يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد جراء استمرار القضاء في البحرين في إصدار أحكام مغلظة على نشطاء ومواطنين في قضايا مختلفة متجاهلاً الشكاوى المتكررة للمعتقلين من تعرضهم للتعذيب وسوء المعاملة إضافة إلى خروقات قانونية شابت جلسات التحقيق والمحاكمة. وفيما يلي نموذج من القضايا التي تم الحكم فيها في الفترة الممتدة من 20 حتى 29 أبريل 2014.
-
الحكم على خمسة مواطنين من بينهم إمرأتين في قضية “تفجير الفورميلا1” – الثلاثاء 29 أبريل 2014
حكمت المحكمة الكبرى الجنائية في يوم الثلاثاء الموافق لـ 29 أبريل 2014 على 5 مواطنين من بينهم إمرأتان (نفيسة العصفور، وريحانة الموسوي) بالسجن 5 سنوات[1] لكل منهم في قضية “تفجير الفورمولا ” وذلك بعد اعتقالهم في أبريل 2013 إبان تنظيم البحرين لسباقات الفورميلا 1. وعلى الرغم من تعرض المعتقلتان ريحانة الموسوي والمعتقل عباس العصفور للتعذيب[2] لإجبارهم على الإعتراف بالتهمة المنسوبة لهم إلا أن القاضي رفض الإستماع لشكاويهم ودون ممارسات التعذيب على أنها تعرُض للإكراه المادي والمعنوي. ففي جلسات سابقة لجلسة النطق بالحكم أفادت المعتقلة ريحانة الموسوي للقاضي بأنها تعرضت للتعذيب[3] كما تم تعريتها من ملابسها لإجبارها على الاعتراف بنيتها ومجموعة أخرى تنفيذ تفجير في حلبة البحرين الدولية لسباقات الفورميلا 1. وتعتبر العصفور والموسوي أول امرأتان تحاكمان وفقاً لقانون الإرهاب بعد أن أعلنت وزارة الداخلية في 21 أبريل 2013 وعلى لسان رئيس الأمن العام طارق الحسن “أن فرق الشرطة المكلفة بحراسة وتأمين بوابات الدخول إلى حلبة البحرين الدولية، تمكّنت في ثاني أيام السباق من استيقاف فتاتين عند إحدى بوابات دخول الجمهور للاشتباه بهما، وعند تفتيشهما تبين أن إحداهما كانت تضع تحت ملابسها وسادة ربطتها على بطنها. وأضاف الحسن أنه وبعد سؤالهما وإجراء البحث والتحري تبين أن العملية كانت تستهدف اختبار الإجراءات الأمنية، تمهيداً للقيام بعمل إرهابي، مؤكداً أنه تم عرضهما على النيابة العامة، وتسجيل أقوالهما وتوقيفهما[4]“.
