يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه جراء تزايد الإنتهاكات والإجراءات الحكومية التعسفية والمستمرة التي تستهدف حرية الرأي والتعبير وتطال مستخدمي ونشطاء الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي وما يزيد حالة القلق هو تورط مجلس النواب في هذه الإنتهاكات التي تستهدف حرية النقد والتعبير.
ففي يوم الأحد الموافق لـ 24 أبريل 2016 نشرت صحيفة محلية تصريحاً لمحامي النيابة الكلية في البحرين حول تلقيها 61 بلاغ من رئاسة مجلس النواب ضد بعض أصحاب الحسابات الشخصية على مواقع التواصل الإجتماعي[1]، حيث طلب تحريك الدعوى الجنائية ضدهم بسبب نشرهم تغريدات اعتبرت النيابة مضمونها خروجاً عن أدبيات حرية الرأي والتعبير المكفولة قانوناً بما تشكل إساءة للسلطة التشريعية المتمثلة في مجلس النواب. وأقرت النيابة بأنها أصدرت حكماً على أحد المغردين بالحبس ثلاثة أشهر وكفالة 50 دينار لوقف تنفيذ العقوبة، والقضية منظورة حالياً أمام محكمة الاستئناف، كما صدر حكما في قضية أخرى بالغرامة 500 دينار، وتبقى هناك عدد 6 بلاغات قيد التحقيق. وتعمل النيابة الآن على البحث عن الجناة -كما أسمتهم- في بقية البلاغات.
وفي 7 أبريل 2016 أصدرت المحكمة الصغرى الجنائية حكماً على طبيب العيون البحريني المعتقل د. سعيد السماهيجي بالحبس لمدة عام بتهم “إهانة دولة شقيقة ويقصد فيها الجارة السعودية، والتحريض على عدم الإنقياد للقوانين، والدعوة للمشاركة في مسيرات غير مرخصة.” وذلك على خلفية تغريدات على موقع تويتر انتقد فيها أحكام الإعدام الصادرة في السعودية والتي تم تنفيذها لاحقاً في 47 شخصاً في يناير 2016. وكانت الأجهزة الأمنية قد داهمت منزل السماهيجي واعتقلته في حوالي الثانية فجراً من 3 يناير 2016 بعد ساعات من نشره التغريدات.
وفي 31 مارس 2016 قضت المحكمة الجنائية بالسجن لمدة عامين على إبراهيم كريمي وتغريمه 2,000 دينار بحريني في قضية “إهانة دولة شقيقة ويقصد بها السعودية إضافةً إلى إهانة الملك والتحريض على كراهية النظام.” وكانت السلطات قد اعتقلت كريمي في 26 سبتمبر الماضي من منزله على خلفية اتهامه بإدارة حساب “فريج كريمي” على موقع تويتر وهو الحساب الذي نشر تغريدات في سبتمبر الماضي تنتقد سوء إدارة السلطات السعودية لموسم الحج المنصرم. والجدير بالذكر إنه تم إسقاط جنسية كريمي في وقتٍ سابق دون إجراء أو حكم قضائي ضده بل جاء إسقاط الجنسية من خلال قرار إداري أصدرته وزارة الداخلية ضد كريمي وثلاثين آخرين.
كما علم مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قيام قوات مدنية تابعة للأجهزة الأمنية بإعتقال المواطن حسن جاسم أحمد ( 28 عام) فجر السبت 21 من نوفمبر الماضي بعد مداهمة منزله وإبراز مذكرة قبض بحق زوجته التي تم اعتقالها هي الأخرى بعد بتفتيش المنزل ومصادرة 3 هواتف نقالة وجهازي حاسوب محمول وجهاز الإتصال بالإنترنت. وتم التحقيق مع حسن وزوجته كل منهما على إنفراد حول أحد الحسابات على الفيسبوك وبعض الصور ذات الطابع السياسي التي نشرت على الحساب المذكور. وبعد انتهاء التحقيق تم الإفراج عن الزوجة بينما أبقي الزوج حسن في مبنى التحقيقات لمدة 3 أيام قيد التحقيق حيث اطلع عائلته فيما بعد أنه تعرض خلالها لسوء المعاملة. وعلى الرغم من نفيه للمزاعم الموجهة له إلا أن النيابة وجهت له تهمة إهانة الملك وازدراء طائفة من الناس، ولا تزال محاكمته جارية.
