البحرين: بينما لم تتم محاسبة أحد في مقتل أبنائهم، ذوي ضحايا القتل خارج إطار القانون رهن الإعتقال

مكي أبوتاكي يقبل جسد إبنه محمود قبل دفنه

يدين مركز البحرين لحقوق الإنسان ممارسات السلطة في البحرين باستهداف ذوي ضحايا القتل خارج إطار القانون وذلك من خلال استمرار حبس السيد مكي أبوتاكي والسيد جواد الشيخ والدَي الضحيتين محمود أبوتاكي وعلي الشيخ. حيث وجهت لهما تهمة التحريض على كراهية النظام.

وكان السيد مكي أبو تاكي قد توجه لمركز النعيم للتحقيق في يوم الثلاثاء الموافق 26 نوفمبر 2013 وحوّل للنيابة العامة التي أمرت بحبسه احتياطياً لمدة 15 يوم، بعد توجيه تهمة التجمهر والتحريض على كراهية النظام[1] لأبو تاكي. ووردت أنباء لمركز البحرين لحقوق الإنسان بأن أبو تاكي كان قد تعرض لسوء المعاملة والإهانة أثناء وجوده في الحبس الإحتياطي بسجن “الحوض الجاف”. وفي يوم الخميس الموافق 12 ديسمبر 2013 تم عرض أبو تاكي على النيابة التي جددت حبسه 30 يوم آخرون. وذكر شاكر أبو تاكي – الإبن الأكبر لمكي أبو تاكي-  عبر حسابه الرسمي في موقع التواصل الإجتماعي “تويتر” بأن والده يعاني من آلام في البطن وبقيت هذه الآلام ترافقه لمدة 12 يوماً غير إن إدارة السجن لم تعره اهتماماً في البداية واكتفت بمنحه المسكنات[2]، وعندما استاءت حالته تم تحويله لمستشفى القلعة ومنه لمجمع السلمانية الطبي تمهيداً لعرضه على طبيب مختص[3].  والجدير بالذكر إن إبن مكي أبو تاكي، الضحية محمود أبو تاكي كان قد قُتل بإصابات مباشرة بطلقات الرصاص الإنشطاري “الشوزن” أثناء هجوم قوات الجيش والشرطة على المعتصمين في ميدان اللؤلؤة فجر 17 فبراير 2011، وحتى هذا اليوم لم تأخذ وزارة الداخلية أي إجراء ولم تحقق في القضية، على الرغم من وجود خطاب منذ عامين يطلب التحقيق بالقضية. 

جواد الشيخ يحمل صورة لإبنه المقتول علي في إحدى المسيرات السلمية

كما داهمت مجموعة مدنية تابعة لجهاز الأمن الوطني برفقة قوات من الشرطة في يوم الأحد الموافق 24 نوفمبر 2013 مقر عمل السيد جواد الشيخ ونقلته لجهة مجهولة، حيث تم التحقيق معه حول خطاب كان قد ألقاه في إحدى المناسبات الدينية. وقررت النيابة العامة حبس الشيخ 15 يوماً ثم قامت النيابة في يوم الأربعاء الموافق 11 ديسمبر بتجديد حبس الشيخ 30 يوماً بعد أن وجهت له تهمتي التجمهر والتحريض على كراهية النظام. (جواد الشيخ يحمل صورة لإبنه المقتول علي في إحدى المسيرات السلمية)وتعتبر هذه هي المرة الثانية التي يعتقل فيها الشيخ بسبب نشاطه الملحوظ في الدفاع عن حقوق الإنسان ومطالبته بمحاسبة المسؤولين عن مقتل ابنه. والجدير بالذكر أن الضحية الطفل علي –إبن المعتقل جواد الشيخ- قُتل بعد إصابته مباشرة بعبوة غاز مسيل للدموع أصابت رأسه أثناء قمع مسيرة سلمية خرجت في قريته صباح يوم العيد في 31 أغسطس 2011. وقالت زوجة الشيخ إن زوجها يعاني من الروماتيزم وإن إدارة السجن ترفض إدخال أدويته كما إن أحد الضباط ويدعى “الساعاتي” في سجن الحوض الجاف يقوم باستفزاز الشيخ دائماً فيقوم بسحب وسادته وغطاءه أثناء نومه.

