69 محتج تم اعتقالهم خلال الأيام الثلاثة إضافة إلى عشرات الإصابات
يدين مركز البحرين لحقوق الإنسان استمرار السلطات في البحرين في انتهاج الحلول الأمنية كوسيلة وحيدة لقمع الاحتجاجات المطالبة بالديموقراطية وحق تقرير المصير. فقد وثق مركز البحرين لحقوق الإنسان العديد من الإصابات الناجمة عن اعتداء الشرطة على المتظاهرين والإعتقال التعفسي لما يزيد عن 50 مواطن من بينهم أطفال خلال ثلاثة أيام (13، 14، 15 فبراير 2014) أحيى فيها الشعب البحريني ذكرى ثورته التي انطلقت في 14 فبراير 2011 واتخذت من دوار اللؤلؤة مقراً لها قبل أن يعلن حاكم البحرين حمد آل خليفة حالة الطوارئ وتتدخل قوات درع الجزيرة لفض الاعتصام السلمي الذي دام قرابة الشهر إضافة إلى هدم النصب التذكاري الذي أصبح رمزاً لثورة البحرينيين.
مقدمة:
ابتداءً من الرابع عشر من فبراير 2011 خرجت مسيرات ونظمت إعتصامات في البحرين تطالب بمزيد من الديمواقراطية مستوحية حراكها من ثورتي تونس ومصر في ما عرف بالربيع العربي، إلا أن السلطات في البحرين تعاملت بعنف شديد مع هذه المسيرات والإعتصامات، وقامت باعتداءات وحشية على المتظاهرين السلميين في دوار اللؤلوة[1] وفي جميع شوارع البحرين، وأعلنت حالة السلامة الوطنية (قانون الطوارئ) في الخامس عشر من مارس[2]2011 ، وتم إنزال الجيش إلى الشوارع وإستدعاء قوات درع الجزيرة[3] -المكونة في المعظم من قوات سعودية- للتدخل و فرض حالة الطوارئ، ونشر القوات الأمنية والعسكرية التى تجوب المناطق والقرى المناهضة للسلطة، وإقامة نقاط تفتيش في العديد من مناطق الاحتجاجات. وراح ضحية إعتداءات قوات الأمن والجيش على المتظاهرين ما يزيد عن 80 مواطن حتى تاريخ كتابة هذا التقرير، إضافة إلى اعتقال ما يزيد عن 4000 معتقل في الأشهر التي تلت فرض حالة الطواريء. ونتيجة لإستمرار سياسة الإعتقالات التعفسية لا يزال أكثر من 3000 فرد في المعتقل إما موقوفاً أو محكوماً. وقد فقد أكثر من 50 شخص أعينهم أو أجزاءاً من أجسادهم جراء الاستهداف المباشر من قبل قوات النظام.
13، 14، 15 فبراير 2014، قوات النظام تعتدي على التظاهرات وتقمع جميع مظاهر الإحتجاجات:
أعلنت قوى شعبية تنظيم احتجاجات في الذكرى الثالثة للاحتجاجات الشعبية وذلك على مدى ثلاثة أيام بدأت في يوم الخميس الموافق 13 فبراير 2014 وتنتهي في يوم السبت الموافق 15 فبراير 2014، وشملت الدعوات عصيان مدني شامل ما عدا القطاع الطبي، وإغلاق المحال التجارية، وتنظيم تظاهرات سلمية في مختلف مناطق البحرين إضافة إلى التوجه إلى مقر الإحتجاجات الأولى في دوار اللؤلؤة الذي لا يزال محاصراً من قبل قوات الجيش.
وقد وثق مركز البحرين لحقوق الإنسان حالات اعتقال تعسفي لمواطنين بلغت 69 حالة أفرج عن 17 منهم في وقت لاحق، ومن بين هؤلاء أكثر من 15 طفلاً ، كما وثق المركز عشرات الإصابات عولجت معظمها في مستشفيات ميدانية أو منازل الأهالي حيث يخشى المحتجون من اعتقالهم حال ذهابهم لتلقي العلاج في المستشفيات الحكومية. ومن بين الإصابات شظايا طلقة رشية (شوزن) أصابت جسد المواطن مهدي جواد القفاص (17سنة)، وأفاد شاهد عيان بأن قوات النظام كانت تمارس العقاب الجماعي على منطقة السنابس القريبة من دوار اللؤلؤة حيث استخدمت ضد محتجي المنطقة الغازات المسيلة للدموع والطلقات الإنشطارية الرشية (شوزن)، ومن بين من تعرضوا للإصابة والاعتقال “القفاص” حيث تجمعت حوله قوات النظام ونقلت جسده المصاب بواسطة الإسعاف إلى المستشفى العسكري الذي نفى وجوده عندما ذهب والديه للإطمئنان عليه[4]. وقد ذكرت وزارة الداخلية عبر حسابها الرسمي في موقع التواصل الإجتماعي “تويتر ” إن قواتها كانت تتعرض لاعتداء من مجموعات إرهابية مما استدعاها للقيام باللازم. ولم تتمكن عائلة القفاص من لقاءه حتى اليوم في ظل قلق شديد على صحته لا سيما وأنه فقد الكثير من دماءه كما شاهدت العائلة في الصور التي نشرها النشطاء عبر مواقع التواصل الإجتماعي.
وفي يوم السبت الموافق 15 فبراير 2014، هاجمت قوات النظام مجموعة من المحتجين الذين كانوا يحاولون الوصول لدوار اللؤلؤة وتعرض الشاب حميد الموالي (18 سنة) للإصابة بشظايا طلقة رشية (شوزن)، وقال مغردون أن قوات النظام اعتدت على جسمه المصاب بالضرب قبل اعتقاله ونقله بواسطة سيارة الإسعاف للمستشفى.
