البحرين: بعد تعذيبه والتشهير به، علي الحاجي يواجه محكمة غير عادلة بتهم تنفيذ أعمال إرهابية في مركز الخدمات الأميركية

صورة لإعتقال علي حاجي أثناء مشاركته في اعتصام سابق أمام قلعة الشرطة

يعبر مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد جراء استمرار السلطات في البحرين في تلفيق القضايا الكيدية للنشطاء والمواطنين؛ انتقاماً منهم لتعبيرهم السلمي عن آرائهم. ويشمل هذا الإنتقام تعذيبهم، والتشهير بهم، وتقديمهم لمحاكمات تفتقر لأبسط مقومات العدالة. ولعل المعتقل علي حسين أحمد الحاجي -30 سنة- الذي أفاد بتعرضه للتعذيب بمبنى التحقيقات الجنائية، ونشرت صورته في التلفزيون الرسمي، والذي يحاكم حالياً بتهمة تنفيذ أعمال إرهابية في مركز الخدمات الأميركية بالجفير يعدُ مثالاً صارخاً على ذلك.

حيث اعتقلت الأجهزة الأمنية الحاجي فجر الإثنين الموافق 20 مايو 2013 من شقته في توبلي، وأفاد الحاجي لراصدي مركز البحرين لحقوق الإنسان بأن من اعتقلوه لم يكونوا يمتلكون أمراً بتفتيش الشقة أو إذناً بالقبض. فقد داهمت شقته مجموعة من رجال الشرطة بزي مدني ويعتقد بأنهم تابعين لجهاز الأمن الوطني، وقاموا بشتمه وشتم طائفته وضربه أمام عين زوجته قبل أن يقيدوا عينيه ويديه ليخرجوا به. ولم يكتفوا بذلك بل صادروا أجهزة إلكترونية كانت بعضها خاصة بزوجته.

توجهوا بالحاجي لمبنى التحقيقات الجنائية وبدأ التحقيق معه بواسطة المحقق الأردني عيسى المجالي الذي نشر مركز البحرين لحقوق الإنسان إسمه ضمن حملته “مطلوب للعدالة في البحرين” لتورطه في العديد من شكاوى التعذيب[1] . تم التحقيق مع الحاجي حول المسيرات السلمية المفاجئة التي تخرج في المنامة بدون إعلان مسبق خشية أن يتم قمعها. وعندما رفض التصريح بمعرفته عن هذه المسيرات قام المجالي بضربه على الوجه عدة مرات وشتمه وأجبره على التوقيع على أوراق لا يعرف محتواها حيث لم يسمح له بقرائتها.

عيسى المجالي

وفي نفس اليوم تم نقله لمبنى النيابة العامة الذي كان خالياً من الموظفين. وهناك أخبر الحاجي وكيل النيابة عن ما تعرض له من تعذيب وعن الانتهاكات التي تعرض لها أثناء التحقيق معه. غير أن كل ذلك لم يمنعهم من إعادته لمبنى التحقيقات الجنائية حيث تعرض للضرب والتعذيب من جديد. وأفاد الحاجي بأن مجموعة لم يتمكن من التعرف عليهم قاموا بضربه بأحذيتهم على وجهه والتركيز على العين والفم والانف وكذلك ضربه على خصيتيه مما جعله ينهار  ويعترف هذه المرة بأنه كان من ضمن مجموعة نفذت عملية تستهدف موكب رئيس الوزراء. واستمر التعذيب للإعتراف بالمزيد من التهم حيث تكرر تعرضه للضرب على منطقة الوجه باستخدام الاحذية وقطعة من الخشب والايدي. وتم جرحه بآلة حادة  أسفل الظهر ، وتم إجباره على الوقوف لفترات طويلة ومنعه من النوم مع الركل المستمر بدون توقف، وتعرض للتعرية والتبول عليه، فضلاً عن التهديدات بإطلاق رصاصة على رجله وتهديده بإغتصاب زوجته وقتل ابنه الصغير، وإخضاع والده ووالدته لتحقيق قاسي، و التهديد باستخدام جهاز الصعق الكهربائي. وخلال فترة التعذيب تم كسر أنفه حيث احتاج لإجراء عملية طبية.

