البحرين: تعديلات مستعجلة لتنفيذ توصيات تُضيق على الحريات

Hamad - Khalifa - Salman

يعرب مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه الشديد إزاء أفعال السلطات البحرينية ‘لإضفاء الشرعية على إنتهاكات حقوق الإنسان والحملات التي تشنها ضد الناشطين والمتظاهرين تحسباً لـ “تمرد البحرين” المقرر في 14 أغسطس. وسرعان ما قامت الحكومة بتصعيد الحملات على نشطاء ومتظاهرين وقرى بأكملها بشكل يومي في شكل مداهمات للمنازل على مدار الساعة، وقامت بعشرات من الإعتقالات التعسفية والتعذيب وسوء المعاملة ضد المعتقلين، والإدانات والأحكام القاسية.

اتخذت السلطات البحرينية خطوات سريعة لإضفاء الشرعية على انتهاكاتها لحقوق الإنسان والحملات القاسية على النشطاء والمتظاهرين. يوم الأحد 28 يوليو 2013، عقد المجلس الوطني جلسة استثنائية أصدرت خلالها العديد من التوصيات القمعية المتفق عليها لتقييد حرية التعبير والتجمع، خلال 20 دقيقة فقط من انتهاء الجلسة، في مؤشر واضح على الإعداد المسبق لهذه التوصيات وشكلية الجلسة المنعقدة. وقد رفعت هذه التوصيات لحاكم البحرين حمد بن عيسى آل خليفة الذي سرعان ما أصدر بياناً وجه فيه لسرعة تنفيذ التوصيات التي خرجت بها جلسة المجلس الوطني الاستثنائية. (اقرأ المزيد هنا http://bahrainrights.hopto.org/ar/node/6265).

في أقل من 72 ساعة منذ أن قُدمت التوصيات، تم اتخاذ الإجراءات من قبل السلطات لتنفيذ هذه التوصيات التي تدعو إلى حملة أشد على المتظاهرين.

يوم الأربعاء 31 يوليو 2013، صدر عن حاكم البلاد مرسومان بتعديل قانون الإرهاب وتنظيم جمع المال للأغراض العامة، وفقا لتوصيات المجلس الوطني. التعديلات فما يخص بأحكام القانون المتعلقة بحماية المجتمع من الأعمال الارهابية تصل فيها العقوبة بالسجن مدة لا تقل عن 15 عاماً، أو عقوبة الإعدام أو السجن المؤبد، أو بإسقاط الجنسية وفقاً لقانون الإرهاب. القوانين المعدلة تنص على أن المادة 10 تستبدل بالنص الآتي: “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من احدث أو شرع في احداث تفجير أو حاول ذلك بقصد تنفيذ غرض ارهابي ايا كان نوع هذا التفجير أو شكله.” و “وتكون العقوبة الاعدام أو السجن المؤبد اذا نجم عن التفجير موت أو اصابة شخص ويعاقب بالسجن من وضع أو حمل في الاماكن العامة أو الخاصة لذات القصد نماذج أو هياكل محاكية لاشكال المتفجرات او المفرقعات او تحمل على الاعتقاد بانها كذلك “.

بالإضافة إلى المادة (24) تستبدل بالنص الآتي: “مكررا: بالإضافة الى العقوبة المقررة بحكم بإسقاط الجنسية عن المحكوم عليه في الجرائم المنصوص عليها في المواد من( 5 ) الى( 9 ) و( 12 ) و (17 ) من هذا القانون”. للاطلاع على النص الكامل لهذه المواد يرجى مراجعة: http://bahrainrights.hopto.org/BCHR/wp-content/uploads/2010/12/LAW-NO.-58-OF-2006-TERRORIST-ACTS-ar.docx  

الإرهاب هي أبرز التهم التي توجهها السلطات في البحرين، وأحدث القضايا هي “خلية إئتلاف شباب 14 فبراير” حيث اتهم 50 شخصاً بتهمة الإرهاب، وبثت صورهم وأسماءهم على التلفزيون الرسمي قبل محاكمتهم. هذا بالطبع هو انتهاك لقوانين البحرين الخاصة، وهي المادة 246 التي تحظر نشر صورة الشخص قبل الحكم النهائي ودون إذن من النيابة العامة. (اقرأ المزيد: http://bahrainrights.hopto.org/ar/node/6228). مع هذه التعديلات الجديدة، من الممكن الآن سحب جنسية المدافع عن حقوق الإنسان ناجي فتيل في حال إدانته بـ “إنشاء جماعة إرهابية بغرض تعطيل أحكام الدستور”. وهذا ينطبق على المتهمين الآخرين في نفس القضية بتهمة الإنضمام إلى الجماعة، والتي تندرج تحت المادتين 6 و 9 من قانون مكافحة الإرهاب. كما أن هذه المواد تستخدم على نطاق واسع ضد النشطاء، واستخدمت أيضاً ضد قادة المعارضة السياسية والنشطاء في قضية الرموز الوطنية الثلاثة عشر، على الرغم من أنه ليس من الواضح حتى الآن إن كان سيتم تطبيق التعديلات الجديدة لقضيتهم كذلك. (اقرأ المزيد: http://bahrainrights.hopto.org/en/node/5405)