كما اعتقلت الإدارة العامة لمكافحة الفساد والأمن الاقتصادي والإلكتروني في 17 مارس 2016 شخصين[2] -دون أن تنشر اسمهما- إثر قيامهما بنشر مقطع فيديو اعتبرت الداخلية محتواه إهانة لإحدى الملل في البحرين دون الإشارة للملة المقصودة. في حين قالت محامية المعتقلين بأنه تم نشر الفيديو دون علمهما علماً بأن الفيديو كان خاصّاً لمجموعة من أصدقائهما بقصد المزاح وتلطيف الجو .
وفي واقعة أخرى غرمت المحكمة الصغرى الجنائية الأولى الأربعاء 23 مارس 2016 شابّاً بحرينيّاً 200 دينار[3]، بتهمة إهانة مجلس النواب على أحد مواقع التواصل الاجتماعي. وتعود تفاصيل القضية إلى أن الشاب قد نشر على صفحته بموقع «انستغرام»، عبارات اعتبرتها المحكمة مسيئة لمجلس النواب، حيث تم تحريك دعوى قضائية ضده من النيابة العامة، وأحيل إلى المحكمة التي قضت عليه بالحكم السالف.
وفي 10 مارس 2016 حكمت المحكمة غيابياً على حسين مهدي صاحب حساب “تكروز” في موقع التويتر بالسجن 5 سنوات إضافة إلى غرامة مقدارها 10 آلاف دينار بعد اتهامه بإهانة الملك[4]. وكان حسين قد أفاد عبر محاميه بتعرضه للتعذيب لإجباره على الاعتراف[5] بأمور لم يرتكبها. وقال في لقاء صحفي بعد مغادرته البحرين أنه قد تعرض للضرب والشتم ،التهديد بالصعق الكهربائي والاعتداء الجنسي.[6]
كما حكمت المحكمة مؤخراً على ناشطين بالسجن لمدة 5 سنوات لكل منها بسبب تعبيرهما عن رأيهما في مواقع التواصل الإجتماعي. ففي 19 فبراير قضت المحكمة بحبس صاحبي حساب«حجي أحمد» و»بوخميس» على تويتر، بالسجن 5 سنوات[7] لكل منهما، وهما المتهمان في قضيتين منفصلتين بالإساءة إلى القوات المشاركة في حرب اليمن، وإذاعة بيانات تلحق الضرر في زمن الحرب، وأمرت بمصادرة الهواتف النقالة «المضبوطات»، ونشر الخبر في إحدى الصحف المحلية على نفقتيهما. كما أصدرت السلطة أحكاماً قضائية مشددة ضد آخرين حيث وصل مجموع الأحكام الصادرة في قضايا متعلقة بالنشر الإلكتروني خلال العام 2015 إلى ما يزيد عن 25 سنة. كما لا يزال نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان ممنوعاً من السفر وبعد أكثر من عام على اعتقاله إثر نشره لتغريدات على حسابه في تويتر انتقد فيها التعذيب في سجن جو.
ويرى مركز البحرين لحقوق الإنسان إن استهذاف النشطاء والمغردين ردًا على آراء نشروها أو أقوال أدلوا بها هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان وخصوصاً حريتهم في الرأي والتعبير وهي من الحقوق الأساسية المرتبطة والحامية لبقية الحقوق والحريات، وقد نص العهد الدولي لحقوق الإنسان في مادته التاسعة عشر على إنه ” لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة و “لكل إنسان حق في حرية التعبير. ويشمل هذا الحق حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها“.
وما يزيد من القلق هذه المرة هو تورط نواب الشعب المنتخبون في مجلس النواب في الملاحقات التي تستهدف النشطاء والمغردين رداً على نقدهم لأداء المجلس وأعضائه، في الوقت الذي ينتظر الناس منهم العمل داخل المجلس لتوسيع دائرة الحريات ونيل حقوقهم وضمانها عوضاً عن المشاركة في هذه الإنتهاكات التي تستهدف حريتهم في التعبير والنقد السلمي.
