البحرين: أطفال محرومين من الحصول على وثيقة الهوية و جواز السفر انتقاماً من آبائهم المعتقلين

passport

السلطة تجعل من أبناء المعتقلين “بدون” حتى إشعار آخر

يدين مركز البحرين لحقوق الإنسان الممارسات الإنتقامية التي تمارسها السلطة في البحرين ضد معتقلي الرأي والمعتقلين السياسيين ومن بينها حرمان أبناءهم من الحصول على الأوراق الثبوتية اللازمة كبطاقة الهوية وجواز السفر، مما يضاعف معاناتهم إذ بحرمهم من الحصول على الخدمات الصحية والتعليمية التي تتطلب إثبات الهوية. وقد وثق مركز البحرين لحقوق الإنسان أربع حالاتٍ على الأقل ثبت فيها عدم وجود مسوغ قانوني لحرمان الأطفال من الحصول على وثائق الهوية والسفر وهي كالتالي:

زينب عبدالله عيسى المحروس (سنتان وتسعة أشهر):

ولدت الطفلة زينب بعد اعتقال والدها ب28 يوماً في أبريل 2011 ومنذ ذلك الحين لم تتمكن العائلة من استصدار جواز سفر لها دون مبرر واضح. وهي طفلة الشيخ عبدالله المحروس المشهور محلياً بإسم ميرزا المحروس والذي اعتقلته عناصر تابعة لجهاز الأمن الوطني بمعية قوات النظام في يوم الجمعة الموافق لـ 1 أبريل 2011، وأفادت عائلته بأنه تعرض للضرب على مرأى منهم قبل أن يتم نقله لمبنى وزارة الداخلية بالعاصمة المنامة. وهناك تعرض المحروس –بحسب إفادته- للتعذيب على يد الضابط بدر إبراهيم الغيث[1]، وناصر حمد آل خليفة[2]، إضافة إلى رئيس جهاز الأمن الوطني السابق خليفة عبدالله آل خليفة [3]وآخرون تمكن المحروس من التعرف عليهم وتوثيق أسماءهم. وقد وجهت للمحروس تهمة السعي لقلب نظام الحكم[4] بالقوة هو مع 20 قائداً سياسياً[5] من بينهم رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان السابق الأستاذ عبدالهادي الخواجة. ويقضي المحروس حكماً بالسجن لمدة 15 عام.

عبدالله المحروس

ويشتكي الأخير من مضايقات يتعرض لها في السجن من بينها منعه من زيارة زوجته التي تعاني من مرض مزمن يمنعها من الحضور للسجن لزيارته على الرغم من وجود وثائق تثبت ذلك، إضافة إلى الإهمال المتعمد لحالته الصحية التي تتطلب رعاية خاصة سواءاً من ناحية توافر الأدوية أو تتابع جلسات العلاج الطبيعي. كما أفاد المحروس بأن إدارة السجن رفضت طلبه بتنسيق توقيت الزيارة لكي يتمكن من رؤية أخيه المعتقل في ذات السجن. وقد أفاد المحروس بكل ذلك للأمانة العامة للتظلمات إلا أن تغييراً في كل ذلك لم يحصل بعد.

إسراء حسين أحمد (3 أشهر):

طفلة العسكري حسين أحمد حسن (28 عام)، التي وُلدت في 13 أكتوبر 2013 بمشكلة صحية في الرأس، وقد رفض مجمع السلمانية الطبي استقبالها وعلاجها بسبب عدم إمتلاك والدتها لأي ما يثبت هوية الطفلة. وعلى الرغم من وجود تخويل لدى والد المعتقل حسين لإستصدار الجواز إلا أن النيابة العامة والمحكمة رفضت  السماح بتجديد جواز المعتقل الذي انتهت صلاحيته وبسببه حرمت إبنته من استصدار أية وثيقة تثبت هويتها. وأفادت والدة الطفلة بأن الوضع الصحي لإبنتها في تدهور جراء رفض المستشفيات استقبالها وعلاجها.

حسين أحمد وابنته إسراء

والجدير بالذكر إن حسين أحمد حسن يعمل بوزارة الداخلية برتبة شرطي خدمة مجتمع، وكان قد اعتقل في 10 مايو 2013 وحوكم بتهمة الإعتداء على رجل أمن والتجمهر كما تم التحقيق معه بسبب تغيبه عن العمل أثناء فترة السلامة الوطنية ومشاركته في الاعتصام الكبير في ميدان اللؤلؤة في فبراير 2011. وقد حكمت المحكمة على حسين بالسجن ثمان سنوات.