-
الحكم على 9 مواطنين من بينهم مصور دولي وإعلامي وفنان في قضية “تمرد البحرين” – الإثنين 28 أبريل 2014
حكمت المحكمة الكبرى الجنائية خلال جلستها في يوم الإثنين الموافق 28 أبريل 2014 بالسجن خمس سنوات لتسعة مواطنين من بينهم الفنان صادق الشعباني، والمصور حسين حبيل، والناشط الإلكتروني جاسم النعيمي، الذين وُجهت لهم اتهامات تتمثل في الدعوة إلى مسيرات غير مرخصة والترويج لتغيير النظام السياسي، وذلك على خلفية الدعوات لما عُرف بـتمرد البحرين. وكان النعيمي وحبيل الذين اعتقلا في يوليو وأغسطس 2013 قد ذكرا في جلسات المحاكمة أنهما تعرضا للتعذيب على يد الملازم فواز الصميم الذي هددهما بالاغتصاب[5]. وبدلاً من التحقيق في شكاوى التعذيب والتهديد التي تعرض لها الناشطين استمعت المحكمة للصميم على أنه شاهد الإثبات في القضية حيث قال بأن تحريات إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية ومتابعتها كشفت عن وجود حسابات ومواقع إلكترونية تدعو للتهم الموجهة للمتهمين، وأنه من خلال مصدر سري توصل إلى القائمين على هذه الحسابات، وإنه من خلال الفاحصين في الإدارة تم إفراغ أجهزتهما بعد اعتقالهما ورصد ما تحويه من مواد تدعم التهم. إضافة إلى أن المصور الدولي حسين حبيل ذكر في جلسات المحكمة أنه تعرض للتعذيب، والضرب والركل في البطن والوجه، وأبقى في غرفة شديدة البرودة، وأجبر على الوقوف لفترات طويلة من الزمن، وحرم من النوم في طوال فترة تواجده في إدارة المباحث الجنائية[6] كما أنه يحتاج إلى رعاية صحية ملائمة حيث يعاني من مرض القلب[7] إلا أن القاضي قد تجاهل كل ذلك. أما الشعباني الذي اعتقل من قبل الإستخبارات العمانية[8] في يناير 2013 وتعرض للإختفاء القسري ليكشف في أولى زيارة له –بحسب ما أفاد ذويه لمركز البحرين لحقوق الإنسان- بأنه استطاع التعرف على أحد الأشخاص الذين قاموا بتعذيبه[9] وهو الملازم فواز الصميم غير إنه لم يستطع التعرف على الباقين. وقال الشعباني أن من كان يحقق معه سأله: هل تريد منا أن نعاملك كإنسان أم كحيوان؟ وبدأت الأسئلة بعدها لإجباره على الإعتراف على انضمامه لحركة “تمرد” –و هي إحدى الحركات التي تقود أنشطة سلمية مناهضة للحكومة- غير إن الشعباني أنكر علاقته بالحركة فما كان منهم إلا أن كبلوه من الخلف وأفادوا له بأنهم سيتعاملون معه كحيوان. وقال صادق إن الصميم وبقية المحققين قاموا بتعريته بشكل كامل، واعتدوا عليه جنسياً بإدخال قضيب في دبره، ومن ثم عرضوا عليه صوراً خاصة له مع زوجته كانوا قد حصلو عليها أثناء مداهمتهم لمنزله في فترة “السلامة الوطنية” 2011 وهددوه باغتصابها. كما أوهمه الصميم بأن زوجته في الغرفة المجاورة، وقد أسمعوا الشعباني صوت فتاة تصرخ وكأن هناك من يقوم باغتصابها. كما جلبوا للشعباني صوراً لفتيات من عائلته وهددوه باغتصابهن جميعاً إن لم يعترف. كما تم سحب قضيبه بخيط، ورش الماء البارد والحار عليه. وأضاف الشعباني أنه تعرض للصعق الكهربائي في دبره، وصفع بقوة على الوجه والأذنيين مما تسبب له بانتفاخ في وجهه ونزيف في دبره إضافة إلى آلام جسدية ونفسية لازال يعاني منها حتى الآن. وفي معرض التحقيق طُلب من الشعباني تحديد علاقته بالسيد يوسف المحافظة -نائب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان- وهددوه بأنهم سيقبضون عليه ويغتصبونه هو أيضاً. غير أن القاضي اعتمد شهادة الملازم الصميم وما أدلت به المصادر السرية وتجاهل شكاوى التعذيب وأصدر قراره بسجن المعتقلين التسعة خمس سنوات لكل منهم.