كما يرى المركز أن النأي بالشخصيات السياسية والعامة ومسؤلي الدولة ومؤسساتها أو أعضاء المؤسسة البرلمانية وتحصينها من المراقبة والمحاسبة والنقد الشفاف والعلني لا يؤسس لمجتمع حر ديمقراطي ولا يبني علاقة صحية وسليمة بين الناس والسلطة الحاكمة. فالمؤسسات الرسمية والشخصيات العامة ومسئولي السلطة ونواب البرلمان وكل المعنيين بالشأن العام هم جهات يرتبط عملهم مباشرةً بحياة الناس ومستقبل أجيالها، وبناءً عليه فهي مطالبة بتقبل مراقبة ومحاسبة ونقد الشارع بصورة أكبر والتفاعل مع قوى المجتمع بصورة أكبر دون أن يشكل ذلك النقد أي تهديد للأطراف الناقدة أو المراقبة لأدائها.
كما يؤكد المركز أن الشتم والسب وتشويه السمعة لا يعتبر ضمن حرية الرأي والتعبير لكنه في نفس الوقت لا يرى أن السجن هو السبيل الصحيح للتعامل مع هذه القضايا التي يجب أن لا تخرج عن نطاق القضاء المدني والذي لا يفرض السجن ضمن عقوباته بل تقتصر على الغرامات والعقوبات المادية في أسوأ الحالات.
وبات واضحاَ أن عملية الخنق لحرية الرأي والتعبير الممارسة قد دفعت الكثير من المغردين والنشطاء للتخفي وراء أسماء وهيمة على مواقع التواصل الإجتماعي من أجل حماية أنفسهم وعوائلهم. وقد تراجع تصنيف البحرين في حرية الرأي والتعبير حسب الموشرات الدولية نتيجةً لذلك كما جاء في تقرير “فريوم هاوس” للعام 2015[8] ومنظمة مراسلون بلا حدود[9]. وقد سبق لمركز البحرين لحقوق الإنسان أن أصدر بياناً حول قرار السلطات البحرينية بمتابعة المحتويات الإلكترونية[10] الذي اعتبره آنذاك انتهاكاً صارخاً للحق في الخصوصية وتقييداً لحرية التعبير عن الرأي وتداول المعلومات.
وبناءً على ما سبق، يدعو مركز البحرين لحقوق الإنسان حكومة البحرين للتالي:
- احترام حقوق الإنسان وعلى رأسها حرية الرأي التعبير وتداول المعلومات دون قيود أو شروط أو إجراءات تعسفية تمس أصل هذا الحق.
- الإفراج عن جميع المعتقلين الذي تم اعتقالهم وسجنهم بسبب تعبيرهم السلمي أو نشرهم لآرائهم عبر مواقع التواصل الإجتماعي
- الكف عن فرض الرقابة والقيود التعسفية على برامج التواصل الإجتماعي ومراجعة القوانين التي تحد من ممارسة هذا الحق والتأكد من مؤامة جميع التشريعات والقوانين المحلية مع القوانين الدولية لحقوق الانسان وخصوصا تلك العهود والمواثيق التي اصبحت البحرين طرفا فيها وبات لزاما عليها احترامها.
- تجميد القوانين التي تنتهك حق التعبير والتي طالب بوقفها تقرير اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق بسيوني (الصفحة 394 – الفقرات من 1279 حتى [11]1290)
[1] http://www.alwasatnews.com/news/1106325.html
[2] http://www.alwasatnews.com/news/1093253.html
[3] http://www.alwasatnews.com/news/1093657.html
[4] http://www.alwasatnews.com/news/1089115.html
[7] http://goo.gl/p5vsbY
[8] https://www.freedomhouse.org/report/freedom-net/2015/bahrain
[9] http://www.alwasatnews.com/news/1105052.html
[10] http://bchr.hopto.org/ar/node/7745
[11] http://www.bici.org.bh/BICIreportAR.pdf