جنان جعفر حسين عيد (سنة ونصف):

طفلة المعتقل جعفر حسين عيد، جنان، ولدت في 14 يونيو 2012 قبل اعتقال والدها المطارد بـ20 يوم ولا تزال عائلتها غير قادرة على استصدار جواز سفر لها أو بطاقة اثبات الهوية. تم اعتقال عيد في 3 يوليو 2012 من قبل عناصر مدنية تابعة لجهاز الأمن الوطني برفقة قوات النظام. ووجهت المحكمة لعيد تهمة الإنضمام لجماعة الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين، ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من ممارسة أعمالها، والاعتداء على الحريات الشخصية للمواطنين والحقوق العامة، والإخلال بالنظام العام، وتعريض سلامة المملكة وأمنها للخطر، وكان الإرهاب من وسائلها في تحقيق أغراضها. وقد عرفت القضية محلياً بإسم “قضية الخمسة طن”، حيث أعلنت الداخلية أنها حصلت على 5 طن[6] من المتفجرات بحوزة من تم اعتقالهم. ويقضي عيد حالياً حكماً بالسجن المؤبد.[7]

جعفر عيد وابنته جنان

وبقي عيد في الحبس الإنفرادي حتى وقت متأخر منذ اعتقاله وكانت حالته الصحية سيئة حينئذٍ فقد كان يتقيأ دماً إضافة إلى آلام حادة في كليتيه. وبدلاً من معالجته قامت إدارة السجن بإعطاءه مغذي وريدي وإعادته لزنزانة مع محبوس يعاني من مرض الجرب[8]. ولازال عيد يعاني من إهمال متعمد لحالته الصحية مما دفعه لإعلان الإضراب عن الطعام قبل أيام[9] حتى يتم نقله للمعالجة لدى طبيب مختص حيث أنه يعاني من تورم في رجليه يجعله غير قادر على الجلوس أو حتى الصلاة.

وقالت زوجة عيد إنها تقدمت بشكوى للمؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان وتقدمت بأخرى للأمانة العامة للتظلمات إلا أن شيئاً لم يتغير منذ ذلك الحين، واعتبرت هذه التصرفات بمثابة تعذيب نفسي لعائلة المعتقل وإبنته التي لا ذنب لها سوى أن والدها خرج كغيره من البحرينيين ليطالب بالحرية والعدالة.

حامد ومحمد يونس مرهون (11 شهر، 4 سنوات):

طفلا العسكري المعتقل يونس علي مرهون (36 سنة)، وهو أحد العسكريين الذين رفضوا أن يشاركوا في قمع الشعب إبان مرحلة الاعتصام الكبير في ميدان اللؤلؤة ووقف مع زملائه العسكريين على المنصة وألقى خطاباً تضامنياً مع مطالب الشعب بالتحول الديموقراطي والحرية. وبقي مرهون مختبئاً عن أنظار الأجهزة الأمنية لمدة تزيد عن سنتين قبل أن تداهم عناصر مدنية تابعة لجهاز الأمن الوطني برفقة قوات النظام منزله عصر الأربعاء الموافق 24 يوليو 2013 وتعتقله. وأفادت عائلة مرهون بأنه تعرض للضرب من قبل معتقليه على مرأى ذويه حيث حصلت مشادة كلامية بين عائلته ومعتقليه.

حامد ومحمد يونس مرهون

ويقضي يونس مرهون الآن حكماً بالسجن 8 سنوات في قضيتين إحداهما مدنية واتهم فيها بالتجمهر وأخرى عسكرية اتهم فيها بالتحريض على كراهية النظام. وحكمت محكمة الإستئناف بتأييد الحكم على مرهون بالسجن لمدة سنة واحدة في القضية الأولى بينما قضت المحكمة العسكرية بسجنه 7 سنوات عن القضية الأخرى.

وأفادت زوجة المعتقل يونس بأنها نسقت مع زوجها للحصول على تخويل باستصدار جوازات لأبناءها إلا أن إدارة الجوازات رفضت الاعتراف بالتخويل وطلبت ورقة رسمية تثبت اعتقال مرهون. وعندما ذهبت لتراجع مركز الشرطة بهذا الشأن أخبروها بأنهم لا يصدرون هذا النوع من الوثائق –وثيقة تثبت اعتقال شخص- الأمر الذي جعل العائلة تعيش في حيرة من أمرها حتى اليوم.