-
الحكم على 12 مواطن من بينهم عالم دين بالسجن المؤبد بتهمة “التخابر مع الخارج” – الأحد 20 أبريل 2014
قضت المحكمة الكبرى الجنائية في يوم الأحد الموافق لـ 20 أبريل 2014 حكمها في قضية 14 مواطن بحريني متهمين بالتخابر مع إيران، وبالتدريب مع الحرس الثوري وحزب الله العراقي وذلك بالسجن المؤبد لـ 12 مواطن و15 سنة لآخرين إضافة إلى تغريمه ألف دينار بحريني مع مصادرة المضبوطات[10]. ومن بين المعتقلين المتهمين في هذه القضية المواطن عبدالجبار أحمد والذي تم اعتقاله في يوم الأحد الموافق 11 أغسطس 2013 من قبل مدنيين داهموا مقر عمله واعتقلوه[11] حيث تعرض للاختفاء القسري لمدة زادت عن الستة أيام. ونقلت عائلة عبدالجبار أنه ذكر في إحدى الزيارات أنه تعرض للضرب والتعذيب كما تعرض لإبقاءه لمدة يومين مقيد اليدين في غرفة باردة مما تسبب له بآلام شديدة في يديه وكتفيه. كما وجهت المحكمة للشيخ زهير عاشور تهمة السعي والتخابر مع من يعملون لمصلحة دولة أجنبية للقيام بأعمال عدائية ضد البحرين وبقصد الإضرار بمصالحها القومية ذلك بأن اتصل واتفق مع عناصر من الحرس الثوري الإيراني على إمدادهم بمعلومات عن الأوضاع الداخلية في البلاد وإجراء تدريبات عسكرية للقيام بأعمال عنف وتخريب داخل البحرين. إضافة إلى أنه طلب وقبل لنفسه ولغيره عطايا ممن يعملون لمصلحة دولة أجنبية بقصد ارتكاب عمل ضار بالمصلحة القومية للبحرين. كما أنه أمد مجموعات إرهابية بأسلحة وذخائر مع علمه بما تدعو إليه بوسائلها في تنفيذ أغراضها الإرهابية. وكان عاشور قد اعتقل في 18 يوليو 2013 من قبل مدنيين في نقطة تفتيش بالقرب من أحد مراكز التسوق، وسبق ذلك أن تعرض للتهديد بالقتل أمام عائلته ثم اختطف وتم الزج بإسمه في قضايا أمنية مختلفة[12]. ونشر التلفزيون الرسمي صورة للشيخ عاشور وضحت مدى ما تعرض له من تعذيب بحسب ما ذكرت عائلته حيث أفادت أن وجهه في الحقيقة يختلف عما هو عليه في الواقع. وعلى الرغم من ذكر هذه التفاصيل أمام قاضي المحكمة وتأكيد المحامين على عدم وجود ما يثبت التهم على المعتقلين في القضية إلا أن القاضي اكتفى بإفادات المعتقلين التي انتزعت تحت التعذيب إضافة إلى المصادر السرية ليحكم على 12 مواطن بالسجن المؤبد كحكم ابتدائي.
وليست هذه هي المرة الأولى التي يتلقى فيها مركز البحرين لحقوق الإنسان إفادات من ضحايا تفيد بتعرضهم للتعذيب وتجاهل القاضي لما يدلون له من إفادات أمام المحكمة. مما يؤكد ما يذهب له رأي النشطاء في أن القضاء ما هو إلا أداة[13] في يد حاكم البحرين يستخدمها للنيل من المعارضة ومن نشطاء الرأي.
وبناءً على ما سبق ذكره، فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع حلفاء السلطة المقربين والمؤسسات الدولية ذات الصلة للضغط على البحرين من أجل:
- الإفراج عن المعتقلين لاسيما أولئك الذين استندت المحكمة في أحكامها على اعترافات انتزعت منهم بعد تعريضهم للتعذيب والتهديد بسوء المعاملة
- التوقف عن استخدام التعذيب كوسيلة لانتزاع الإعترافات من المعتقلين
- إنهاء سياسة منهجية الإفلات من العقاب لمنتهكي حقوق الإنسان
- التحقيق في شكاوى التعذيب ومحاسبة المتورطين لا سيما ذوي المناصب الرفيعة الذين أعطوا الأوامر
- إصلاح الجهاز القضائي