استهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين في البحرين ينبغي أن يتوقف

protest

تعرب المنظمات الحقوقية الموقعة أدناه عن قلقها العميق من احتمالات صدور أحكام جائرة بحق خمسين شخصًا من النشطاء السياسيين والحقوقيين البحرينيين، الذين بدأت محاكمتهم منذ الحادي عشر من يوليو فيما عُرف بقضية ائتلاف شباب 14 فبراير، ووجهت إليهم اتهامات بتشكيل ائتلاف غير قانوني، تحمله السلطات مسئولية أعمال العنف التي شهدتها البلاد في سياق قمع الانتفاضة الشعبية من أجل الديمقراطية في فبراير من العام 2011. وقد قررت المحكمة حجز القضية لإصدار الحكم، وذلك على الرغم من افتقار إجراءات هذه المحاكمة لأدنى معايير الحيدة والنزاهة، وهو الأمر الذي دفع المتهمون ومحاموهم إلى مقاطعة الجلسة التي كان من المقرر عقدها اليوم، التاسع والعشرين من سبتمبر، معتبرين أن إجراءات المحاكمة ليست سوى غطاء شرعي لإصدار أحكام معدة مسبقًا.

يُشار في هذا الإطار إلى أن تشكيل هيئة المحكمة يتنافى –بصورة صارخة– مع معايير استقلال القضاء، حيث يترأسها ابن رئيس مجلس النواب، وتضم في عضويتها احد أعضاء الأسرة الحاكمة. وقد تجاهلت هيئة المحكمة في وقت سابق الاستماع إلى إفادات الماثلين أمامها بشان تعرضهم للتعذيب أو توثيق شهاداتهم، ولم تتخذ أية إجراءات للتحقيق في ادعاءاتهم. ويُخشى أن تستند المحكمة في إدانتها للماثلين أمامها إلى الأقوال أو الاعترافات المُنتزَعة نتيجة للتعذيب، علاوةً على أقوال شاهد الإثبات الذي شهد ضدهم في المحكمة وكان في نفس الوقت مشاركًا في تعذيبهم!

وبحسب التقارير التي طالعتها المنظمات الموقعة، فإن رئيس المحكمة هو ذاته الذي كُلِّف من قبل بإدارة عدد من المحاكمات الاستثنائية عبر ما يسمى بمحاكم السلامة الوطنية ذات الطبيعة العسكرية، والتي أفضت إلى صدور أحكام مغلظة بالسجن بحق عشرات الرموز السياسية والحقوقية، فضلاً عن أفراد الطواقم الطبية الذين قُدموا للمحاكمة، على خلفية الإفصاح عن قيام السلطات البحرينية بتحويل بعض المؤسسات الصحية إلى مراكز للاعتقال والتعذيب أثناء قمع انتفاضة فبراير 2011. ويشار في هذا السياق إلى أن عبد الهادي الخواجة مؤسس مركز البحرين لحقوق الإنسان وستة آخرين من دعاة الإصلاح الدستوري في المملكة يقضون عقوبات بالسجن المؤبد أصدرتها محكمة السلامة الوطنية، التي لم تقم اعتبارًا إلى أن إدانتهم قد استندت إلى اعترافات انتزعت منهم جراء التعذيب.

كما يشار كذلك إلى أن رموزًا بارزة من مدافعي حقوق الإنسان بالبحرين لا تزال هدفًا لأشكال عديدة من القمع جراء تصديهم للكشف عن الانتهاكات المتواصلة بالبحرين، وقد شمل ذلك تعرض أعداد غير قليلة منهم للاعتداءات البدنية أو للملاحقات والمحاكمات، التي قادت إلى سجن بعضهم، وفي مقدمتهم نبيل رجب رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، وسيد يوسف محافظة القائم بأعمال نائب رئيس المركز، ومحمد المسقطي رئيس جمعية شباب البحرين، وآخرين من بينهم ناجي فتيل وزينب الخواجة وحسن الجابر. كما امتدت الملاحقات الأمنية لتطال نشطاء آخرين، من بينهم المدون نادر عبد الإمام، والمدون محمد حسن، والمصور حسين حبيل، والمحامي عبد العزيز موسى. بالإضافة إلى ذلك، تم منع مريم الخواجة، القائمة بأعمال رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان وإحدى مديري مركز الخليج لحقوق الإنسان، من السفر على الخطوط الجوية البريطانية إلى البحرين في أغسطس 2013 بسبب بلاغ صادر عن الحكومة البحرينية يمنعها من السفر إلى البلاد.