وليست هاتان الحادثتان بالأمر المستجد، فقد وثق مركز البحرين لحقوق الإنسان اعتداءات مستمرة منذ العام 2011 طالت أهالي ضحايا القتل خارج نطاق القضاء ممن استمروا بالاحتجاج على عدم محاسبة قتلة أبناءهم. وفي أغسطس الماضي اعتقلت الأجهزة الأمنية السيد عبدالهادي مشيمع والد علي مشيمع وهو الضحية الذي تم قتله بإصابة مباشرة في الظهر بطلق رصاص إنشطاري “شوزن” أثناء قمع مسيرة سلمية خرجت في قريته عشية 14 فبراير 2011. وكانت محكمة الإستئناف[4] قد خفضت حكم الشرطي الذي قتل مشيمع من 7 سنوات لـ 3 مبررة ذلك بأنه قتله دون قصد. كما قررت النيابة العامة في أغسطس الماضي أيضاً حبس السيد أحمد موالي[5] والد الضحية يوسف موالي الذي اعتقلته قوات النظام وعذبته وألقت بجثته في أحد الشواطئ بجزيرة المحرق. وحبست النيابة كذلك والد الضحية أحمد إسماعيل[6] الذي قتل على إثر تعرضه لطلق ناري في سلماباد، واتهمته بالمشاركة في مسيرة غير مرخصة. كما حققت الأجهزة الأمنية مع السيد جاسم العصفور والد الضحية الطفل ياسين العصفور الذي توفي بعد اختناقه بالغاز المسيل للدموع الذي تسبب في مضاعفة أعراض مرض الربو الذي يعاني منه. وحققت كذلك مع السيد سعيد عيسى حسين والد الضحية الطفل سيد هاشم والذي أصابته مباشرة عبوة غاز مسيلة للدموع تسببت في قتله.

وفي خطوة انتقامية، أصدرت المحكمة العسكرية مؤخراً حكماً بحبس العسكري فيصل جواد الغريفي[7] والد الضحية الرضيعة ساجدة -التي توفيت بعد 5 أيام من ولادتها مختنقةً بالغاز الذي تطلقه قوات النظام كعقاب جماعي على منازل المواطنين-  بالسجن 6 أشهر والفصل من العمل وذلك بتهمة التغيب عن الدوام الرسمي فترة فرض حالة الطوارئ في عام 2011. واقتحمت قوات مدنية تابعة لجهاز الأمن الوطني بمعية قوات الشرطة منزل الضحية عبدالنبي العاقل –الذي توفي بعد أن صدمته مركبات الشرطة التي كانت تلاحقه صباح 23 نوفمبر 2011 وهو اليوم الذي أعلنت فيه نتائج تقرير  لجنة تقصي الحقائق- لاعتقال إبن أخته قيس الذي كان يقطن معه في ذات المنزل. واعتدت الميليشيات المدنية على أخت الضحية العاقل بالضرب ورش الفلفل على وجهها أثناء محاولتها الدفاع عن إبنها المعتقل. كما وردت أنباء شبه مؤكدة عن تعرض المعتقل قاسم بداح عم الضحية الطفل علي بداح –الذي قتل إثر إصطدام مركبات قوات النظام بجسده أثناء قمع مسيرة سلمية في منطقة الجفير[8]– للتعذيب[9] بمبنى التحقيقات الجنائية انتقاماً من عمله كمنسق لرابطة عوائل الشهداء وهي رابطة تم إنشائها للتنسيق بين عوائل ضحايا الإنتهاكات التي تمارسها السلطة لاسيما فيما يتعلق بإقامة الفعاليات وتوفير الدعم القانوني.

