أصدرت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين تقريرها السنوي الثاني في 3 ديسمبر/كانون الأول 2015 والذي تناول مسألة تعزيز وحماية حقوق الإنسان في البحرين خلال عام 2014. ففيما تناول التقرير بعض الجوانب ذات الإهتمام، إلا أنه لم يتطرق في غالبه إلى القضايا المنهجية الأساسية لانتهاكات حقوق الإنسان في المملكة. ويراود كل من؛ أميريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين، و مركز البحرين لحقوق الإنسان، و معهد البحرين للحريات والديمقراطية القلق من أن التقرير السنوي الثاني للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في البحرين لا يعكس بشكل شامل التطورات خلال عام 2014، وعوضاً عن ذلك يضعف الخطاب الوطني لحقوق الإنسان في البحرين ويفشل في الوفاء بالتزاماته الدولية.
قامت حكومة البحرين بإنشأء المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان على اعتبار أنها هيئة مستقلة مكلفة برصد انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد. ولازال (الملك) هو الذي يعين الأعضاء الأحد عشر للمؤسسة، الذين تربط الكثير منهم علاقات مباشرة مع الحكومة. وقد انخفضت الشكاوى المرفوعة إلى هذه “المؤسسة” بنسبة 25 في المئة منذ عام 2013، ليس لاستقرار في أوضاع حقوق الإنسان وإنما لانعدام ثقة الناس بقيام هذه المؤسسة في أداء واجباتها. إضافة إلى ذلك، تُرجئ المؤسسة في تقريرها السنوي الثاني عدم قدرتها على تنفيذ توصيات العام الماضي إلى ظروف انتخاباتها الأخيرة وطاقمها الجديد.ونتيجة لعدم نزاهتها، لا تزال المؤسسة غير قادرة على الوفاء بدورها في التأثير المباشر والإيجابي على حالة حقوق الإنسان على أرض الواقع.
“على الرغم من بعض الانتقادات والتوصيات الموضوعية حول تقرير المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان لعام 2013، لم تتخذ الحكومة أي خطوات نحو تحسين حالة حقوق الإنسان هنا”، كما عبّر بذلك رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان نبيل رجب، مضيفاً: “حتى تكون هيئاتها الخاصة بحقوق الإنسان مع آلياتها اللازمة ذات مصداقية وفعالة، يتعين على الحكومة أن تلتزم بإجراء تغييرات إيجابية لمكافحة الإساءة المنهجية”.
النصف الثاني للتقرير السنوي الثاني بتمامه مكرس للأحكام القانونية الخاصة بالمؤسسة، فيما يوثق كثيرا مما تبقى منه أنشطة المؤسسة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان في البحرين. على أية حال، فالتقرير يخفق في التطرق إلى حالات التعذيب والانتخابات الغير عادلة والانتهاكات المسيسة لحقوق الإنسان، على الرغم من استمرار العديد من المنظمات الدولية في توثيق الاستخدام المنهجي للتعذيب و تجريم حرية التعبير في البحرين. بالإضافة إلى ذلك فإن التقرير يفتقر إلى أي تفاصيل بشأن الحوادث والأطراف المنتهِكة وكيف عالج هذه الانتهاكات، أو كيف حل 36 شكوىً يدعي حلها.
منذ عام 2014، قدمت منظمة أميريكون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان حوالي 40 شكوى إلى هذه المؤسسة. وعلى الرغم من متابعاتها المتكررة مع المؤسسة على مدى العامين الماضيين، إلا أن الأخيرة لم تعترف إلا بشكوى واحدة من “أميريكون”. وفي حين يتناول تقرير المؤسسة الآليات التشريعية والقانونية في البحرين والتي يظهر أنها تمنع انتهاكات حقوق الإنسان؛ مثل الاتجار بالبشر، والحق في تقرير المصير، والحماية من الاختفاء القسري، إلا أنه لا يذكر أمثلة لأي من انتهاكات حقوق الإنسان العديدة التي لا تزال تُرتَكَب في البلاد. وبدلاً عن ذلك، يؤكد التقرير دعوات المؤسسة للسلطات المعنية بالتمسك بالتزامات البحرين بحقوق الإنسان.
“البحرين تحتاج إلى أكثر من مجرد أقوال للقضاء على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والتي لا تزال موجودة مع إفلات من العقاب”، كما قال المدير التنفيذي لمنظمة أميريكون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين حسين عبد الله، مضيفا: “يفتقر التقرير الثاني للمؤسسة إلى أي تحقيق معمق في الانتهاكات التي نحن والمنظمات الأخرى لحقوق الإنسان مستمرون في تقديمها”.
إن هذا التقرير السنوي للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان، ماهو إلا مثال واحد على إصدارات المؤسسة المضللة للناس بشأن سجل حقوق الإنسان في البلاد. وعقب صدور تقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2015 بشأن التعذيب في البحرين، قامت المؤسسة الوطنية بتشويه صورة توصيات تقرير هيومن رايتس الموجهة لبرنامج الأمم المتحدة للمساعدة الفنية المشروطة مع البحرين. في أكتوبر/تشرين الأول، حاولت هذه المؤسسة إعادة تأطير الوضع المزري لحقوق الإنسان والتي أعربت عنه 35 دولة في بيان مشترك في دورة سبتمبر/أيلول لمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.
كما علّق مدير المدافعة في معهد البحرين للحقوق والديمقراطية، سيد أحمد الوداعي بالقول: “تُواصِل المؤسسة الوطنية محاولة تبرئة الانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في البحرين”، ثم أضاف: “ما لم تصبح هذه المؤسسة مستقلة تماماً وتتوقف عن كونها بوقاً للحكومة، فسيستمر المواطنون البحرينيون يعانون من العواقب”.