مُهمَّشُونَ فِي وَطَنِهِم: التَّميِيزُ الحُكومِي ضد الشِّيعة في البحرين الجزء الأول: العنف، والاستبعاد السياسي، والاعتداء على المؤسسة الدينية الشيعية

Descrim1

يسرّ كل من منظمة أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين ومعهد البحرين للحقوق والديمقراطية ومركز البحرين لحقوق الإنسان الإعلان عن نشر النسخة العربية من التقرير الجديد بعنوان: 

 مُهمَّشُونَ فِي وَطَنِهِم: التَّميِيزُ الحُكومِي ضد الشِّيعة في البحرين

الجزء الأول: العنف، والاستبعاد السياسي، والاعتداء على المؤسسة الدينية الشيعية

بالإمكان قراءة تمهيد التقرير أدناه، ولتحميل كامل التقرير باللغة العربية الرجاء الضغط هنا.

 

ليس من غير المألوف في البحرين أن نسمع عن قيام الحكومة بتكريس “الإبادة الجماعية ضد الشيعة” من شعبها. ومثل هذا الكلام إما إنه تطرُف سياسي أو معلومات مغلوطة بفداحة. على الرغم من قيام الحكومة في الماضي بارتكاب عمليات قتل خارج نطاق القضاء -إلى حد كبير ضد الشيعة، إلا أنّ عنف الحكومة لم يصِل إلى مستوى ما وقع في رواندا أو سربرينيتشا. ولكن تبقى الحقيقة هي أنّ مجرد تلفّظ الشيعة في البحرين بمثل هذه العبارة هو دلالة على أن الشريحة الأكبر من البحرينين تشعر وكأن وطنها يصنفها من طائفة الأعداء.

وهو شعور دقيق على ما يبدو. فقد مرّت أكثر من 200 سنة وغالبية سكان البحرين تدير نفسها على نحو فعّال، حيث كانت سياسات التمييز ضد الشيعة إلى حد كبير السّمة المميزة لقبيلة آل خليفة منذ أن غزت الجزيرة في أواخر القرن السابع عشر. في تسعينيّات القرن الماضي، بدت الحكومة وكأنها قد فتحت صفحة جديدة عندما أعلن حمد (الأمير آنذاك) عن ولادة نظام ملكي دستوري. كانت السنوات العشر التي تلت الإعلان إلى حدّ ما أقلّ عنفًا في التاريخ البحريني الحديث، حيث قلّصت الحكومة من ممارستها للاعتقال التعسفي والتعذيب ضد المعارضة الشيعية. ولكن لأنّ الوضع السياسي وصل حد الإحباط لعقد آخر، ارتفعت حدّة التوتر في أوساط السكان الشيعة الذين وُعدوا بالحصول على صوت مهم في الحكومة ولم يروا أي تغيير. توّجت هذه المشاعر الحركة الاحتجاجية في فبراير 2011، والتي لم تكن شيعية حصرًا ولكن غذّتها حالة الاستياء الشيعية.

قامت الأسرة الخليفية الحاكمة بالرد على الاحتجاجات من خلال العودة إلى نهجها القديم. في حين اتسمت بدايات عام 2000م بضبط النفس من جانب الحكومة -على الأقل في سياساتها الأمنية تجاه الشيعة، شهدت فترة ما بعد عام 2011 عكس ذلك تمامًا، حيث تزايدت مزاعم بقيام الحكومة باعتقال واحتجاز القادة السياسيين وإغراق القرى الشيعية بالغازات المسيلة للدموع، وتعريض الشباب الشيعة للتعذيب. خلال عام 2011، وصلت الحكومة إلى حد فصل عدة آلاف من الشيعة من وظائفهم، بل حتى إلى تجريف 38 صرحًا دينيًا للشيعة، بما في ذلك نحو 30 مسجدًا. يمكن القول بأنّ الشيعة تقريبًا خارج عملية صنع القرار ودوائر سَن التشريعات الحكومية تمامًا، ونادرًا ما يكون لهم وجود بين العاملين في قطاع الطوارئ الحكومية، بما في ذلك قوات الأمن الحكومية والجيش.

إنّ عبارة “الإبادة الجماعية ضد الشيعة”، هي تشويه لصورة الوضع في البحرين. فلم يحدث هناك قتل جماعي للشيعة، ولا توجد  معسكرات اعتقال في البلاد. ولكن الشيعة معزولون عن الهيكل السياسي، وغالبًا ما يُجبرون على العيش في قرى صغيرة تستهدفها قوات الأمن بشكل روتيني لاعتقالهم تعفسيًا وتعذيبهم، ويتم فصلهم من أعمالهم لمجرد التعبير عن آرائهم السياسية، وتجريدهم من الجنسية بشكل تعسفي في المحاكم البحرينية، ويشاهدون دور عبادتهم وهي تُدمَّر أمام أعينهم كجزء من حملة من العنف والترهيب ترعاها الحكومة. وحيث أن الشيعة يعتبرون “عنصرًا” وليس طائفة دينية، فإن وضعهم يتناسب بالضبط تقريبًا مع تعريف الفصل العنصري الوارد في اتفاقية 1976 في هذا الصدد. وإذا كانت عبارة “الإبادة الجماعية ضد الشيعة” تعتبر غلوًا سياسيًا، فإن “الفصل العنصري ضد الشيعة” هو أقرب إلى الحقيقة التي ترفض الحكومة البحرينية الاعتراف بها.

يبيّن التقرير التالي وبشكل قاطع أنّ الحكومة مارست تاريخيًا -ولازالت تمارس- سياسة منهجية من التمييز ضد الشيعة في البحرين. وهذا التقرير هو جزء من جزئين؛ يركز هذا الجزء الأول على عنف الدولة ضد الجهات الشيعة، واستبعاد الشيعة من العملية السياسية، وممارسات التمييز الحكومية ضد المؤسسة الدينية الشيعية ذاتها. من خلال القيام بأعمال عنف ضد المحتجين الشيعة وإزاحة الشيعة عن السلطة السياسية الفعلية والاستهداف المباشر للمؤسسة الدينية الشيعية، نجحت الحكومة ليس فقط في إخضاع أكثر من نصف سكانها، بل أيضًا في استدراج بعض عناصر المجتمع الشيعي إلى العنف، الأمر الذي يبرّر الرواية الطائفية. من أجل أن تتمكن البحرين من تغيير اتجاهها وإعادة توازنها، ستحتاج الحكومة إلى إعادة النظر في سياساتها إزاء الشيعة بشكل كامل وأن تهدف إلى تحسين شامل ولاحترام حقوق الإنسان لشعبها بأكمله.