وقال مسئول الرصد والتوثيق بمركز البحرين لحقوق الإنسان السيد يوسف المحافظة عبر حسابه الرسمي في “تويتر” أن الموالي أصيب برصاص الشوزن الذي تركز في رأسه وعينه[5]. كما اعتقل العديد من المحتجين بطريقة تعسفية ووحشية[6] وتم الاعتداء على النساء[7] في محاولة لثنيهم عن المشاركة في الاحتجاجات. وشهدت بعض القرى انتشار واسع للميليشيات المدنية المسلحة التي تدعمها قوات النظام. فقد نشر نشطاء عبر موقع اليوتيوب فيديو يبين مساندة الميليشيات المدنية المسلحة[8] لقوات النظام في ملاحقة المحتجين ومحاولة اعتقالهم في منطقة أبو صيبع في يوم الجمعة 14 فبراير 2014.
وذكر مدونون وناشطون سياسيون ومستخدمين آخرين أن شركات الإتصالات في البحرين أقدمت على خفض سرعة الإنترنت[9] منذ عصر الخميس 13 فبراير 2014 وذلك بالتزامن مع دعوات من قبل المعارضة البحرينية لمخاطبة الرئيس الأميركي باراك أوباما والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عبر توجيه تغريدات على حسابيهما في موقع التواصل الإجتماعي تويتر . ويعتقد النشطاء أن شركات الإتصالات تلقت أوامر من جهات عليا بخفض سرعة الإنترنت في محاولة لمنع البحرينيين من التواصل مع العالم الدولي ونشر الإنتهاكات التي مارستها السلطة والتي ستمارسها في أيام الفعاليات الثلاثة. وعلى الرغم من ذلك نجح البحرينيون في تأدية المهمة وتحدي كل العقبات التي فرضتها السلطة.
كما تعرض جامع الإمام الصادق –الدراز- في يوم الجمعة 14 فبراير للاعتداء وذلك بإطلاق القنابل الغازية المسيلة للدموع في تعدٍ سافر على أماكن العبادة.
حاكم البحرين حمد آل خليفة في كلمة متلفزة، يجرّم انتقاده ويلغي مطالب المعارضة:
هذا وعرض التلفزيون الرسمي خطاباً لحاكم البحرين حمد آل خليفة بمناسبة ذكرى الميثاق 14 فبراير[10]، أكد فيها على أن لا ثورة في البحرين وأن الشعب، كل الشعب، قد قال كلمته عندما صوّت لميثاق العمل الوطني متجاهلاً قيامه بالإنقلاب على وعوده واستدعاءه لبعض الأجانب لكتابة دستور بحريني لم تتوافق عليه المجاميع الشعبية والقوى السياسية المعارضة. كما تجاهل كل الدعوات الدولية والأممية[11] فيما يخص تحسين حالة حقوق الإنسان في البحرين والسماح بممارسة العمل السياسي والحقوقي السلمي دون مضايقة أو قيود. يأتي هذا الخطاب بعد أيامٍ من مصادقة حمد آل خليفة على قانون يجرّم انتقاده[12] ويقر بسجن من يقوم بذلك لمدة لا تقل عن سبع سنوات، وغرامة مالية تبلغ 10 آلاف دينار في محاربة صريحة وواضحة لحرية الرأي والتعبير.
والجدير بالذكر أن الكثير من المواطنين المحتجين على سياسة الحاكم حمد آل خليفة قد عمدوا في احتجاجاتهم الأخيرة لوضع صوره على الأرض والسير عليها بينما قام آخرون بكتابة إسمه على الشوارع تعبيراً عن استنكارهم لما يمارسه من دور في تفشي سياسة الإفلات من العقاب والمساهمة في تغيير الهوية الديموغرافية عبر تجنيس غير قانوني لعدد كبير من الأجانب.
من جهة أخرى أعلنت وزارة الداخلية عبر حسابها على تويتر[13] في 15 فبراير 2014 عن وفاة أحد منتسبيها متأثرا بجراحه التي أصيب بها في “تفجير إرهابي” كانت قد أعلنت عنه في اليوم السابق في منطقة الدير. وفي حين أن مركز البحرين لا يستطيع التحقق من صحة ادعاء وزارة الداخلية في ظل غياب أجهزة التحقيق المستقلة، إلا أنه يؤكد دعوته جميع الاطراف للإلتزام بالعمل السلمي.
وبناءً على ما سبق ذكره، فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع حلفاء السلطة المقربين والمؤسسات الدولية ذات الصلة إلى التالي:
- الضغط على السلطة في البحرين لمراعاة وصيانة حقوق الإنسان لا سيما فيما يخص حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي
- محاكمة البحرين دولياً على انتهاكاتها المستمرة والمتكررة للمعاهدات والمواثيق الدولية التي صادقت عليها مسبقاً لا سيما فيما يخص حرية الرأي والتعبير وحرية التجمع السلمي
كما يدعو السلطة في البحرين للتالي:
- التوقف عن محاربة حرية الرأي والتعبير
- السماح للمواطنين بممارسة العمل الحقوقي والسياسي دون قيود أو ضغوط
- محاسبة جميع المتورطين في الإنتهاكات سواء بالإشراف و/أو الأمر وعرضهم للمساءلة، ولا سيما ذوي المناصب الرفيعة
وأخيرا، تجدر الإشارة إلى أن توصيات مركز البحرين لحقوق الإنسان لا تعني بأي طريقة تهميش أو إلغاء التوصية الرئيسية وهي الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع السجناء السياسيين وسجناء الرأي.