إن حرمان الأطفال من وثائق الهوية يعد مخالفة لنص المادة السابعة من اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على “١. ﻳﺴﺠﻞ اﻟﻄﻔﻞ ﺑﻌﺪ وﻻدﺗﻪ ﻓﻮرا وﻳﻜﻮن ﻟﻪ اﻟﺤﻖ ﻣﻨﺬ وﻻدﺗﻪ ﻓﻲ اﺳﻢ واﻟﺤﻖ ﻓﻲ اكتساب ﺟﻨﺴﻴﺔ، ٢. ﺗﻜﻔﻞ اﻟﺪول اﻷﻃﺮاف إﻋﻤﺎل هﺬﻩ اﻟﺤﻘﻮق وﻓﻘﺎ ﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻬﺎ اﻟﻮﻃﻨﻲ واﻟﺘﺰاﻣﺎﺗﻬﺎ ﺑﻤﻮﺟﺐ اﻟﺼﻜﻮك اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﻤﺘﺼﻠﺔ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﻴﺪان، وﻻﺳﻴﻤﺎ ﺣﻴﺜﻤﺎ ﻳﻌﺘﺒﺮ اﻟﻄﻔﻞ ﻋﺪﻳﻢ اﻟﺠﻨﺴﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﺎل ﻋﺪم اﻟﻘﻴﺎم ﺑﺬﻟﻚ. ” كذلك فإن حرمان الأطفال من الرعاية الطبية التي يحتاجونها في ظل الحرمان من صدار وثيقة الهوية هو  مخالفة لنص المادة الرابعة والعشرين من اتفاقية حقوق الطفل التي تنص على ” ﺗﻌﺘﺮف اﻟﺪول اﻷﻃﺮاف ﺑﺤﻖ اﻟﻄﻔﻞ ﻓﻲ اﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﺄﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى ﺻﺤﻲ ﻳﻤﻜﻦ ﺑﻠﻮﻏﻪ وﺑﺤﻘﻪ ﻓﻲ ﻣﺮاﻓﻖ ﻋﻼج اﻷﻣﺮاض وإﻋﺎدة اﻟﺘﺄهﻴﻞ اﻟﺼﺤﻲ. وﺗﺒﺬل اﻟﺪول اﻷﻃﺮاف ﻗﺼﺎرى ﺟﻬﺪهﺎ ﻟﺘﻀﻤﻦ أﻻ ﻳﺤﺮم أي ﻃﻔﻞ ﻣﻦ ﺣﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻣﺎت اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ هﺬﻩ.”

ويرى مركز البحرين لحقوق الإنسان إن السلطات في البحرين تستخدم حرمان الأطفال من الوثيقة الرسمية لا سيما “جواز السفر” كأداة لعقاب المعارضين والمواطنين لاسيما أولئك الذي يشاركون في المسيرات والفعاليات التي تطالب بالحرية وتقرير المصير، فيما يعاني الأطفال نتيجة لذلك الحرمان من تلقي الخدمات الصحية والتعليمية، وكذلك تقييد حركتهم وحركة أهاليهم حتى في الحالات الطارئة التي قد تستدعي السفر للعلاج. وقد سبق للسلطة أن قامت في 7 نوفمبر 2012 بإسقاط الجنسية عن 31 مواطن بحريني بينهم رجال دين ونائبان سابقان ومحامٍ دون وجود أي حكم قضائي أو مسوغ قانوني[10]. وقد بررت وزارة الداخلية هذا القرار بأن المسحوبة جنسيتهم يشكلون ضرراً على الدولة، وأكدت بأنها ستقوم باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لتنفيذ القرار وكان من بين هذه التدابير التي اتخذتها الداخلية أن استدعت المواطنين المسحوبة جنسيتهم لسحب وثائق المواطنة الرسمية  الخاصة بهم ومن بينها جوازات السفر البحرينية طالبة منهم تصحيح أوضاعهم القانونية.

وبناءً على ما سبق ذكره، فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع حلفاء السلطة المقربين والمؤسسات الدولية ذات الصلة إلى التالي:

  • الضغط على السلطة في البحرين لمراعاة وصيانة حقوق الإنسان لاسيما حق الطفل في استصدار وثائق الهوية والحصول على الخدمات الصحية.
  • محاكمة البحرين دولياً على انتهاكاتها المستمرة والمتكررة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذين صادقت عليهما مسبقاً

كما يدعو السلطة في البحرين للتالي:

  • استصدار جوازات ووثائق رسمية للحالات سالفة الذكر وأية حالات مشابهة
  • الإفراج الفوري عن جميع معتقلي الرأي في السجون لاسيما القيادات المعارضة
  • التوقف عن استهداف المعارضين والنشطاء بسبب نشاطهم المطلبي السلمي