المادة (6)

يعاقب بالسجن المؤبد كل من أنشأ أو أسس أو نظم أو أدار، على خلاف أحكام القانون، جمعية أو هيئة أو منظمة أو جماعة أو عصابة أو فرعاً لإحداها، أو تولى زعامة أو قيادة فيها، يكون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور أو القوانين أو منع إحدى مؤسسات الدولة أو إحدى السلطات العامة من ممارسة أعمالها، أو الاعتداء على الحرية الشخصية للمواطن أو غيرها من الحريات والحقوق العامة التي كفلها الدستور والقانون أو الإضرار بالوحدة الوطنية، إذا كان الإرهاب من الوسائل التي تستخدم في تحقيق أو تنفيذ الأغراض التي تدعو إليها الجمعية أو الهيئة أو المنظمة أو الجماعة أو العصابة أو أحد فروعها.

ويعاقب بالسجن الذي لا يقل عن عشر سنوات كل من أمدها بأسلحة أو ذخائر أو مفرقعات أو مهمات أو آلات أو معلومات، أو دبر لها أماكن أو مساكن أو محال للتستر أو الإيواء أو وسائل للتعيش، أو أخفى أو أتلف لها أشياء أو أموالاً أو أسلحة تكون قد استعملت أو  أعدت للاستعمال في أنشطتها أو تحصلت منها، مع علمه بما تدعو إليه و بوسائلها في تحقيق أو تنفيذ ذلك.

ويعاقب بالسجن الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات كل من انضم إلى إحدى هذه الجمعيات أو الهيئات أو المنظمات أو الجماعات أو العصابات أو أحد الفروع أو شارك في أعمالها بأية صورة، وهو يعلم بأغراضها الإرهابية.

المادة (9)

يعاقب بالسجن كل من أدار منظمة أو جمعية أو مؤسسة أو هيئة خاصة أنشئت طبقاً للقانون، واستغل إدارته لها في الدعوة إلى ارتكاب أي من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.

 

التعديل الجديد يزيد الحد الأقصى لعقوبة السجن لمدة 5 سنوات بموجب المادة 17 “يعاقب بالسجن كل من حرض غيره على ارتكاب جريمة تنفيذا لغرض ارهابي ولو لم يرتكب على فعله اثر.” من الجدير بالإشارة هنا أن القانون لم يحدد ماهية التحريض أو وضع حدود له، وبالتالي فإنه غير واضح ويمكن التلاعب به.

أما المرسوم الثاني فجاء بشأن تنظيم جمع المال للأغراض العامة والذي كانت تنص فيه المادة (30) على أن “للنيابة العامة أن تأمر مباشرة بالاطلاع أو الحصول على أية بيانات أو معلومات تتعلق بالحسابات أو الودائع أو الأمانات أو الخزائن لدى البنوك أو غيرها من المؤسسات المالية أو المعاملات المتعلقة بها، إذا اقتضى ذلك كشف الحقيقة في جريمة من الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون”. وينص التعديل أيضاً بأن جميع التنظيمات لجمع الأموال، ما عدا تلك التي تقوم بها الهيئات الحكومية، يجب أن تصرحها الوزارة المعنية قبل شهرين على الأقل من بدء جمع التبرعات، “وعلى ان يشتمل الطلب على طريقة الجمع ومدته ومكانه والغرض منه”.