وتستمر كذلك حملات التشهير بالنشطاء لحقوقيين، والطعن في انتمائهم الوطني، على خلفية مشاركتهم في الفعاليات الدولية بالأمم المتحدة. وفي الوقت ذاته، فإن السلطات تسعى لفرض مزيد من القيود القانونية على مدافعي حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني من خلال تعديل قانون الجمعيات الساري.

إن المنظمات الحقوقية الموقعة على هذا النداء تحذر من تبعات تصاعد حدة الاحتقان السياسي والطائفي، في ظل السياسات والممارسات القمعية التي تستهدف التنكيل بالمعارضين السياسيين ومدافعي حقوق الإنسان، وتبني التدابير الأمنية الصارمة لقمع التجمعات العامة، والدفع باتجاه المزيد من التشريعات التي تستهدف تطويق المعارضة السياسية والعمل الحقوقي، وتهدد بإسقاط الجنسية عن بعضهم بدعاوى الانخراط في أعمال العنف أو الإرهاب.

وتؤكد المنظمات الموقعة أن استمرار السلطات البحرينية في تبني نهج المعالجات الأمنية المتشددة تجاه الخصوم السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، يؤكد غياب الإرادة السياسية لتبني تدابير إصلاحية ضرورية لتفعيل توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق في الانتهاكات الجسيمة التي صاحبت قمع الانتفاضة البحرينية في فبراير 2011.

كما تؤكد أن القبول الرسمي لهذه التوصيات لم يجد تجسيدًا له، إلا في إجراءات شكلية للغاية، تستهدف بالأساس تحسين الصورة أمام المجتمع الدولي، فيما تظل نتائجها محدودة الأثر في معالجة تلك الانتهاكات، ومنع الإفلات من العقاب لمرتكبيها.

وتشدد المنظمات الموقعة على أن إنهاء حالة التأزم السياسي الراهن في المملكة يقتضي أعمال توصيات التقرير المذكور بصورة جادة، ويقتضي على نحو عاجل:

  1. الإفراج الفوري وغير المشروط عن النشطاء السياسيين وسجناء الرأي ومدافعي حقوق الإنسان بالمملكة.
  2. تبني تدابير صارمة لحظر التعذيب وضمان السلامة الجسدية للمحتجزين ونزلاء السجون.
  3. وضع حد لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين.
  4. محاسبة المسئولين عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي وقعت على وجه الخصوص منذ اندلاع الانتفاضة الديمقراطية في فبراير 2011.
  5. الشروع في إصلاحات قانونية واجبة لتأكيد احترام السلطات لالتزاماتها الدولية ذات الصلة بالحقوق والحريات العامة وإنهاء مظاهر التمييز الطائفي والمذهبي. وإعادة النظر في قوانين السلطة القضائية، بما يضمن ممارستها لعملها بصورة مستقلة بعيدًا عن تدخلات وضغوط السلطة التنفيذية والأسرة الحاكمة.

المنظمات الموقعة

  1. مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان.
  2. الهيئة المغربية لحقوق الإنسان.
  3. جمعية حقوق الإنسان أولاً بالسعودية.
  4. الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.
  5. جمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان.
  6. منظمة السودان للتنمية الاجتماعية (سودو).
  7. مركز البحرين لحقوق الإنسان.
  8. مركز الخاتم عدلان.
  9. الشبكة السورية لحقوق الإنسان.
  10. الجمعية البحرينية للشفافية.
  11. الجمعية الصحراوية لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة من طرف الدولة المغربية.
  12. الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان.
  13. مركز تونس لحرية الصحافة.

 

http://www.cihrs.org/?p=7340