجنائية إلى مجموعة من رجال الدين والمنشدين والمدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السلميين، له تأثير سلبي على حالة حقوق الإنسان الأساسية في البحرين.

بفرض هذا الحصار الأمني على منطقة الدراز والاعتداء على الشعائر الدينية تكون البحرين قد خالفت بنود المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية المتعلق بحرية الدين والمعتقد. حيث ينص البند الأول من المادة 18 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنه “لكل إنسان حق في حرية الفكر والوجدان والدين. ويشمل ذلك حريته في أن يدين بدين ما، وحريته في اعتناق أي دين أو معتقد يختاره، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة.”

كما أن الانتهاكات المشار إليها في هذا التقرير تعد مخالفة لنص البند الثالث من المادة 18 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على أنه “لا يجوز إخضاع حرية الإنسان في إظهار دينه أو معتقده، إلا للقيود التي يفرضها القانون والتي تكون ضرورية لحماية السلامة العامة أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية.”

وبناءً على ذلك فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو حكومة البحرين للتالي:

  • فك الحصار الأمني عن منطقة الدراز فوراً،
  • ضمان كافة حقوق الإنسان لا سيما تلك المتعلقة بحرية الدين والمعتقد
  • السماح للمواطنين بممارسة حقهم في إحياء الشعائر الدينية دون قيود أو مضايقة

*  مقرر الفريق العامل المعني بالاحتجاز التعسفي سيتونجي أجوفي، والمقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير ديفيد كاي، والمقرر الخاص المعني بالحق في حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات ماينا كياي، والمقرر الخاص المعني بحرية الدين أو المعتقد هاينر بيلفيلد، والمقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان ميشيل فورست.