ومن وقت اعتقاله وحتى عرضه على وكيل النيابة للمرة الثانية في 31 مايو 2013، كان الحاجي مُخفى قسريا حيث لم يتمكن خلال هذه الفترة من لقاء ذويه أو التواصل مع محامٍ. وقد أخبره وكيل النيابة حمد البوعينين أنه سيتم إعادته للتعذيب في مبنى التحقيقات الجنائية إذا رفض الإعتراف بالتهم المنسوبة له وإنهاء الموضوع. ووجهت له تهمة الإنضمام إلى “خلية إرهابية والتخطيط لتفجيرات في مناطق حيوية، بما في ذلك تنفيذ أعمال إرهابية بمركز الخدمات الأميركية” حيث قام التلفزيون الرسمي في 13 يونيو 2013 وقبل حتى بدء المحاكمة بنشر صورة للحاجي مع ثلاثة آخرين إدعى ضلوعهم في تنفيذ عمليات إرهابية، في مخالفة لأبسط أسس المحاكمة العادلة. 

صورة للمجموعة المتهمة في تنفيذ العملية الإرهابية ومن بينهم المعتقل علي الحاجي

وكان مركز البحرين لحقوق الإنسان قد أكد في تقارير سابقة تورط النيابة العامة في الإنتهاكات[2] و منهجية التعذيب وتفشي سياسة الإفلات من العقاب التي ساهمت في تزايد عدد الضحايا منذ انطلاق ثورة 14 فبراير وحتى اليوم.

بدأت محاكمة الحاجي مع أربعة متهمين آخرين في 21 نوفمبر 2013، حيث أنكر المتهمين جميعاً التهم في المحكمة. وبدا واضحاًمن الجلسة الأولى غياب النية لإجراء محاكمة عادلة حيث قام القاضي خليفة الظهراني بطرد أحد المتهمين (السيد منير حبيب) من المحكمة لمجرد قوله أن وكيل النيابة حمد البوعينين قد شارك في تعذيبه وإجباره على الإعتراف. وذكر متهمين آخرين في القضية نفسها تعرضهم للتعذيب وشهد أحد المحامين على آثار التعذيب على ظهر موكله. (انظر تقرير المركز عن الجلسة الأولى للمحاكمة: http://bahrainrights.org/ar/node/6626 ). وقد رصد مركز البحرين لحقوق الإنسان غياب أسس المحاكمة العادلة عن العديد من القضايا التي نظرت فيها المحكمة الجنائية الرابعة برئاسة القاضي خليفة الظهراني.[3]

ويرى مركز البحرين لحقوق الإنسان أن السلطات في البحرين لازالت تستهدف المواطنين وتمارس ضدهم أبشع الإنتهاكات عبر اعتقالهم وتعذيبهم لإجبارهم على الإعتراف والتشهير به وعرضهم على جهاز قضائي مسيّس ويفتقر لأبسط مقومات العدالة لا سيما وأن القضاة يتم تعيينهم من حاكم البلاد شخصياً ناهيك عن كون بعضهم أفراداً في الأسرة الحاكمة وعلى رأسهم وزير العدل.

وبناءاً على كل ما سبق فإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يدعو الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة والأمم المتحدة وجميع حلفاء السلطة المقربين والمؤسسات الدولية ذات الصلة إلى التالي:

  1. التوقف عن دعم السلطة في البحرين في قمعها لحقوق الشعب
  2. الضغط على السلطة في البحرين لمراعاة وصيانة حقوق الإنسان في البحرين ووقف الانتهاكات

كما يدعو السلطة في البحرين للتالي:

  1. الإفراج عن المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي
  2. التوقف عن تلفيق التهم والقضايا للمعتقلين والنشطاء بغية الإنتقام من نشاطهم
  3. التحقيق في دعاوى التعذيب والإكراه التي يتقدم بها المعتقلون ضد منتسبي الأجهزة الأمنية والنيابة العامة
  4. الإلتزام بالمعاهدات والمواثيق الدولية التي صادقت ووقعت عليها والتي تحث على صيانة حقوق الإنسان