ويرى مركز البحرين لحقوق الإنسان إن السلطة في البحرين تتهرب من الإستحقاقات الشعبية وتسهم في تفشي وترويج سياسة الإفلات من العقاب[10] عبر الإنتقام من الضحايا وحماية الجلادين. حيث سبق لمركز البحرين لحقوق الإنسان إصدار تقرير حمّل فيه حاكم البحرين حمد آل خليفة مسئولية زيادة الإنتهاكات في ظل مباركته لأعمال القمع والقتل خارج إطار القانون مما تسبب على مدى أشهر في تضاعف عدد الضحايا. كما يعتقد مركز البحرين لحقوق الإنسان أن القضاء المعين من قبل حاكم البلاد ما هو إلا أداة للانتقام من الضحايا وذويهم حيث حصل المركز على إحصائية تفيد بتبرئة شرطة تسببوا في 4 حالات قتل خارج إطار القانون، وتخفيض أحكام في 4 حالات أخرى بينما لم ينظر القضاء في 6 حالات، على الرغم من أن هذه الحالات قد وثقها تقرير لجنة تقصي الحقائق “بسيوني” وطالب بتحقيق حيادي فيها. وفيما يلي تقرير بالإجراءات القضائية المتخذة حيال حالات القتل خارج إطار القانون التي وثقها تقرير لجنة تقصي الحقائق[11]:

الضحية

تاريخ الوفاة

سبب الوفاة

نتائج التحقيق في الوفاة

علي مشيمع

14/2/2011

الشوزن

 خفضت محكمة الاستئناف العليا سجن الشرطي المتهم بالقتل من 7 إلى 3 سنوات.

فاضل المتروك

15/2/2011

الشوزن

براءة المتهمين من تهمة القتل.

محمود أبو تاكي

17/2/2011

الشوزن

لم تأخذ وزارة الداخلية أي إجراء ولم تحقق في القضية، على الرغم من وجود خطاب منذ عامين يطلب التحقيق بالقضية.

علي خضير

17/2/2011

الشوزن

 لم تأخذ وزارة الداخلية أي إجراء ولم تحقق في القضية، على الرغم من وجود خطاب منذ عامين يطلب التحقيق بالقضية.

عيسى عبدالحسن

17/2/2011

الشوزن

أيدت محكمة الاستئناف حكم البراءة بحق المتهمين بالقتل. ولم يتم التحقيق من جديد على الرغم من أن سبب البراءة أن الأدلة غير كافية، وكان من المفترض إعادة التحقيق والتحري عن القاتل الحقيقي.

علي المؤمن

17/2/2011

الشوزن

أيدت محكمة الاستئناف حكم البراءة بحق المتهم بالقتل. و لم يتم التحقيق من جديد على الرغم من أن سبب البراءة أن الأدلة غير كافية، وكان من المفترض إعادة التحقيق والتحري عن القاتل الحقيقي

أحمد فرحان

15/3/2011

الشوزن

 بحسب وزارة الداخلية فلم يعترف أي ضابط بإطلاق النار على القتيل. حيث تم التحقيق من قبل النيابة العامة والاستماع لأقوال شاهد الواقعة، إلا أن النيابة العامة حتى تاريخه لم تحل القضية للمحكمة، ولم تعلم محامي ذوي القتيل بالإجراءات التي اتخذتها.

عبدالرضابوحميد

16/3/2011

الرصاص الحي

 انتهى التحقيق في القضية إلى أن أفراد قوة دفاع البحرين تصرفوا على ما يبدو وفقاً للقانون، وأغلقت القضية.

جعفر محمد

16/3/2011

الشوزن

 لا توجد قضية في المحكمة

جعفر معيوف

16/3/2011

الشوزن

 لا توجد قضية في المحكمة

ستيفن إبراهام

16/3/2011

 الرصاص الحي

 انتهى التحقيق الذي أجرته قوة دفاع البحرين إلى أن أفراد قوة دفاع البحرين تصرفوا وفقاً للقوانين واللوائح المعمول بها. وتم تقديم تعويض مالي لعائلة القتيل من قبل الحكومة والشركة التي كان يعمل بها.