وعلى صعيد متصل، أمر وزير الدولة لشؤون الإتصالات، فواز بن محمد آل خليفة، التنفيذ الفوري للتوصيات المتعلقة بوسائل الإتصال، وخصوصاً في ما يتعلق بـ “سوء استخدام” شبكات التواصل الإجتماعي. أطلقت الوزارة خط ساخن وبريد إلكتروني للعامة للتبليغ عن “أي مواقع أو حسابات على شبكات التواصل الإجتماعي تحرض وتروج للعنف والأعمال الإرهابية” بدعوى حماية الوحدة الوطنية والسلم الأهلي.  وفي ظل عدم وجود تعريف دقيق للـ “التحريض”، فيبدو أن الوزارة بصدد بعمل حملة مماثلة لتلك التي في عام 2011 والتي استهدفت الناشطين المؤيدين للديمقراطية. وصف مراقبون هذا بمثابة “مطاردة الساحرات”. في الحملة السابقة، تم استهداف النشطاء، والمعارضين السياسيين والمحتجين لممارستهم حرية التعبير عبر الشبكات الإجتماعية وبلغ مجموع الأحكام على 12 من مستخدمي الانترنت بالسجن 106 أشهر منذ يونيو 2012، بينهم رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان، نبيل رجب، الذي يقضي فترة العقوبة بالسجن بسبب تغريدة على موقع تويتر، وخمسة آخرين ممن حكم عليهم بالسجن سنة واحدة بتهمة إهانة الملك على تويتر، جعفر الدمستاني الذي اختطف واحتجز لبضعة أسابيع بسبب تغريدة حول التعذيب الذي تعرض له والده، محمد حسن مدون تمت مداهمة منزله واعتقاله مؤخراً، والعديد من مستخدمي الإنترنت الآخرين الذين إما اعتقلوا أو لا زالوا يواجهون التهم. من ناحية أخرى، هناك حسابات تحرض على العنف منذ عام 2011 ضد الأشخاص المؤيدين للديمقراطية، والتي تم توثيقها في اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق (المنشئة بمجب أمر ملكي)، ومع ذلك، لم تُتخذ أية إجراءات ضدهم حتى اليوم. ويعتقد بأن هذا مسعى لمحاولة تصعيد الحملات على حرية التعبير بوسائل الإعلام الإجتماعية في محاولة لإسكات الناس.

رئيس الوزراء الغير منتخب منذ 43 سنة، خليفة بن سلمان آل خليفة، أشاد بالمجلس الوطني والمباشرة بتنفيذ التوصيات، وأضاف: “على أن من لا يستطع في الحكومة تحقيق هذه التوصيات واقعاً سنقول له شكراً، فهناك الكثير من أبناء الوطن من يتطلع إلى ذلك”. (اقرأ المزيد: http://www.alwasatnews.com/3980/news/read/797282/1.html)

علقت مريم الخواجة، رئيس مركز البحرين لحقوق الإنسان بالنيابة،:

“نظراً لذهاب السلطات إلى هذا الحد من التصعيد في الحملات القمعية قبل احتجاجات التمرد في 14 أغسطس،  ندعو جميع منظمات حقوق الإنسان المستقلة، ومؤسسات وحلفاء حكومة البحرين إلى زيادة الضغط لوقف الحملات الجارية والمتوقع تصاعدها. كما ندعو للسماح للمراقبين الدوليين بالدخول إلى البحرين خلال تلك الفترة للرصد والإبلاغ، سواء من ممثلي المنظمات المستقلة و/أو الصحفيين. هذه فرصة لحلفاء البحرين، وهما الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، لمعاملة حلفائهم بنفس المعايير التي يعاملون بها غير الحلفاء، لمرة واحدة. وهذا هو الوقت المناسب أيضاً لتذكير السلطات في البحرين بالمسؤولية تجاه الحق في حرية التعبير والتجمع “.

شكلت الحكومة برئاسة حمد بن عيسى، سلمان بن حمد وخليفة بن سلمان، جبهة موحدة في هذه الحملة المتصاعدة في الإنتهاكات ضد الحريات وتطالب بتنفيذ التوصيات على الفور. يأتي هذا بعد عامين تقريباً من توصيات لجنة تقصي الحقائق، وأكثر من عام بعد توصيات الاستعراض الدوري الشامل في الأمم المتحدة، التي فشلت في تنفيذها.

يطالب مركز البحرين لحقوق الإنسان أيضاً من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وجميع الحلفاء الآخرين للضغط على حكومة البحرين من أجل:

1. تعديل جميع القوانين بحيث تكون وفقاً للمعايير الدولية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

2. وضع حد فوري لحملة القمع ضد أولئك الذين يمارسون حقهم في حرية التعبير والتجمع.

3. تسمح للناس بالتجمع والإحتجاج وفقاً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 14 أغسطس.

4. الإفراج الفوري والغير مشروط عن جميع السجناء السياسيين.

5. البدء الفوري في تنفيذ توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق وتوصيات الإستعراض الدوري الشامل.

6. محاسبة كل المسؤولين عن إنتهاكات حقوق الإنسان، ولا سيما ذوي المناصب العليا في الحكومة، وتعريضهم للمساءلة.

7. السماح بدخول المقررين الخاصين للأمم المتحدة إلى البحرين لأغراض الرصد والتوثيق.