جواد محمد علي كاظم

16/3/2011

الشوزن

لا توجد قضية في المحكمة. و  تم تقديم بلاغ جنائي والتحفظ عليه في أحد مراكز الشرطة. وهناك ملف في القضاء العسكري لم تطلع عليه العائلة، التي تم إبلاغها من قبل وزارة العدل بإيداع مبلغ التعويض لإثنين من أبنائه في إدارة أموال القاصرين، فيما لم يستلم الآخرون المبلغ المستحق.

عيسى رضي عبدعلي

16/3/2011

إصابة جسدية

لا توجد قضية في المحكمة.

بهية العرادي

21/3/2011

الرصاص الحي

 انتهى التحقيق الذي أجرته قوة دفاع البحرين إلى أن أفراد قوة دفاع البحرين تصرفوا وفقاً للقوانين واللوائح المعمول بها. و  لم تقم النيابة العامة بأي تحقيق في هذه القضية.

هاني عبدالعزيز

16/10/2011

الشوزن

خفضت محكمة الاستئناف الحكم بالسجن على المتهم بقتله من السجن 7 سنوات إلى الحبس 6 أشهر. وقد مضت المدة المقررة دون أن تتقدم النيابة العامة بطلب التمييز، رغم أن العقوبة القصوى للجريمة المسندة للمدان السجن 14 سنة.

حسن جاسم

3/4/2011

التعذيب

لا توجد قضية في المحكمة. وقد رفضت العائلة استلام مبلغ التعويض، وتم إيداع المبلغ في إدارة أموال القاصرين دون الرجوع إلى العائلة.

علي صقر

9/4/2011

التعذيب

خفَّضت محكمة الاستئناف الحكم الصادر في قضية الشرطيين، اللذين أدانتهما محكمة أول درجة بالسجن 10 سنوات، لمدة سنتين. وقد مضت المدة المقررة دون أن تتقدم النيابة العامة بطلب التمييز، رغم أن العقوبة القصوى للجريمة المسندة للمدان السجن 14 سنة.

زكريا العشيري

9/4/2011

التعذيب

الحكم ببراءة الشرطة الخمسة المتهمين بالتعذيب.

عبدالكريم فخراوي

11/4/2011

التعذيب

 حكمت محكمة أول درجة بالسجن 7 سنوات على المتهمين، وتم تعديل الحكم لثلاث سنوات من محكمة الاستئناف. وقد مضت المدة المقررة دون أن تتقدم النيابة العامة بطلب التمييز، رغم أن العقوبة القصوى للجريمة المسندة للمدان السجن 14 سنة.

جابر العلويات

12/6/2011

التعذيب

لا توجد قضية في المحكمة. وقد استمعت النيابة العامة لأقوال شاهد، إلا أنها لم تحل القضية إلى المحكمة حتى تاريخه، وتم إيداعمبلغ في إدارة أموال القاصرين لابن القتيل، فيما رفضت والدته تسلم مبلغ التعويض. 

 

 

وبناءً على ما سبق ذكره، فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع حلفاء السلطة المقربين والمؤسسات الدولية ذات الصلة إلى التالي:

  • الضغط على السلطة في البحرين لمراعاة وصيانة حقوق الإنسان لا سيما تلك المتعلقة بحرية التعبير
  • محاكمة البحرين دولياً على انتهاكاتها المستمرة والمتكررة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية الذين صادقت عليهما مسبقاً

كما يدعو السلطة في البحرين للتالي:

  • الإفراج الفوري عن مكي أبوتاكي و جواد الشيخ وكذلك جميع معتقلي الرأي في السجون لاسيما القيادات المعارضة
  • التوقف عن استهداف وملاحقة المعارضين والنشطاء بسبب نشاطهم المطلبي السلمي
  • محاسبة جميع المتورطين في الإنتهاكات  والقتل والتعذيب سواء بالإشراف و/أو الأمر وعرضهم للمساءلة، ولا سيما ذوي المناصب الرفيعة
  • إسقاط جميع التهم المتعلقة بحرية التعبير  في المحاكمات الجارية

أقرأ أيضاً: